بالرغم من حالة التذمر والسخط التي تحيط بواقعنا السياسي اليوم وشعورنا بأن هنالك خللا كبيرا تسبب في كل ما نعانيه، الا ان تحليل ذلك الخلل ووضع النقاط على الحروف من أجل البدء في الإصلاح يبدو بعيد المنال، ورغم متابعتي لكثير من تصريحات المرشحين والمقالات والمقابلات على صفحات الجرائد والفضائيات الا انني أرى بأن أغلب التحليلات اما ان تكون من اشخاص ليس لديهم عمق في فهم الواقع وتحليله وبالتالي يشطحون في النقد أو في الخيال او انها من اناس لهم مصالح في توجيه الرأي العام في الاتجاه الذي يخدم مصالحهم مثل كثير من مرشحي مجلس الأمة الذين هم كالرمد في العين ولا يهمهم غير كسب الشعبية وان كانت على حساب جراحات الوطن وآلامه.
أما رجالات الدولة المخضرمون من اصحاب الخبرة والنظرة الموضوعية فقليل ما تكلف وسائل الإعلام نفسها لمقابلتهم وأخذ آرائهم، ومما جمعته من لقاءات مع بعض الشخصيات لقاء مع الدكتور عبدالله الغنيم الوزير الأسبق لوزارة التربية مع جريدة عالم اليوم والتي كانت عامة ولكن تخللها وضع النقاط على بعض جوانب الخلل في الكويت مثل قوله إن معوقات الإصلاح كثيرة ومنها التدخل في شؤون التربية ممن ليس لديهم معرفة بذلك، وقوله إن التوزير السياسي لايعطي الوزيرة حقها.
اما الدكتور احمد الخطيب فقد ذكر في لقاء له مع جريدة الرؤية بأن أكثر الاستجوابات في مجلس الأمة مفبركة وتهدف إلى القضاء على الديموقراطية، وربطها بنظريته القديمة بأن أطرافاً متنفذة في الدولة لا تريد الديموقراطية منذ زمن طويل وتسعى إلى جعل الناس يكفرون بها، وان هنالك ضغوطا خارجية من دول مجاورة ضد ديموقراطيتنا وتعتبرها فيروساً من الخطر الإصابة به.
أما الدكتور علي الزميع وزير الأوقاف والتخطيط الأسبق فقد اوضح بأن حداثة تجربة الكويت الديموقراطية هي السبب وأنها بدأت ناقصة، كما بين بأن الحكومة لا تملك رؤية ولا توجه لديها ولا تمثل اغلبية وطوال تاريخها لم تقدم برنامجاً او خطة، وتركيبتها مزاجية، اما القوى السياسية فهي اما قوى مصلحية او طائفية او قبلية او احزاب ضيقة، والقوى القائدة في المجلس لا تملك رؤى ولا برامج ولا حتى مؤسسات شعبية وليس لها تمثيل في تنظيم الحياة السياسية.
أما النائب السابق مشاري العصيمي فقد اشار إلى ان الاستجوابات تفتح ابواب الوزارات للنواب لتحقيق المكاسب، وقد أصبحت علاقة المجلس بالحكومة نوعا من الابتزاز إلى درجة تهديد رئيس مجلس الوزراء بالاستجواب اذا أقر المجلس قانوناً معيناً أو إذا لم يحل فلاناً إلى النيابة، وبين بأن الحكومة قد فقدت عنصر المبادرة والرؤية بسبب عدم التجانس والمحاصصة، كما ان الأسرة الحاكمة لديها خلط بين الإمارة والحكومة لاسيما عقدها اجتماعا لتقرير مصير مجلس الأمة.
وبين العصيمي بأن رئيس مجلس الوزراء قد ارتكب اخطاء قاتلة وشخصية دون الرجوع إلى مجلس الوزراء، وان تراجعه عن قراراته خوفاً من الاستجوابات اوصلنا إلى كوارث وأحبط الشارع.
ولقد لخص النائب السابق محمد الصقر كل ذلك في بيان اعتزاله بالأمس حيث بين ان الخلل في العمل البرلماني هو نتاج لتراكم سياسات خاطئة واجراءات متناقضة وردود فعل متوترة لدى الحكم والحكومة ومجلس الأمة، وان الحل هو اصلاح النظام السياسي برمته في إطار الدستور باتجاه مزيد من الديموقراطية وتطبيق القانون.
عرضنا لبعض التحليلات في تشخيص أمراض الكويت وسنكمل في المقال المقبل بإذن الله ذلك التشخيص بهدف الوصول إلى الحل.
د. وائل الحساوي
[email protected]