الرأي اليوم / وا مسجداه ... وا فتنتاه !
بادئ ذي بدء، لا بد من القول إن العلاقة بين المؤمن وخالقه لا ترتبط بمكان أو زمان، ولا بمساحة بناء من اسمنت وحديد او شينكو وكيربي، فكل بيوت المسلمين هي بيوت الله وكل ارض للمسلمين هي ارض الله وكل مسلم هو سفير الله في هذا الكون الى ان يرث الباري الارض ومن عليها. أما المساجد فتأخذ حرمتها من كونها مكانا لتجمع المسلمين ومشهدا على وحدتهم وتراصهم وصورة لتعاونهم على البر والتقوى.
مدخل كان ضروريا للانطلاق من ازمة ازالة المساجد المخالفة على اراضي الدولة الى ازمة اخرى اشد واعمق، هي ازمة بناء المواقف المخالفة للشرع والوحدة والاستقرار الاجتماعي على اراضي الفتنة، وكأن التكسب الانتخابي يجيز ان يجرف الانسان معه كل القيم الدينية والمدنية والوطنية على حساب بلد ومستقبل وتاريخ عامر بالتآلف والتنوع والتعددية.
القضية واضحة لا لبس فيها. هناك تجاوزات وتعديات ومساجد كيربي تحولت بيوت عزاب او اماكن تجارية او أمكنة تلاقٍ تبث فيها كل الانحرافات الفكرية والعقائدية، وهناك فتاوى تمنع اساسا المسلمين من الصلاة في اماكن بنيت على ارض مغتصبة، وهناك قرار من الدولة بإزالة هذه التجاوزات، وهناك فريق كلف بذلك، وهناك آراء معترضة من نواب سابقين وناشطين سياسيين. الفيصل في ذلك كله هو القانون اذا كنا ارتضينا جميعا، واشدد على كلمة «جميعا»، العيش في دولة القانون والمؤسسات التي تجيز للانسان ان يعبّر عن رأيه بالرفض أو الموافقة من دون المساس بالنظام العام، الذي هو نظام عام وليس نظاما خاصا.
أما أن نسمع تصنيفا لرئيس فريق الازالة لأنه يطبق القانون بإخراجه من الدين والملة فهذه كبيرة، وان نسمع ان هناك من يريد التصدي لفرق الإزالة بالقوة وهي تضم اهل الكويت وابناء الكويت فهذه كبيرة اخرى، وان نسمع من يمارس على الهواء مباشرة كل انواع الشحن الطائفي والمذهبي بقوله مثلا إن اعضاء الفريق من الطائفة الشيعية الكريمة يريدون هدم مساجد السنة فهذه ام الكبائر ويجب ألا تمر مرور الكرام لانها ستشجع سريان هذا النوع من الهذيان المذهبي الخطير وتستقطب ردود فعل مماثلة متطرفة في ظرف اقليمي يحتاج الى الوعي اكثر من اي وقت مضى، والى المسؤولية اكثر من اي وقت مضى، والى الحكمة اكثر من اي وقت مضى... ويا ليت الذين يتحدثون في هذه الاتجاهات يعيدون قراءة الخطاب الاخير لقائد المسيرة سمو الامير الشيخ صباح الاحمد، خصوصا الجزء الذي يقول فيه: «إنني أستشعر الخطر كل الخطر لاسيما ان مناخا مضطربا بل متفجرا يضرب الواقع الاقليمي والدولي في شتى صوره الامنية والسياسية والاقتصادية»، أو: «ذلك العهد هو وحدتهم الوطنية التي تعرفون جميعا أنها اذا انفرط عقدها لا قدر الله فليس بعدها الا انهيار بنائهم وذهاب ريحهم».
لم يتحدث احد عن جوهر المشكلة. عن اساسها. عن الفتاوى الدينية. عن القانون. تحدثوا عن شخصية رئيس الفريق الفريق محمد البدر وعن قناعاته وتوجهاته واصحابه والديوانيات التي يزورها وما كان ينقص إلا الحديث عن مأكله ومشربه والكتب التي قرأها.
تحدثوا عن تجميع «مجاميع» للذود «عن بيوت الله بأجسادهم» مؤسسين للغة جديدة في التعاطي بين من يطبق القانون ومن يعارض تطبيقه، وكأن «الكفار» والعياذ بالله او «المغرر بهم» يريدون هدم المساجد، فيما المؤمنون يفتدونها بأرواحهم.
تحدثوا عن سنة وشيعة... وكأن الوحدة الوطنية ينقصها نفخ جديد في كير التفرقة والانقسام.
أهذه هي الكويت؟
لا نغالي اذا قلنا إن الفشل في تطبيق القانون في هذه الظروف، لأي سبب كان، يعني بداية انهيار دولة القانون والمؤسسات ونجاح المنطق المضاد للقانون والمؤسسات، ويعني ايضا بداية انهيار النظام العام لمصلحة الانظمة الخاصة التي بناها كل طرف في فكره وعقيدته. والمهم ألا يعمد أي طرف حكومي تحديدا الى التنازل لهذا وذاك من اجل مكاسب «تعاونية» ظرفية على حساب المصلحة العامة، فالتجربة علمتنا ان الحكومة تبدأ مشاريعها بصدر منفوخ ثم تتراجع بصوت مخفوض.
المطلوب من الجميع، سلطة ومعارضة وحكومة وأسرة ووسائل إعلام وهيئات وجمعيات وتيارات، الاصطفاف خلف تطبيق القانون مهما كان الثمن الذي سيترتب عليه، لأن ثمن عدم تطبيقه لم يعد زهيدا نسبيا كما كان يحصل في السابق بل سيكون كارثيا... فقط أعيدوا بتمعن قراءة مواقف المعترضين على إزالة المساجد المخالفة.
جاسم بودي
مدخل كان ضروريا للانطلاق من ازمة ازالة المساجد المخالفة على اراضي الدولة الى ازمة اخرى اشد واعمق، هي ازمة بناء المواقف المخالفة للشرع والوحدة والاستقرار الاجتماعي على اراضي الفتنة، وكأن التكسب الانتخابي يجيز ان يجرف الانسان معه كل القيم الدينية والمدنية والوطنية على حساب بلد ومستقبل وتاريخ عامر بالتآلف والتنوع والتعددية.
القضية واضحة لا لبس فيها. هناك تجاوزات وتعديات ومساجد كيربي تحولت بيوت عزاب او اماكن تجارية او أمكنة تلاقٍ تبث فيها كل الانحرافات الفكرية والعقائدية، وهناك فتاوى تمنع اساسا المسلمين من الصلاة في اماكن بنيت على ارض مغتصبة، وهناك قرار من الدولة بإزالة هذه التجاوزات، وهناك فريق كلف بذلك، وهناك آراء معترضة من نواب سابقين وناشطين سياسيين. الفيصل في ذلك كله هو القانون اذا كنا ارتضينا جميعا، واشدد على كلمة «جميعا»، العيش في دولة القانون والمؤسسات التي تجيز للانسان ان يعبّر عن رأيه بالرفض أو الموافقة من دون المساس بالنظام العام، الذي هو نظام عام وليس نظاما خاصا.
أما أن نسمع تصنيفا لرئيس فريق الازالة لأنه يطبق القانون بإخراجه من الدين والملة فهذه كبيرة، وان نسمع ان هناك من يريد التصدي لفرق الإزالة بالقوة وهي تضم اهل الكويت وابناء الكويت فهذه كبيرة اخرى، وان نسمع من يمارس على الهواء مباشرة كل انواع الشحن الطائفي والمذهبي بقوله مثلا إن اعضاء الفريق من الطائفة الشيعية الكريمة يريدون هدم مساجد السنة فهذه ام الكبائر ويجب ألا تمر مرور الكرام لانها ستشجع سريان هذا النوع من الهذيان المذهبي الخطير وتستقطب ردود فعل مماثلة متطرفة في ظرف اقليمي يحتاج الى الوعي اكثر من اي وقت مضى، والى المسؤولية اكثر من اي وقت مضى، والى الحكمة اكثر من اي وقت مضى... ويا ليت الذين يتحدثون في هذه الاتجاهات يعيدون قراءة الخطاب الاخير لقائد المسيرة سمو الامير الشيخ صباح الاحمد، خصوصا الجزء الذي يقول فيه: «إنني أستشعر الخطر كل الخطر لاسيما ان مناخا مضطربا بل متفجرا يضرب الواقع الاقليمي والدولي في شتى صوره الامنية والسياسية والاقتصادية»، أو: «ذلك العهد هو وحدتهم الوطنية التي تعرفون جميعا أنها اذا انفرط عقدها لا قدر الله فليس بعدها الا انهيار بنائهم وذهاب ريحهم».
لم يتحدث احد عن جوهر المشكلة. عن اساسها. عن الفتاوى الدينية. عن القانون. تحدثوا عن شخصية رئيس الفريق الفريق محمد البدر وعن قناعاته وتوجهاته واصحابه والديوانيات التي يزورها وما كان ينقص إلا الحديث عن مأكله ومشربه والكتب التي قرأها.
تحدثوا عن تجميع «مجاميع» للذود «عن بيوت الله بأجسادهم» مؤسسين للغة جديدة في التعاطي بين من يطبق القانون ومن يعارض تطبيقه، وكأن «الكفار» والعياذ بالله او «المغرر بهم» يريدون هدم المساجد، فيما المؤمنون يفتدونها بأرواحهم.
تحدثوا عن سنة وشيعة... وكأن الوحدة الوطنية ينقصها نفخ جديد في كير التفرقة والانقسام.
أهذه هي الكويت؟
لا نغالي اذا قلنا إن الفشل في تطبيق القانون في هذه الظروف، لأي سبب كان، يعني بداية انهيار دولة القانون والمؤسسات ونجاح المنطق المضاد للقانون والمؤسسات، ويعني ايضا بداية انهيار النظام العام لمصلحة الانظمة الخاصة التي بناها كل طرف في فكره وعقيدته. والمهم ألا يعمد أي طرف حكومي تحديدا الى التنازل لهذا وذاك من اجل مكاسب «تعاونية» ظرفية على حساب المصلحة العامة، فالتجربة علمتنا ان الحكومة تبدأ مشاريعها بصدر منفوخ ثم تتراجع بصوت مخفوض.
المطلوب من الجميع، سلطة ومعارضة وحكومة وأسرة ووسائل إعلام وهيئات وجمعيات وتيارات، الاصطفاف خلف تطبيق القانون مهما كان الثمن الذي سيترتب عليه، لأن ثمن عدم تطبيقه لم يعد زهيدا نسبيا كما كان يحصل في السابق بل سيكون كارثيا... فقط أعيدوا بتمعن قراءة مواقف المعترضين على إزالة المساجد المخالفة.
جاسم بودي