حينما تعفو عن شخص أخطأ في حقك وأنت تستطيع الرد عليه، فهذا لا يعني ضعفاً منك وإنما هي الشجاعة بعينها. وهنا نتذكر قول الله تعالى في محكم تنزيله: «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس»، والرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: «ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب»، فلماذا التأزيم والنرفزة وردود الفعل الغاضبة!
فيا أخي النائب وأختي النائبة تذكروا دائماً الحديث «التمس لأخيك سبعين عذراً فإن لم تجد له عذرا فقل له عذرا».
إن بين العفو عند المقدرة والشجاعة في التغلب على ردة الفعل النفسية نرى الحاضر والمستقبل على المحك، فمن يبحث في ملفات الماضي السلبية لن يجد أمامه فرصة للعطاء الإيجابي، فالماضي طويت صفحته «بزينها وشينها»! ولهذا دفعنا إلى مطالبة السادة النواب في أن يبحثوا في الجوانب الإيجابية والتركيز عليها وترك السلبيات تعالجها المشاورات الودية والنصح حيث العطاء والإنجاز هدف أسمى وأبلغ من بعض الجوانب السلبية. وللإعلام هنا دور مضاعف في هذه المرحلة بالذات فإما أن يكون عامل تهدئة وإما أن يكون عاملاً مهيجاً للعلاقة بين السلطتين. ولعل جميع العاملين في قطاعي الإعلام المرئي والمقروء يدركون حساسية الوضع الذي تمر به البلاد، ولذلك عليهم أن يعينوا أعضاء السلطتين في تجاوز مرحلة الاختبار الشعبي، وإن كانت هناك قضايا خلافية فلا بأس من استضافة الأطراف المعنية من الحكومة وأعضاء مجلس الأمة المعنيين بوجود مختصين بهدف وجود حالة اتفاق بين الجانبين فالكاسب في نهاية المطاف هو الوطن... ولهذا نطالب الحكومة في الاستعجال بالبت في إنشاء هيئة مستقلة تتابع برنامج عمل الحكومة، ويجب أن تكون هذه الهيئة تعمل وفق منظور استراتيجي قد تطرقنا إليه في مقالات سابقة.
وخير ما نختم به هذا المقال ما جاء في قول الإمام ابن القيم: «يا ابن آدم... إن بينك وبين الله خطايا وذنوب لا يعلمها إلا هو، وإنك تحب أن يغفرها لك الله، فإذا أحببت أن يغفرها لك فاغفر أنت لعباده، وإن أحببت أن يعفوها عنك فاعف أنت عن عباده، فإنما الجزاء من جنس العمل... تعفو هنا يعفو هناك، تنتقم هنا ينتقم هناك تطالب بالحق هنا يطالب بالحق هناك».
خلاصة القول، الإنتاجية مطلوبة والتسامح أقصر الطرق للمضي نحو العمل حيث التأزيم مرفوض والمقصر يجب محاسبته أياً كان مركزه بشكل ودي، وإن لم يتعظ فالكي آخر العلاج... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]