عمر الطبطبائي / من بين الآراء / وماذا عن بقية الـ 46؟

تصغير
تكبير
يحكى عن إحدى الجنان في أرض الله الواسعة، يسودها العدل والحرية، ونظامها الدستوري الديموقراطي يتطور من حين لآخر في اتجاه المسار الصحيح للديموقراطية المطلقة، حيث للجنسين حق الترشيح والانتخاب. في بداية حياتها البرلمانية كان اختيار أعضاء الجنة مبنيا على الطرح العاقل، والفكر المستنير النابع من حب هذه الجنة، فقد كان الحفاظ على أشجارها وزهورها هي الأولى بين كل الأولويات، لذلك كان يصل إلى برلمانهم من هو صادق، يشرع ويراقب أداء حكومتهم، وكانت المصلحة العامة في نصب أعينهم، ومع مرور الوقت والأزمنة تبدل الحال، دخل الضباع، انحنت أكثر الأشجار، ذبلت الزهور، فتحولت إلى صحراء قاحلة بقيادة الضباع.
وبفضل كفاح بعض المحبين المخلصين المناضلين عن تراب هذه الجنة وزهورها بدأت المعركة مع هذه الضباع، استطاعوا هزيمة بعض هذه الضباع بعد تحالفهم مع قبيلة بني أرنب، فاستطاعوا إيصال أربعة أرانب إلى سدة البرلمان، حيث غمرت الفرحة سكان الجنة (سابقاً) المخلصين، وبلغت نشوة النصر ذروتها، وقامت دنيتهم من السعادة ولم تقعد أملاً في الأرانب الأربعة ذوات المخالب، وبالمناسبة هن ليسوا أرانب أرانب، ولكن إيجازاً للقصة.
من ير حال سكان الجنة (سابقاً) وكتاب صحفها ونفخ وسائل الإعلام لهن يشعر وكأن المسلمين قد حرروا القدس، وأنهم في طريقهم لاسترجاع الأندلس (قد تكون هذه صعبة قليلاً)، يشعر وكأن العرب بدأوا يحترمون الوقت، يحترمون القارئ، يحترمون طابور الانتظار (هذي أهون)، بسبب نجاح الأرانب، وكأن العصا السحرية بيد الأرانب الأربعة، علماً بأن لا تاريخ سياسيا يذكر إلا لأرنبة واحدة منهن، ولو أنصفوا لجنتهم سيرون أن لا شيء مميزا يذكر لها عندما تولت إحدى وزارات الجنة! نعم نحن فخورين بوصول الأرانب الأربعة وسعداء جداً، لكن فرحة أعضاء الجنة جعلتهم يتناسون بأن هناك 46 عضواً في مجلسهم، أربعون ضبعاً لا نرى منهم سوى استغلال ضعف حال جنتهم، وابتلاع كل ما يمكن ابتلاعه، وتنفيذ أجندات خاصة لهم، وستة أعضاء عهدناهم أسوداً شرسين في الدفاع عن قضايا جنتهم.
نعم يجب على جميع سكان الجنة (سابقاً) الوقوف مع الأرانب الأربعة لكن من دون تضخيم، يشدون على أيديهن في الأمور الصائبة، ويحاسبونهن إن أخطأن كحال البقية لا فرق بينهم، وبالتأكيد التفاؤل والأمل أمران مطلوبان في المرحلة المقبلة لمستقبل جنتهم، والوقوف بجانب أرانبنا الأربعة واجب على جميع أعضاء الغابة، ولكن الافراط في السعادة والتفاؤل المفرط سيدفع أعضاء الجنة إلى نسيان دور الـ 46 الآخرين، والخوف كله من التقاط أرانبنا عدوى «انفلونزا الضباع»!
ملاحظة: نحن ندفع بكل ما أوتينا من قوة بجانب أرانبنا الأربعة ولكن باعتدال من أجل اصلاح جنتنا. والله من وراء القصد.
عمر الطبطبائي
مهندس كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي