سفير مصر في واشنطن أكد أن الغرض من الكلمة إزالة «حال العداء» بين الغرب والعالم الإسلامي

شكري لـ «الراي»: خطاب أوباما من القاهرة يطرح رؤية أميركية جديدة في إدارة العلاقات الدولية

u0633u0627u0645u062d u0634u0643u0631u064a
سامح شكري
تصغير
تكبير
| القاهرة - من ربيع حمدان |
أكد سفير مصر في واشنطن سامح شكري أن القمة
المصرية - الأميركية التي تعقد في القاهرة اليوم ستشهد تدشيناً لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين التي تشهد تطوراً إيجابياً على مختلف المستويات.
وقال في حوار مع «الراي» في القاهرة: «للمرة الاولى لا توجد اختلافات كبيرة بين واشنطن والقاهرة، وهناك رغبة للعمل معاً حيال جميع القضايا وفي مقدمتها التوصل إلى تسوية سياسية للقضية الفلسطينية وفقاً لمبدأ إقامة الدولة، وحل بقية القضايا العالقة». ولفت شكري إلى وجود تحولات ملموسة داخل المجتمع والرأي العام في الولايات المتحدة وانفتاح على الثقافة الإسلامية، معتبراً أن الجماعات اليهودية ذاتها لم تعد تميل إلى الانحياز الكامل لإسرائيل، وباتت تتفهم أن التوصل إلى تسوية للنزاع العربي - الإسرائيلي وخاصة للقضية الفلسطينية يرتبط بالأمن القومي الأميركي، ويحقق مصلحة لإسرائيل أيضاً للعيش في أمن وسلام جنباً إلى جنب مع العرب.
وأضاف: «الحوار والتعاون واحترام خصوصيات المجتمعات تشكل أهم عناصر وأسس خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي سيوجهه من القاهرة إلى العالم الإسلامي، ساعياً إلى إزالة حال العداء التي اتسمت بها الأعوام القليلة الماضية، وهو الهدف الرئيسي من زيارته إلى القاهرة واختصاصها بهذا الشرف والتقدير». مشيراً إلى أن اختياره القاهرة يعود إلى أنها قلب العالمين العربي والإسلامي، وأكبر دولة عربية فضلاً عن وجود الأزهر الشريف الذي يعتبر منارة للعلوم والتوجهات الدينية المعتدلة للعالم الإسلامي.
وهذا نص ما دار معه من حوار:
• تكتسب زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للقاهرة أهمية خاصة من حيث التوقيت وجدول أعمالها، فما تقييمكم لها، وما هي تصوركم لأهم الموضوعات التي ستتناولها القمة الثنائية بين الرئيسين المصري والأميركي؟
- هذه الزيارة للرئيس أوباما لمصر ذات أهمية خاصة، ليس فقط بحكم العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين، وإنما أيضاً لأن مصر دولة رائدة على المستوى الإقليمي، وأود أن أوضح أن الهدف الرئيسي من زيارة الرئيس أوباما هو إلقاء كلمة موجهة إلى العالم الإسلامي بأسره، وأنا لا أستغرب اختصاص مصر بهذا الشرف والتقدير فهي قلب العالمين العربي والإسلامي، وأكبر دولة عربية، وقد طبقت مفهوم الحداثة منذ القرن التاسع عشر، وأنشأت أول مجلس نيابي في الوطن العربي، كما أن تاريخها حافل بالتطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، فضلاً عن وجود الأزهر الشريف الذي يعتبر منارة للعلوم والتوجهات الدينية المعتدلة للعالم الإسلامي.
وأعتقد أن كلمة الرئيس أوباما ستعكس ما سبق أن ذكره في كلمة تنصيبه في يناير الماضي، وهو أن الولايات المتحدة ليست في حرب مع العالم الإسلامي، وأنها تود التعاون مع جميع دول المنطقة على قدم المساواة وعلى أساس الاحترام المتبادل، وأعتقد أيضاً أنه سوف يطرح رؤية جديدة للولايات المتحدة في إدارة العلاقات الدولية مبنية على التعاون، والأخذ في الاعتبار خصوصيات المجتمعات المختلفة مع إبراز القيم المشتركة.
وليس خافياً أن الغرض الرئيسي من الكلمة هو إزالة حال العداء التي تصاعدت خلال الفترة الماضية بين الغرب والعالم، وما ترتب عليها من إذكاء للصراع فيما بينهما، والتصور الخاطئ بإمكانية أن ينتهي بانتصار طرف على الآخر، والمأمول أن ينصب الخطاب على دحض هذه الأفكار الهدامة، بإطلاق دعوة مخلصة للعمل على تحقيق الأهداف المشتركة. ونحن نتطلع إلى تغيير في سياسة الولايات المتحدة التي كانت تميل نحو المجابهة مع من يختلف معها في الرؤى إلى سياسة تعكس رغبة صادقة في التعاون مع العالمين العربي والإسلامي. وأستطيع القول من متابعتي الشخصية لتوجهات الرئيس أوباما إنه رجل معتدل له خبرة سابقة في التعامل مع الثقافات المختلفة، ويميل إلى التفاهم مع الآخر.
• هل تعتقد أن أول قمة بين الرئيسين مبارك وأوباما يمكن أن تحقق اختراقاً في العديد من الموضوعات الشائكة، خاصة تلك التي تتصل بالعملية السياسية في الشرق الأوسط والعقبات التي تواجهها؟
- أعتقد أن كلا الرئيسين أكدا عزمهما العمل من أجل توثيق العلاقات بين البلدين، والتطرق لمختلف الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ظل مناخ من التعاون والرغبة في تقريب وجهات النظر، وقد تجلى هذا منذ أشهر عدة ولم ينتظرا أول لقاء رسمي بينهما، فبعد انتخابه مباشرة بساعات عدة اتصل الرئيس أوباما بمبادرة شخصية منه بالرئيس مبارك ليشكره شخصياً على رسالة التهنئة التي تلقاها من سيادته، والتعبير عن تقديره للدور الذي تقوم به مصر في المنطقة، وإبداء الرغبة في التعاون الوثيق لتحقيق المصالح المشتركة.
واعتقد أن ذلك كان إشارة واضحة إلى رغبة الرئيس أوباما في تحقيق انطلاقة في العلاقات الثنائية، واستعادة قوتها وحيويتها بما يسهم في مواصلة مصر لسياستها التنموية سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، وبما يؤدي في إطار الجهد المشترك للبلدين إلى حل قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومكافحة التطرف والقرصنة، إضافة إلى الموضوعات المهمة الأخرى ومنها مكافحة الفقر، ودعم التعليم، وزيادة الرفاهية الاقتصادية، وتعميق التوجهات الإصلاحية.
• هناك من يرى أن أول قمة بين الرئيسين مبارك وأوباما سيغلب عليها طابع «التعارف» والاستماع إلى الأفكار والآراء إزاء القضايا والمشكلات التي سيتم التعرض لها... فما مدى صحة هذا التصور من وجهة نظرك؟
- لا أتوقع أن يغلب على القمة الطابع المراسيمي، وكما قلت من قبل هناك روح جديدة في العلاقات المصرية - الأميركية، وهذا بلا شك سيسهم مباشرة في إنجاح اللقاء بين الرئيسين، ويجب ألا نغفل أن الاتصالات بين الجانبين كانت متواصلة ومكثفة خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي مهد لهذا اللقاء وأتاح التناول الموضوعي المتعمق للقضايا المختلفة محل البحث.
وأعتقد أنه ليست هناك اختلافات كبيرة في وجهات النظر بين الإدارة الأميركية ومصر، فمثلاً هناك رغبة صادقة وحقيقية في العمل معاً لحل القضية الفلسطينية باعتبارها أهم قضية محورية في المنطقة، وقد أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للوزير أحمد أبو الغيط على ذلك في لقائهما في واشنطن في فبراير الماضي، وكذلك في لقائهما يوم 27 الماضي.
كما أن هذه الرغبة تمتد إلى قطاعات أخرى ولا تقتصر على المستوى السياسي، وهنا لابد من الإشارة إلى الاتفاق الذي وقعه وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد يوم 27 مايو مع الممثل التجاري الأميركي وتضمن خطة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وهو الاتفاق الذي يعكس رغبة حقيقية لتفعيل التعاون الاقتصادي بمختلف أشكاله مع مصر، كما أن المهندس وزير النقل محمد منصور اتفق مع نظيره الأميركي في مارس الماضي على التوقيع قريباً على مذكرة للتعاون الشامل بين الوزارتين، علماً بأن هذه المذكرة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات المصرية - الأميركية، لذلك أعتقد أننا على مشارف مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة سوف ترسخها القمة المصرية - الأميركية المرتقبة.
• ذكرت تقارير ومعلومات أن ثمة خططاً أميركية تسعى إدارة أوباما لبلورتها أبرزها مبادرة جديدة في شأن عملية السلام، ما هو الفارق بين هذه الأفكار وما تتضمنه «خارطة الطريق» وهل هي بديل لها؟
- الرئيس أوباما شخصياً وأركان إداراته ذكروا في أكثر من مناسبة أن الولايات المتحدة ترغب في الاستماع أولاً إلى آراء ومواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وأيضاً رؤية مصر باعتبارها دولة رئيسية في المنطقة، وصاحبة دور ريادي فيما يتعلق بجهود تحقيق السلام قبل أن تبلور هذه الإدارة أفكارها ورؤيتها لكيفية التعامل مع الملف الفلسطيني. وهذا في تقديري يتسق مع الموقف الذي تبنته الإدارة الأميركية منذ بداية ولايتها، والقائم على محورية تسوية القضية الفلسطينية وإنشاء الدولة الفلسطينية، بل وتأكيدها أن ذلك يخدم مصالح الأمن القومي الأميركي.
أما عن مضمون هذه الأفكار ومدى اختلافها عن «خارطة الطريق» فينبغي الانتظار قليلاً حتى تكشف الإدارة عنها، مع عدم إغفال أن إدارة أوباما كانت واضحة منذ اللحظة الأولى، من حيث التزامها بالعناصر الأساسية للتسوية وفي مقدمتها مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، مع ملاحظة أن «خارطة الطريق» أصبحت إحدى الآليات المتفق عليها للتعامل مع الملف الفلسطيني، وأن مؤتمر «أنابوليس» ساهم في تأكيد ضرورة التحرك في شكل متواز بين مرحلتها الأولى الخاصة بالتزامات الطرفين، والمرحلة الثالثة المعنية بمفاوضات الوضع النهائي.
وترى مصر أنه من الضروري في هذا التوقيت تحديد كيفية إنهاء النزاع، أو ما صار يعرف بـ «نهاية اللعبة» حتى تجري المفاوضات بين الطرفين، وبدعم الولايات المتحدة وسائر أطراف المجتمع الدولي في إطار محدد ومقبول.
• هل تعني الخطة أو الأفكار الأميركية المرتقبة سعياً للالتفاف على «مبادرة السلام العربية» ومن ثم تفريغها من مضمونها، أم أنها تهدف إلى انتزاع تنازلات عربية معينة لمصلحة إسرائيل؟
- الإدارة الأميركية الحالية أكدت أن «مبادرة السلام العربية» هي إحدى الركائز السياسية المهمة التي يجب الاستفادة منها في سبيل تحقيق التسوية السلمية، فضلاً عن تأكيد خطة «خارطة الطريق»، وقرارات مجلس الأمن لذلك، وبالتالي فإن الولايات المتحدة ترغب في الاستفادة من الفرصة التاريخية التي تتيحها «المبادرة العربية» لحض إسرائيل على إبداء التجاوب اللازم للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي النزاع ويقيم الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولا شك أن المسؤولية تقع على إسرائيل للاستفادة من الطرح العربي، من خلال إعادة الأراضي العربية المحتلة، وإنهاء جوانب النزاع المختلفة، وحينذاك ستكون جميع الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية مستعدة لتنفيذ ما وعدت به في مبادرتها التي تبنتها في «قمة بيروت» العام 2002، وأعادت تأكيدها وإطلاقها في «قمة الرياض» العام 2007.
