كل شيء يمر يا... بيبي


أساطير السياسة الإسرائيلية، التي من طبيعتها أن تمجد الزمن، تروي عن لقاء قبل عقد من الزمان بين الرئيس الأميركي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. في ختام اللقاء، كما تروي الأسطورة، توجه كلينتون لمستشاريه سائلاً: «قولوا لي، من بيننا هو رئيس الولايات المتحدة؟». ولمن لم ينزل إلى قاع رأيه شرح: «هو تحدث إلي وكأنه هو رئيس القوة العظمى في العالم». هذه الأسطورة، من شبه اليقين، أعجبت طائفة منتصبي القامة الوطنية في إسرائيل: «هكذا يتحدث رئيس وزراء إسرائيلي»، كما همسوا لأنفسهم باستمتاع.
سواء كانت القصة صحيحة أم كانت بدعة سياسية، ينبغي الإيمان والأمل في أن نتنياهو، في العقد الذي مر، قد تعلم الكثير وأنه بالفعل، على حد قوله، قد تغيّر. وعندما سيصل، في منتصف مايو المقبل إلى البيت الأبيض، لن يفغر الرئيس أوباما فمه دهشة. ينبغي الافتراض بأن كل شيء سيكون جاهزاً وواضحاً للرئيس، لمساعديه القريبين ولوزيرة الخارجية، زوجة ذاك الرجل إياه. حين قالت في حينه غولدا مائير إن «من يريد أن يكون رئيس وزراء في إسرائيل - فإنه يستحق»، فإنها قصدت، من دون أن تعلم، هذه اللحظات من اللقاء المرتقب بين أوباما ونتنياهو. لا ينبغي لنا أن نحسد نتنياهو في هذا الموقف. أوباما سيسأله، مثلما سأل الرئيس جونسون في حينه ليفي أشكول: «أي دولة إسرائيل أنت تريد؟». وإذا حاول نتنياهو أن يعيد تكرار خطط سياسية قديمة فسيريه أوباما سلة المهملات تحت طاولة عمله في الغرفة البيضاوية. وإذا كان لأوباما حس دعابة (أو كبديل، مستشار يهودي) فسيقول شيئاً ما... وسيبعث برئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الموعد التالي.
نتنياهو، على ما يبدو، يعرف ذلك. وعليه فإنهم يسربون من جهته في الآونة الأخيرة عن «إعدادات» و«خطط سياسية جديدة» ويلمحون بأن «نتنياهو يفهم قضية الدولتين للشعبين». تخميني: نتنياهو يمر هذه الأيام في السياق ذاته الذي مر به من قبله مناحيم بيغن، وبقدر أقل إسحق شامير، إسحق رابين، شمعون بيريس، إيهود باراك، آرييل شارون، إيهود أولمرت وتسيبي ليفني أيضاً.
إلى أن وصل إلى مكتب رئيس الوزراء كان لديه ترف الحديث وعدم معرفة الكثير، الخطابة وعدم الالتزام بالكلام. في الأسابيع الثلاثة الأخيرة جلس في مكتبه وسمع استعراضات وتلقى معلومات مذهلة وصعبة عن الوضع الاستراتيجي - الأمني، السياسي - الاقتصادي لدولة إسرائيل، ويبدو أنه اتضح له بأن الخطابات في جهة والواقع المختلف تماماً في جهة أخرى. أحلام أجيال، أيديولوجيا آمن بها ببراءة، افكار وردت إلى عقله على مدى الأعوام لا تناسب الواقع. كل شيء يمر، يا (ح) بيبي.
ولكن عندما يغلق نتنياهو عينيه للحظة، فإنه يرى أباه، بن تسيون، الذي لا يؤمن بالسلام، ليبرمان، رفاقه في الحكومة، في الكتلة، في الحزب، تربيته في البيت، مئات الآلاف الذين آمنوا بعقيدة جابوتنسكي على مدى سنوات جيل.
والآن عليه أن يقرر ممن ينبغي له أن يخاف أكثر: من دانييلا فايس ورفاقها أم من القنبلة النووية؟ من الأب بن تسيون الذي ينتظر في البيت أم من باراك أوباما الذي ينتظر في البيت الأبيض؟ من «دولتين للشعبين» أم من «وجئنا إلى البلاد التي فيها سينبت ويترعرع زرعنا»؟
نتنياهو جاء إلى الولاية الثانية أيضاً، وليس فقط، كي يدخل إلى التاريخ كمن فعل فعلاً تاريخياً. من ناحيته تقترب اللحظة المهمة في حياته كرئيس للوزراء. سيكون ممكناً تأجيل هذه اللحظة لزيارة أخرى، لحديث آخر، ولكنها ستأتي.
في الرواق، إلى جانب مكتبه، تعلق صور رؤساء وزراء إسرائيل كلهم، بمن فيهم بيغن وشارون، رابين وأولمرت، الذين غيروا آراءهم المبدئية من الأقصى إلى الأقصى تماماً. والآن حان زمن نتنياهو: فهل ستكتب عنه كتب التاريخ أم أن اسمه لن يذكر إلا في ملاحظة هامشية في تلك الكتب؟
إيتان هابر
مدير مكتب رابين سابقاً
«يديعوت أحرونوت»
سواء كانت القصة صحيحة أم كانت بدعة سياسية، ينبغي الإيمان والأمل في أن نتنياهو، في العقد الذي مر، قد تعلم الكثير وأنه بالفعل، على حد قوله، قد تغيّر. وعندما سيصل، في منتصف مايو المقبل إلى البيت الأبيض، لن يفغر الرئيس أوباما فمه دهشة. ينبغي الافتراض بأن كل شيء سيكون جاهزاً وواضحاً للرئيس، لمساعديه القريبين ولوزيرة الخارجية، زوجة ذاك الرجل إياه. حين قالت في حينه غولدا مائير إن «من يريد أن يكون رئيس وزراء في إسرائيل - فإنه يستحق»، فإنها قصدت، من دون أن تعلم، هذه اللحظات من اللقاء المرتقب بين أوباما ونتنياهو. لا ينبغي لنا أن نحسد نتنياهو في هذا الموقف. أوباما سيسأله، مثلما سأل الرئيس جونسون في حينه ليفي أشكول: «أي دولة إسرائيل أنت تريد؟». وإذا حاول نتنياهو أن يعيد تكرار خطط سياسية قديمة فسيريه أوباما سلة المهملات تحت طاولة عمله في الغرفة البيضاوية. وإذا كان لأوباما حس دعابة (أو كبديل، مستشار يهودي) فسيقول شيئاً ما... وسيبعث برئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الموعد التالي.
نتنياهو، على ما يبدو، يعرف ذلك. وعليه فإنهم يسربون من جهته في الآونة الأخيرة عن «إعدادات» و«خطط سياسية جديدة» ويلمحون بأن «نتنياهو يفهم قضية الدولتين للشعبين». تخميني: نتنياهو يمر هذه الأيام في السياق ذاته الذي مر به من قبله مناحيم بيغن، وبقدر أقل إسحق شامير، إسحق رابين، شمعون بيريس، إيهود باراك، آرييل شارون، إيهود أولمرت وتسيبي ليفني أيضاً.
إلى أن وصل إلى مكتب رئيس الوزراء كان لديه ترف الحديث وعدم معرفة الكثير، الخطابة وعدم الالتزام بالكلام. في الأسابيع الثلاثة الأخيرة جلس في مكتبه وسمع استعراضات وتلقى معلومات مذهلة وصعبة عن الوضع الاستراتيجي - الأمني، السياسي - الاقتصادي لدولة إسرائيل، ويبدو أنه اتضح له بأن الخطابات في جهة والواقع المختلف تماماً في جهة أخرى. أحلام أجيال، أيديولوجيا آمن بها ببراءة، افكار وردت إلى عقله على مدى الأعوام لا تناسب الواقع. كل شيء يمر، يا (ح) بيبي.
ولكن عندما يغلق نتنياهو عينيه للحظة، فإنه يرى أباه، بن تسيون، الذي لا يؤمن بالسلام، ليبرمان، رفاقه في الحكومة، في الكتلة، في الحزب، تربيته في البيت، مئات الآلاف الذين آمنوا بعقيدة جابوتنسكي على مدى سنوات جيل.
والآن عليه أن يقرر ممن ينبغي له أن يخاف أكثر: من دانييلا فايس ورفاقها أم من القنبلة النووية؟ من الأب بن تسيون الذي ينتظر في البيت أم من باراك أوباما الذي ينتظر في البيت الأبيض؟ من «دولتين للشعبين» أم من «وجئنا إلى البلاد التي فيها سينبت ويترعرع زرعنا»؟
نتنياهو جاء إلى الولاية الثانية أيضاً، وليس فقط، كي يدخل إلى التاريخ كمن فعل فعلاً تاريخياً. من ناحيته تقترب اللحظة المهمة في حياته كرئيس للوزراء. سيكون ممكناً تأجيل هذه اللحظة لزيارة أخرى، لحديث آخر، ولكنها ستأتي.
في الرواق، إلى جانب مكتبه، تعلق صور رؤساء وزراء إسرائيل كلهم، بمن فيهم بيغن وشارون، رابين وأولمرت، الذين غيروا آراءهم المبدئية من الأقصى إلى الأقصى تماماً. والآن حان زمن نتنياهو: فهل ستكتب عنه كتب التاريخ أم أن اسمه لن يذكر إلا في ملاحظة هامشية في تلك الكتب؟
إيتان هابر
مدير مكتب رابين سابقاً
«يديعوت أحرونوت»