في لقائي مع الدكتور علي الزعبي يوم السبت الماضي على قناة الوطن في مناظرة حول التيار الإسلامي والتيار الليبرالي كان في جعبتي كثير من الاستشهادات على تناقض الليبراليين في الكويت وفشلهم في جميع المجالات، ولكني لم اشأ ان ابرزها امام المشاهدين لأني كما اوضحت في بداية اللقاء بأن هدفي هو فتح قنوات للحوار الصادق بغية الوصول إلى الحق ورص الصفوف بالرغم من ان الدكتور الزعبي قد وجه مئات السهام للتيار الديني، بل كل ما هو مطروح على الساحة وفي المنتديات واغلبها شبهات لا تقوم على دليل بل ولا تستحق الرد - وللأمانة فقد كان الدكتور علي مؤدبا في طرحه ولم يسع إلى الاستفزاز - وقد ذكرت له بأننا نمثل التوجه الاكاديمي الذي يبحث عن الحقائق ولا يتعلق بالشبهات وما يردده الشارع، والناس تتوقع منا الرقي في الطرح. كما استشهدت بدراسة للمجلس القومي وللاستخبارات المركزية الاميركية (CIA) العام 2003 بعنوان (العالم العام 2020) شارك فيها العشرات من مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة وكندا ودول كثيرة وعقد لها عشرات المؤتمرات والنقاشات، وتؤكد تلك الدراسة ما يلي:
(يؤكد المجلس القومي على مركزية واهمية الاسلام السياسي من بين جميع الهويات، حيث يتوقع لمثل هذه الهوية ان تصير ذات تأثير عالمي جم بحلول العام 2020، كما يؤكد على حتمية وصول الاسلام السياسي إلى اعلى درجات الاهمية في سلم الاولويات، وهو ما يؤهله ليصير اكبر واهم حركة اجتماعية وسياسية يشهدها العالم).
كما تشير تقارير كثيرة يؤيدها الواقع على انحسار التيار الليبرالي في العالم الإسلامي عامة والكويت خاصة، لذا فقد طالبت من خلال اللقاء بأن نعطي الاولوية القصوى اليوم لترشيد الصحوة الدينية وتوجيه مسارها بحيث تحقق اهدافها السامية بدلا من الانشغال في صراعات لا يستفيد منها احد.
وقد اسعدني واثلج صدري بعد اللقاء ثناء كثير ممن التقيت بهم او اتصلوا بي ليس على نتيجة المناظرة ولكن على الطرح الهادئ والرصين الذي مارسه جميع ضيوف الحلقة وتوضيحهم لكثير من النقاط الغامضة على المشاهد والحقائق المخفية دون الانجرار وراء المهاترات والتصيد والسعي لإحراج الخصم، وهذا ما كنت اتمناه لا سيما في هذا العصر الذي اصبح الجميع فيه يتكلمون ولا احد يستمع والجميع يصرخ ولا احد يلتفت، وتذكرت قول الامام الشافعي رحمه الله:
اذا ما كنت ذا فضل وعلم
بما اختلف الاوائل والاواخر
فناظر من تناظر في سكون
حليما لا تلج ولا تكابر
يفيدك ما استفاد بلا امتنان
من النكت اللطيفة والنوادر
واياك اللجوج ومن يرائي
بأني قد غلبت ومن يفاخر
فإن الشر في جنبات هذا
يمني بالتقاطع والتدابر
د. وائل الحساوي
[email protected]