نتقدم بأحر التعازي للشعب الكويتي الكريم ونشاركه الألم ونسأل المولى العلي القدير المغفرة والرحمة للحكومة الجديدة ونتمنى الصبر والسلوان للبلد. مع شديد الألم نقول إن التشكيلة الجديدة للحكومة محبطة، ولن يطول أمدها وستلقى مصير الحكومات الخمس السابقة لأنها باختصار غير مشجعة.
الحكومة الجديدة، وإن كانت تكنوقراط وخرج منها ما يقرب الخمسين في المئة، لكنها تحمل مواصفات ممتازة لتكون حكومة أزمة. ففيها الشيخ جابر الخالد الشخصية التي اعتبرتها القبائل استفزازية ومؤذية. فعند استرجاع تصرفات قواته الأمنية في مواجهة فرعيات القبائل وتعسفها في القانون وتصرفها مع «القبليين» خالد الطاحوس والدكتور ضيف الله بورمية الذي أضاف إلى التعسف اتهامه للداخلية بالتفرقة العنصرية وعدم المساواة بينه وبين المرشح «الحضري» خليفة الخرافي، هذه التراكمات لا شك ستكون أرضية خصبة وسالكة باتجاه التأزيم.
أما أقوى تيارات المعارضة «التكتل الشعبي» فلابد أنه رأى في هذه الحكومة الجديدة صيدين سهلين. أولهما وزير المالية مصطفى الشمالي الذي وبسببه أُقر قانون «الاستقرار المالي» وما تبع ذلك من مساجلات وتصريحات ومشاحنات كانت بشكل أو بآخر سبباً رئيسياً في تأزم العلاقة الأخيرة، ولولا قصر عمر المجلس الماضي لتقدمت الكتلة بصحيفة استجوابها لرئيس الوزراء. وإلى جانبه وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح الذي هو الآخر صار محوراً خصباً جداً للمناكفة السياسية. فالدكتور محمد الصباح اشتهر بتصريحه «مقارعة الحجة بالحجة» قبل الانتخابات، الأمر الذي جعله الآن في موقع المواجهة المباشرة مع مسلم البراك، والرجلان بالمناسبة ليسا على ود بالنظرإلى المشادات القديمة على شكل علاقاتنا الخارجية بدول الضد. المهم في ذلك كله أن إصرار الحكومة على القانون وإقراره بذريعة «الضرورة»، وإمعاناً بالتشدد من خلال إعادة توزير الشمالي الذي تزامن مع تصريحات رسمية متكررة برفض قبول أي تعديلات، فإما هو وكما هو وإما لا شيء، هذا كله يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا!
محور تأزيمي آخر لكنه هذه المرة مع الجبهة الإسلامية. فالخطر آتٍ هنا من الليبرالية «غير المحجبة» الدكتورة موضي الحمود وزيرة للتربية والتعليم العالي. هذه الوزارة التي فيها ما فيها من مشاكل وبلاوي، بدأت ملامح التصعيد تتضح من نافذة الصفين التاسع والعاشر، فأصبحت ساحة جدال جديدة بين النائبين هايف المطيري وعدنان المطوع. فهذا الموقع بكل تأكيد سيجعلها حبل شد تارة بين النائبين المطيري والمطوع، وتارة أخرى بين الإسلاميين والليبراليين. طبعاً لا ننسى أن الإسلاميين ليس لديهم ما يخسرونه في المجلسين اليوم، ومصلحتهم العليا قد تقتضي التأزيم لاستعادة المكاسب السابقة!
هذه عناصر تأزيمية قوية جداً بالنظر للموروث السياسي القريب، وإن أضفنا إليه عناصر تأزيمية أخرى كالشيخ أحمد الفهد وما يحويه ملفه من صراع مع شريحة واسعة من التكتلات وأصحاب النفوذ في البلد، ستتوصل مباشرة إلى أن المجاملات والضحكات «لزوم الذرابة» لن تطول... زهبوا الخيام!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]