جعفر رجب / تحت الحزام / خاطرة خروف مخرف

تصغير
تكبير





الخروف المسكين ومنذ ولادته وهو مصاب بـ «فوبيا الذئاب»...

وهو طفل صغير... تخيفه أمه كل مساء «لو لم تنم سيأتي الذئب ويأكلك»!

وأقنعوه ان الذئب هو من قتل يوسف النبي، ولم يُرمَ في البئر من قبل اخوته، وقد صدق رواية أخوة يوسف، ولم تصله الرواية الرسمية لدواعي الرقابة والمنع!

وتعلم وهو في مراهقته، ان الخراف الشاردة من القطيع والمخالفة لمسيرة الخرفان، والعاصية لأوامر الراعي، ستكون فريسة للذئاب.

هذا الخروف، وبعد أن يعيش حياته خوفا ورعبا من الذئاب، يأكل الاعلاف المدعومة من الحكومة، بالاضافة الى بقايا الجرائد... يجد نفسه فجأة في غرفة الاعدام... هذا الخروف المؤدب المسكين، يخرج من حالته الخروفية، ويتحول الى خروف ثائر، ويصرخ في وجوه الناس المجتمعين لذبحه:

أيها البشر... لا أستطيع منعكم من الذبح، ولكن اذبحوني بطريقة «لا انسانية» محترمة!

أيها المتوحشون... أنا اعرف انكم تضحون بنا كقرابين... ولكني لا أعرف لماذا ترمون جثثنا فوق بعض، وكأننا في مقبرة جماعية!

يا أكلة اللحوم... ما هي علاقة قيم التسامح مع مشيتكم صباح العيد فوق برك دمائنا!

وما علاقة قيم الخير، مع جر الخروف ورميه في «دبة» السيارة، وكأنكم في مشهد لأفلام المافيا!

وما علاقة قيمة التعاطف مع الفقراء، والسادية التي تظهرونها في قتلنا وسلخنا وتقطيعنا!

وما علاقة السكن في منزل جديد، شراء سيارة جديدة، الشفاء من مرض، العودة من السفر... بنا نحن، حتى تقتلونا، فهل نحن سبب مرضكم، أم نجتاز الاشارات الحمراء ونكسر سياراتكم!

لم تكتفوا، بذلك بل أنشأتم عصابات محترفة في قتل الخرفان، واعلاناتهم في كل مكان «ادفع ونحن نذبح بدلاً منك، وبأرخص الاسعار»، «ادفع وسنرسل جزارنا في أي مكان بالعالم، ونقتل الخروف وهو في سريره»!

لماذا تقتلونا ولا تقتلون الذئاب، أليست هي التي تأكلنا وتأكلكم، وهو «العدو المشترك»!

لنفترض اننا الخراف نستحق الذبح... ما ذنب أطفالكم، وأنتم تجعلونهم يلعبون معنا ونلعب معهم، ثم يشاهدون اصدقاءهم في اللعب، تحت أيدي الجزار!

أعتذر جدا... فقد أزعجتكم، ولا تهتموا كثيرا بما أقوله، ولن تهتموا... فأنتم تقتلون بشراً مثلكم بدم بارد، فهل ستتأثرون بقتل خروف مخرف!

 جعفر رجب

jjaaffar@hotmail.com






الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي