بعد أن تم تسريح أكثر من 400 ألف عامل نتيجة الأزمة
أوباما يكشف عن وجه صارم في خطته لإنقاذ صناعة السيارات الأميركية
| محمد الجوهري * |
في خطوة جديدة للوصول بالاقتصاد الأميركي إلى بر الأمان، وإنقاذ قطاعاته الحيوية من الانهيار، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الأيام الماضية عن خطته الجديدة لدعم صناعة السيارات في الولايات المتحدة الأميركية، وإنقاذ الشركات الكبرى، «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، في هذه الصناعة من إعلان إفلاسها ومن ثم انهيارها، الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد ككل.
وقد أثارت هذه الخطة جدلاً واسعاً في البلاد، نظراً لما احتوته من بنود وإجراءات، تعتزم الإدارة الأميركية من خلالها التدخل بقوة في إدارة هذه الصناعة الحيوية. وقد بدأ أول مؤشرات هذا التدخل في الظهور بعد أن أعلن المدير التنفيذي لشركة «جنرال موتورز» تنحيه عن منصبه، فيما اعتبر استجابة للضغوط التي مارسها الأبيض. كما أعطى الرئيس باراك أوباما لشركة «كرايسلر» فرصة أخرى لإتمام اندماجها مع شركة «فيات» الإيطالية. هذا الجدل رصدته وسائل الإعلام الأميركية.
إنقاذ الطبقة الوسطى
عرضت شبكة راديو «NPR» تقريراً عن تفاصيل الخطة التي قدمها الرئيس باراك أوباما، والتي أكد فيها أن مجموعة العمل التي شكلها من أجل دراسة أوضاع صناعة السيارات في الولايات المتحدة توصلت إلى نتيجة غاية في الخطورة، وهي أن أكثر الذين عانوا من الآثار السلبية اللازمة المالية التي يمر بها الاقتصاد الأميركي هي الشركات العاملة في قطاع صناعة السيارات. وكان من نتيجة ذلك أن تم تسريح أكثر من 400 ألف عامل سواء من الذين يعملون في تصنيع السيارات مباشرة، أو في الصناعات المغذية لها.
ولذلك شدد أوباما على أنه لن يترك هذه الصناعة فريسة للانهيار، لأنها مهمة جدّاً وحيوية للاقتصاد الأميركي وتعتبر ركيزته الأساسية. ومن ثم لا يمكن الاستغناء عنها، فهي رمز النجاح الأميركي. فقد أسهمت، كما يقول أوباما، في بناء الطبقة الوسطى في أميركا خلال القرن العشرين. ولكن رغم الجهود التي قامت بها الحكومة الفيديرالية منذ نهاية العام الماضي لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، إلا أنها لا تسير في الطريق الصحيح بالسرعة الكافية وسط هذه البيئة المتأزمة.
أما بالنسبة لتفاصيل خطته، فقد أشار أوباما إلى أنه بالنسبة لشركة «جنرال موتورز» فإنها قد قامت بجهد كبير في عملية إعادة الهيكلة خلال الأشهر الماضية طبقاً للخطة التي قدمتها من قبل، وقد أكد كثيرٌ من المستشارين المتخصصين في مجال صناعة السيارات أنها قادرة على الخروج من أزمتها، إلا أنه اعتبر أن هذا الجهد ليس كافياً، ومن ثم فإن إدارته سوف تعمل على محاولة إصلاح الأمور داخل الشركة. وفى هذا السياق أعلن أوباما عن عدد من الإجراءات التي ستتخذها الإدارة حيال هذا الأمر، أولها أن الإدارة سوف تزود الشركة برأسمال عامل كاف لها خلال الشهرين المقبلين، وفى هذه الأثناء سوف يعمل فريق تابع للرئيس مع القائمين على إدارة الشركة من أجل إنجاز خطة عمل جديدة للشركة، ووضع عدد من المعايير المهمة، من قبيل إعداد موازناتها بشكل صحيح، وتلافي الاقتراض الذي لا يمكن تغطيته من خلال الاستثمارات المستقبلية، إضافة إلى مدى قدرتها على تقديم نموذج ناجح وقادر على النجاة من هذه الأزمة، وفوق كل ذلك أن تظل الشركة قادرة على المنافسة في المستقبل.
من ناحية أخرى أكد أوباما أن الحكومة الفيديرالية ليس لديها أى رغبة أو نية في أن تتولى هي إدارة شؤون الشركة، ولكن كل ما تسعى إليه في الوقت الحالي أن تعطي الفرصة لأولئك القادرين على إخراج الشركة مِمَّا تعاني منه الآن من أزمات وصعوبات.
أما بالنسبة لشركة «كرايسلر» فقد لفت أوباما الانتباه إلى أن الوضع بها أكثر صعوبة وتحدياً، فهي وبعد مراجعة دقيقة لوضعها اتضح أنها في حاجة إلى شريك تندمج معه حتى تستطيع البقاء، وفي سبيل إيجاد هذا الشريك أشار أوباما إلى شركة «فيات»، لذلك أعطت الخطة الجديدة إدارتي الشركتين فرصةً لمدة ثلاثين يوماً حتى يتوصلا إلى اتفاق نهائي بينهما حول عملية إتمام الشراكة فيما بينهم. فإذا تمكنا من التوصل إلى اتفاق يحمي أموال دافعي الضرائب من الإهدار، فإن الحكومة الفيديرالية، كما أظهرت الخطة، سوف تضمن للشركة قرضاً يبلغ حوالي ستة مليارات دولار، ولكن في الوقت ذاته شدد أوباما على أنه إذا لم تستطع «كرايسلر» التوصل إلى هذا الاتفاق، فلن يكون أمام إدارته خيار آخر سوى عدم تقديم أي نوع من المساندة لها.
حملات ترويجية
من ناحية أخرى أكد أوباما على أن المشاكل التي عانت منها صناعة السيارات على مدار الفترة الماضية راجعة في جزء منها إلى ضعف الاقتصاد الأميركي ككل، ولذلك فإن الإدارة سوف تعمل على زيادة الطلب على شراء السيارات في الفترة المقبلة من خلال عدد من الخطوات، التي اتفق عليها مع فريقه المنوط به هذه المهمة.
وأولى هذه الخطوات أن الإدارة سوف تبذل قصارى جهدها من أجل إقناع الكونغرس بسرعة تمرير قانون «Recovery Act funds» ليكون ساري المفعول في أسرع وقت ممكن.
ثانياً: إن الإدارة ستعمل من خلال وزارة الخزانة على سرعة مساعدة شركات إنتاج السيارات من خلال ضمان حصول المستهلكين والبائعين على الائتمان من أجل زيادة الطلب على السيارات.
ثالثاً: سوف تبدأ السلطات الضريبة في الولايات المتحدة حملة علاقات عامة من أجل توعية دافعي الضرائب بالفوائد والمميزات التي يمكن أن تعود عليهم في حالة إقبالهم على شراء سيارات جديدة في الفترة المقبلة حتى نهاية العام الحالي، حيث سيكون من حقهم الحصول على تخفيضات على مبيعاتهم فضلاً عن امتيازات ضريبة، مما سيوفر للعائلات الأميركية مئات الدولارات.
أما الخطوة الأخيرة التي لفت إليها أوباما الانتباه فكانت ما يعكف عليه بعض أعضاء الكونغرس في الوقت الحالي من إعداد خطة حوافز طموحة، تهدف في نهاية الأمر إلى تنشيط وزيادة الطلب على السيارات.
تذمر المستثمرين
أما شبكة «CNN» فقد اعتبرت في برنامج «LOU DOBBS TONIGHT» أن الرئيس باراك أوباما قد قام بإقصاء المدير التنفيذي لشركة «جنرال موتورز» ريك واجونر، وأشار التقرير إلى أن واجونر أمضى حوالي تسعة أعوام في منصبه كمدير تنفيذي داخل الشركة، وأن أوباما كان السبب الأساسي وراء إقصائه، وجاء ذلك عقب الاجتماع الذي تم في البيت الأبيض وجمع كلاًّ من الرئيس وما يقرب من 15 مديراً تنفيذيّاً يبدو أنهم مرشحون ليحلوا محل واجونر. ويشير التقرير إلى أن أوباما فرض أيضاً على شركة «كرايسلر» أن تدخل في مفاوضات مع شركة «فيات» الإيطالية لتصنيع السيارات من أجل التوصل إلى اتفاق مشاركة بينهما، الأمر الذي أدى، كما أشار التقرير، إلى تذمر كثيرٍ من المستثمرين في قطاع السيارات وإعلان استيائهم من التدخل السافر للرئيس في هذا القطاع المهم، وكان من تأثير ذلك أن خسر مؤشر داو جونز في البورصة أكثر من 250 نقطة عقب إعلان الخطة.
وعلى صعيد مختلف تابع التقرير رد فعل «الحزب الجمهوري» على الخطة التي قدمها الرئيس «الديموقراطي»، حيث لفت التقرير الانتباه إلى أن عديداً من الوجوه البارزة في «الحزب الجمهوري» صبت بعنف غضبها على الخطة، وانتقدوا بشدة دفع الرئيس التنفيذي واجونر إلى ترك منصبه. فمن جانبه اعتبر السيناتور جون ماكين أن طرد واجونر من منصبه يعتبر أمراً جديراً بالاهتمام لأنه أمر غير مسبوق وغير مألوف. أما السيناتور «الجمهوري» بوب كروكر فقد اعتبر إقصاء واجونر أمراً قامت به الإدارة «الديموقراطية» من أجل أن تصرف انتباه الرأي العام الأميركي عن حقيقة أنه ليس لديها شيء لتقدمه على طريق إنهاء هذه الأزمة، ولم تستطع تحقيق أي تقدم لتعلنه على الملأ.
ولم يكتف كروكر بهذا ولكنه أضاف أنه في ظل هذه الأوضاع الجديدة التي يحاول البيت الأبيض فرضها في الواقع، فإن الرئيس سوف تكون له من السلطات والصلاحيات التي ستطيعه اليد العليا في هذا القطاع، بحيث يكون قادراً على تحديد أيٍّ من المنشآت والمصانع والشركات يمكن أن تستمر ولا تنهار، وأيها يجب تركها تنهار من دون مد يد المساعدة لها، فالإدارة بهذا الأمر، كما يقول كروكر، قررت أنها تدرك جوهر ما يحدث وكيفية مواجهته أكثر من فلسفة السوق الحر التي تتبعها الولايات المتحدة في إدارة اقتصادها.
كما اهتم التقرير أيضاً برصد توجهات الرأي العام الأميركي بصدد هذه الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأميركية، حيث أشار إلى استطلاع للرأي قامت به الشبكة، أظهر أن أكثر من ثلثي المواطنين الأميركيين يرفضون أي نوع من أنواع التدخل الحكومي في صناعة السيارات، أو حتى تقديم أي مساعدة للشركات العاملة فيه، كما أكد غالبية المشاركين في هذا الاستطلاع أنهم ليس لديهم ثقة في إمكانية أن تتمكن الإدارة العليا في هذه الشركات من اتخاذ القرارات الاقتصادية الصائبة، والتي يمكن أن تسهم في نهاية الأمر في إنقاذها من الأزمات المتوالية التي تتعرض لها من أثر الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الأميركي، وعن موقف الأميركيين من الطريقة التي يتعامل بها الرئيس باراك أوباما مع أزمات هذا القطاع، عبر أقل من نصف المشاركين في الاستطلاع عن رضاهم عن هذه الطريقة.
أما جورج ستيفانوبولوس في برنامجه «This Week» الذي يذاع على شبكة «ABC أشار إلى أن الرئيس أوباما أعلن في الأسبوع الماضي أن أصعب القرارات التي كان عليه اتخاذها منذ أن تم تنصيبه رسميّاً رئيساً للولايات المتحدة في يناير الماضي، كان قراره بإرسال 17 ألف جندي أميركي، كتعزيزات عسكرية إضافية لمساعدة القوات العاملة في أفغانستان لاستعادة الاستقرار هناك، وتساءل هل بالفعل يعتبر هذا القرار هو الأصعب بالنسبة لأوباما، أم أن خطته التي أعلنها لإنقاذ قطاع السيارات من الانهيار، والإجراءات التي اتخذها تجاه كبرى الشركات العاملة في هذا القطاع، خاصة «جنرال موتورز»، و«كرايسلر» هو القرار الأصعب حتى الآن؟ وهو الأمر الذي دفع ستيفانوبولوس إلى طرح كثيرٍ من علامات الاستفهام تجاه ما يثار الآن في الساحة السياسية حول أن خطة الإنقاذ هذه سوف تعتمد في تنفيذ أهدافها على القواعد القانونية للإفلاس في الولايات المتحدة، من أجل أن تدفع هذه الشركات إلى إعادة الهيكلة من أجل التخلص من الديون التي تراكمت عليها، وتهدد بقاءها في الوقت الحالي. حيث أشار أوباما إلى أنه سوف يعتمد على الهياكل القانونية والتشريعية الموجودة في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه الحكومة الفيديرالية، ليجعل الأمور أسهل بالنسبة لكلٍّ من «جنرال موتورز» و«كرايسلر» حتى يتمكنا من تجاوز الأزمة.
*عن «تقرير واشنطن»
في خطوة جديدة للوصول بالاقتصاد الأميركي إلى بر الأمان، وإنقاذ قطاعاته الحيوية من الانهيار، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الأيام الماضية عن خطته الجديدة لدعم صناعة السيارات في الولايات المتحدة الأميركية، وإنقاذ الشركات الكبرى، «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، في هذه الصناعة من إعلان إفلاسها ومن ثم انهيارها، الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد ككل.
وقد أثارت هذه الخطة جدلاً واسعاً في البلاد، نظراً لما احتوته من بنود وإجراءات، تعتزم الإدارة الأميركية من خلالها التدخل بقوة في إدارة هذه الصناعة الحيوية. وقد بدأ أول مؤشرات هذا التدخل في الظهور بعد أن أعلن المدير التنفيذي لشركة «جنرال موتورز» تنحيه عن منصبه، فيما اعتبر استجابة للضغوط التي مارسها الأبيض. كما أعطى الرئيس باراك أوباما لشركة «كرايسلر» فرصة أخرى لإتمام اندماجها مع شركة «فيات» الإيطالية. هذا الجدل رصدته وسائل الإعلام الأميركية.
إنقاذ الطبقة الوسطى
عرضت شبكة راديو «NPR» تقريراً عن تفاصيل الخطة التي قدمها الرئيس باراك أوباما، والتي أكد فيها أن مجموعة العمل التي شكلها من أجل دراسة أوضاع صناعة السيارات في الولايات المتحدة توصلت إلى نتيجة غاية في الخطورة، وهي أن أكثر الذين عانوا من الآثار السلبية اللازمة المالية التي يمر بها الاقتصاد الأميركي هي الشركات العاملة في قطاع صناعة السيارات. وكان من نتيجة ذلك أن تم تسريح أكثر من 400 ألف عامل سواء من الذين يعملون في تصنيع السيارات مباشرة، أو في الصناعات المغذية لها.
ولذلك شدد أوباما على أنه لن يترك هذه الصناعة فريسة للانهيار، لأنها مهمة جدّاً وحيوية للاقتصاد الأميركي وتعتبر ركيزته الأساسية. ومن ثم لا يمكن الاستغناء عنها، فهي رمز النجاح الأميركي. فقد أسهمت، كما يقول أوباما، في بناء الطبقة الوسطى في أميركا خلال القرن العشرين. ولكن رغم الجهود التي قامت بها الحكومة الفيديرالية منذ نهاية العام الماضي لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، إلا أنها لا تسير في الطريق الصحيح بالسرعة الكافية وسط هذه البيئة المتأزمة.
أما بالنسبة لتفاصيل خطته، فقد أشار أوباما إلى أنه بالنسبة لشركة «جنرال موتورز» فإنها قد قامت بجهد كبير في عملية إعادة الهيكلة خلال الأشهر الماضية طبقاً للخطة التي قدمتها من قبل، وقد أكد كثيرٌ من المستشارين المتخصصين في مجال صناعة السيارات أنها قادرة على الخروج من أزمتها، إلا أنه اعتبر أن هذا الجهد ليس كافياً، ومن ثم فإن إدارته سوف تعمل على محاولة إصلاح الأمور داخل الشركة. وفى هذا السياق أعلن أوباما عن عدد من الإجراءات التي ستتخذها الإدارة حيال هذا الأمر، أولها أن الإدارة سوف تزود الشركة برأسمال عامل كاف لها خلال الشهرين المقبلين، وفى هذه الأثناء سوف يعمل فريق تابع للرئيس مع القائمين على إدارة الشركة من أجل إنجاز خطة عمل جديدة للشركة، ووضع عدد من المعايير المهمة، من قبيل إعداد موازناتها بشكل صحيح، وتلافي الاقتراض الذي لا يمكن تغطيته من خلال الاستثمارات المستقبلية، إضافة إلى مدى قدرتها على تقديم نموذج ناجح وقادر على النجاة من هذه الأزمة، وفوق كل ذلك أن تظل الشركة قادرة على المنافسة في المستقبل.
من ناحية أخرى أكد أوباما أن الحكومة الفيديرالية ليس لديها أى رغبة أو نية في أن تتولى هي إدارة شؤون الشركة، ولكن كل ما تسعى إليه في الوقت الحالي أن تعطي الفرصة لأولئك القادرين على إخراج الشركة مِمَّا تعاني منه الآن من أزمات وصعوبات.
