المفكر الذي مزج بين الفلسفة والاقتصاد لتشغل تنبؤاته العالم!

بروفايل / نسيم طالب... العالمية على ظهر «بجعة سوداء»

تصغير
تكبير
| كتبت كارولين أسمر |
ليس من السهل البحث عن تفاصيل حياة وشخصية نسيم طالب. وكان من الصعب ايجاد الصفة التعريفية المناسبة لوضعها قبل اسمه. فشخصية الكاتب فيه تشكل مزيجاً من نوع خاص بين مجالات لا تبدو متجانسة. فمن ذا الذي يكتب الفلسفة بلغة أدبية، ليروج كتابه بين رجال الاقتصاد؟
وهكذا تحول طالب، الأميركي اللبناني الأصل، يستضيفه بنك الكويت الوطني في ندوة 25 الجاري الى واحد من أشهر الذين تنبؤوا بالأزمة المالية الحالية في كتابه «البجعة السوداء» الذي صدر عام 2007، بعد سنوات من العلم وبذل الجهود في مجال الاعمال.
وربما ورث طالب هذا المنحى الفلسفي في التفكير من جذوره الاغريقية اليونانية، بالرغم من أنه من قرية أميون الشمالية اللبنانية، الا أن عائلته تتحدر من جزيرة كريت اليونانية، وهو ابن الدكتور نجيب طالب، الباحث في الاورام السرطانية وعلم الانتروبولوجيا. والسيدة مينيرفا غصن سليلة عائلة سياسية لبنانية معروفة. وكلاهما يتحدران من عائلتين ارثوذكسيتين سياسيتين من شمال لبنان. فيما هو يختصر هذه التركيبة الجينية ويعرف عن نفسه بالقول بأنه «بدم إغريقي، وبقلب لبناني-سوري، وبلسان عربي».
لم تختلف عائلة طالب الصغيرة عن غيرها من العائلات اللبنانية، التي قررت الهجرة في بداية الحرب الاهلية اللبنانية عام 1975، فبعد أن رأت العائلة أن الحرب قد تكون سبباً في إضاعة الطاقة التي يملكها ابنها الفتى المراهق ابن الـ 15 سنة، في البحث العلمي والفلسفي التي بدأه في الملاجئ البيروتية، وهو تلميذ مدرسة الليسيه الفرنسية، قررت الهجرة الى الولايات المتحدة الاميركية. حيث بدأت رحلة طالب مع العلم والتفوق.
شغف طالب الكبير بالعلم دفعه لتحصيل شهادتي البكالوريوس والماجستير في العلوم من جامعة باريس (9) وهو يحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من «وارتون سكول» في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الاميركية، وشهادة دكتوراه في إدارة العلوم من جامعة باريس (10) تحت إدارة جيلييت هيلمان، ويعد حالياً أستاذ المخاطر الهندسية في معهد الفنون التطبيقية في جامعة نيويورك، وأستاذ زائر للرياضيات في مدرسة لندن للأعمال. وقد كان عميد دراسات علوم الـ «لايقين» في كلية «ايسنبرغ» للإدارة في جامعة ماساشوستس، وأستاذ مساعد للرياضيات في المعهد الحالي في جامعة نيويورك، وعضو كلية تابع في مركز المعهد المالي في مدرسة وارتون للأعمال.
وقد كانت هذه الغلة الكبيرة من الشهادات والمعارف والعلوم، قاعدة قوية انتقل طالب منها الى عالم الاعمال،وعمل كتاجر حتى العام 1993 ومن ثم انتقل الى مجال الرياضيات المالية في إحدى شركات وول ستريت في نيويورك قبل أن يبدأ عملا آخر كباحث في إبستمولوجيا الأحداث الصدفوية ويتحول الى مخترع المشتقات المالية المعقدة فيما بعد في 2001. وقد تنقل طالب ما بين العديد من المؤسسات والمصارف العالمية الكبيرة كـ«يو. بي. اس» السويسري، و«بي ان بي باريبا»، كما احتل العديد من المناصب تمحورت جميعها حول ادارة المشتقات المالية والعملات. وكتاجر،قال طالب أنه إتخذا منهجا مشككا و«مكافحا للرياضيات» في ما يخص المخاطر والـ «لا يقين» وقد كان يملك ثقة شديدة في النماذج والاحصاءات، واحتقارا للأكاديميين الماليين وخصوصاً الاقتصاديين.
الشهرة العالمية
سنوات البحث والتدقيق والغوص في بحار العلم والفلسفة، توجها طالب بإصدار كتابه «البجعة السوداء» عام 2007، الذي تنبأ فيه بوقوع الازمة المالية العالمية، وهو تعبير جاء من القرون الوسطى الأوروبية حيث كان يسود الاعتقاد أن كل البجع لونه أبيض، ولذا لا وجود للبجع الأسود. وبعد اكتشاف البجع الأسود في القرن السابع عشر في أستراليا، بات هذا التعبير يعني أن المستحيل ممكن التحقق. ويعتبر طالب في هذا المجال أن المصادفة تخدعنا «قبل اكتشاف استراليا، لم يكن الناس رأوا بجعة سوداء، لم يكن لديهم سبب للاعتقاد بوجود بجع غير البجع الابيض. في الواقع، إن مثالاً يتيماً يكفي لتدمير سنوات من التوكيد. لا تملك بجعتي السوداء ريشاً، في الاصل هي حدث غير متوقع أو مفهوم يقوم على المعرفة. إنها حدث ينطوي على نتائج محورية» وللتوضيح يشرح أنه «اذا تطلعنا الى الحوادث من منظار مستقبلي، فإنها تتراءى لنا غير متوقعة، لكنها قد تبدو غير متوقعة تماماً، اذا نظرنا اليها من منظار استعادي».
ويرى طالب أن أحد أسباب الازمة المالية الاخيرة تركز في أن «أدوات فهمنا لما يجري في وول ستريت تطورت خلال القرنين الماضيين، وهي باتت عتيقة. نحتاج الآن إلى أدوات جديدة، لأن سوء الفهم لطبيعة التطورات الاقتصادية أصبح ضخماً وكلّف في الأزمة الراهنة تريليون دولار من الخسائر حتى الآن».
كتاب علمي يتلبس الشكل الأدبي
يعد «البجعة السوداء» بحثاً نقدياً مطعم بفكاهة ثابتة تقترب من السخرية تشبه شخصية طالب نفسه. «كتابي خريطة طريق لعالم لا نفهمه، حيث الصلات بين التوقعات والتصرفات والنتائج ليست شديدة التطور. «البجعة السوداء» خريطة جغرافية لمجالات البجعة السوداء، لا يمكن التنبؤ بالحروب والتكنولوجيا والاقتصاد والأسواق. لذا استخدمت الاستعارة والسرد الى حدودهما القصوى».
ويتابع بالقول «نحن نخطئ اذا ظننا أن العلم قاد الى تطور العالم» في الواقع «يجب رؤية الأشياء على نحو معاكس»، فالاكتشافات كلها في الطب والتكنولوجيا هي محصلة المصادفة. في الطب وجدت غالبية العلاجات، مثل الفياغرا أو علاج السرطان عرضاً، أما على صعيد التكنولوجيا فلم يكن متوقعاً من اللايزر والكمبيوتر والانترنت، وهي 3 تقنيات باتت مسيطرة أن تحدث ثورة في العالم» «هذه التقنيات والعلاجات هي بجعات سوداء»، ما حمل بعض العلماء الاوروبيين على اتخاذ موقف دفاعي حيال تأكيدات الكتاب. فيما استقبله المقاولون ايجاباً «لأنهم يفهمون التكنولوجيا» شأنهم في ذلك شأن العلماء النفسانيين وأطباء الامراض العصبية والعسكر، لكنه تعرض الى هجمات قاسية من الإحصائيين والاقتصاديين «لأن الكاتب عبر عن رغبته في تدمير مهنتهم» بقوله: أريد إقفال أقسام الاقتصاد في أميركا، فلو أشرفت «إدارة الأغذية والعقاقير» على محللي «وول ستريت» لوضعتهم في السجن.
