حاضر عن جامع قرطبة الكبير في دار الآثار الإسلامية
محطة / سوتو: أي تمثيل مادي للدولة الإسلامية يعكس جوهرها وطقوسها
جانب من الحضور
خوان سوتو
ضمن الموسم الثقافي لدار الآثار الإسلامية، ألقى الدكتور خوان سوتو محاضرة بالإنكليزية تحت عنوان (الجامع الكبير في قرطبة والعمارة الأموية بالأندلس) مساء الاثنين الماضي بمركز الميدان الثقافي (مقر منطقة حولي التعليمية)، قدم المحاضرة وأدار حولها النقاش بدر أحمد البعيجان رئيس اللجنة التأسيسية لأصدقاء (الدار).
استهل الدكتور سوتو محاضرته مستعينا بالعرض الكمبيوتري متناولا الدلالة الحضارية في العمارة الإسلامية قائلا: «ان لكل دولة ما يمثلها ماديا. وفي حال الدولة الإسلامية، يجب أن يعكس أي تمثيل مادي لها جوهرها وطقوسها الدينية وسياستها. وإذا أردنا مثالا على عمارة تمثل جوهر الدولة الإسلامية، فسيتبادر إلى أذهاننا على الفور المسجد الكبير في قرطبة، وهو بناء شيدته الدولة ليمثل شخصيتها».
مضيفا هكذا يتجلى نشوء وقيام الدولة الأموية في كافة تطوراتها في الأندلس في الجامع الكبير في قرطبة.
وعن الأصول التاريخية وضح المحاضر أنه بعد الانقلاب العباسي في عام 750م، أقام الخليفة عبد الرحمن الداخل (756-788م) دولته في شبه الجزيرة الأيبيرية، وكانت امتدادا للدولة الأموية والتي مدت نفوذها إلى أقاصي الغرب. وعندما تحققت الدولة في الأندلس جعلت العمارة في عاصمتها قرطبة عبارة عن نسخة معمارية من المسجد الأقصى في القدس (709-715م)، مع لمسة واضحة من الحرم الشريف وإيحاءات رمزية مشابهة له. وقد قام أمراء الأندلس بتطوير الدولة التي أسسها عبد الرحمن الداخل، مع تطوير وإتمام لعناصرها بشكل متدرج بقدرما سمحت به الإمكانات وفرضته الظروف.
ومحمد الأول (852-886)، فكان يتعين عليه مجابهة أخطر التحديات المحيطة بالدولة في تاريخ الدولة الأموية في الأندلس. وكنتيجة لكل ذلك، لم تكن له بصمات مهمة على الجامع الكبير، وذلك بسبب ضيق موارد الدولة التي ذهب جلها إلى تعزيز البنية الدفاعية لكامل الدولة. وكل ما تبقى من أعمال هذا الأمير في جامع قرطبة هو الرواق المؤدي «لباب الوزير». غير أن المصادر المكتوبة تشير إلى أنه بعد استكمال أعمال والده، شيد محمد المقصورة وبها ثلاثة أبواب، وهي من التفاصيل الدالة عليه.
وعن اثر الاضطرابات في دول الأندلس على العمارة قال سوتو أنه رغم ذلك وجدنا أن الأمير المنذر (886-888م) والأمير عبدالله بن محمد (888-912م)، لم يتوانيا عن «ترك بصماتهما» في هذا المسجد والتي تمثلت في بذخ الأمير عبدالله والدولة في تعزيز سلطة الدولة المادية تدريجيا، كما تمثلت في الاحتفاء بالطابع الشرقي في الخلافة الأموية في دمشق البعيدة، وهو ما يناقض تماما الفكرة السلبية لدينا عن تلك الفترة.
وأضاف وما أن استتبت المؤسسات، تم إرساء دعائم دولة الأندلس ماديا، وحيث بلغت نسبة المسلمين في السنوات الأولى من حكم عبدالرحمن الثالث (912-961م) أكثر من 50 في المئة من إجمالي سكان البلاد، حتى استطاع عبد الرحمن إخماد الثورات وحركات التمرد الداخلية، والتصدي «للاستفزازات الفاطمية»، معلنا نفسه خليفة على المسلمين في عام 929م. وتبع ذلك فترة «سلام الخلافة» جلبت معها روائع بقيت لأمد طويل خلال فترة حكم ولده الحكم الثاني (961-976م). ومما لا شك فيه أن توسعة جامع قرطبة الكبير على يد الخليفة الأندلسي الثاني كانت في الحقيقة تنفيذا لمشروع ضخم كان يأمل والده إنجازه من خلال بعض الأعمال القليلة ولكن المهمة التي قام بها، فقد تركزت على «تنقيح وتهذيب» البنية التحتية للدولة، وإحياء مدينته الملكية «الزهراء». وقد قام الخليفة الحكم الثاني بتوسعة الجامع، متبنيا النموذج العملي، مع انتقاء ابتكارات أسلافه، وفيه أولى اهتماما كبيرا لكل تفصيلة بما يتفق والأبعاد المتاحة لها. وقد كان انعكاسا صادقا لأوضاع الدولة تحت حكم هذا الخليفة.
وأنهى سوتو محاضرته متناولا المراحل الأخيرة في القرن الحادي عشر عندما تولى الخلافة بعد الحكم الثاني ابنه هشام الثاني (976-1009)، والذي في ظل حكمه تصرف محمد ابن أبي عامر، المعروف بالمنصور، كوصي على العرش، يأمل باغتصاب العرش منه بناء على عنصرين هما: روح الجهاد، والخضوع السابق لحكم الأمويين، ولشخص الخليفة نفسه. وربما يتجلى انعكاس صورة هذين الشخصين، في عمليات التوسعة الضخمة للجامع الكبير في قرطبة، وإن لم يتم إدخال أي تجديدات جوهرية، إبقاء على الجامع كنسخة طبق الأصل عن المراحل السابقة التي مر بها، باستثناء الجوانب الفنية، كما لم يتم اعتبار أي عناصر فيه «امتيازا» خاصا بالخليفة.
بعد انتهاء محاضرة سوتو فتح باب التعليقات والتساؤلات لتطرح كيفية التواصل الحضاري المعماري بين مشرق العالم الإسلامي ودولة الأندلس في الغرب ودلالة ذلك تاريخيا وفنيا.
استهل الدكتور سوتو محاضرته مستعينا بالعرض الكمبيوتري متناولا الدلالة الحضارية في العمارة الإسلامية قائلا: «ان لكل دولة ما يمثلها ماديا. وفي حال الدولة الإسلامية، يجب أن يعكس أي تمثيل مادي لها جوهرها وطقوسها الدينية وسياستها. وإذا أردنا مثالا على عمارة تمثل جوهر الدولة الإسلامية، فسيتبادر إلى أذهاننا على الفور المسجد الكبير في قرطبة، وهو بناء شيدته الدولة ليمثل شخصيتها».
مضيفا هكذا يتجلى نشوء وقيام الدولة الأموية في كافة تطوراتها في الأندلس في الجامع الكبير في قرطبة.
وعن الأصول التاريخية وضح المحاضر أنه بعد الانقلاب العباسي في عام 750م، أقام الخليفة عبد الرحمن الداخل (756-788م) دولته في شبه الجزيرة الأيبيرية، وكانت امتدادا للدولة الأموية والتي مدت نفوذها إلى أقاصي الغرب. وعندما تحققت الدولة في الأندلس جعلت العمارة في عاصمتها قرطبة عبارة عن نسخة معمارية من المسجد الأقصى في القدس (709-715م)، مع لمسة واضحة من الحرم الشريف وإيحاءات رمزية مشابهة له. وقد قام أمراء الأندلس بتطوير الدولة التي أسسها عبد الرحمن الداخل، مع تطوير وإتمام لعناصرها بشكل متدرج بقدرما سمحت به الإمكانات وفرضته الظروف.
ومحمد الأول (852-886)، فكان يتعين عليه مجابهة أخطر التحديات المحيطة بالدولة في تاريخ الدولة الأموية في الأندلس. وكنتيجة لكل ذلك، لم تكن له بصمات مهمة على الجامع الكبير، وذلك بسبب ضيق موارد الدولة التي ذهب جلها إلى تعزيز البنية الدفاعية لكامل الدولة. وكل ما تبقى من أعمال هذا الأمير في جامع قرطبة هو الرواق المؤدي «لباب الوزير». غير أن المصادر المكتوبة تشير إلى أنه بعد استكمال أعمال والده، شيد محمد المقصورة وبها ثلاثة أبواب، وهي من التفاصيل الدالة عليه.
وعن اثر الاضطرابات في دول الأندلس على العمارة قال سوتو أنه رغم ذلك وجدنا أن الأمير المنذر (886-888م) والأمير عبدالله بن محمد (888-912م)، لم يتوانيا عن «ترك بصماتهما» في هذا المسجد والتي تمثلت في بذخ الأمير عبدالله والدولة في تعزيز سلطة الدولة المادية تدريجيا، كما تمثلت في الاحتفاء بالطابع الشرقي في الخلافة الأموية في دمشق البعيدة، وهو ما يناقض تماما الفكرة السلبية لدينا عن تلك الفترة.
وأضاف وما أن استتبت المؤسسات، تم إرساء دعائم دولة الأندلس ماديا، وحيث بلغت نسبة المسلمين في السنوات الأولى من حكم عبدالرحمن الثالث (912-961م) أكثر من 50 في المئة من إجمالي سكان البلاد، حتى استطاع عبد الرحمن إخماد الثورات وحركات التمرد الداخلية، والتصدي «للاستفزازات الفاطمية»، معلنا نفسه خليفة على المسلمين في عام 929م. وتبع ذلك فترة «سلام الخلافة» جلبت معها روائع بقيت لأمد طويل خلال فترة حكم ولده الحكم الثاني (961-976م). ومما لا شك فيه أن توسعة جامع قرطبة الكبير على يد الخليفة الأندلسي الثاني كانت في الحقيقة تنفيذا لمشروع ضخم كان يأمل والده إنجازه من خلال بعض الأعمال القليلة ولكن المهمة التي قام بها، فقد تركزت على «تنقيح وتهذيب» البنية التحتية للدولة، وإحياء مدينته الملكية «الزهراء». وقد قام الخليفة الحكم الثاني بتوسعة الجامع، متبنيا النموذج العملي، مع انتقاء ابتكارات أسلافه، وفيه أولى اهتماما كبيرا لكل تفصيلة بما يتفق والأبعاد المتاحة لها. وقد كان انعكاسا صادقا لأوضاع الدولة تحت حكم هذا الخليفة.
وأنهى سوتو محاضرته متناولا المراحل الأخيرة في القرن الحادي عشر عندما تولى الخلافة بعد الحكم الثاني ابنه هشام الثاني (976-1009)، والذي في ظل حكمه تصرف محمد ابن أبي عامر، المعروف بالمنصور، كوصي على العرش، يأمل باغتصاب العرش منه بناء على عنصرين هما: روح الجهاد، والخضوع السابق لحكم الأمويين، ولشخص الخليفة نفسه. وربما يتجلى انعكاس صورة هذين الشخصين، في عمليات التوسعة الضخمة للجامع الكبير في قرطبة، وإن لم يتم إدخال أي تجديدات جوهرية، إبقاء على الجامع كنسخة طبق الأصل عن المراحل السابقة التي مر بها، باستثناء الجوانب الفنية، كما لم يتم اعتبار أي عناصر فيه «امتيازا» خاصا بالخليفة.
بعد انتهاء محاضرة سوتو فتح باب التعليقات والتساؤلات لتطرح كيفية التواصل الحضاري المعماري بين مشرق العالم الإسلامي ودولة الأندلس في الغرب ودلالة ذلك تاريخيا وفنيا.