مقاتلو إيرلندا الشمالية يتوسطون لحل «قضية فلسطين»
مجموعة عمل إسرائيلية - فلسطينية بحثت في كيفية «العيش بسلام»
|لندن - من إلياس نصرالله|
كشف النقاب أمس، أن مجموعة من أفراد حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة تتألف من 15 رجلاً وامرأة وعدداً شبيهاً من الجنود والجنديات الإسرائيليين شاركوا في لقاء مشترك جرى الأسبوع الماضي في إقليم إيرلندا الشمالية البريطاني تحت رعاية مشتركة من مارتن ماكغينيس أحد القادة السابقين للجيش الجمهوري الإيرلندي الكاثوليكي ونائب الوزير الأول حالياً في الحكومة المحلية للإقليم، وبيلي هاتشنسون، أحد قادة تنظيم متطوعي الستار البروتستانت الذي كان محكوماً عليه بالسجن مدى الحياة وأطلقه بعد التسوية التي تم التوصل إليها بين البروتستانت والكاثوليك في الإقليم.
وشارك في تنظيم اللقاء مجموعة عمل فلسطينية - إسرائيلية مشتركة أطلق عليها اسم «مقاتلون من أجل السلام»، تتألف من مقاتلين فلسطينيين وجنود إسرائيليين سابقين.
وجرى اللقاء في «المركز الإيرلندي للسلام» الكائن في دونغول وهو موقع هادئ على شاطئ البحر، شمال إقليم إيرلندا الشمالية، ضمن وساطة غير عادية يقوم بها الفرقاء الإيرلنديون السابقون الذين قضوا سنين طويلة في القتال فيما بينهم، قتل فيها الآلاف وسالت دماء كثيرة بريئة قبل أن يقولوا كفى ويقرروا نبذ السلاح والجلوس تحت قبة مجلس واحد لحكم الإقليم الذي تنازعوا عليه.
وغادرت المجموعتان الفلسطينية والإسرائيلية إيرلندا السبت الماضي مخلفة وراءهما انطباعاً بأن الحوار الذي بادر إليه الإيرلنديون كان ناجحاً إلى حدٍ كبير، إذ نقلت صحيفة «التايمز» في تقرير انفردت به أمس عن اللقاء أن بوادر مشجعة بدرت عن المشاركين الإسرائيليين، إذ قالت الجندية الإسرائيلية في الاحتياط روني شيلبن (27 عاما) وهي طالبة في معهد السينما في تل أبيب، أنها تعود إلى «إسرائيل شخصاً آخر. أهم شيء أنني تخلصت من المخاوف التي كانت تؤرقني. لسنين طويلة لم أكن قادرة على مواجهة الفلسطينيين لأنني شعرت بالذنب». لكنها إلى جانب سقوط الخوف لديها من مواجهة الضحية تواجه شيلبن وزملاؤها الإسرائيليون الآخرون الذين شاركوا في اللقاء مشكلة جديدة هي العداء من جانب الإسرائيليين ذاتهم والطريقة التي سيستقبلونهم بها لدى عودتهم من إيرلندا الشمالية، بعد اللقاء مع الفلسطينيين.
ووفقاً لروني، ينظر الإسرائيليون إليها كمن «تصادقت مع العدو» وهي تهمة شبيهة بالخيانة، وقالت انها هذه الاتهامات بلغت مسمعها من المقربين حولها، أي من الأهل والأصدقاء، قبل مجيئها إلى إيرلندا الشمالية. غير أن الدور الذي لعبه كل من ماكغينيس وهاتشنسون كان حاسماً، إذ أبلغ كل منهما روني وزملاءها أنهما هما أيضاً واجها الوضع ذاته من جانب مجتمعهما في إيرلندا الشمالية عندما قررا التفاهم وإنهاء النزاع الطائفي في الإقليم. وتحدث ماكغينيس كيف تسلم شخصياً تهديدات بالقتل من جانب الكاثوليك الذين تزعمهم وما زال منذ سنين طويلة وبالذات من جانب رفاقه في السلاح داخل تنظيم الجيش الجمهوري الإيرلندي. بل تمكن أفراد المجموعتين الفلسطينية والإسرائيلية من مشاهدة الجدران التي ما زالت تحمل العبارات المـــنددة بالتسوية التي تمت بين البروتستانت والكاثوليك في الإقليم. ومثله قال هاتشنسون أنه تلــقى32 تهديداً بالقتل من زملائه الابقين البروتستانت الذين لم يقبلوا في البداية فكــــرة التــــفاهم مع الــــكاثوليـــك.
يشار إلى أن مجموعة «مقاتلون من أجل السلام» تأسست بمبادرة من المقاتلة السابقة في تنظيم فتح، نورالدين شحادة، وهي انتحارية تراجعت عن تنفيذ عملية كبيرة في مدينة ناتانيا الساحلية داخل إسرائيل، بالاشتراك مع جندي إسرائيلي يدعى حن ألون، اشتهر بقضائه فترة في السجون الإسرائيلية بسبب رفضه للخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولاحظت صحيفة «التايمز» أن جميع الجنود والمجندات الإسرائيليين الذين شاركوا في اللقاء في إيرلندا الشمالية هم من الرافضين للخدمة العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية حالياً وقطاع غزة سابقاً. وينظر أفراد المجموعتين الفلسطينية والإسرائيلية إلى التجربة الإيرلندية الشمالية التي تحوّل المقاتلون السابقون فيها إلى سياسيين يجلسون تحت قبة برلمان الإقليم بإعجاب شديد.
ونقلت «التايمز» عن ألون أنه نقطة التحول لديه كانت أثناء مشاركته مع مجموعة من الجنود الإسرائيليين في فرض منع التجول على إحدى القرى في الضفة الغربية، حيث منع سيارة بداخلها مجموعة من الأطفال كانت تنقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج من العبور. في تلك اللحظة رن الهاتف النقال الذي كان بجيبه فكانت زوجته على الطرف الآخر للخط التي اتصلت لتبلغه قلقها من عدم تمكنها من احضار ابنتهما إلى البيت الحضانة، طالبة منه أن يجري ترتيباً خاصاً مع والدته للقيام بذلك.
وقال ألون «نظرت إلى السيارة المليئة بالأطفال، فلم أعد قادراً على ضبط مشاعري بإغماض عيني عنهم والتظاهر بالعطف نحو ابنتي»، وقال انه في تلك اللحظة اتخذ قراره بالتوقف عن الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثلما فعل ويفعل المئات من الجنود الإسرائيليين الآخرين.
ووفقاً لماكغينيس كانت نقطة التحول لديه في بداية عقد التسعينات الماضي، عندما توصل كقائد للجيش الجمهوري الإيرلندي المسلح، أن الكفاح المسلح الذي خاضه التنظيم ليس قادراً على دحر الجيش البريطاني وتحرير إقليم إيرلندا الشمالية. في تلك اللحظة قال كان عليه أن يتخذ قراراً مؤلماً وهو التخلي عن الكفاح المسلح والبحث عن وسيلة للتفاهم مع الطرف الآخر.، وقال «كانت لدينا مسؤولية لتنحى أنفسنا للبحث عن مخرج من حلقة الدم المغلقة للصراع وجذب المعادين لنا إلى مفاوضات شاملة». وقال انه يحمل رسالة عاجلة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين مفادها «عليكم أن تتفاوضوا. فحتى لو تركتوا المفاوضات 10 أو 20 أو 50 سنة فأنتم في النهاية ستضطرون للتفاوض لإنقاذ أرواح الأبرياء». وقال هاتشنسون «من السهل دائماً أن نبرر مواقفنا، لكنه من الصعب أن نفهم موقف الطرف الآخر».
كشف النقاب أمس، أن مجموعة من أفراد حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة تتألف من 15 رجلاً وامرأة وعدداً شبيهاً من الجنود والجنديات الإسرائيليين شاركوا في لقاء مشترك جرى الأسبوع الماضي في إقليم إيرلندا الشمالية البريطاني تحت رعاية مشتركة من مارتن ماكغينيس أحد القادة السابقين للجيش الجمهوري الإيرلندي الكاثوليكي ونائب الوزير الأول حالياً في الحكومة المحلية للإقليم، وبيلي هاتشنسون، أحد قادة تنظيم متطوعي الستار البروتستانت الذي كان محكوماً عليه بالسجن مدى الحياة وأطلقه بعد التسوية التي تم التوصل إليها بين البروتستانت والكاثوليك في الإقليم.
وشارك في تنظيم اللقاء مجموعة عمل فلسطينية - إسرائيلية مشتركة أطلق عليها اسم «مقاتلون من أجل السلام»، تتألف من مقاتلين فلسطينيين وجنود إسرائيليين سابقين.
وجرى اللقاء في «المركز الإيرلندي للسلام» الكائن في دونغول وهو موقع هادئ على شاطئ البحر، شمال إقليم إيرلندا الشمالية، ضمن وساطة غير عادية يقوم بها الفرقاء الإيرلنديون السابقون الذين قضوا سنين طويلة في القتال فيما بينهم، قتل فيها الآلاف وسالت دماء كثيرة بريئة قبل أن يقولوا كفى ويقرروا نبذ السلاح والجلوس تحت قبة مجلس واحد لحكم الإقليم الذي تنازعوا عليه.
وغادرت المجموعتان الفلسطينية والإسرائيلية إيرلندا السبت الماضي مخلفة وراءهما انطباعاً بأن الحوار الذي بادر إليه الإيرلنديون كان ناجحاً إلى حدٍ كبير، إذ نقلت صحيفة «التايمز» في تقرير انفردت به أمس عن اللقاء أن بوادر مشجعة بدرت عن المشاركين الإسرائيليين، إذ قالت الجندية الإسرائيلية في الاحتياط روني شيلبن (27 عاما) وهي طالبة في معهد السينما في تل أبيب، أنها تعود إلى «إسرائيل شخصاً آخر. أهم شيء أنني تخلصت من المخاوف التي كانت تؤرقني. لسنين طويلة لم أكن قادرة على مواجهة الفلسطينيين لأنني شعرت بالذنب». لكنها إلى جانب سقوط الخوف لديها من مواجهة الضحية تواجه شيلبن وزملاؤها الإسرائيليون الآخرون الذين شاركوا في اللقاء مشكلة جديدة هي العداء من جانب الإسرائيليين ذاتهم والطريقة التي سيستقبلونهم بها لدى عودتهم من إيرلندا الشمالية، بعد اللقاء مع الفلسطينيين.
ووفقاً لروني، ينظر الإسرائيليون إليها كمن «تصادقت مع العدو» وهي تهمة شبيهة بالخيانة، وقالت انها هذه الاتهامات بلغت مسمعها من المقربين حولها، أي من الأهل والأصدقاء، قبل مجيئها إلى إيرلندا الشمالية. غير أن الدور الذي لعبه كل من ماكغينيس وهاتشنسون كان حاسماً، إذ أبلغ كل منهما روني وزملاءها أنهما هما أيضاً واجها الوضع ذاته من جانب مجتمعهما في إيرلندا الشمالية عندما قررا التفاهم وإنهاء النزاع الطائفي في الإقليم. وتحدث ماكغينيس كيف تسلم شخصياً تهديدات بالقتل من جانب الكاثوليك الذين تزعمهم وما زال منذ سنين طويلة وبالذات من جانب رفاقه في السلاح داخل تنظيم الجيش الجمهوري الإيرلندي. بل تمكن أفراد المجموعتين الفلسطينية والإسرائيلية من مشاهدة الجدران التي ما زالت تحمل العبارات المـــنددة بالتسوية التي تمت بين البروتستانت والكاثوليك في الإقليم. ومثله قال هاتشنسون أنه تلــقى32 تهديداً بالقتل من زملائه الابقين البروتستانت الذين لم يقبلوا في البداية فكــــرة التــــفاهم مع الــــكاثوليـــك.
يشار إلى أن مجموعة «مقاتلون من أجل السلام» تأسست بمبادرة من المقاتلة السابقة في تنظيم فتح، نورالدين شحادة، وهي انتحارية تراجعت عن تنفيذ عملية كبيرة في مدينة ناتانيا الساحلية داخل إسرائيل، بالاشتراك مع جندي إسرائيلي يدعى حن ألون، اشتهر بقضائه فترة في السجون الإسرائيلية بسبب رفضه للخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولاحظت صحيفة «التايمز» أن جميع الجنود والمجندات الإسرائيليين الذين شاركوا في اللقاء في إيرلندا الشمالية هم من الرافضين للخدمة العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية حالياً وقطاع غزة سابقاً. وينظر أفراد المجموعتين الفلسطينية والإسرائيلية إلى التجربة الإيرلندية الشمالية التي تحوّل المقاتلون السابقون فيها إلى سياسيين يجلسون تحت قبة برلمان الإقليم بإعجاب شديد.
ونقلت «التايمز» عن ألون أنه نقطة التحول لديه كانت أثناء مشاركته مع مجموعة من الجنود الإسرائيليين في فرض منع التجول على إحدى القرى في الضفة الغربية، حيث منع سيارة بداخلها مجموعة من الأطفال كانت تنقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج من العبور. في تلك اللحظة رن الهاتف النقال الذي كان بجيبه فكانت زوجته على الطرف الآخر للخط التي اتصلت لتبلغه قلقها من عدم تمكنها من احضار ابنتهما إلى البيت الحضانة، طالبة منه أن يجري ترتيباً خاصاً مع والدته للقيام بذلك.
وقال ألون «نظرت إلى السيارة المليئة بالأطفال، فلم أعد قادراً على ضبط مشاعري بإغماض عيني عنهم والتظاهر بالعطف نحو ابنتي»، وقال انه في تلك اللحظة اتخذ قراره بالتوقف عن الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثلما فعل ويفعل المئات من الجنود الإسرائيليين الآخرين.
ووفقاً لماكغينيس كانت نقطة التحول لديه في بداية عقد التسعينات الماضي، عندما توصل كقائد للجيش الجمهوري الإيرلندي المسلح، أن الكفاح المسلح الذي خاضه التنظيم ليس قادراً على دحر الجيش البريطاني وتحرير إقليم إيرلندا الشمالية. في تلك اللحظة قال كان عليه أن يتخذ قراراً مؤلماً وهو التخلي عن الكفاح المسلح والبحث عن وسيلة للتفاهم مع الطرف الآخر.، وقال «كانت لدينا مسؤولية لتنحى أنفسنا للبحث عن مخرج من حلقة الدم المغلقة للصراع وجذب المعادين لنا إلى مفاوضات شاملة». وقال انه يحمل رسالة عاجلة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين مفادها «عليكم أن تتفاوضوا. فحتى لو تركتوا المفاوضات 10 أو 20 أو 50 سنة فأنتم في النهاية ستضطرون للتفاوض لإنقاذ أرواح الأبرياء». وقال هاتشنسون «من السهل دائماً أن نبرر مواقفنا، لكنه من الصعب أن نفهم موقف الطرف الآخر».