آفاق نتنياهو المتناقضة

تصغير
تكبير
في الاسبوع القريب مع قدوم عيد الاستقلال سنسمع عدداً متزايداً من قادة إسرائيل السياسيين وهم يعقدون مقارنة بين محرقة يهود أوروبا وبين التهديد النووي الإيراني. إن كان هؤلاء القادة يقصدون ذلك حقاً فكل القضايا الأخرى تتقزم بالمقارنة مع الحاجة لإزالة التهديد الوجودي الإيراني. ولكن نتنياهو عالق في التناقض القائم بين آفاقه الثلاثة: الأمني، والسياسي الداخلي، والسياسي الخارجي.
المقارنة الوهمية المنسوبة لدافيد بن غوريون «مقاتلة هتلر وكان الكتاب الأبيض غير موجود، ومكافحة الكتاب الأبيض وكان هتلر غير موجود» تكون الكلمة الصحيحة «كأن». ليس هنا هذا أو ذاك في لحظة زمنية محددة، وإنما هناك إما هذا أو ذاك. الجهود الأساسية التي يكرس كل شيء من أجلها وتعليق الأمور الأخرى من أجل تحقيق الهدف الأول والأهم. إن كان نتنياهو يعتقد أن علي خامنئي، ومحمود أحمدي نجاد هما هتلريا القرن الواحد والعشرين فهو لا يستطيع في الوقت ذاته أن يولي أهمية مماثلة للاحتفاظ بنسبة كبيرة من الضفة والجولان بيد إسرائيل.
بن غوريوون عرف كيف يناور بحذر بين العمالقة من دون أن يسحقوه مختبئاً وراء شعارات على شاكلة «البكار لأجيال». لذلك وافق على مبدأ تقسيم البلاد، وتنازل عن الضفة، وانسحب من سيناء وغزة. ونستون تشرشل الذي صرح بأنه لم يعين رئيس وزراء المملكة من أجل الاشراف على حل الامبراطورية البريطانية، دفع هذا الثمن مقابل التطوع الأميركي لانقاذ بريطانيا في الحرب العالمية الثانية. إن كان نتنياهو يراهن على إنقاذ إسرائيل فهو ملزم بالاشراف على عملية تفكيك امبراطورية الاستيطان الخاصة بها.
على نتنياهو أيضاً أن يدفع سلفه لصالح الشفافية والوضوح في الأفق السياسي إن أراد اقناع باراك أوباما بالسماح لإسرائيل باحباط الخطر النووي الإيراني الذي يملأ افقها الامني بالغمام الأسود. نقول سلفه لأن الانتظار المتبادل الحافل بالذرائع والمراوغة قد أفشل التقدم نحو اتفاق التعايش السلمي منذ عهد نتنياهو وياسر عرفات قبل عقد من الزمان. بإمكان نتنياهو أن يتمنى الآن أيضاً أن يؤدي الخوف الفلسطيني من التسوية في قضية اللاجئين والقدس لاعفائه من ضرورة الانسحاب وتفكيك المستوطنات ولكنه هو الذي يتحمل عبء القيام بالخطوة الأولى وليس غيره.
إن لم يبادر نتنياهو بسرعة إلى طرح خطة إسرائيلية، التي قد يرفضها العرب بسبب العارض وليس المعروض، فسيضطر للرد على خطة أوباما التي ستطرح على الجانبين في ختام جولة جورج ميتشل المكوكية. انجاز السلام في الشرق الأوسط يحتاج حسب قول أوباما وبالأساس للإدارة والرغبة السياسية والقدرة على القيادة. نتنياهو لم يوغل مع هذه الحكومة التي رفض اعطاء نصفها لتسيبي ليفني. ميتشل الذي وجد نفسه كقائد لقائمة «الديموقراطيين» في الكونغرس في البداية كخصم للرئيس (بوش الأب) وفي النهاية مع الرئيس (كلينتون) ترك في إسرائيل انطباعاً بأن التقلبات الإيجابية في تشكيلة الحكومة لن تخيفه ولن تخيف من أرسله.
هناك أغلبية جوهرية في الكنيست والجمهور («كاديما»، «العمل»، «ميرتس»، القوائم العربية، جزء من «الليكود») تؤيد التسوية السياسية المصحوبة باتفاقيات أمنية خصوصاً إن كانت ضرورية لإزالة التهديد الوجودي. إن لم يقم نتنياهو بتكريس وتوضيح أفقه السياسي وربطه بالأفق الأمني وكلاهما بالأفق السياسي الداخلي فسيفشل في الوفاء بوعده بتقليص الخطر المحدق بإسرائيل، ويبقى مع الشعارات الكبيرة ليوم الكارثة، وذكرى شهداء الجيش، ويوم الاستقلال.
امير اورن
«هآرتس»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي