يدور الحديث هذه الأيام عن رئيس نقابة العاملين في الهيئة العامة للصناعة ومرشح «التكتل الشعبي» في الدائرة الخامسة خالد الطاحوس. فالرجل تحدث في ندوة قبل أيام جمعته هو والنائب السابق مسلم البراك بأنه ليس فقط ضد قانون الفرعيات الجائر، بل سيقف وبمجاميع قبلية منظمة للتصدي لأي محاولة حكومية تسعى إلى عرقلة الانتخابات الفرعية التي تجريها القبائل، مبيناً أن الرد في هذه المرة سيكون مختلفاً عن سابقاته.
طبعاً لا ننكر أننا في أجواء انتخابية ويحق للمرشحين أن ينتقدوا أداء الحكومة، فهم مرشحون ومن الوارد أن يصلوا إلى الكرسي الأخضر. لكن هذا لا يعني أبداً أن يقول المرشح ما يشاء بزعم حرية التعبير. فما يقوله الطاحوس بصورة فهمها كل من استمع إليها بأنه هو ومن معه من المجاميع القبلية سينزلون إلى الشارع، وبقوة اليد سيعارضون الحكومة وقواتها الأمنية، إن هي قررت اعتراض من يمارس الانتخابات الفرعية. فهل التحريض وإشاعة الفوضى وانعدام الأمن من الحرية؟ وهل كسر القوانين وتعريض الناس إلى الخطر وتضييع هيبة الدولة من المقررات المسموحة في عرف الإنسان والدولة المدنية؟
مهما بلغ احترامنا للسيد الطاحوس وللمجاميع القبلية التي تحدث باسمها تظل مكانة وهيبة الدولة فوق الاعتبار، وقرار النيابة العامة التحقيق معه أمر مستحق ومنطقي جداً وإحالة الرجل إلى القضاء من التصرفات الحكيمة لوزارة الداخلية.
لكن حديث الطاحوس يجرنا إلى محور ذي علاقة، وهو بريق «الشعبي» الآخذ وباستمرار في تراجع ومنذ زمن ليس بطويل. صحيح أن التزام التكتل بالمطالبات الشعبية والتحدث بلسانهم بلا شك هو مصدر قوته السابقة التي افتقرت إليها المجاميع الأخرى، إلا أن المأخذ الكبير عليه أنه صار صوتاً عالياً في الشاردة والواردة ويتمنى التأزيم في الطالعة والنازلة. ومن بين عيوبه اتكاله على نواب غير دستوريين، إن صح التعبير، فمخرجات التكتل من الفرعيات، والتي هي وبحكم القانون مجرمة.
لسنا الآن في موضع مناقشة جدوى قانونية الفرعيات من عدمها أو الحكمة من وراء تجريمها، لكن يظل خالد الطاحوس والعضو السابق محمد الخليفة أمثلة ظاهرة على ضعف تشكل «الشعبي» من هذا الباب. فالنواب الأعضاء في التكتل يظلون يحملون علامات مشوبة بالتشكيك والتعدي على إرادة الناخبين وافتقارهم التمثيل الصحيح للقواعد الانتخابية، وهي كلها علامات غير بريئة للتكتل مما يضعف من أدائه ومقبوليته لدى عامة الناس.
فكما قلت من غير المشكوك فيه أن التكتل دافع عن المال العام في مواطن كثيرة، وهي سوابق مشرفة لا يمكن تناسيها. ولكن من الواضح أيضاً أن سلوكه أخيراً بدا في تراجع مضطرد، خصوصاً من خلال ضربه القوانين بعرض الجدار، كالفرعيات والديوانيات ومساجد الشينكو بحجة «المطالبات الشعبية،» وهي كلها مخالفات لا يمكن السكوت عنها، وأخشى أن تكون مكلفة بقيمة ما حصدوه من صراع للدفاع عن المال العام.
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
hasabba@gmail.com