• هناك آمال كبيرة في أن تثمر تحركات إدارة أوباما عن تحريك عملية السلام... في رأيك ما مدى إمكانية تحقيق ذلك؟
- لا شك أن التحديات التي تواجه عملية السلام كبيرة وصعبة، لكننا نشعر بالتفاؤل من المواقف التي تعبر عنها إدارة الرئيس أوباما وما نلمسه من رغبة صادقة وجادة للتوصل إلى حل لهذه القضية من منطلق الاقتناع بالفوائد التي ستجنيها جميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة من وراء ذلك. ونحن نؤكد أن مصر لم تفتر عزيمتها أبداً وعلى مدى أعوام طويلة لمواصلة جهودها الساعية لإيجاد حل للقضية يعيد للفلسطينيين حقوقهم، ويسمح بإنشاء دولتهم وينهي النزاع والتوتر في المنطقة.
ولكن يظل نجاح الجهود الأميركية والمصرية وجهود مختلف الأطراف الدولية متوقفاً على إبداء الحكومة الإسرائيلية التجاوب المطلوب، خصوصاً أن ذلك سيوفر للإسرائيليين أيضاً الأمن الذي ينشدونه، والحياة الطبيعية في المنطقة.
• ثمة شكوك في قدرة الإدارة الأميركية على حمل إسرائيل على الالتزام بأسس عملية التسوية... هل تعتقد بأن إدارة أوباما تستطيع بالفعل أن تحقق إنجازاً تاريخياً بإنهاء ملف هذا الصراع؟
- إدارة الرئيس أوباما كما ذكرت تسعى بجدية لوضع أسس للتعاطي مع القضية الفلسطينية وحلها، وقد أكد الرئيس أوباما أن هدف هذا الجهد ليس التفاوض والمحادثات فقط، بل التوصل لنتيجة تتمثل في إنشاء الدولة الفلسطينية. ومصر تدعم هذا الطرح وتسانده، وقد عبرت الإدارة الأميركية عن كامل استعدادها لتقديم المساعدة من أجل نجاح تلك الجهود اتساقاً مع كل ما بذلته في الماضي وتواصل بذله.
• في اعتقادك، إلى أي مدى نجحت أو ستنجح إدارة أوباما في إحداث تحول إلى حد ما في وجهة نظر الرأي العام الأميركي، أو قطاعات عريضة منه من بينها اللوبي اليهودي الموالي لإسرائيل؟
- الرأي العام الأميركي في مجمله يدعم التحرك نحو السلام في الشرق الأوسط وإنهاء النزاع، وسيقف إلى جانب إدارته في مسعاها لتحقيق هذه الأهداف. ولكن من المهم أيضاً الأخذ في الاعتبار أن الساحة الأميركية تموج بها تيارات سياسية ذات مصالح مختلفة، وأن أفضل وسيلة لتعزيز المعسكر الداعم للسلام والمنادي به تكون من خلال تنشيط جهود السلام وخلق الظروف اللازمة لكي تتقدم للأمام. وأظن أن التجارب السابقة، وخاصة معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، أثبتت أن تحقيق الهدف المنشود وفي المحصلة النهائية فإن السلام يحقق مصلحة أكيدة ليس فقط للفلسطينيين والإسرائيليين بل لجميع شعوب المنطقة، والعالم أجمع لما يحققه من استقرار بالمنطقة.
• هناك شكوك عربية حول قدرة الإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل في ظل سطوة اللوبي اليهودي... ما مدى صحة ذلك التصور؟
- الجانب العربي يتبنى ومنذ أعوام أهمية أخذ زمام المبادرة وعدم انتظار الآخرين، وهو ما شاهدناه في طرح مبادرة السلام العربية والتمسك بها. وعلينا كعرب مواصلة هذا المنحى حتى نساعد أصدقاءنا والدول الراغبة في دفع جهود السلام على مواصلة مسعاهم، والوقوف أمام الآراء المعاكسة التي تتعمد إيجاد ذرائع لتعطل تلك المسيرة أو إبعادها عن أهدافها. والجانب العربي منفتح أيضاً في إطار هذا الطرح على التواصل مع جميع الأطراف، بما فيها المنظمات اليهودية - الأميركية وهي متعددة ولا تتبنى الأفكار ذاتها، ونحن لا نتوقف عن الاتصال بها وتوضيح الصورة لها وحضها على القيام بدور داعم للمسيرة السلمية التي ستخدم في النهاية مصالح جميع شعوب المنطقة، ومصالح المجتمع الدولي.