الكره الدفين لربطات العنق
طالب الذي يعيش في قلب الرأسمالية، يكره كل المظاهر التي تنسب لها وترتبط بها ويرى أنها مظاهر خادعة منها ربطات العنق، ليتحول بذلك الى مغرد دائم خارج سرب وول ستريت، ويظهر بسترة عادية في جميع المناسبات. وهو يرى أن البنوك ( وهي أكثر المؤسسات التي تفرض ربطات العنق كزي رسمي لموظفيها) ما هي الا «مؤسسات غبية توظف أشخاص أغبياء»
ولعل هذا المظهر هو أكثر ما يدل على شخصية طالب الثورية والجريئة ( الاشتراكية في بعض الاحيان) التي دفعته للخروج بعد 5 دقائق من ندوة «وول ستريت جورنال» حول المبادرات المستقبلية المالية والتي ضمت كبار السياسيين والاقتصاديين في العالم ومنهم وزير الخزانة الاميركي ورئيس الوزارء الاسترالي. لأنه يعتبرهم المسؤولون عن وقوع الازمة المالية «وأدوا الى هبوط الطائرة واصطدامها وعليهم أن يعودوا لمنازلهم ويكتفوا بحل الكلمات المتقاطعة». ويعتبر أن الكثير من الاخطاء ارتكبت على مدى أعوام وأدت الى وقوع الازمة لكن أحداً لم ينتبه لها ومنها «الديون» التي كانت بمثابة وقود الغاز الذي أشعل النظام المالي العالمي، فيما وصف المشتقات المالية المعقدة «بأصابع الديناميت في أيدي أطفال»، في حين أن المنطق يقول انه «لا يمكن جمع المديونية والانتاجية في نظام واحد».
شخصية استثنائية
في مدخل الموقع الالكتروني التابع لنسيم طالب، تفاجئ القارئ عبارة «هوايتي الرئيسية هي إغاظة الاشخاص الذين يأخذوا أنفسهم ونوعية معرفتهم بالكثير من الجدية وأولئك الذين لا يملكون الشجاعة للقول أحياناً: «أنا لا أعرف» قد لا يمكنك أن تغير العالم ولكن على الأقل يمكنك الحصول على بعض الترفيه وأن تكسب عيشك بعيداً عن الغطرسة المعرفية للجنس البشري».
ويتابع فيما بعد الحديث عن نفسه بالقول: «أنا مهتم في كيفية العيش في عالم لا نفهمه جيداً. وبتعبير آخر، فيما ركزت معظم أفكار الطبيعة الانسانية على كيفية تحويل المعرفة الى قرار، انا مهتم بكيفية تحويل نقص المعلومات، نقص الفهم، ونقص المعرفة الى قرارات. وكيفية عدم التحول الى «ديك رومي». «البجعة السوداء» رسم خريطة ما لا يمكن فهمه، وعملي الحالي يركز على وسائل لمحاولة إفهام غير المعلوم. هدفي الرئيسي هو تقوية المجتمع لمواجهة «البجعة السوداء» وتفعيله في مواجهة أولئك الذين يجعلونه سريع العطب، كالاقتصاديين والمصرفيين»
ويرى طالب أننا يجب أن نميز بين الخبراء الحقيقيين والمزيفين. الطباخ أو طبيب الأسنان هما من الخبراء الحقيقيين. أما الاقتصادي فليس خبيراً، لا هو ولا السياسي أو المحلل المالي. أكبر الدجالين هم المؤرخون أو المؤرخون الرسميون أي محللي التاريخ الذين يجدون أسباباً للحوادث التاريخية، إن أولئك الذين يكتبون على النحو الافضل ليسوا في الضرورة أولئك الذين يفهمون على النحو الافضل.


«الوطني» يستضيف نسيم طالب للحديث عن أبعاد الأزمة 25 الجاري

               
ناصر مساعد الساير                                          نسيم طالب 

يحل الاقتصادي العالمي الدكتور نسيم طالب، الذي تنبأ بالأزمة المالية العالمية الحالية في بدايات عام 2007، ضيفاً على بنك الكويت الوطني ومحاضراً أمام نخبة من كبار عملاء البنك والضيوف حول « الأزمة المالية العالمية وتداعيات الأحداث غير المتوقعة»، وهو الموضوع الرئيسي لكتابه الشهير « البجعة السوداء» وذلك في إطار ندوة خاصة ينظمها البنك في 25 مايو الجاري.
وأعرب نائب رئيس مجلس إدارة «الوطني» ناصر مساعد الساير عن سعادته باستضافة المفكر والفيلسوف الاقتصادي الأميركي واللبناني الأصل نسيم طالب الذي يعد واحداً من ألمع الاقتصاديين والمفكرين في العصر الحديث ومن أشهر المتحدثين في المنتديات واللقاءات العالمية، مشدداً على أهمية الموضوع الذي سيتناوله ضيف «الوطني» في محاضرته التي ستسلط الضوء على أبعاد الأزمة المالية العالمية وانعكاستها إضافة إلى تصورات الدكتور طالب لمستقبل الأنظمة المالية العالمية على ضوء العبر المستقاة من الأزمة الحالية وكيف سيكون شكل النظام المالي العالمي خلال المرحلة المقبلة وتأثير ذلك على مستقبل منطقتنا. كما ستتاح الفرصة لعملاء البنك للتواصل والحوار مع المتحدث من خلال طرح الأسئلة والنقاش حول أهم التحديات التي تواجه مستقبل العالم مالياً واقتصادياً وكيف يمكن تجنب مثل هذه الأزمات مستقبلاً.
وتأتي استضافة «الوطني» لطالب في إطار اهتمام البنك وحرصه على إتاحة الفرصة أمام النخبة من عملائه للتواصل المباشر مع أهم الشخصيات العالمية ومناقشة أحدث المستجدات والأفكار والنظريات سواء في المجالات السياسية المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط أو التطورات الاقتصادية والاستثمارية التي تشغل اهتمام المستثمرين والمعنيين بشؤون التنمية على المستوى الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور نسيم طالب هو الوحيد الذي تنبأ بالأزمة المالية الحالية التي مايزال العالم يعاني من تداعياتها حتى هذه اللحظة، وذلك في كتابه الشهير «البجعة السوداء» الذي تمت ترجمته منذ صدوره بداية عام 2007 إلى أكثر من 27 لغة وتصدر قائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً في أميركا، فيما منحته «بيزنيس ويك» المرتبة الأولى واختارته «أمازون.كوم» ضمن أفضل الكتب لعام 2007 ويلتفت العالم حاليا الى نسيم طالب لمحاولة فهم مايجري في وول ستريت وبقية أسواق المال والأسهم العالمية.



10 مبادئ لا يريد الأغبياء سماعها

1
خلاصة كتاب «البجعة السوداء» الشهير عشرة مبادئ يقول نسيم طالب «عندها سنرى حياة اقتصادية أقرب الى محيطنا البيولوجي: شركات أصغر، بيئة جغرافية أغنى، لا ديون. عالم يأخذ فيه العاملون المخاطر، وليس المصرفيون، عالم تولد فيه الشركات يومياً وتموت من دون أن تصنع الخبر. وبكلمة واحدة «عالم أكثر مقاومةً للبجعة السوداء». والمبادئ العشرة هي:
ما هو هش ينبغي أن يخرج باكراً وهو لا يزال صغيراً، ولا يجب أن يصبح كبيراً أبداً ليسقط حينها. فالتطور في الحياة الاقتصادية يساعد الذين يتمتعون بأكبر قدر من المخاطر المخفية، وبالتالي الأضعف، على أن يصبحوا الاكبر.

2
لا تعميم للخسائر وتخصيص للأرباح. ما قد تكون هناك حاجة لإنقاذه ينبغي تأميمه، وما لا تستدعي الحاجة إنقاذه يجب أن يكون حراً، صغيراً ومنطوياً على مخاطر. الا أننا اهتممنا بمزج أسوأ ما في الاشتراكية والرأسمالية. في فرنسا عام 1980، تولى الاشتراكيون أمر المصارف، وفي الويات المتحدة عام 2000، تولت المصارف أمر الحكومة وهي السريالية بحد ذاتها التي تفوق الواقع.

3
أولئك الذين كانوا يقودون باص المدرسة وهم معصوبي الأعين وأدوا لصدمه، يجب نهيهم عن تولي هذه المهمة مرة أخرى. كما أن المؤسسات المنشئة للاقتصاد (كالجامعات، المنظمين، البنوك المركزية، الحكومات، الجمعيات المتعددة والمتخمة بالمحللين الاقتصاديين) فقدت شرعيتها مع سقوط النظام. وهو يعد أمر غير مسؤول على الاطلاق وقمة الغباء أن نضع ثقتنا في قدرة هؤلاء الخبراء لإخراجنا من هذه الفوضى. بالمقابل علينا ايجاد العناصر الذكية ذوي الاكف النظيفة.

4
لا تضعوا من يجعل من المكافأة حافزاً له أن يدير محطة نووية. أو مخاطركم المالية. ومن المفترض أنه قطع كل ركن على السلامة لإظهار الارباح في الوقت الذي يدعي فيه أنه المحافظ. فالمكافآت لا تستوعب المخاطر الخفية للضربات العالية. فإن عدم تناسق نظام المكافآت هو الذي أوصلنا الى هنا. اذ لا حوافز من دون عوائق، والرأسمالية عبارة عن مكافآة وعقاب، وليس فقط مكافآت.

5
موازنة التعقيد مع البساطة. فالتعقيد الذي نتج عن العولمة، والمستوى العالي للتواصل الذي طالته الحياة الاقتصادية يجب أن يوازن بالبساطة في المنتجات المالية. فالتعقيدات الاقتصادية هي بالاساس شكل من أشكال المديونية.

6
لا تقدم للأطفال أصابع ديناميت، ولو أتت مع تحذيرات. فالمشتقات المعقدة يجب أن تُمنع لأن لا أحد يفهمها، كما أن القليلين عقلانيون كفاية لمعرفتها. فالمواطنون يجب أن يكونوا محميين من أنفسهم، من المصرفيين الذين يقومون ببيعهم منتجات تحوطية، ومن المنظمين المخدوعين الذين يستمعون الى المنظرين الاقتصاديين.

7
وحدها «استراتيجيات بونزي» يجب ان تعتمد على الثقة. على الحكومات ألا تضطر أبداً لاستعادة الثقة، وتعقب الاشاعات هو منتج الانظمة المعقدة. فالحكومات لا يمكن أن توقف الاشاعات. ببساطة، نحن بحاجة لأن نكون بموقع نفي الاشاعات، وأن نقوى لمواجهتها.

8
لا تعطي المدمن المزيد من المخدرات، اذا كان قد سحب من الآلام، فاستخدام القروض لمعالجة الكثير من القروض ليس أمراً مثالياً، لا بل أنه محرم. فأزمة الديون ليست مشكلة آنية، بل هي مشكلة هيكلية. ونحن بحاجة لاعادة التأهيل.

9
لا يجوز أن يعتمد المواطنون على أصولهم المالية أو على نصائح المتخصصين المعصومة عن الخطأ في كل ما يخص تقاعدهم. وينبغي أن يفك رباط الحياة الاقتصادية عن مسألة التمويل. علينا أن نتعلم عدم استخدام الاسواق كمخازن للقيم: فهي لا تضمن اليقين الذي يطلبه المواطن، وعلى المواطنين ان يختبروا القلق على أعمالهم ( التي يمكنهم السيطرة عليها) وليس على استثماراتهم ( التي لا يمكنهم السيطرة عليها).

10
تحضير العجة بالبيض المكسور. أخيراً، الازمة لا يمكن أن تصحح باصلاحات موقتة. كما لا يمكن أن نعمد الى ترقيع سفينة مثقبة بمواد قديمة. اذ علينا إعادة بناء الثقوب بمواد جديدة وقوية لتفادي غرقها من جديد. علينا اعادة بناء النظام من جديد قبل أن يقوم بذلك بنفسه. فلنمضي نحو الرأسمالية 2.0 بارادتنا عبر مساعدة ما هو بحاجة للكسر على الكسر لوحدة، وتحويل الديون الى أسهم، تهميش الاقتصاديين ومنشئات مدارس الاعمال، الاستغناء عن جوائز نوبل في الاقتصاد، منع الاستحواذ على الديون، ووضع المصرفيين في المكان الذي ينتمون اليه، استعادة مكافآت أولئك الذين أوصلونا الى هنا، وتعليم الناس على الاعتياد على عالم «أقل يقيناً»


الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي