استبعدت أي احتمال للتوصل إلى سلام في المستقبل القريب

الولايات المتحدة تبدل توصيف «حزب الله» إذا قرر «التزام قوانين اللعبة السياسية الطبيعية»

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|
يبعث فوز القوى المؤيدة للغرب في الانتخابات اللبنانية، على الارتياح لدى المسؤولين الاميركيين، اذ يوفر عليهم اتخاذ قرارات مثيرة للضيق في شأن كيفية التعامل مع ائتلاف يقوده «حزب الله» المدعوم من سورية وايران، فيما ينتظر ان يزور المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل سورية ولبنان في الساعات المقبلة، عقب المحادثات التي يستكملها اليوم في اسرائيل والاراضي الفلسطينية.
كما يزور المنسق الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا بيروت الجمعة.
واظهرت النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التشريعية، فوز قوى «14 مارس» الممثلة بالاكثرية الحالية بـ 71 مقعدا على قوى «8 مارس» (اقلية نيابية معارضة) التي حصلت على 57 مقعدا في البرلمان البالغ اجمالي عدد مقاعده 128.
وقبل انتخابات الاحد (ا ف ب، رويترز، كونا)، اوضح مسؤولون اميركيون، من نائب الرئيس جون بيدن فما دونه، انهم سيعيدون النظر في المعونة الاميركية لاسيما للقوات اللبنانية، اذا فاز «حزب الله» وحلفاؤه.
وتعتبر الولايات المتحدة، الحزب رسميا «جماعة ارهابية اجنبية»، وهو وضع يمنعها من تقديم مساعدات الى الجماعة او الاتصال باعضائها.
وقال بلال صعب، وهو خبير في الشؤون اللبنانية في معهد بروكنغز ويقدم المشورة للحكومة الاميركية في شأن لبنان، «النبأ الطيب لواشنطن، ان لا حاجة لتغيير السياسة لا شكلا ولا موضوعا». واضاف: «لن يقيموا احتفالات لكن من المؤكد أنهم سيتنفسون الصعداء».
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية، طلب عدم نشر اسمه: «هناك اشياء كثيرة تبعث على السرور. لا شك اننا نرحب بحقيقة أن غالبية 14 مارس استطاعت أن تسود».
وقال مسؤول اخر في الخارجية لـ «كونا»، ان نتائج الاستحقاق النيابي «أقل غموضاً» مقارنة مع نتائج انتخابات 2005، معرباً عن اعتقاده ان من الافضل ان تحكم الغالبية الحكومة من دون عرقلة «حق النقض» من الأقلية، في اشارة الى ما يُعرف في بيروت بـ «الثلث المعطل» (الثلث زائداً واحد).
ورأى «ان الأقلية ستلعب دوراً مهماً في البرلمان وربما في مجلس الوزراء والأمر متروك للبنانيين لاتخاذ قرار»، معتبراً أنها يجب ان تحاول بدل العرقلة «ايجاد سبل لتنفيذ سياستها أو على الأقل التأثير على قرارات الحكومة».
وأكد الرئيس باراك اوباما، الاحد، ان الولايات المتحدة «ستواصل دعم سيادة لبنان واستقلاله»، وهو تصريح يلمح في ما يبدو الى ان المساعدة المالية من المرجح ان تستمر. غير ان المسؤولين الاميركيين، اوضحوا انهم لن يتخذوا مثل تلك القرارات الى ان يتم تشكيل حكومة جديدة وتتضح سياساتها وأولوياتها للمعونات.
وقدمت الولايات المتحدة، للقوات المسلحة اللبنانية، اكثر من 500 مليون دولار، منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، في مسعى لبناء مؤسسة تآكلت بفعل عقود من الصراع الطائفي والنفوذ الاجنبي.
واثار اغتيال الحريري، استنكارا دوليا دفع سورية الى انهاء وجودها العسكري الذي استمر 29 عاما في لبنان، وادى الى بروز ائتلاف «14 مارس» المناهض لدمشق، بقيادة سعد الحريري.
ويمهد فوز «14 مارس»، الساحة لمساومات بين كل الاطراف في شأن تشكيل حكومة وفاق وطني وفي شأن الاستجابة لطلب «حزب الله» أن يكون له حق النقض المعطل فيها.
ويرى محللون، انه من المرجح ان يحصل الـ «حزب الله» على ما يريده، معتبرين انه ان لم يحصل عليه فقد يكون ذلك نذيرا بأزمة طويلة وعنف محتمل.
وقالت منى يعقوبيان، من معهد السلام الاميركي - وهو مؤسسة بحثية: «سيكون من الصعب المضي قدما من دون تشكيل حكومة وفاق من نوع ما، وهو ما يعني ضمنا ان حزب الله سيريد حق النقض. احساسي ان ذلك سيكون ضروريا لجذبهم الى الحكومة». واضافت «ان لم يحدث ذلك فاعتقد اننا سنعود الى نوع من الشلل الخطير».
وقال ايليوت ابرامز، المحلل في مجلس العلاقات الخارجية -وهو مؤسسة بحثية- وكان عضوا في مجلس الامن القومي للبيت الابيض في عهد الرئيس السابق جورج بوش، «ارى اننا في لحظة خطرة». وتابع: «حزب الله بعد خسارته في الانتخابات سيجد نفسه مضطرا الى الاعتماد على قوته كجماعة ارهابية، والخطر يتمثل في انه سيفعل شيئا ما لتذكرة اللبنانيين بأنه لازال أقوى كيان منفرد في لبنان».
واكد الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، ليل الاثنين، انه يقبل بنتائج الانتخابات البرلمانية. وقال: «نحن نقبل النتائج المعلنة من قبل وزير الداخلية بكل روح رياضية وديموقراطية، ونقبل ايضا ان الفريق المنافس فريق الموالاة حصل على الغالبية النيابية».
وحذر محللون عدة، من تصوير فوز «14 مارس» على انه انتكاسة كبيرة لايران وسورية. وقال جون اولترمان، مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «ينبغي الحرص على تفادي المبالغة في تفسير ذلك... اعتقد انه لا يعدو مجرد نهاية جولة وليس هزيمة حاسمة لاحد».
واول من امس، رحبت ادارة اوباما بنتائج الانتخابات، معتبرة انها سترسي الاستقرار في لبنان، غير انها استبعدت اي احتمال للتوصل الى سلام لبناني - اسرائيلي في المستقبل القريب.
ورأى الرئيس الاميركي ان الانتخابات، تعطي «اقوى مؤشر حتى الآن الى توق اللبنانيين الى الامن والازدهار». وقال في بيان: «نأمل بصدق ان تواصل الحكومة المقبلة النهج الذي يؤدي الى بناء لبنان سيدا ومستقلا ومستقرا».
وتعهد ان تواصل الولايات المتحدة «دعم لبنان كبلد سيد ومستقل يلتزم العمل من اجل السلام»، مشددا على ان هذا الامر يتم باحترام قرارات مجلس الامن المتصلة بهذا البلد.
وقال مسؤول رفيع المستوى، في الخارجية، طالبا عدم كشف اسمه، ان نتائج الانتخابات تشير الى ان الشعب يريد دولة ذات جيش وطني وليس ميليشيات مسلحة. واضاف ان واشنطن لا تزال تعتبر الحزب «منظمة ارهابية» لكنها ستبدل هذا التوصيف اذا قرر الحزب «التزام قوانين اللعبة السياسية الطبيعية».
ونفى ان تكون الانتخابات تشير الى انحسار للنفوذ السوري والايراني في لبنان. وقال ان «هذه الانتخابات كانت تقضي في المقام الاول بأن يختار الشعب اللبناني ممثليه في البرلمان. كان الامر يتعلق بلبنان اكثر منه باي (نفوذ) من الخارج».
وكشف ان السلطات السورية التي تسعى ادارة اوباما الى تحريك العلاقات الديبلوماسية معها، اكدت لمسؤولين اميركيين انها «لا تنوي التدخل» في الانتخابات اللبنانية.
لكنه اكد ان سورية لا تزال تمارس نفوذا في ما يتعلق بقرارات استراتيجية اوسع نطاقا مثل مسألة السلام مع اسرائيل. وقال: «سيتحتم في مرحلة ما فتح مسار لبناني - اسرائيلي».
وتابع: «شخصيا، لا اعتقد اننا سنرى مسارا لبنانيا - اسرائيليا في المستقبل القريب، ولا اتوقع ان يتقدم اللبنانيون بسرعة اكثر من السوريين».
وكان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط السفير جيفري فيلتمان، اكد ان نتائج الانتخابات ناقضت طروحات «حزب الله» عن السيادة لان «الناخبين اللبنانيين قالوا الأحد ان الدولة اللبنانية يجب ان تكون مسؤولة عن سيادة لبنان وامنه وهذا يتفق وقراري مجلس الامن 1559 و1701»، واتفاق الطائف ودعوته الى نزع سلاح الميليشيات.
وقال مرهف جويجاتي، الاختصاصي بالشرق الاوسط في جامعة جورج واشنطن، ان ادارة اوباما ستجد سهولة اكبر في بحث المسائل الاقليمية مع الحكومة اللبنانية المقبلة، لكن لا يمكنها تجاهل سورية. وتابع: «اذا شعرت سورية بأن الولايات المتحدة تسعى للتوصل الى اتفاق سلام لبناني - اسرائيلي منفصل، فاعتقد انها ستعمل مع حزب الله على احباط ذلك».

دان «التدخلات السافرة والفظة في الشؤون اللبنانية»

«حزب الله»: المواقف الأميركية من الانتخابات
رسالة انزعاج من الالتفاف الشعبي حول المقاومة

 
بيروت - «الراي»


انتقد «حزب الله» بعنف المواقف الأميركية من نتائج الانتخابات، مديناً بشدة «استمرار الولايات المتحدة في تدخلاتها الفظة والسافرة في الشؤون الداخلية اللبنانية، لا سيما لجهة تصريحات مسؤوليها الأخيرة حول نتائج الاستحقاق النيابي ومحاولتها فرض تصنيفاتها وإملاء أحكامها على اللبنانيين».
وقال «حزب الله» في بيان أصدره: «إن سيل المواقف الأميركية الأخيرة يشكل رسالة انزعاج واضحة من حجم الالتفاف الشعبي حول المقاومة وخياراتها، ما استدعى منها إعادة إطلاق تصنيفاتها الظالمة له بالإرهاب واتهاماتها الباطلة بعدم احتكامه للديموقراطية».
وشدد على «أن وجوده والمعارضة في لبنان يشكل سداً منيعاً أمام مشاريع الفتنة الأميركية وتدخلات واشنطن الوقحة في الشؤون الداخلية اللبنانية التي يقرر مصيرها اللبنانيون أنفسهم فقط، في حين يشكل أداء «حزب الله» والمعارضة اللبنانية ومواقفهما الأخيرة من الانتخابات اللبنانية أمثولة تحتذى ما يمكن لواشنطن والكثير من أدعياء الديموقراطية في العالم أن يقتدوا بها ويتعلموا منها».


الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي