تراجع «شهرة» الـ«P/E» لمصلحة الـ«P/B»
الحسبة الجديدة: نشتري ونبيع حسب القيمة الدفترية












منذ أشهر على الأقل، لم يعد بين المتداولين من يسأل عن مكرر السعر لربحية أي من الأسهم (P/E)، إما لأن النتائج المالية لا يقاس عليها في الظروف الراهنة، وإما لأن الأسعار في فترات الأزمات «يجن جنونها» ولا تعترف بمنطق أو بقيمة عادلة.
في هكذا حال يبحث المستثمر في سوق الأسهم عما هو رخيص فعلاً، وما هو رخيص فعلاً هو ما يقل سعره عن قيمته الدفترية. ولذلك يلاحظ أن الأسابيع الماضية شهدت اهتماماً متزايداً من المتداولين بمراقبة القيم الدفترية للأسهم.
ومن المفارقات التي تؤكد ذلك أن شركات أعلنت عن خسائر كبيرة، سجلت أسهمها ارتفاعاً بالحد الأعلى في اليوم التالي. وفسر الأمر بأن المستثمرين، لا سيما الصغار منهم، لم يعودوا ينظرون إلى ما حققت الشركة من أرباح أو خسائر، بل باتوا ينظرون إلى ما بقي لأي من الشركات بعد زلزال الأزمة. والمعادلة هنا أن بعض الأسهم خسرت 70 أو 80 أو 90 في المئة من قيمها السوقية، في حين أن حقوق المساهمين خسرت 30 أو 40 أو 50 في المئة مثلاً.
وعلى سبيل المثال إذا كان السهم قد انخفض من دينارين إلى 200 فلس، وكان مضاعف السعر إلى القيمة الدفترية قبل الأزمة نحو مرتين، ونتيجة الأزمة انخفضت حقوق المساهمين 50 في المئة، تكون المحصلة انخفاض مضاعف السعر إلى القيمة الدفترية إلى 0.1 مرة.
مر الأسوأ؟
لكن لماذا على المستثمر أن يعتقد أن الأوان قد آن للاستفادة من انخفاض مكررات السعر إلى القيم الدفترية الآن؟
منذ بداية الأزمة المالية، فقدت بورصة الكويت أكثر من 51 في المئة من قيمتها السوقية. ورأى المستثمرون أموالهم وهي تتبخر أمام أعينهم من جميع المؤشرات في السوق. وفقدت سوق الكويت للأوراق المالية 25 مليار دينار في الربع الرابع من العام 2008 بالإضافة إلى خمسة مليارات دينار أخرى في الربع الأول من العام 2009 على التوالي.
وعلى الرغم من ذلك، شهدت الأسهم ارتفاعا في شهر مارس الماضي مما يُشير إلى أنّ أسوأ الخسائر التي لحقت بالسوق قد انتهت أو شارفت على الانتهاء.
ولدى المحللين الماليين أسباب كثيرة للاعتقاد أن مبررات التراجع لم تعد موجودة، فالمشكلة التي يواجهها السوق الكويتي تتمثل في نقص الائتمان الناجم عن عدم ثقة المتعاملين في السوق. أما على الصعيد العالمي، فيعزى نقص الائتمان إلى وجود موجودات ذات مخاطر مرتفعة في الميزانية العمومية الخاصة بالعديد من المؤسسات المالية. وعلى الرغم من أنّ الشركات المالية الكويتية لا تمتلك موجودات مرتفعة المخاطر، فإنها تمت معاقبتها لتسببها في انخفاض أسواق الأسهم والعقارات.
وأدّت هذه الحالة في الكويت إلى انخفاض أسعار الأسهم الذي كان له تفسير منطقي إلى حدّ ما في حالة بعض الأسهم، في حين كان انخفاض الأسهم الأخرى مدفوعا بالخوف الذي انتاب المستثمرين. وتجاهل المستثمرون القيمة السوقية بالإضافة إلى أنهم أغفلوا القيمة السوقية للشركات ذات العلامة التجارية والتي تحسّنت على مدى الأعوام الماضية.
في سوق اليوم، أعلنت بعض الشركات عن ارتفاع أرباحها وهو يعتبر أمرا جيدا في ظل هذه الظروف. وواجهت معظم الشركات إما انخفاضا في ربحيتها، أو تعرضت للخسائر. لذا، لم يعد مضاعف ربحية السهم هو الطريقة التي يتعين استخدامها في التقييم المقارن. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت قطاعات مختلفة من السوق بالأزمة أكثر من غيرها. وبما أن هذه الأزمة هي أزمة مالية، فقد كانت المؤسسات المالية الأكثر تضررا منها دون غيرها.
جعلت الأزمة السائدة حاليا من تحقيق الشركات للأرباح أمرا مشكوكا فيه وصعب التكهن به بسبب الجوِّ المتقلّب الذي يحيط بالسوق. ولذلك، لا يعد صافي الدخل مؤشرا على القيمة الحقيقية للشركات إذ أن أرباحها سوف تتأثر سلبا في الأجل القصير. وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت أرباح بعض الشركات نتائج أفضل من النتائج الواقعية من خلال تحويل الخسائر من قائمة الدخل إلى قائمة حقوق المساهمين. ومع ذلك، تظهر هذه الخسائر في قسم حقوق المساهمين في الميزانية العمومية. لذا، ثمة مقياس بديل يجب اتباعه في تقييم جودة الأسهم. ومن ضمن المقاييس المتبعة والموثوق فيها القيمة الدفترية والتي تساوي قيمة موجودات الشركة ناقص مطلوباتها. وبعبارة أخرى، تمثل القيمة الدفترية قيمة حقوق المساهمين في الميزانية العمومية. وغالبا ما تشمل حقوق المساهمين رأس المال المدفوع، الاحتياطيات القانونية، وعلاوات الإصدار، والأرباح المُرحلة. في حين تظهر الأرباح المتراكمة مع مضي الوقت ضمن الأرباح المُرحلة.
يعد مقياس السعر إلى القيمة الدفترية أحد المقاييس النسبية المستخدمة عادة في تقدير القيمة العادلة لأسهم الشركات في السوق. ويجب النظر إلى هذا المقياس بمقارنته مع أداء الأسهم المماثلة، وأداء السوق عامّة. وبعبارة أخرى، تتم مقارنة الأسهم ببعضها البعض بناء على مضاعفاتها، بشرط أن تكون متماثلة. ويتعين على المستثمرين أن يشتروا أسهما ذات مضاعفات قيمة دفترية منخفضة، وأن يبيعونها بمضاعفات أعلى، على اعتبار أن العوامل الأخرى المتعلّقة بذلك مثل المخاطر متشابهة. ويأتي ذلك من القاعدة العامّة المعمول بها في العالم المالي، والتي تَقُول «يجب تداول الموجودات المماثلة بأسعار مماثلة».
في حسبة خاصة بـ «الراي»، تم من خلالها جمع الأسعار، والقيمة السوقية، والقيمة الدفترية للسهم، والسعر إلى القيمة الدفترية للسهم والأرباح الخاصّة بأسهم 162 شركة في سوق الكويت للأوراق المالية عن العام 2008. هذه الشركات لا تتضمّن تلك التي تم وقفها عن التداول والشركات غير الكويتية والشركات الموازية. كما تم تقسيم هذه الشركات إلى مجموعات بناء على القطاع الذي تنتمي إليه، ثم احتساب متوسط أسعار أسهمها. هذه الأرقام مبنية على أسعار إقفال الأسهم في السابع من شهر أبريل من العام 2009. وليس المقصود من هذه الأرقام، تقييم أداء كلّ قطاع من قطاعات السوق، لكنّها بالأحرى تقيّم متوسط الأداء في كلّ قطاع.
تشير النتائج إلى أنّ القيمة الدفترية لعدد 162 شركة بلغت 21 مليار دينار كويتي، في حين بلغت قيمتها السوقية 27.5 مليار دينار ما أدّى إلى تسجيل مضاعف قيمة دفترية قدره 1.31 ضعفا. واستحوذ القطاع المصرفي على أعلى قيمة لحقوق المساهمين والتي بلغت 4.4 مليار دينار، كما سجّل أعلى مضاعف دفتري بلغ 2.48 ضعف. وكان قطاع الأغذية صاحب ثاني أعلى مضاعف للقيمة الدفترية بتسجيله 1.79 ضعف، تلاه قطاعي الصناعة والخدمات بمضاعفات بلغت 1.32 ضعف لكُلّ منهما. وسجّل قطاع العقارات أدنى مضاعف للقيمة الدفترية وقدره 0.77 ضعف، تلاه قطاع الاستثمار بمضاعف قدره 0.62 ضعف.
يتعين مقارنة مضاعف القيمة الدفترية لكلّ سهم، خصوصاً في الوقت الحالي، مع مضاعفات القطاعات المماثلة له من أجل التوصل إلى قيمته الحقيقية. وترجع هذه المقارنة إلى أنّ السهم المماثل يجب تداوله بالمضاعف ذاته. وبما أنّ المخاطر والعوامل الأخرى متضمّنة أصلاً في مضاعف القيمة الدفترية للأسهم المماثلة، فإن مضاعف القيمة الدفترية يعتبر مؤشرا جيدا لأيّ تسعير خاطئ لأيّ سهم. فإذا تم تداول احد الأسهم عند مستوى أقل من مضاعف القيمة الدفترية للمجموعات المثيلة له، قد تظهر فرصة شراء للمستثمرين على المدى البعيد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضا استخدام مضاعف القيمة الدفترية للسوق في تقييم سعر السهم، لكن بدرجة أقل من طريقة المجموعات المثيلة. يمكن أيضا إعطاء المزيد من الاهتمام إلى الأسهم التي يتم تداولها بمضاعف قيمة دفترية أدنى من 1.0 ضعف، والتي تشير إلى أنّ المستثمرين قد بالغوا في تقدير قيمة السهم. لذا، ربما يساعد أي ارتداد في هذا الموقفِ، يقوم على أساس أن مضاعف القيمة الدفترية البالغ 1.0 ضعف يعتبر متحفظا كثيرا وأنه قد يؤدي إلى تحقيق أرباح رأسمالية من المستويات الحالية.
وبشكل عام، لا تعتبر مضاعفات الأرباح في ظل التقلبات السائدة مفيدة بالقدر ذاته في البيئة الطبيعية. وتعتبر مضاعفات القيمة الدفتريةِ مفيدة في إيجاد أي تسعير خاطئ من شأنه أن يكشف عن فرصة ذهبية للاستثمار.
بعد أن كانت التحركات ارتجالية مضاربية
صغار المستثمرين يدققون بالأسهم: السؤال الأول... عن المطلوبات
كتب علاء السمان
اصبح المستثمرون في سوق الاوراق المالية اكثر وعيا في تنفيذ صفقاتهم اليومية على الاسهم المدرجة. فبعد ان كانت تحركاتهم ارتجالية... اتباعا لسياسة القطيع في عمليات الشراء والبيع، تغيرت النظرة في الوقت الحالي، اذ لا بد لقرار الدخول على الاسهم ان يكون مبنيا على معلومات حقيقية وليست مضاربية حتى تكون الاستثمارات في منأى عن معدلات المخاطرة المرتفعة.
وتقول اوساط مالية لـ «الراي» «بعد الضربة التي تلقاها صغار المستثمرين والكبار ايضا اصبح القلق من اي ضربة اخرى هو الغالب على تحركاتهم، ما دعا الى التدقيق في البيانات المالية والميزانيات السنوية للشركات قبل الدخول على اسهمها، فيما جاء الاهتمام بحجم المطلوبات المتداولة والاجمالية على رأس اولويات التمعن من قبلهم، وذلك بعد ان اصبح راسخا في اذهان الجميع ان كثرة الديون لدى الشركة تمثل خطرا كبيرا يهدد استقرارها».
الخسائر والمديونية
من ناحية اخرى، لم يكن التدقيق في حجم الاصول او المديونية او الارباح والخسائر هو فقط ما يهتم به المتداولون في شركة بعينها مدرجة في السوق، بل ان هناك نواحي اخرى تتمثل في النظرة الفنية للاسهم (التحليل الفني والاساسي) وما اذا كانت حركتها منطقية ام مضاربية كما يوضحها هذا التحليل.
وترى مصادر ان هذا الامر بات مهما جدا لدى الشريحة الاكبر في السوق قبل الدخول للشراء، خصوصا في وقت تتوافر المعطيات الايجابية التي تتمثل في توافر القوانين الداعمة مثل قانون دعم الاستقرار المالي اضافة الى توافر السيولة المتدفقة الى التعاملات اليومية وارتفاع اسعار النفط وما يتردد حول تحرير المخصصات وغيرها من الامور التي ستغير النظرة الى الاسهم المدرجة.
المقاومة والتجميع
وتؤكد المصادر ان ذلك ينعكس بطبيعة الحال على اداء وحركة الكثير من اسهم الشركات المدرجة في القطاعات الثمانية، فاذا كان السهم يواجه مقاومة في وقت لا تتوافر فيه المعطيات الايجابية العامة نلاحظ عزوفا عن الشراء فيه، في حين ان اسهما اخرى تحظى بتجميع قوي عند حاجز معين فهو مؤشر على قرب تجاوزه ما يبشر بانطلاقة جديدة لهذا السهم.
وعلى الصعيد نفسه، تقلصت التحركات المضاربية التي كانت شائعة خلال التداولات اليومية، لاسيما بعد اعلان النتائج السنوية لبعض الشركات التي حملت خسائر كبيرة، فيما ينتظر ان يكون تركيز المستثمرين في التحرك على تلك الشركات خلال المرحلة المقبلة فنيا مرتبطا ارتباطا وثيقا بمعالجة اوضاعها.
ولا يخفى ان الكثير من المنتديات التي يهتم بها صغار المستثمرين بل ومديرو المحافظ والصناديق قد وفرت صفحات متخصصة في التحليل الفني والاساسي تدعيما لاي معلومات ترد على تلك المواقع تنصح بالشراء على سبيل المثال، حيث تتخذ شريحة كبيرة من المستثمرين قراراتهم بناء على ما يتردد في تلك المواقع وسط قناعة بأن من يكتب فيها جانب منهم متخذو قرار في مؤسسات وشركات كبرى ..! فيما استحدث الكثير من الشركات مواقع ذات علاقة بتلك المنتديات للرد على اي اكذوبة او شائعة لا اساس لها.