انطلاق أكبر حملة ترويج لمنتجها السياحي من أجل الوصول إلى 20 مليون سائح (1/2)
رومانيا... «الماء والخضرة والوجه الحسن»

الغابات تمثل 28 في المئة من مساحة رومانيا

استعراض راقص في الشوارع

عايده

نهله

ماجده

ناديه

حفلات موسيقية في الميادين

نادية كومانشي تتوسط هاجر وايلي في حملات الدعاية السياحية

التلفزيون الروماني يستضيف الزميل مصطفى جمعة على هامش المهرجان السياحي

وزيرة السياحة ايلينا اوريا

رئيسة برلمان رومانيا روبرتا انستانسى التي سبق لها اعتلاء عرش الجمال

شواطىء رومانياعلى البحر الاسود ... سحر وجمال وحداثة














| بوخارست - من مصطفى جمعة |
تعيش رومانيا والعالم كله منذ بداية شهر مايو الجاري حدثا تاريخيا، لكونه لم يحدث من قبل، وان جاء متأخرا عن موعده ربما عشرات السنين، الا وهو اكبر حملة ترويج في العالم من قبل وزارة السياحة الرومانية التي تقودها ملكة الجمال السابقة الوزيرة الحالية ايلينا اورديا، من اجل جذب ملايين السائحين لبلادها من مشارق الارض ومغاربها.
والحملة ترفع شعار «تعالوا الى رومانيا ارض... الماء والخضرة والوجه الحسن» وابطال الحملة الترويجية نجوم رومانيا التاريخين في العاب كرة القدم والجمباز والتنس « جورج هاجي ونادية كومانشي وايلي انستاسى»، ورمز هذه الحملات الدعائية صاحب اسطورة مصاص الدماء الكونت «دراكولا» الذي كانت قصته «الرجل الذي لا يموت» والتي كتبها الاديب الاسكتلندي برام قبل اكثر من مئة عام بداية فن الرعب «افلام دراكولا» في ادب الرواية العالمية، حيث مزج برام في هذه الرواية الاساطير التي كانت تعشعش في مخيلة سكان دول اوروبا الشرقية مع ما فعله دراكولا مع المحتلين الاتراك عندما كان يعدمهم على الخازوق.
رومانيا التي بدأت في الاول من مايو الجاري فن الاحتراف في التعامل مع منتجها السياحي المتكامل تطمح الحصول على نصيبها الحقيقي من «قالب الحلوى السياحي» والوصول الى رقم الـ 20 مليون سائح حتى 2015، حيث استقبلت خلال السنة الماضية 3.5 مليون سائح فقط، رغم انها تعد ثالث دولة في العالم فيها كل عوامل الجذب السياحي بل اكثر طبقا للاحصائية التي اجرتها الهيئة العالمية لاتحاد وكالات السفر والسياحة في العالم العام 2006.
ورومانيا صاحبة المكانة الحاضرة في التاريخ الاوروبي والتي مزجت كل الحضارات التي مرت على ارضها منذ فجر نور الانسانية على الارض في توليفة ابداعية جمعت ما بين سحر الشرق وحرارته وجمال الغرب وملامحه، تمتلك مدنا تكتمل فيها الشهوة والفن والذروة والسعادة. وهي في النهاية تصور ما في ذهن البشر من حلم وجود مدن المتعة حتى لو في شكلها الغرائبي.
اختيار رومانيا شعار «الماء والخضرة والوجه الحسن» انما تعبير عن فلسفة الجمال الكامنة في مكوناتها المنطلقة من ذاتها بانسيابية ودقة، لان أضلاع مثلث الجمال فيها متساوية... «الوجه الحسن» هو أجمل مراحله المتجددة... والماء غذائه الابدي... والخضرة رئته التي تطغى عليه الانتعاشة من هواؤه العليل ونسماته الساحرة، ولذلك لا عجب ان ينبثق هذا الشعار. من أغوار النفس المزهرة والتي تنبعث نظرة تسكب لونها الاخضر على تلك البقعة التي وقعت عليها العين فتزيح الستار عن غموضها وفضيحتها من خلال طبيعة وجودها، ولكل مدينة فيها ظلها وعطرها وبيئتها المختلفة وجمال فتياتها حيث ان المشكلة الان في رومانيا عندما يعلنون عن فتيات بمواصفات قياسية جمالية من حيث القوام والعيون والاشراقة والابتسامة للعمل في مجالات السياحة المتعددة او في اي مجال اخر يجيدون ما يريدنه بنسبة اكثر من 90 في المئة من المتقدمات وليس بغريب ان التي تتربع على مقعد رئاسة مجلس النواب الروماني الان روبرتا أنستاسي (32 عاماً)، هي ملكة جمال العام 1994 وقد فازت بهذا المنصب السياسي الرفيع بفارق كاسح (218 صوتاً من اجمالي 313 صوتاً ) على اثنين من منافسيها من السياسيين المخضرمين.
و«الماء والخضرة والوجه الحسن» لحن تعزف على اوتار الحسن في مكامنه وتستثير المشاعر المتيقظة على بواعث في بلد يعج بالجمال من كل مكان، التقت فيه النعم الثلاث بصدق، الخضرة والماء والوجه الحسن.
ورومانيا التي قال عنها الزعيم النازي الالماني هتلر عندما تركته وحاربت في صفوف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية «رومانيا جنة الارض التي يسكنها الشياطين»... هي عروس تغسل شعرها بمياه البحر الاسود... وتعتمر قبعة ثلجية في الشتاء... ويفتر ثغرها باسما في الربيع... وترقص رقصة الحياة مع نسمات جبال الكربات، ودلتا نهر الدانوب في الصيف... وتغني اغنية الدفيء القادمة من قلب ألف مغارة غالبيتها تقع في جبال ابوسنيا، والتي نحتتها ازميل فنان من الماء والريح وعوامل التعرية في الخريف... وعندما نتحدث عن علو تاريخها وثرواتها وانهرها وجبالها نصعد الى شاهق.
ورومانيا التي مساحتها 238391 كيلومترا مربعا، تمثل الأراضي الزراعية حوالي 39 في المائة منها، والغابات حوالي 28 في المائة، والمروج حوالي 21 في المائة والمياه وتشكل الانهر 4 في المائة تقريبا من مساحتها حيث يجري فيها. سبعة انهر براهوفا بنات وسيرنا واولت وجيوا ودامبوفيتا والنهر الاكبر الدانوب او ما يسمى بنهر العواصم الذي يعبر أراضيها على طول 1075 كيلومترا أي ثلث مجمل طول النهر الاجمالي. ويصب النهر في البحر الأسود. عبر ثلاثة فروع تشكل دلتا واسعة هي واحدة من أوسع المناطق الرطبة في العالم وأكبر منطقة مكسوة بالقصب. ويعيش في الدلتا اكثر من 330 صنفا من الطيور والحيوانات.
ويعتبر نهر الدانوب من أطول انهار أوروبا قاطبة، وينبع من الغابة السوداء في ألمانيا ويلغ طوله حوالي 2860 كم، ويتكون النهر من التقاء نهرين هما بريج وبريجش اللذان ينبعان من الغابة السوداء ويلتقيان على بعد أميال من مدينة دوناوشينغن الألمانية، ويواصل النهر جريانه ثم يدخل الى النمسا ويشطر عاصمتها فيينا الى شطرين ثم يدخل الى مدينة لينتز، ثم يدخل الى دولة سلوفاكيا ويمر في عاصمتها براتيسلافا ثم يدخل الى دولة المجر وأيضا يقسم عاصمتها بودابست الى شطرين، وبعد ذلك يمر في دولة صربيا ويدخل الى عاصمتها بلغراد ثم يتوجه الى دولة بلغاريا ويمر في مدينة فيدين ومدينة روسة.
كما توجد في رومانيا 3500 بحيرة، منها 2000 بحيرة طبيعية، و200 بحيرة تقع عند قمم الجبال وتشكلت بعد ذوبان الثلوج في العصور التاريخية القديمة، وهناك بحيرات ذات المياه العلاجية والطين الساخن كما هي حال بحيرة «سوفاتا» وبحيرة «تيكيركول» الواقعة على شاطئ البحر الأسود ومعظمها مخصص للراغبين في الاستشفاء من خلال حمامات المياه المعدنية والكبريتية، لكون رومانيا تعتبر مكاناً مثالياً تنتشر فيها عشرات المراكز والمجمعات العلاجية المتخصصة، وعلى يد أمهر الاطباء والمدلكين.
دعوة لـ «الراي»
ومهدت رومانيا لهذه الحملة بنشاط داخلي دعت اليه معظم وسائل الاعلام من مختلف دول العالم وكان لـ «الراي» تواجدها بدعوة من سفارة رومانيا في الكويت، استعرضت فيه مكونات منتجها السياحي المذهل «الماء والخضرة والوجه الحسن»، من خلال» تابلوهات راقصة لجميلاتها، اللائي يملكان جمالا ظالما وقواما استثنائيا واطوال مهيبة وعيون فتاكة، وابتسامات اقرب الي الاسهم في القلوب، في كل ميادين العاصمة بوخارست وفي مدنها بانات، ألبا وبيهور، كريشينا، ماراميورس، ترانسلفانيا، أوليتنا، مونتينيا، شمال دوبروجة، مولدوف، بولو وسيبوأورادا، وكلوج وأورادياو ألبا يوليا وبراشوف وسينيا وكونستنزا التي صورتها الاساطير بعروس اذا اقترب البحارة بسفنهم منها تبدأ بالغناء والعزف على القيثارة فتلهيهم عن طريقهم وتجعلهم يتبعون صوتها الجميل ويصطدمون بالصخور ثم يغرقون، وهذا ما يحدث لأي زائر لهذا المرفأ الجميل، يصطدم بجمالها ويغرق في بحر الافتتان بها. يجلو الأفق بألوان قوس قزح... مدينة تكشف اسرارها لك بروعة وصلف محبب.
«الجفن والرمل»
وامتدت هذه الاستعراضات على امتداد سواحلها الذهبية في حضن البحر الاسود التي تمتد على مسافة طول 60 كلم تقريبا، بين «مامايا» الواقع في أقصى الشمال وميناء «مانغاليا» في أقصى الجنوب. اي من حدودها مع بلغاريا وحتى تماسها مع دولة مولدوفا والتي تناديك اليها مقبلة فاتحة ذراعيها كغانية امتلأت فتنة ودلالاً، او هي الحورية الاسطورية (سايرن) او بالعربي (سيرين)، حورية بحر ذات ذيلين تعدد ذكرها في الاساطير الاغريقية ومثيلاتها، وهي الشواطئ التي تصنع الماس للخيال الذي يولد في لحظة الموهبة، ومنها تؤسس اللحظات التاريخية وتعيش محطات الأزمنة ومراحل انتعاش الروح والعقل والعيون حيث يبدأ السحر من اشارة الجفن وينتهي في ملمس الرمال التي هي اقرب الى ملمس الحرير.
وبين المساحتين «الجفن والرمل» تمتد البيوت والشوارع والمقاهي والقصور وحدائق اللحظة العاشقة. لتعكس سحرها على خصوصية الناظر لتؤكد ان الاماكن خلقت لتكون خاصية الفرد ولذلك ليس بالغريب ان تتجزأ وتتحد عندما تشعر برغبة الخيال ليكتبها بشكل مختلف ينطلق من نافذته خيالات التصور وفلسفة التفكير ورؤى التغيير.
مهرجانات تراثية
كما حفل البرنامج الذي اعدته وزارة السياحة الرومانية لتدشين موسمها الصيفي مهرجانات تراثية ومنها مهرجان محشي اللهانة أو الملفوف في بلدة برايد، الذي يعد فريدا من نوعه في أوروبا، وشارك فيه واحد وثلاثون شخصا من رومانيا وبلغاريا وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا،، وكل متسابق يحضر معه مكوناته الخاصة وطريقته السرية، وقدوره وأوانيه وموقده، وأتى أحد المشاركين بقاطرة مجهزة للطبخ، وهي شبيهة بمرجل يُغلي فيه قدران كبيران، وقد فاز فريقان بجائزة «ألذ محشي ملفوف» أحدهما من رومانيا والاخر من هنغاريا، أما فريق أنتريك بوكوفينا ففاز بجائزة «أكثر الأصناف تنوعا» حيث انه قدم ستة عشرا نوعا من محشي الملفوف. أما نجمتا المهرجان فكانتا ورقتي ملفوف محشيتين احداهما تزن كيلوغراما واحدا، والأخرى طولها ثمانية ميليميترات فقط.
وبلدة برايد نظمت على هامش مهرجان المحشي بطولة لكرة القدم، استبدلت فيها كرة القدم برؤوس الملفوف، والبطولة أقصر بكثير من بطولة كرة قدم معتادة، فجميع المباريات يجب أن تلعب في نفس اليوم، والشوط الواحد لا يستغرق أكثر من خمس دقائق، ولا يوجد للاعبين أي أحذية خاصة، وعلى كل لاعب أن يحمي قدميه بقدر استطاعته، وفي هذا العام استهلكت كميات كبيرة من المحشي.
واقامت ايضا وزارة السياحة الرومانية مهرجانات للشوكولاتة وهو مخصص للاطفال حيث يترك لهم أن يعملوا على وضع مخيلتهم في المحك، وأن يصنعوا من الشكولاته ما يرون وما يروق لهم. وزمن المهرجان 45 دقيقة، في الدقائق الخمس الأولى، يتعرف الأطفال على تاريخ الشوكولاتة: حيث تعرض عليهم زهور شجرة الكاكاو، والعمليات التي ينتج عنها الحصول على مسحوق الشوكولاتة (الكاكاو) وزبدة الكاكاو، وعلى الشوكولاتة في النهاية. وبعد ذلك يتذوقون أنواع الشوكولاتة الصلبة والسائلة. ويتعرفون على نوعي الشوكولاتة. ثم يستخدمون نوعا من الشوكولاتة البلورية الصلبة والتي يقومون بلصقها باستخدام الشوكولاتة السائلة. وينجزون قطعا فنية، مثل تصميم السيارات والصواريخ والمروحيات وغيرها من الافكار الخيالية.
ويمنح مهرجان الشوكولاتة الانسات والسيدات ان يصبحن ملكات جمال (تشوكو آرت)، كما انه بامكانهن أن يرتدين فساتين مصنوعة من الشوكولاتة، وأن يقمن بعمل صور بجانب صورة مكبرة لأهم معالم مدينة كونستانسا، كما أنه امكان المتفرجين أن يأخذوا صورا بجانب فتيات حسناوات، بالحجم الطبيعي صنعت من 85 كيلو غراما من الشوكولاتة.
وكما نظمت عدة حفلات للغناء الشعبي الذي يعود بالدرجة الاولى الى ذلك التنوع البديع في الاقوام والشعوب الساكنة في هذا البلاد وبلغاتها ولهجاتها المتنوعة التي تعود تسمياتها الى تسميات الاقاليم من مولدوفا , اولتينيا وتسارا واشيلور والاقاليم الاخرى بينما يغني الغجر والمجرين والالمان بلغاتهم الخاصة بهم وهناك الطابع السلافي للاغنية الشعبية في اقليم اردال المتاخمة ليوغسلافيا وكان في هذه الحفلات حشد كبير من المطربين الشعبيين بملابسهم الزاهية وبمرافقة مجاميع لفرق الرقص الشعبي الرائع والفرق الموسيقية الشعبية والاتهم المصاحبة.
متعة الصيد والقنص
وأعدت الوزارة زيارة الي أماكن الصيد والقنص بعدما وافق البرلمان الروماني على الصيد فيها وهي سياحة من المتوقع ان تدر الملايين لانها كما تسمى سياحة الامراء، حيث يعطيك وشاح وعيون المنطقة الخضراء من اول لحظه سيئا من الهدوء يستبيح فضاء الوجود على مسافة 150 ألف فدان يوجد بها العديد من الأنواع النادرة من النباتات، مثل الأصفر الكتان النبات، أو بنات زهر الحقل و1110 أنواع من النباتات الوعائية، 66 منها للخطر. وهي منطقة غنية ومثيرة تتنوع فيها الحيوانات والطيور والأسماك، حيث يوجد بها 1463 من مختلف الأنواع منها أكثر من مئة نوع نادر مثل الزواحف وعدد كبير من الثدييات، بما فيها الدببة، الغزلان، الضباع والثعالب وانواع اخرى، علاوة على العديد من المناطق المحمية التي تجاورها، ومنها 22 وطنية والمتنزهات.
كما نظمت الوزارة رحلات استكشافية بواسطة قوارب «الكاياك» في الاودية والسهول النهرية، ومنها نهر الدانوب الذي يمتد على مساحة تصل الى 5640 كلم.
فندق الجليد
ثم اخذتنا الجولة في زيارة الى فندق الجليد الذي يقع قرب بحيرة باليا على ارتفاع يزيد على ألفي متر عن مستوى سطح البحر في منطقة يرتادها متسلقو الجبال الذين ينطلقون منها الى مسالك مثيرة تشكل تحديا حتى على المحنكين منهم حيث بني وافتتح هذا الفندق الذي يعد الاول من نوعه قبل أربع سنوات ومنذ ذلك الحين يبنى ويفتتح في كل شتاء يمكن الوصول اليه على متن التيليفريك انطلاقا من شلال باليا الواقع على بعد أربعة كيلومترات عن المنتجع، اضافة الى المعارض الفنية والمنحوتات.
النقل الخارج عن المألوف
في كونستانتسا استخدمنا وسائل نقل عام غير معتادة مشروع «النقل الخارج عن المألوف» للمعهد الثقافي الروماني، حيث تعيش فصولا من مسرحية غريبة المواقف والاحداث حيث البداية علبة معدنية ذات أربع عجلات، حامية كالفرن. فالشمس تسطع متوهجة بلا رحمة، ولا يوجد أي مكان تحتمي فيه من أشعتها الحارقة.
وعندما تفتح أبواب الحافلة رقم 385 (حافلة حياة البذخ )، تسمع عبارة « مرحبا بكم، نحن سعداء بأن تحلوا ضيوفا علينا، ونؤكد لكم بأنا سنكون سعداء بتلبية رغبات حضراتكم... رحلة ممتعة» يصحبها عزف على أنغام البيانو.
وحافلة البذخ مزودة بمقاعد مريحة وبمكيف هواء، وتبدو وكأنها مطعم فاخر، ذات موائد لتقديم الشاي، على أنغام.
اما حافلة الأحراش فتنام فيها ثم تستيقظ في وسط غابة تسير على عجلات، ففي الأسفل تربة مفعمة برائحة الأوراق المبتلة، والنوافذ مغطاة بأغصان الأشجار... وهنا نجد بأن عازف الموسيقى قد استبدل بصياد يقص أظفاره مستخدما فأسا، أما ذات القبعة الحمراء، فهي مستعدة لبيع الغابة بأي سعر، للتخلص من الذئب الذي تحول الى عاشق شقي، يصرخ من آلام الحب، ولا تغيب من الغابة ولا حتى الساحرة، التي تمر بين المقاعد وترش على الركاب القليل من الماء، أو تبحث عن بعض المكونات الغامضة.
وكل ذلك قابل للتصديق مقارنة مع حافلة الغرابة، حيث تجد قطة نافقة وفأرا نافقا معلقين فوق باب الحافلة على قطعة من القطيف الأحمر، على مقعد في مؤخرة الحافلة فيلسوف يبحث عن اجابات لأسئلة وجودية: ما كان في البداية؟ البيضة أم الدجاجة؟ ما مدى كبر تفاحة صغيرة؟ وما مدى قصر درب طويل؟ بينما يقوم مشعوذ بممارسة مهاراته غير مبال بنظرات الركاب، وحتى يكتمل المشهد، نجد رجلا معلقا على أعمدة الحافلة يغني باستخدام بوق وصافرة.
وبكل تأكيد سوف تجد أناسا ينتظرون مجيء تلك الحافلات، لأنهم بحثوا عن التجربة وسعدوا بالتفاعل مع الممثلين.
عاصمة الثقافة الأوروبية
ومن حافلات الاندهاش الى احدى أشهر المدن في رومانيا وأحد أهم المراكز الثقافية والسياحية أيضا مدينة سيبيو التي كانت العاصمة الثقافية للقارة الاوروبية العام 2006 وهي المدينة التي يدرجها علما أن العديد من السياح الأجانب في خريطة جولاتهم في رومانيا لكونها تشكل احدى أغنى المناطق الاثنوغرافية الرومانية تراثا، تشير الوثائق التاريخية إلى ان مدينة سيبيو كانت في القرون الوسطى مركزا تجاريا وحرفيا مزدهرا. ففي مطلع القرن الثاني عشر، استقر في المنطقة عدد كبير من المستوطنين الألمان الساكسون الذين يعود لهم الفضل الكبير في تشييد وتطوير المدينة من الناحية العمرانية بحيث أصبحت سيبيو والتي أطلقوا عليها هيرمنشتاد احدى أهم المدن في منطقة ترانسيلفانيا كلها. وفي عام 1476 كانت تعمل فيها 19 جمعية حرفية ومهنية يمارس أعضاؤها 25 حرفة ومهنة مختلفة. وساهمت تلك الجمعيات في انشاء بعض الصروح والمباني الدفاعية منها الأبراج والأسوار الضخمة. الحقيقة أن الوسط القديم للمدينة لايزال يحتفظ بالعديد من الآثار العائدة الى القرون الوسطى.
وتشكل الأحياء القديمة في مدينة سيبيو اليوم أكثر الأماكن روعة في المدينة وهي عبارة عن أحياء تجارية في غاية الحيوية وكذلك أحياء سكنية خلابة جدا على منحدر الهضبة متجهة نحو وادي النهر ببيوتها الصغيرة المزدحمة المصطفة على جانبي شوارع ضيقة متعرجة تخترقها ممرات وأنفاق وجسور تربط ما بين القطاعين الأعلى والأسفل للمدينة. ومن أجمل الصروح العائدة الى القرون الوسطى والتي لا نزال نشاهدها في الأحياء القديمة لمدينة سيبيو، البرج الذي في أعلى السلم، وبرج الخزافين وبرج صانعي البراميل وبرج الدباغين وبرج مجلس المدينة، وقد شيدت ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر. ومن أشهر المعالم أيضا الممر المزود بدرجات وجسر الأكاذيب وهذا الأخير كان في الماضي حيا تجاريا يعج بالتجار والحرفيين والمشترين اذ كان بعض التجار يحاولون خداع الزبائن واقناعهم بأن البضاعة المعروضة ذات جودة عالية وتستحق الثمن المطلوب. وهكذا سمي المكان بجسر الأكاذيب.
وفي متحف ( أسترا) الاثنوكرافي المقام في الهواء الطلق يتعرف السائح على تفاصيل حياة الريفيين في القرى المجاورة لمدينة سيبيو قديما وحديثا كما يُعرف بالأسلوب الشعبي التقليدي لبناء البيوت وتأثيثها، وبالتجهيزات التي كان الحرفيون والرعاة يستخدمونها قديما في أعمالهم. ويتفاخر المتحف بمجموعات رائعة من الأزياء الشعبية وتحف من الفن.
الفريد في القارة البيضاء
ومن مدينة سيبيو التاريخية الى منتجع بورشا الجبلي، وهو يقع في شمال رومانيا وبالأحرى في منطقة ماراموريش وهو أحد أجمل المراكز السياحية في المنطقة، يقع المنتجع في وادي نهر فيشيو وهو أحد الأنهار التي تخترق منطقة ماراموريش قاطعا وديانها وسط مناظر رائعة الجمال بين الجبال والهضاب المغطاة بغابات ومروج.
وما يزيد من جمال المنتجع موقعه وسط الجبال والتي يزيد ارتفاع قمم بعضها على ألفي متر، ولا يبعد المنتجع سوى 80 كيلومتراً عبر السكك الحديد عن مدينة سيكيتول مارماسي وهي من أجمل المدن في المنطقة.
ويتميز منتجع بورشا بموقع طبيعي ممتاز يوجد فيه العديد من العوامل الطبيعية التي تنعش الصحة ومنها ينابيع المياه المعدنية وغابات الصنوبر الكثيفة التي تزيد من كمية الأوزون في الهواء، ويقول الأطباء ان قضاء اجازة قصيرة في منتجع بورشا يساعد السياح على تحسين حالتهم الصحية وتخفيف بعض الأمراض.
ويعتبر هذا المنتجع مثاليا لقضاء اجازة نهاية السنة وتستمر طبقة الثلج المناسبة للتزلج في الجبال المجاورة للمنتجع من شهر نوفمبر وحتى شهر ابريل من كل عام لذا يشهد المنتجع حركة مستمرة طوال موسم الشتاء. ومن ابرز ومن نقاط الجذب للمتزلجين خطوط التزلج الثلاثة وأحدها عبارة عن منحدر طبيعي يبلغ ارتفاعه في أعلى نقطته 90 متراً ويعتبر فريداً من نوعه في أوروبا كلها، وتوجد في المنتجع أيضاً مصاعد كهربائية تؤدي بالسياح ليس الى قمة خطوط التزلج فحسب انما الى الشاليهات السياحية المجاورة وكذلك الى شلاّل جميل أطلق عليه شلال الخيول وهو على شكل درجات متنازلة تسقط عليها المياه من على ارتفاع 150 متراً، أما امكانات الاقامة وتناول الطعام فتوفرها المجمعات الفندقية الموجودة في وسط المنتجع وبالقرب من الشلال.
وتنتمي كتلة بوشيج الى سلسلة الكاربات الجنوبية التي تتميز بين الفروع الثلاثة لجبال الكاربات بقممها العالية، الحقيقة أن أعلى قمم في رومانيا موجودة في جبال الكاربات الجنوبية اذ يزيد ارتفاعها على 2500 متر عن مستوى سطح البحر، أما جبال بوشيج فتعتبر منطقة سياحية ذات تقاليد قديمة اذ يعتبرها المختصون مهد السياحة في رومانيا. وتتنوع الميزات الجغرافية لجبال بوشيج بتنوع تضاريسها والنباتات والحيوانات المنتشرة فيها، وقد أضيفت الى ما صنعته الطبيعة الانجازات التي صنعها الانسان ومنها بحيرات جمع المياه وعناصر البنية التحتية للنقل والمواصلات الى جانب المجمعات السياحية وما فيها من فنادق وشاليهات وفيلات ومطاعم وغيرها من المرافق اللازمة لضمان أفضل الظروف للسياح.
وتشكل جبال بوشيج الخلفية الطبيعية لوادي نهر براهوفا وهو من المناطق السياحية الرئيسية في رومانيا لما فيه من مراكز ممتازة وفي طليعتها مدينة سينايا السياحية.
تعيش رومانيا والعالم كله منذ بداية شهر مايو الجاري حدثا تاريخيا، لكونه لم يحدث من قبل، وان جاء متأخرا عن موعده ربما عشرات السنين، الا وهو اكبر حملة ترويج في العالم من قبل وزارة السياحة الرومانية التي تقودها ملكة الجمال السابقة الوزيرة الحالية ايلينا اورديا، من اجل جذب ملايين السائحين لبلادها من مشارق الارض ومغاربها.
والحملة ترفع شعار «تعالوا الى رومانيا ارض... الماء والخضرة والوجه الحسن» وابطال الحملة الترويجية نجوم رومانيا التاريخين في العاب كرة القدم والجمباز والتنس « جورج هاجي ونادية كومانشي وايلي انستاسى»، ورمز هذه الحملات الدعائية صاحب اسطورة مصاص الدماء الكونت «دراكولا» الذي كانت قصته «الرجل الذي لا يموت» والتي كتبها الاديب الاسكتلندي برام قبل اكثر من مئة عام بداية فن الرعب «افلام دراكولا» في ادب الرواية العالمية، حيث مزج برام في هذه الرواية الاساطير التي كانت تعشعش في مخيلة سكان دول اوروبا الشرقية مع ما فعله دراكولا مع المحتلين الاتراك عندما كان يعدمهم على الخازوق.
رومانيا التي بدأت في الاول من مايو الجاري فن الاحتراف في التعامل مع منتجها السياحي المتكامل تطمح الحصول على نصيبها الحقيقي من «قالب الحلوى السياحي» والوصول الى رقم الـ 20 مليون سائح حتى 2015، حيث استقبلت خلال السنة الماضية 3.5 مليون سائح فقط، رغم انها تعد ثالث دولة في العالم فيها كل عوامل الجذب السياحي بل اكثر طبقا للاحصائية التي اجرتها الهيئة العالمية لاتحاد وكالات السفر والسياحة في العالم العام 2006.
ورومانيا صاحبة المكانة الحاضرة في التاريخ الاوروبي والتي مزجت كل الحضارات التي مرت على ارضها منذ فجر نور الانسانية على الارض في توليفة ابداعية جمعت ما بين سحر الشرق وحرارته وجمال الغرب وملامحه، تمتلك مدنا تكتمل فيها الشهوة والفن والذروة والسعادة. وهي في النهاية تصور ما في ذهن البشر من حلم وجود مدن المتعة حتى لو في شكلها الغرائبي.
اختيار رومانيا شعار «الماء والخضرة والوجه الحسن» انما تعبير عن فلسفة الجمال الكامنة في مكوناتها المنطلقة من ذاتها بانسيابية ودقة، لان أضلاع مثلث الجمال فيها متساوية... «الوجه الحسن» هو أجمل مراحله المتجددة... والماء غذائه الابدي... والخضرة رئته التي تطغى عليه الانتعاشة من هواؤه العليل ونسماته الساحرة، ولذلك لا عجب ان ينبثق هذا الشعار. من أغوار النفس المزهرة والتي تنبعث نظرة تسكب لونها الاخضر على تلك البقعة التي وقعت عليها العين فتزيح الستار عن غموضها وفضيحتها من خلال طبيعة وجودها، ولكل مدينة فيها ظلها وعطرها وبيئتها المختلفة وجمال فتياتها حيث ان المشكلة الان في رومانيا عندما يعلنون عن فتيات بمواصفات قياسية جمالية من حيث القوام والعيون والاشراقة والابتسامة للعمل في مجالات السياحة المتعددة او في اي مجال اخر يجيدون ما يريدنه بنسبة اكثر من 90 في المئة من المتقدمات وليس بغريب ان التي تتربع على مقعد رئاسة مجلس النواب الروماني الان روبرتا أنستاسي (32 عاماً)، هي ملكة جمال العام 1994 وقد فازت بهذا المنصب السياسي الرفيع بفارق كاسح (218 صوتاً من اجمالي 313 صوتاً ) على اثنين من منافسيها من السياسيين المخضرمين.
و«الماء والخضرة والوجه الحسن» لحن تعزف على اوتار الحسن في مكامنه وتستثير المشاعر المتيقظة على بواعث في بلد يعج بالجمال من كل مكان، التقت فيه النعم الثلاث بصدق، الخضرة والماء والوجه الحسن.
ورومانيا التي قال عنها الزعيم النازي الالماني هتلر عندما تركته وحاربت في صفوف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية «رومانيا جنة الارض التي يسكنها الشياطين»... هي عروس تغسل شعرها بمياه البحر الاسود... وتعتمر قبعة ثلجية في الشتاء... ويفتر ثغرها باسما في الربيع... وترقص رقصة الحياة مع نسمات جبال الكربات، ودلتا نهر الدانوب في الصيف... وتغني اغنية الدفيء القادمة من قلب ألف مغارة غالبيتها تقع في جبال ابوسنيا، والتي نحتتها ازميل فنان من الماء والريح وعوامل التعرية في الخريف... وعندما نتحدث عن علو تاريخها وثرواتها وانهرها وجبالها نصعد الى شاهق.
ورومانيا التي مساحتها 238391 كيلومترا مربعا، تمثل الأراضي الزراعية حوالي 39 في المائة منها، والغابات حوالي 28 في المائة، والمروج حوالي 21 في المائة والمياه وتشكل الانهر 4 في المائة تقريبا من مساحتها حيث يجري فيها. سبعة انهر براهوفا بنات وسيرنا واولت وجيوا ودامبوفيتا والنهر الاكبر الدانوب او ما يسمى بنهر العواصم الذي يعبر أراضيها على طول 1075 كيلومترا أي ثلث مجمل طول النهر الاجمالي. ويصب النهر في البحر الأسود. عبر ثلاثة فروع تشكل دلتا واسعة هي واحدة من أوسع المناطق الرطبة في العالم وأكبر منطقة مكسوة بالقصب. ويعيش في الدلتا اكثر من 330 صنفا من الطيور والحيوانات.
ويعتبر نهر الدانوب من أطول انهار أوروبا قاطبة، وينبع من الغابة السوداء في ألمانيا ويلغ طوله حوالي 2860 كم، ويتكون النهر من التقاء نهرين هما بريج وبريجش اللذان ينبعان من الغابة السوداء ويلتقيان على بعد أميال من مدينة دوناوشينغن الألمانية، ويواصل النهر جريانه ثم يدخل الى النمسا ويشطر عاصمتها فيينا الى شطرين ثم يدخل الى مدينة لينتز، ثم يدخل الى دولة سلوفاكيا ويمر في عاصمتها براتيسلافا ثم يدخل الى دولة المجر وأيضا يقسم عاصمتها بودابست الى شطرين، وبعد ذلك يمر في دولة صربيا ويدخل الى عاصمتها بلغراد ثم يتوجه الى دولة بلغاريا ويمر في مدينة فيدين ومدينة روسة.
كما توجد في رومانيا 3500 بحيرة، منها 2000 بحيرة طبيعية، و200 بحيرة تقع عند قمم الجبال وتشكلت بعد ذوبان الثلوج في العصور التاريخية القديمة، وهناك بحيرات ذات المياه العلاجية والطين الساخن كما هي حال بحيرة «سوفاتا» وبحيرة «تيكيركول» الواقعة على شاطئ البحر الأسود ومعظمها مخصص للراغبين في الاستشفاء من خلال حمامات المياه المعدنية والكبريتية، لكون رومانيا تعتبر مكاناً مثالياً تنتشر فيها عشرات المراكز والمجمعات العلاجية المتخصصة، وعلى يد أمهر الاطباء والمدلكين.
دعوة لـ «الراي»
ومهدت رومانيا لهذه الحملة بنشاط داخلي دعت اليه معظم وسائل الاعلام من مختلف دول العالم وكان لـ «الراي» تواجدها بدعوة من سفارة رومانيا في الكويت، استعرضت فيه مكونات منتجها السياحي المذهل «الماء والخضرة والوجه الحسن»، من خلال» تابلوهات راقصة لجميلاتها، اللائي يملكان جمالا ظالما وقواما استثنائيا واطوال مهيبة وعيون فتاكة، وابتسامات اقرب الي الاسهم في القلوب، في كل ميادين العاصمة بوخارست وفي مدنها بانات، ألبا وبيهور، كريشينا، ماراميورس، ترانسلفانيا، أوليتنا، مونتينيا، شمال دوبروجة، مولدوف، بولو وسيبوأورادا، وكلوج وأورادياو ألبا يوليا وبراشوف وسينيا وكونستنزا التي صورتها الاساطير بعروس اذا اقترب البحارة بسفنهم منها تبدأ بالغناء والعزف على القيثارة فتلهيهم عن طريقهم وتجعلهم يتبعون صوتها الجميل ويصطدمون بالصخور ثم يغرقون، وهذا ما يحدث لأي زائر لهذا المرفأ الجميل، يصطدم بجمالها ويغرق في بحر الافتتان بها. يجلو الأفق بألوان قوس قزح... مدينة تكشف اسرارها لك بروعة وصلف محبب.
«الجفن والرمل»
وامتدت هذه الاستعراضات على امتداد سواحلها الذهبية في حضن البحر الاسود التي تمتد على مسافة طول 60 كلم تقريبا، بين «مامايا» الواقع في أقصى الشمال وميناء «مانغاليا» في أقصى الجنوب. اي من حدودها مع بلغاريا وحتى تماسها مع دولة مولدوفا والتي تناديك اليها مقبلة فاتحة ذراعيها كغانية امتلأت فتنة ودلالاً، او هي الحورية الاسطورية (سايرن) او بالعربي (سيرين)، حورية بحر ذات ذيلين تعدد ذكرها في الاساطير الاغريقية ومثيلاتها، وهي الشواطئ التي تصنع الماس للخيال الذي يولد في لحظة الموهبة، ومنها تؤسس اللحظات التاريخية وتعيش محطات الأزمنة ومراحل انتعاش الروح والعقل والعيون حيث يبدأ السحر من اشارة الجفن وينتهي في ملمس الرمال التي هي اقرب الى ملمس الحرير.
وبين المساحتين «الجفن والرمل» تمتد البيوت والشوارع والمقاهي والقصور وحدائق اللحظة العاشقة. لتعكس سحرها على خصوصية الناظر لتؤكد ان الاماكن خلقت لتكون خاصية الفرد ولذلك ليس بالغريب ان تتجزأ وتتحد عندما تشعر برغبة الخيال ليكتبها بشكل مختلف ينطلق من نافذته خيالات التصور وفلسفة التفكير ورؤى التغيير.
مهرجانات تراثية
كما حفل البرنامج الذي اعدته وزارة السياحة الرومانية لتدشين موسمها الصيفي مهرجانات تراثية ومنها مهرجان محشي اللهانة أو الملفوف في بلدة برايد، الذي يعد فريدا من نوعه في أوروبا، وشارك فيه واحد وثلاثون شخصا من رومانيا وبلغاريا وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا،، وكل متسابق يحضر معه مكوناته الخاصة وطريقته السرية، وقدوره وأوانيه وموقده، وأتى أحد المشاركين بقاطرة مجهزة للطبخ، وهي شبيهة بمرجل يُغلي فيه قدران كبيران، وقد فاز فريقان بجائزة «ألذ محشي ملفوف» أحدهما من رومانيا والاخر من هنغاريا، أما فريق أنتريك بوكوفينا ففاز بجائزة «أكثر الأصناف تنوعا» حيث انه قدم ستة عشرا نوعا من محشي الملفوف. أما نجمتا المهرجان فكانتا ورقتي ملفوف محشيتين احداهما تزن كيلوغراما واحدا، والأخرى طولها ثمانية ميليميترات فقط.
وبلدة برايد نظمت على هامش مهرجان المحشي بطولة لكرة القدم، استبدلت فيها كرة القدم برؤوس الملفوف، والبطولة أقصر بكثير من بطولة كرة قدم معتادة، فجميع المباريات يجب أن تلعب في نفس اليوم، والشوط الواحد لا يستغرق أكثر من خمس دقائق، ولا يوجد للاعبين أي أحذية خاصة، وعلى كل لاعب أن يحمي قدميه بقدر استطاعته، وفي هذا العام استهلكت كميات كبيرة من المحشي.
واقامت ايضا وزارة السياحة الرومانية مهرجانات للشوكولاتة وهو مخصص للاطفال حيث يترك لهم أن يعملوا على وضع مخيلتهم في المحك، وأن يصنعوا من الشكولاته ما يرون وما يروق لهم. وزمن المهرجان 45 دقيقة، في الدقائق الخمس الأولى، يتعرف الأطفال على تاريخ الشوكولاتة: حيث تعرض عليهم زهور شجرة الكاكاو، والعمليات التي ينتج عنها الحصول على مسحوق الشوكولاتة (الكاكاو) وزبدة الكاكاو، وعلى الشوكولاتة في النهاية. وبعد ذلك يتذوقون أنواع الشوكولاتة الصلبة والسائلة. ويتعرفون على نوعي الشوكولاتة. ثم يستخدمون نوعا من الشوكولاتة البلورية الصلبة والتي يقومون بلصقها باستخدام الشوكولاتة السائلة. وينجزون قطعا فنية، مثل تصميم السيارات والصواريخ والمروحيات وغيرها من الافكار الخيالية.
ويمنح مهرجان الشوكولاتة الانسات والسيدات ان يصبحن ملكات جمال (تشوكو آرت)، كما انه بامكانهن أن يرتدين فساتين مصنوعة من الشوكولاتة، وأن يقمن بعمل صور بجانب صورة مكبرة لأهم معالم مدينة كونستانسا، كما أنه امكان المتفرجين أن يأخذوا صورا بجانب فتيات حسناوات، بالحجم الطبيعي صنعت من 85 كيلو غراما من الشوكولاتة.
وكما نظمت عدة حفلات للغناء الشعبي الذي يعود بالدرجة الاولى الى ذلك التنوع البديع في الاقوام والشعوب الساكنة في هذا البلاد وبلغاتها ولهجاتها المتنوعة التي تعود تسمياتها الى تسميات الاقاليم من مولدوفا , اولتينيا وتسارا واشيلور والاقاليم الاخرى بينما يغني الغجر والمجرين والالمان بلغاتهم الخاصة بهم وهناك الطابع السلافي للاغنية الشعبية في اقليم اردال المتاخمة ليوغسلافيا وكان في هذه الحفلات حشد كبير من المطربين الشعبيين بملابسهم الزاهية وبمرافقة مجاميع لفرق الرقص الشعبي الرائع والفرق الموسيقية الشعبية والاتهم المصاحبة.
متعة الصيد والقنص
وأعدت الوزارة زيارة الي أماكن الصيد والقنص بعدما وافق البرلمان الروماني على الصيد فيها وهي سياحة من المتوقع ان تدر الملايين لانها كما تسمى سياحة الامراء، حيث يعطيك وشاح وعيون المنطقة الخضراء من اول لحظه سيئا من الهدوء يستبيح فضاء الوجود على مسافة 150 ألف فدان يوجد بها العديد من الأنواع النادرة من النباتات، مثل الأصفر الكتان النبات، أو بنات زهر الحقل و1110 أنواع من النباتات الوعائية، 66 منها للخطر. وهي منطقة غنية ومثيرة تتنوع فيها الحيوانات والطيور والأسماك، حيث يوجد بها 1463 من مختلف الأنواع منها أكثر من مئة نوع نادر مثل الزواحف وعدد كبير من الثدييات، بما فيها الدببة، الغزلان، الضباع والثعالب وانواع اخرى، علاوة على العديد من المناطق المحمية التي تجاورها، ومنها 22 وطنية والمتنزهات.
كما نظمت الوزارة رحلات استكشافية بواسطة قوارب «الكاياك» في الاودية والسهول النهرية، ومنها نهر الدانوب الذي يمتد على مساحة تصل الى 5640 كلم.
فندق الجليد
ثم اخذتنا الجولة في زيارة الى فندق الجليد الذي يقع قرب بحيرة باليا على ارتفاع يزيد على ألفي متر عن مستوى سطح البحر في منطقة يرتادها متسلقو الجبال الذين ينطلقون منها الى مسالك مثيرة تشكل تحديا حتى على المحنكين منهم حيث بني وافتتح هذا الفندق الذي يعد الاول من نوعه قبل أربع سنوات ومنذ ذلك الحين يبنى ويفتتح في كل شتاء يمكن الوصول اليه على متن التيليفريك انطلاقا من شلال باليا الواقع على بعد أربعة كيلومترات عن المنتجع، اضافة الى المعارض الفنية والمنحوتات.
النقل الخارج عن المألوف
في كونستانتسا استخدمنا وسائل نقل عام غير معتادة مشروع «النقل الخارج عن المألوف» للمعهد الثقافي الروماني، حيث تعيش فصولا من مسرحية غريبة المواقف والاحداث حيث البداية علبة معدنية ذات أربع عجلات، حامية كالفرن. فالشمس تسطع متوهجة بلا رحمة، ولا يوجد أي مكان تحتمي فيه من أشعتها الحارقة.
وعندما تفتح أبواب الحافلة رقم 385 (حافلة حياة البذخ )، تسمع عبارة « مرحبا بكم، نحن سعداء بأن تحلوا ضيوفا علينا، ونؤكد لكم بأنا سنكون سعداء بتلبية رغبات حضراتكم... رحلة ممتعة» يصحبها عزف على أنغام البيانو.
وحافلة البذخ مزودة بمقاعد مريحة وبمكيف هواء، وتبدو وكأنها مطعم فاخر، ذات موائد لتقديم الشاي، على أنغام.
اما حافلة الأحراش فتنام فيها ثم تستيقظ في وسط غابة تسير على عجلات، ففي الأسفل تربة مفعمة برائحة الأوراق المبتلة، والنوافذ مغطاة بأغصان الأشجار... وهنا نجد بأن عازف الموسيقى قد استبدل بصياد يقص أظفاره مستخدما فأسا، أما ذات القبعة الحمراء، فهي مستعدة لبيع الغابة بأي سعر، للتخلص من الذئب الذي تحول الى عاشق شقي، يصرخ من آلام الحب، ولا تغيب من الغابة ولا حتى الساحرة، التي تمر بين المقاعد وترش على الركاب القليل من الماء، أو تبحث عن بعض المكونات الغامضة.
وكل ذلك قابل للتصديق مقارنة مع حافلة الغرابة، حيث تجد قطة نافقة وفأرا نافقا معلقين فوق باب الحافلة على قطعة من القطيف الأحمر، على مقعد في مؤخرة الحافلة فيلسوف يبحث عن اجابات لأسئلة وجودية: ما كان في البداية؟ البيضة أم الدجاجة؟ ما مدى كبر تفاحة صغيرة؟ وما مدى قصر درب طويل؟ بينما يقوم مشعوذ بممارسة مهاراته غير مبال بنظرات الركاب، وحتى يكتمل المشهد، نجد رجلا معلقا على أعمدة الحافلة يغني باستخدام بوق وصافرة.
وبكل تأكيد سوف تجد أناسا ينتظرون مجيء تلك الحافلات، لأنهم بحثوا عن التجربة وسعدوا بالتفاعل مع الممثلين.
عاصمة الثقافة الأوروبية
ومن حافلات الاندهاش الى احدى أشهر المدن في رومانيا وأحد أهم المراكز الثقافية والسياحية أيضا مدينة سيبيو التي كانت العاصمة الثقافية للقارة الاوروبية العام 2006 وهي المدينة التي يدرجها علما أن العديد من السياح الأجانب في خريطة جولاتهم في رومانيا لكونها تشكل احدى أغنى المناطق الاثنوغرافية الرومانية تراثا، تشير الوثائق التاريخية إلى ان مدينة سيبيو كانت في القرون الوسطى مركزا تجاريا وحرفيا مزدهرا. ففي مطلع القرن الثاني عشر، استقر في المنطقة عدد كبير من المستوطنين الألمان الساكسون الذين يعود لهم الفضل الكبير في تشييد وتطوير المدينة من الناحية العمرانية بحيث أصبحت سيبيو والتي أطلقوا عليها هيرمنشتاد احدى أهم المدن في منطقة ترانسيلفانيا كلها. وفي عام 1476 كانت تعمل فيها 19 جمعية حرفية ومهنية يمارس أعضاؤها 25 حرفة ومهنة مختلفة. وساهمت تلك الجمعيات في انشاء بعض الصروح والمباني الدفاعية منها الأبراج والأسوار الضخمة. الحقيقة أن الوسط القديم للمدينة لايزال يحتفظ بالعديد من الآثار العائدة الى القرون الوسطى.
وتشكل الأحياء القديمة في مدينة سيبيو اليوم أكثر الأماكن روعة في المدينة وهي عبارة عن أحياء تجارية في غاية الحيوية وكذلك أحياء سكنية خلابة جدا على منحدر الهضبة متجهة نحو وادي النهر ببيوتها الصغيرة المزدحمة المصطفة على جانبي شوارع ضيقة متعرجة تخترقها ممرات وأنفاق وجسور تربط ما بين القطاعين الأعلى والأسفل للمدينة. ومن أجمل الصروح العائدة الى القرون الوسطى والتي لا نزال نشاهدها في الأحياء القديمة لمدينة سيبيو، البرج الذي في أعلى السلم، وبرج الخزافين وبرج صانعي البراميل وبرج الدباغين وبرج مجلس المدينة، وقد شيدت ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر. ومن أشهر المعالم أيضا الممر المزود بدرجات وجسر الأكاذيب وهذا الأخير كان في الماضي حيا تجاريا يعج بالتجار والحرفيين والمشترين اذ كان بعض التجار يحاولون خداع الزبائن واقناعهم بأن البضاعة المعروضة ذات جودة عالية وتستحق الثمن المطلوب. وهكذا سمي المكان بجسر الأكاذيب.
وفي متحف ( أسترا) الاثنوكرافي المقام في الهواء الطلق يتعرف السائح على تفاصيل حياة الريفيين في القرى المجاورة لمدينة سيبيو قديما وحديثا كما يُعرف بالأسلوب الشعبي التقليدي لبناء البيوت وتأثيثها، وبالتجهيزات التي كان الحرفيون والرعاة يستخدمونها قديما في أعمالهم. ويتفاخر المتحف بمجموعات رائعة من الأزياء الشعبية وتحف من الفن.
الفريد في القارة البيضاء
ومن مدينة سيبيو التاريخية الى منتجع بورشا الجبلي، وهو يقع في شمال رومانيا وبالأحرى في منطقة ماراموريش وهو أحد أجمل المراكز السياحية في المنطقة، يقع المنتجع في وادي نهر فيشيو وهو أحد الأنهار التي تخترق منطقة ماراموريش قاطعا وديانها وسط مناظر رائعة الجمال بين الجبال والهضاب المغطاة بغابات ومروج.
وما يزيد من جمال المنتجع موقعه وسط الجبال والتي يزيد ارتفاع قمم بعضها على ألفي متر، ولا يبعد المنتجع سوى 80 كيلومتراً عبر السكك الحديد عن مدينة سيكيتول مارماسي وهي من أجمل المدن في المنطقة.
ويتميز منتجع بورشا بموقع طبيعي ممتاز يوجد فيه العديد من العوامل الطبيعية التي تنعش الصحة ومنها ينابيع المياه المعدنية وغابات الصنوبر الكثيفة التي تزيد من كمية الأوزون في الهواء، ويقول الأطباء ان قضاء اجازة قصيرة في منتجع بورشا يساعد السياح على تحسين حالتهم الصحية وتخفيف بعض الأمراض.
ويعتبر هذا المنتجع مثاليا لقضاء اجازة نهاية السنة وتستمر طبقة الثلج المناسبة للتزلج في الجبال المجاورة للمنتجع من شهر نوفمبر وحتى شهر ابريل من كل عام لذا يشهد المنتجع حركة مستمرة طوال موسم الشتاء. ومن ابرز ومن نقاط الجذب للمتزلجين خطوط التزلج الثلاثة وأحدها عبارة عن منحدر طبيعي يبلغ ارتفاعه في أعلى نقطته 90 متراً ويعتبر فريداً من نوعه في أوروبا كلها، وتوجد في المنتجع أيضاً مصاعد كهربائية تؤدي بالسياح ليس الى قمة خطوط التزلج فحسب انما الى الشاليهات السياحية المجاورة وكذلك الى شلاّل جميل أطلق عليه شلال الخيول وهو على شكل درجات متنازلة تسقط عليها المياه من على ارتفاع 150 متراً، أما امكانات الاقامة وتناول الطعام فتوفرها المجمعات الفندقية الموجودة في وسط المنتجع وبالقرب من الشلال.
وتنتمي كتلة بوشيج الى سلسلة الكاربات الجنوبية التي تتميز بين الفروع الثلاثة لجبال الكاربات بقممها العالية، الحقيقة أن أعلى قمم في رومانيا موجودة في جبال الكاربات الجنوبية اذ يزيد ارتفاعها على 2500 متر عن مستوى سطح البحر، أما جبال بوشيج فتعتبر منطقة سياحية ذات تقاليد قديمة اذ يعتبرها المختصون مهد السياحة في رومانيا. وتتنوع الميزات الجغرافية لجبال بوشيج بتنوع تضاريسها والنباتات والحيوانات المنتشرة فيها، وقد أضيفت الى ما صنعته الطبيعة الانجازات التي صنعها الانسان ومنها بحيرات جمع المياه وعناصر البنية التحتية للنقل والمواصلات الى جانب المجمعات السياحية وما فيها من فنادق وشاليهات وفيلات ومطاعم وغيرها من المرافق اللازمة لضمان أفضل الظروف للسياح.
وتشكل جبال بوشيج الخلفية الطبيعية لوادي نهر براهوفا وهو من المناطق السياحية الرئيسية في رومانيا لما فيه من مراكز ممتازة وفي طليعتها مدينة سينايا السياحية.