• هناك من يعتقد أن إسرائيل ستعمل على امتصاص الموقف الأميركي والالتفاف عليه وإضاعة الوقت فهل ترى أن الإدارة الأميركية ستواصل الزخم إزاء القضية الفلسطينية، أم تنشغل بملفات أخرى أكثر أهمية لها، مثل الملف النووي الإيراني، والوضع في أفغانستان، والأزمة المالية العالمية؟
- الواضح أن الإدارة الأميركية عازمة على التعامل مع مجموعة من التحديات سواء الداخلية أو الخارجية في شكل متزامن، من منطلق الشعور بأن تلك التحديات وثيقة الارتباط ويصعب تغليب أي منها على الآخر، وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما تؤكده اتصالاتنا من إدراك واضح من قبل الإدارة أن القضية الفلسطينية تعتبر محور الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وأن العمل على حلها سيكون له أثر إيجابي على الكثير من بؤر التوتر الإقليمية. ويجب أن نضع في اعتبارنا أن الولايات المتحدة قوة عظمى، وأن المجتمع الدولي يعلق آمالاً واسعة على منهج الإدارة الجديدة في تشكيل تحالف دولي واسع من شأنه أن يشارك بفاعلية في التعامل مع القضايا العالمية أو الإقليمية بالتوازي.
• الساحة الأميركية شهدت حملات كراهية عنصرية منذ أحداث سبتمبر 2001 ضد العرب والمسلمين، فهل ترون أن ثمة تحولات قد حدثت بعد انتخاب أوباما رئيساً للولايات المتحدة، وإلى أي مدى سينجح في إحداث مصالحة بين الغرب والإسلام والمسلمين؟
- أعتقد أن توجهات أي إدارة أو حكومة في أي دولة وما تعلنه من مواقف سيكون لها تأثير بالغ على وسائل الإعلام، وبالطبع فإن مواقف الحكومة وما يبثه الإعلام لديهما تأثير قوي على الروح السائدة في أي مجتمع.
ومما لا شك فيه أن الانطباع السلبي إزاء العرب والمسلمين في المجتمع الأميركي قائم قبل أحداث 11 سبتمبر العام 2001، وتعاظم بعدها، إلا أنني أعتقد أن توجه إدارة الرئيس أوباما ومحاولتها مد الأيدي إلى العالمين العربي والإسلامي سيكون له أثر إيجابي في تحجيم هذه التوجهات في المجتمع الأميركي، وهناك بوادر أولية تشير إلى ذلك، كما يمكن رصد قدر أكبر من الاهتمام في وسائل الإعلام، والعديد من دوائر التأثير على الرأي العام للتعرف بشكل أعمق على الثقافة الإسلامية وهو تطور إيجابي حيث يتيح إزالة المفاهيم المغلوطة. ورغم ذلك فلابد من التعامل مع هذا الأمر بواقعية، وإدراك أن التحول المطلوب يتطلب جهداً ووقتاً ليسفر عن الأثر المطلوب.
• مثلت قضية المعونة الأميركية المقدمة إلى مصر أحد المشكلات مع الإدارة السابقة... ما هو مستقبل برنامج المساعدات الأميركية لمصر؟
- برنامج المساعدات الأميركية لمصر ساهم بقدر كبير في دعم الجهود الحكومية للدفع بالتنمية وتطوير البنية الأساسية على مدار الثلاثين عاماً الماضية، ونحن نصر على استمرار الأسس التي حكمته طوال تلك الفترة لاسيما مبدأ المشاركة في ملكية البرنامج. وقد رصدنا طوال الاشهر الستة الماضية مؤشرات عدة على ذلك، أبرزها إسقاط الكونغرس بمبادرة منه المشروطية التي سعى بعض أعضائه إلى فرضها على البرنامج في العام السابق، وزيادة حجم المساعدات الاقتصادية المطلوبة لمصر في ميزانية 2010. بل وطلب مساعدات إضافية في الميزانية الإضافية للعام 2009، فضلاً عن إبداء الإدارة استعدادها لتنشيط المباحثات بين الجانبين فيما يتعلق بهيكل البرنامج ومجالات أنشطته خلال الأعوام المقبلة.