أما بالنسبة لشركة «كرايسلر» فقد لفت أوباما الانتباه إلى أن الوضع بها أكثر صعوبة وتحدياً، فهي وبعد مراجعة دقيقة لوضعها اتضح أنها في حاجة إلى شريك تندمج معه حتى تستطيع البقاء، وفي سبيل إيجاد هذا الشريك أشار أوباما إلى شركة «فيات»، لذلك أعطت الخطة الجديدة إدارتي الشركتين فرصةً لمدة ثلاثين يوماً حتى يتوصلا إلى اتفاق نهائي بينهما حول عملية إتمام الشراكة فيما بينهم. فإذا تمكنا من التوصل إلى اتفاق يحمي أموال دافعي الضرائب من الإهدار، فإن الحكومة الفيديرالية، كما أظهرت الخطة، سوف تضمن للشركة قرضاً يبلغ حوالي ستة مليارات دولار، ولكن في الوقت ذاته شدد أوباما على أنه إذا لم تستطع «كرايسلر» التوصل إلى هذا الاتفاق، فلن يكون أمام إدارته خيار آخر سوى عدم تقديم أي نوع من المساندة لها.
حملات ترويجية
من ناحية أخرى أكد أوباما على أن المشاكل التي عانت منها صناعة السيارات على مدار الفترة الماضية راجعة في جزء منها إلى ضعف الاقتصاد الأميركي ككل، ولذلك فإن الإدارة سوف تعمل على زيادة الطلب على شراء السيارات في الفترة المقبلة من خلال عدد من الخطوات، التي اتفق عليها مع فريقه المنوط به هذه المهمة.
وأولى هذه الخطوات أن الإدارة سوف تبذل قصارى جهدها من أجل إقناع الكونغرس بسرعة تمرير قانون «Recovery Act funds» ليكون ساري المفعول في أسرع وقت ممكن.
ثانياً: إن الإدارة ستعمل من خلال وزارة الخزانة على سرعة مساعدة شركات إنتاج السيارات من خلال ضمان حصول المستهلكين والبائعين على الائتمان من أجل زيادة الطلب على السيارات.
ثالثاً: سوف تبدأ السلطات الضريبة في الولايات المتحدة حملة علاقات عامة من أجل توعية دافعي الضرائب بالفوائد والمميزات التي يمكن أن تعود عليهم في حالة إقبالهم على شراء سيارات جديدة في الفترة المقبلة حتى نهاية العام الحالي، حيث سيكون من حقهم الحصول على تخفيضات على مبيعاتهم فضلاً عن امتيازات ضريبة، مما سيوفر للعائلات الأميركية مئات الدولارات.
أما الخطوة الأخيرة التي لفت إليها أوباما الانتباه فكانت ما يعكف عليه بعض أعضاء الكونغرس في الوقت الحالي من إعداد خطة حوافز طموحة، تهدف في نهاية الأمر إلى تنشيط وزيادة الطلب على السيارات.
تذمر المستثمرين
أما شبكة «CNN» فقد اعتبرت في برنامج «LOU DOBBS TONIGHT» أن الرئيس باراك أوباما قد قام بإقصاء المدير التنفيذي لشركة «جنرال موتورز» ريك واجونر، وأشار التقرير إلى أن واجونر أمضى حوالي تسعة أعوام في منصبه كمدير تنفيذي داخل الشركة، وأن أوباما كان السبب الأساسي وراء إقصائه، وجاء ذلك عقب الاجتماع الذي تم في البيت الأبيض وجمع كلاًّ من الرئيس وما يقرب من 15 مديراً تنفيذيّاً يبدو أنهم مرشحون ليحلوا محل واجونر. ويشير التقرير إلى أن أوباما فرض أيضاً على شركة «كرايسلر» أن تدخل في مفاوضات مع شركة «فيات» الإيطالية لتصنيع السيارات من أجل التوصل إلى اتفاق مشاركة بينهما، الأمر الذي أدى، كما أشار التقرير، إلى تذمر كثيرٍ من المستثمرين في قطاع السيارات وإعلان استيائهم من التدخل السافر للرئيس في هذا القطاع المهم، وكان من تأثير ذلك أن خسر مؤشر داو جونز في البورصة أكثر من 250 نقطة عقب إعلان الخطة.
وعلى صعيد مختلف تابع التقرير رد فعل «الحزب الجمهوري» على الخطة التي قدمها الرئيس «الديموقراطي»، حيث لفت التقرير الانتباه إلى أن عديداً من الوجوه البارزة في «الحزب الجمهوري» صبت بعنف غضبها على الخطة، وانتقدوا بشدة دفع الرئيس التنفيذي واجونر إلى ترك منصبه. فمن جانبه اعتبر السيناتور جون ماكين أن طرد واجونر من منصبه يعتبر أمراً جديراً بالاهتمام لأنه أمر غير مسبوق وغير مألوف. أما السيناتور «الجمهوري» بوب كروكر فقد اعتبر إقصاء واجونر أمراً قامت به الإدارة «الديموقراطية» من أجل أن تصرف انتباه الرأي العام الأميركي عن حقيقة أنه ليس لديها شيء لتقدمه على طريق إنهاء هذه الأزمة، ولم تستطع تحقيق أي تقدم لتعلنه على الملأ.
ولم يكتف كروكر بهذا ولكنه أضاف أنه في ظل هذه الأوضاع الجديدة التي يحاول البيت الأبيض فرضها في الواقع، فإن الرئيس سوف تكون له من السلطات والصلاحيات التي ستطيعه اليد العليا في هذا القطاع، بحيث يكون قادراً على تحديد أيٍّ من المنشآت والمصانع والشركات يمكن أن تستمر ولا تنهار، وأيها يجب تركها تنهار من دون مد يد المساعدة لها، فالإدارة بهذا الأمر، كما يقول كروكر، قررت أنها تدرك جوهر ما يحدث وكيفية مواجهته أكثر من فلسفة السوق الحر التي تتبعها الولايات المتحدة في إدارة اقتصادها.
كما اهتم التقرير أيضاً برصد توجهات الرأي العام الأميركي بصدد هذه الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأميركية، حيث أشار إلى استطلاع للرأي قامت به الشبكة، أظهر أن أكثر من ثلثي المواطنين الأميركيين يرفضون أي نوع من أنواع التدخل الحكومي في صناعة السيارات، أو حتى تقديم أي مساعدة للشركات العاملة فيه، كما أكد غالبية المشاركين في هذا الاستطلاع أنهم ليس لديهم ثقة في إمكانية أن تتمكن الإدارة العليا في هذه الشركات من اتخاذ القرارات الاقتصادية الصائبة، والتي يمكن أن تسهم في نهاية الأمر في إنقاذها من الأزمات المتوالية التي تتعرض لها من أثر الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الأميركي، وعن موقف الأميركيين من الطريقة التي يتعامل بها الرئيس باراك أوباما مع أزمات هذا القطاع، عبر أقل من نصف المشاركين في الاستطلاع عن رضاهم عن هذه الطريقة.
أما جورج ستيفانوبولوس في برنامجه «This Week» الذي يذاع على شبكة «ABC أشار إلى أن الرئيس أوباما أعلن في الأسبوع الماضي أن أصعب القرارات التي كان عليه اتخاذها منذ أن تم تنصيبه رسميّاً رئيساً للولايات المتحدة في يناير الماضي، كان قراره بإرسال 17 ألف جندي أميركي، كتعزيزات عسكرية إضافية لمساعدة القوات العاملة في أفغانستان لاستعادة الاستقرار هناك، وتساءل هل بالفعل يعتبر هذا القرار هو الأصعب بالنسبة لأوباما، أم أن خطته التي أعلنها لإنقاذ قطاع السيارات من الانهيار، والإجراءات التي اتخذها تجاه كبرى الشركات العاملة في هذا القطاع، خاصة «جنرال موتورز»، و«كرايسلر» هو القرار الأصعب حتى الآن؟ وهو الأمر الذي دفع ستيفانوبولوس إلى طرح كثيرٍ من علامات الاستفهام تجاه ما يثار الآن في الساحة السياسية حول أن خطة الإنقاذ هذه سوف تعتمد في تنفيذ أهدافها على القواعد القانونية للإفلاس في الولايات المتحدة، من أجل أن تدفع هذه الشركات إلى إعادة الهيكلة من أجل التخلص من الديون التي تراكمت عليها، وتهدد بقاءها في الوقت الحالي. حيث أشار أوباما إلى أنه سوف يعتمد على الهياكل القانونية والتشريعية الموجودة في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه الحكومة الفيديرالية، ليجعل الأمور أسهل بالنسبة لكلٍّ من «جنرال موتورز» و«كرايسلر» حتى يتمكنا من تجاوز الأزمة.
*عن «تقرير واشنطن»