ملامح / الحواديت

د. عالية شعيب





| د. عالية شعيب |
نحتاج حقا للحواديت في حياتنا، سواء رصد تلك التي تدور من حولنا، أو تلك التي تحيي وتميت حيواتنا، او تلك التي تشكل أحلامنا وأمنياتنا. كلها قصص وحواديت بوجوه وملامح وتعبيرات ومشاعر وضحك وبكاء وصراخ وسكون وأحداث. هذا ما يعطي الحياة قيمتها سواء سكرها او مرها. وكم كنت ومازلت استمتع بتأمل هذه الحواديت، فأجلس في محطات القطارات في بريطانيا او في شوارعها الحية النابضة، كشارع بورتبيللو الداخلي الضيق الذي يعرض فيه الفنانون لوحاتهم أو خدماتهم للرسم، اضافة لباعة الانتيك ومن اراد بيع تحف قديمة من بيته. وأعشق الجلوس في مقاهي الحمرا في بيروت لأتابع الحياة على حقيقتها، وكم تعلقت في مرة بماسح احذية عجوز، يأتي على مهل ليمسح احذية رجال الاعمال والسياح في مقاهي كوستا وستاربكس، وكتبت عنه... كثيرا على الورق وفي المخيلة. وفي مصر، لا حاجة لك للذهاب للحواديت، انها تأتي إليك، فبمجرد ما تضع قدمك خارج سكنك حتى تغزوك الحواديت. انها نبض الحياة.
من هنا جاء شغفي منذ فترة بقراءة (تاكسي) لخالد الحميسي، عن دار الشروق، وهو كتاب ممتع يحكي عن حواديت سائقي التاكسي، من متاعب وشقاء وظلم وغيرها في أسلوب شيق ممتع بسيط ومحلي.
وكم تأثرت منذ ايام بأعمال عبدالاله آل رشيد الفنية، انها لقطات من جوهر الحياة الواقعية في ماضي اجدادنا العظيم. فعشقت لوحة السفن التي تتهادى على الشاطئ، وأسرتني لوحة المستريح بصحبة نرجيلته وكاسة شاي، وتأملاته السابحة في الفضاء أمامه. ولوحة تاجر الفواكه والدقة الباهرة فيها، وراعي الغنم، والذي يطحن القهوة في الصحراء الذهبية. لوحات عظيمة بالفعل ببساطتها وطرقها العالي للوتر الانساني. نحن في عصرنا السريع والالكتروني الجامد والميت، ما جعلنا في أمس الحاجة للحواديت، حتى نستشعر نبض الحياة الانساني من جديد، ذاك الذي فقدناه مع الموجة الالكترونية، حتى كدنا ان نصير نحن بأنفسنا مجرد رمز في تلك الموجة. فلم تعد هناك لقاءات وحميمة بل مسج، و«ايميل» و«مسنجر» و«فيس بوك» وصرنا نبث مشاعرنا واهاتنا لشاشة صماء.
Aliashuaib.net
نحتاج حقا للحواديت في حياتنا، سواء رصد تلك التي تدور من حولنا، أو تلك التي تحيي وتميت حيواتنا، او تلك التي تشكل أحلامنا وأمنياتنا. كلها قصص وحواديت بوجوه وملامح وتعبيرات ومشاعر وضحك وبكاء وصراخ وسكون وأحداث. هذا ما يعطي الحياة قيمتها سواء سكرها او مرها. وكم كنت ومازلت استمتع بتأمل هذه الحواديت، فأجلس في محطات القطارات في بريطانيا او في شوارعها الحية النابضة، كشارع بورتبيللو الداخلي الضيق الذي يعرض فيه الفنانون لوحاتهم أو خدماتهم للرسم، اضافة لباعة الانتيك ومن اراد بيع تحف قديمة من بيته. وأعشق الجلوس في مقاهي الحمرا في بيروت لأتابع الحياة على حقيقتها، وكم تعلقت في مرة بماسح احذية عجوز، يأتي على مهل ليمسح احذية رجال الاعمال والسياح في مقاهي كوستا وستاربكس، وكتبت عنه... كثيرا على الورق وفي المخيلة. وفي مصر، لا حاجة لك للذهاب للحواديت، انها تأتي إليك، فبمجرد ما تضع قدمك خارج سكنك حتى تغزوك الحواديت. انها نبض الحياة.
من هنا جاء شغفي منذ فترة بقراءة (تاكسي) لخالد الحميسي، عن دار الشروق، وهو كتاب ممتع يحكي عن حواديت سائقي التاكسي، من متاعب وشقاء وظلم وغيرها في أسلوب شيق ممتع بسيط ومحلي.
وكم تأثرت منذ ايام بأعمال عبدالاله آل رشيد الفنية، انها لقطات من جوهر الحياة الواقعية في ماضي اجدادنا العظيم. فعشقت لوحة السفن التي تتهادى على الشاطئ، وأسرتني لوحة المستريح بصحبة نرجيلته وكاسة شاي، وتأملاته السابحة في الفضاء أمامه. ولوحة تاجر الفواكه والدقة الباهرة فيها، وراعي الغنم، والذي يطحن القهوة في الصحراء الذهبية. لوحات عظيمة بالفعل ببساطتها وطرقها العالي للوتر الانساني. نحن في عصرنا السريع والالكتروني الجامد والميت، ما جعلنا في أمس الحاجة للحواديت، حتى نستشعر نبض الحياة الانساني من جديد، ذاك الذي فقدناه مع الموجة الالكترونية، حتى كدنا ان نصير نحن بأنفسنا مجرد رمز في تلك الموجة. فلم تعد هناك لقاءات وحميمة بل مسج، و«ايميل» و«مسنجر» و«فيس بوك» وصرنا نبث مشاعرنا واهاتنا لشاشة صماء.
Aliashuaib.net