ولعل من المهم هنا الإشارة إلى ما نلمسه من تقدير أميركي كبير لأهمية الشق العسكري من برنامج المساعدات، وحرص الإدارة الحفاظ عليه والدفاع عنه أمام بعض الدوائر المتربصة به. ويعكس هذا الاهتمام الفوائد المشتركة التي يحققها البرنامج للبلدين، ومدى مساهمته في بلوغ أهدافهما. وأود هنا الإشارة إلى أن الولايات المتحدة أعلنت التزامها بالحفاظ على برنامج المساعدات العسكرية لمصر بحجمه الحالي لفترة «10» أعوام مقبلة وحتى العام 2018.
وتتطلع مصر خلال الفترة المقبلة لمواصلة النقاش مع الإدارة الأميركية للاتفاق على اولويات المرحلة المقبلة، استكمالاً للأفكار والمقترحات المتعددة التي بادرت مصر بطرحها منذ نهاية العام 2007، وهو ما نلمس تجاوباً من جانب إدارة الرئيس أوباما في تحقيقه على أكمل وجه.
وأود أخيراً أن أذكر بأن برنامج المساعدات الاقتصادية يشتمل على أوجه عدة للنشاط، من بينها تنفيذ مشروعات تنموية في المجالات التي يتم الاتفاق عليها، وقد سبق له في فترة ماضية أن ساهم في إعادة تأهيل البنية الأساسية لمصر، ثم تم تركيز جزء كبير من نشاطه على دعم جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي، ويتجه الآن بدرجة أكبر لدعم مجالات التعليم والصحة التي تتصل مباشرة بحياة المواطن المصري.
• يرى كثيرون أن المشروعات والاستثمارات الأميركية في مصر يغلب عليها الطابع الاستهلاكي الذي يستنزف الاقتصاد ولا يسهم في بنائه، أو تحقيق طفرة في الدعم التقني والتكنولوجي المنشود... هل ثمة خطة لإحداث تغيير في شكل وطبيعة هذه الاستثمارات والمشروعات؟
- أعتقد أن الاستثمارات الأميركية في مصر أصبحت متنوعة بدرجة كبيرة ومتداخلة في قطاعات عدة مثل القطاعات الهندسية، والأدوية، والكيماويات، والمأكولات، ومواد البناء، والتعدين، والخدمات المالية والمصرفية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واستصلاح الأراضي وغيرها، كما أنها تعتبر الأولى في مصر في مجال النفط والغاز، فضلاً عن أن الاستثمارات الأميركية كانت الأولى من حيث حجم التدفقات خلال العام المالي 2007/2008. ويمكن الرجوع إلى إحصاءات وزارة الاستثمار المصرية في هذا الشأن.
• واجهت منطقة التجارة الحرة التي تسعى مصر لإنشائها مع الولايات المتحدة عقبات عديدة هل ترون أن الأجواء مواتية الآن للتوصل إلى إبرام هذه الاتفاقية، وهل ثمة قيود سياسية على مصر أو مشروطيات لإبرامها؟
- هناك أطر مختلفة لتدعيم العلاقات الاقتصادية ولا ينبغي أن نقيد أنفسنا بإطار واحد، وإنما كلما استطعنا أن نتعامل بمرونة لمواجهة احتياجاتنا للتنمية الاقتصادية وبلورة النظم التي تحقق مصالحنا على أكمل وجه تضاعف العائد من التعاون. وفي هذا الصدد أود أن أشير مرة أخرى إلى توقيع خطة التعاون الاستراتيجي بين البلدين التي تهدف إلى تعميق التعاون وتحقيق المصالح الاقتصادية المصرية مع الولايات المتحدة.
وأود أن أؤكد أن مصر لا تقبل أبدا وضع مشروطية أو قيود على أي اتفاقات توقعها، خصوصاً أن أي اتفاق يتم تقييمه على أساس مضمونه القطاعي من دون قبول ربط مسائل أخرى غير متصلة بفحواه لأي سبب من الأسباب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي