المؤكد هو أنه يعرف كيف يخطب


يدور الحديث عن بيان عادي، مفهوم من تلقاء ذاته. ومع ذلك، في كل مرة، هناك من يصاب بالصدمة. يتبين أن باراك أوباما هو الآخر لا يعتزم أن يفي بكل ما وعد به عشرات آلاف الناخبين الذين رفعوه إلى الحكم. فهو سياسي من نوع جديد، ربما، ولكنه يسحب على ظهره الكثير من نقاط ضعف السياسي من النوع القديم. مثل بيبي الذي وعد بأن يخفض الضرائب ولم يف بوعده. مثل شارون الذي وعد بالحفاظ على نتساريم ولم يف بوعده. مثل اولمرت الذي وعد بتحويل إسرائيل إلى دولة يطيب العيش فيها. أوباما قد يكون أكثر وسامة منهم، أطول، أكثر انتعاشاً. ولكن هذا لا يعني زعيم أكثر نجاحاً منهم أو كفاءةً منهم، ووعوده أيضا ليست بالضرورة تساوي أكثر.
الأسبوع الماضي زار تركيا. زيارة ناجحة، إذا اخذنا الظروف بعين الاعتبار. في حملته الانتخابية وعد المرشح الأميركي: «كرئيس سأعترف بالكارثة الأرمنية». يحتمل أن يحصل هذا، أما حالياً، في تركيا، المناسبة ممتازة لتحقيق الوعد، فإن هذا لم يحصل. الرئيس الأميركي اكتفى بالقليل: فقد دعا الأتراك والأرمن على حد سواء إلى إدارة نظرتهم عن الماضي نحو المستقبل. توصية مناسبة كان يمكنهم أن يسمعوها أيضاً من الرئيس السابق، ومن ذاك الذي سبقه.
قبل عام ونصف العام قررت الأغلبية «الديموقراطية» في مجلس النواب القيام بعمل ما، ورئيسة المجلس نانسي بلوسي حثت مشروع قرار لعضو الكونغرس اليهودي من كاليفورنيا آدم شيف، قرر اعترافاً أميركياً بالكارثة الأميركية. وكانت هذه خطوة جسورة، متحدية، وقحة. لن نخضع للضغوط، وعدت بلوسي. تلك كانت أيام وقفت فيها حيال خصم سهل الرئيس بوش. فقد كان هو الرجل الشرير، الذي يتحدث عن التحول الديموقراطي لحقوق الإنسان ولكنه يخضع لضغوط دوائر الضغط بلوسي ورفاقها كانوا الاخلاقيين الأخيار، المستقلين، من لا يذهلون من تهديدات تركيا. وقد امتطوا هذه الموجة لأسبوعين ثلاثة أسابيع إلى أن تراجعوا بعد أن اعطتهم جماعة كبيرة من وزراء الخارجية السابقين، من «جمهوريين» و«ديموقراطيين»، درساً صغيراً في المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
أوباما هو الآخر أخلاقي أكثر قبل الانتخابات، حين كان لا يزال مرشحاً بلا مسؤولية، بلا مصادر قلق. هكذا بالنسبة للأرمن، هكذا أيضاً بالنسبة للسودان. وها هو، المرشح الذي طلب مرابطة قوات مسلحة من الامم المتحدة في السودان لوقف المذبحة في دارفور ومن جاء بعده هو الآن الرئيس. مرشح آخر، جو بايدن، هو اليوم نائب الرئيس. في الحملة الانتخابية قال بايدن عن السودان ما يلي: «سأستخدم القوة الأميركية فوراً. فهذا ليس فقط، ليس الوقت لشطب الخيار العسكري عن الطاولة، اعتقد أن هذا هو الوقت لوضع القوة العسكرية على الطاولة واستخدامها». إذاً قال. في الأسابيع الأخيرة نجده يصمت. مبعوث أميركي جديد سافر مرة أخرى إلى الخرطوم وعاد. الرئيس السوداني عمر حسن البشير، حل ضيفاً في مؤتمر الزعماء العرب ونال الاسناد منهم. منظمات المساعدة طردت من دارفور بسبب قرار المحكمة الجنائية الدولية رفع لائحة اتهام ضد البشير. أما بايدن فلا يزال يلتف بصمته.
هذان مثالان واضحان عن الفجوة التي بين المرشح والزعيم. وليس صدفة، فإن ما طار أول شيء من النافذة هما ارمينيا ودارفور. حقوق الإنسان هو موضوع مريح جداً للمرشح، فهو يمنحه صورة إيجابية ويعرض الزعيم القائم، الذي يتصرف بقدر من البراغماتية، في ضوء سلبي. مثل «الاحتباس الحراري للكرة الأرضية»، وكذا «حقوق الإنسان» هو من المجالات التي يحب السياسيون الحديث فيها كثيراً والعمل قليلاً. الآن أوباما، مثل رونالد ريغان في النصف الثاني من الثمانينات، يتحدث عن نزع السلاح النووي من العالم. هذا موضوع من نوع مشابه. يمكن الحديث، والعمل أقل. فعلى أي حال أوباما هو رجل ذكي، ومفكر أيضاً، ومع ذلك، فليس كل فكرة تطرق على باله تبرر التعمق المبالغ فيه. هاكم مثال آخر أخير: هو أيضا يؤيد مسيرة «انابوليس».
شموئيل روزنر
«معاريف»
الأسبوع الماضي زار تركيا. زيارة ناجحة، إذا اخذنا الظروف بعين الاعتبار. في حملته الانتخابية وعد المرشح الأميركي: «كرئيس سأعترف بالكارثة الأرمنية». يحتمل أن يحصل هذا، أما حالياً، في تركيا، المناسبة ممتازة لتحقيق الوعد، فإن هذا لم يحصل. الرئيس الأميركي اكتفى بالقليل: فقد دعا الأتراك والأرمن على حد سواء إلى إدارة نظرتهم عن الماضي نحو المستقبل. توصية مناسبة كان يمكنهم أن يسمعوها أيضاً من الرئيس السابق، ومن ذاك الذي سبقه.
قبل عام ونصف العام قررت الأغلبية «الديموقراطية» في مجلس النواب القيام بعمل ما، ورئيسة المجلس نانسي بلوسي حثت مشروع قرار لعضو الكونغرس اليهودي من كاليفورنيا آدم شيف، قرر اعترافاً أميركياً بالكارثة الأميركية. وكانت هذه خطوة جسورة، متحدية، وقحة. لن نخضع للضغوط، وعدت بلوسي. تلك كانت أيام وقفت فيها حيال خصم سهل الرئيس بوش. فقد كان هو الرجل الشرير، الذي يتحدث عن التحول الديموقراطي لحقوق الإنسان ولكنه يخضع لضغوط دوائر الضغط بلوسي ورفاقها كانوا الاخلاقيين الأخيار، المستقلين، من لا يذهلون من تهديدات تركيا. وقد امتطوا هذه الموجة لأسبوعين ثلاثة أسابيع إلى أن تراجعوا بعد أن اعطتهم جماعة كبيرة من وزراء الخارجية السابقين، من «جمهوريين» و«ديموقراطيين»، درساً صغيراً في المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
أوباما هو الآخر أخلاقي أكثر قبل الانتخابات، حين كان لا يزال مرشحاً بلا مسؤولية، بلا مصادر قلق. هكذا بالنسبة للأرمن، هكذا أيضاً بالنسبة للسودان. وها هو، المرشح الذي طلب مرابطة قوات مسلحة من الامم المتحدة في السودان لوقف المذبحة في دارفور ومن جاء بعده هو الآن الرئيس. مرشح آخر، جو بايدن، هو اليوم نائب الرئيس. في الحملة الانتخابية قال بايدن عن السودان ما يلي: «سأستخدم القوة الأميركية فوراً. فهذا ليس فقط، ليس الوقت لشطب الخيار العسكري عن الطاولة، اعتقد أن هذا هو الوقت لوضع القوة العسكرية على الطاولة واستخدامها». إذاً قال. في الأسابيع الأخيرة نجده يصمت. مبعوث أميركي جديد سافر مرة أخرى إلى الخرطوم وعاد. الرئيس السوداني عمر حسن البشير، حل ضيفاً في مؤتمر الزعماء العرب ونال الاسناد منهم. منظمات المساعدة طردت من دارفور بسبب قرار المحكمة الجنائية الدولية رفع لائحة اتهام ضد البشير. أما بايدن فلا يزال يلتف بصمته.
هذان مثالان واضحان عن الفجوة التي بين المرشح والزعيم. وليس صدفة، فإن ما طار أول شيء من النافذة هما ارمينيا ودارفور. حقوق الإنسان هو موضوع مريح جداً للمرشح، فهو يمنحه صورة إيجابية ويعرض الزعيم القائم، الذي يتصرف بقدر من البراغماتية، في ضوء سلبي. مثل «الاحتباس الحراري للكرة الأرضية»، وكذا «حقوق الإنسان» هو من المجالات التي يحب السياسيون الحديث فيها كثيراً والعمل قليلاً. الآن أوباما، مثل رونالد ريغان في النصف الثاني من الثمانينات، يتحدث عن نزع السلاح النووي من العالم. هذا موضوع من نوع مشابه. يمكن الحديث، والعمل أقل. فعلى أي حال أوباما هو رجل ذكي، ومفكر أيضاً، ومع ذلك، فليس كل فكرة تطرق على باله تبرر التعمق المبالغ فيه. هاكم مثال آخر أخير: هو أيضا يؤيد مسيرة «انابوليس».
شموئيل روزنر
«معاريف»