الإبراهيم: نتعاون مع دول الخليج والكويت لتبادل الخبرات في مجال التنمية والمهارات لما فيه مصلحة الجميع

واحة العلوم والتكنولوجيا تعبر بقطر إلى مجتمع الاقتصاد المعرفي... وما بعد النفط

تصغير
تكبير
| الدوحة - من نواف نايف |
دشنت قطر عصر الاقتصاد المعرفي بافتتاح واحة العلوم والتكنولوجيا في المدينة التعليمية قبل ايام والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من رؤية قطر الوطنية لعام 2030، باعتبارها موطنا لأبحاث الشركات القائمة على التكنولوجيا من مختلف انحاء العالم وحاضنة لمشاريع البحث العلمي والعلوم التطبيقية التجارية، ما يجعلها مساهما رئيسيا في تطوير اقتصاد ما بعد الكربون، إذ دشنت واحة العلوم والتكنولوجيا لتسجل سبقا اقليميا وعربيا وتكون اول العابرين الى مجتمع الاقتصاد المعرفي في عصر العلوم والمعرفة.
واحة العلوم والتكنولوجيا ليست مجرد مبان في مدينة جامعية بل هي استراتيجية شاملة للبحث العلمي ومختبر للابحاث الرائدة لقطر والمنطقة، حيث ستتحول الابحاث الى تجارب تطبيقية ثم تتحول التجارب الى انجازات ومنتجات تكنولوجية تتوزع في الاسواق العالمية، وبذلك يصبح البحث العلمي حجر الزاوية في تراث قطر وفي تكوين ثرواتها.
على ان جوهر الموضوع يكمن في عملية بناء الانسان، وفقا لما عبر عنه امير قطر الشيخ حمد بن خليفة بالقول: ان «الاستثمار في الانسان القطري هو اختيارنا الراسخ لبناء مجتمع المعرفة، كما ان تدشين الواحة تأكيد لالتزامنا المطلق بتطوير منظومتنا التعليمية لتنمية قدرات ابناء الوطن ليكونوا شركاء فاعلين في تنمية وطنهم ومجتمعهم وبناء عالم مزدهر آمن متطور.
وأعلن مستشار أمير قطر للشؤون الاقتصادية الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي الدكتور إبراهيم الإبراهيم ان «الأزمة العالمية الاقتصادية ليس لها تأثير كبير على عملية التنمية»، مشيرا إلى ان أعمال البنية التحتية والأنظمة التعليمية والاستثمارات «تسير كما هو مخطط لها».
وأكد الإبراهيم في تصريح لـ «الراي» أن الأمانة العامة للتخطيط التنموي نسقت لاعداد «استراتيجية قطر الوطنية الاولى» كخطوة لاحقة على اطلاق رؤية قطر الوطنية 2030، وذلك بالتعاون مع القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، موضحا ان هذه الاستراتيجية «ستوفر مسارا اقتصاديا يساعد قطر على تحقيق طموحاتها بعيدة المدى».
وأكد الإبراهيم أن «هناك تعاونا كبيرا بين دول الخليج وبينها الكويت لتبادل الخبرات في مجال التنمية إضافة إلى المهارات»، موضحا ان ذلك «يصب في صالح الجميع».
وأشار الإبراهيم الى أن «ثمة تعاونا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اعداد تقرير «التنمية البشرية الثاني لدولة قطر»، موضحا ان هذا التقرير «سيبين القضايا والتحديات المتعلقة بغايات التنمية البيئية الواردة في رؤية قطر الوطنية والتي تهدف الى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية وحماية البيئة القطرية».
واكد على ان «هذه الجهود تساعد على تحقيق غايات رؤية قطر التي تؤكد ان التنمية الاقتصادية وحماية البيئة مطلبان لا يمكن التضحية بأحدهما لحساب الآخر، لا سيما وان قطر التزمت بأن تجعل مسارها التنموي المستقبلي متوافقا مع متطلبات حماية البيئة والمحافظة عليها».
وقال: «ان رؤية قطر الوطنية 2030 التي اطلقها رسميا ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في اكتوبر العام الماضي تحدد الغايات التنموية طويلة الامد لقطر، وتوفر اطارا لوضع استراتيجيات التنمية الوطنية والخطط التنفيذية الملحقة بها».
ولفت الى أن قطر تسعى لان تكون بحلول عام 2030 «دولة متقدمة ذات اقتصاد معرفي ومتنوع قادر على استدامة التنمية وعلى توفير مستوى معيشي مرتفع لشعبها».
وأشار الإبراهيم الى أن رؤية قطر الوطنية «تستند الى المبادئ التوجيهية لدستور قطر الدائم وترتكز على اربع دعائم مترابطة هي: التنمية البشرية لتطوير وتنمية سكان قطر لكي يتمكنوا من بناء مجتمع مزدهر، والتنمية الاجتماعية لتطوير مجتمع عادل وآمن مستند على الاخلاق الحميدة والرعاية الاجتماعية وقادر على لعب دور مهم في الشراكة العالمية من اجل التنمية، الى جانب التنمية الاقتصادية لتطوير اقتصاد وطني متنوع وتنافسي قادر على تلبية احتياجات مواطني قطر في الوقت الحاضر وفي المستقبل وتأمين مستوى معيشي مرتفع، بالاضافة الى التنمية البيئية لادارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة».
واضاف ان «كل ركيزة من الركائز الأربع حددت بوضوح غاياتها طويلة الامد»، مشيراً الى أن «قطر التزمت بالموازنة بين اربعة تحديات حرجة لتحقيق هذه الغايات والمحافظة على القيم التي تهتدي، بها وهي التحديث والمحافظة على التقاليد، واحتياجات الجيل الحالي واحتياجات الاجيال القادمة، الى جانب مسار التنمية وحجم ونوعية العمالة الوافدة المستهدفة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة وتنميتها»، لافتا الى أنها «التزمت أيضا بمواجهة تحد خاص صعب التحقيق وهو استهداف معدلات نمو تتماشى مع قدرة الاقتصاد على التوسع الحقيقي وتجنب التوسع غير المنضبط».
وقال إن «قطر حققت تقدما باهرا على صعيد التنمية البشرية، وانتقلت من المرتبة 57 الى 34 من بين 179 دولة مدرجة على دليل التنمية البشرية بين عامي 1997 و2008»، معتبرا أن محافظة قطر على تقدمها، خصوصا وسط الازمة العالمية الحادة يوجب عليها التعامل بشكل فعال مع مختلف تحديات التنمية المستدامة.
واوضح أن الرؤية الوطنية في قطر «تحافظ على تنافسية الاقتصاد القطري بشكل عام وعلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تتطابق مع الرؤية الوطنية ومنها المشاريع التقنية»، مشيرا الى أن الاستراتيجية الوطنية تقول بضرورة «تفعيل مشاركة العمالة الوطنية وتحديد العمالة الوافدة مع الإبقاء على العمالة الماهرة منها وإعطائها حقوقها مقابل التزامها في العمل، وقد تعاونت قطر ومجموعة «فيرجين» لتدشين اول بنك لـ «الخلايا الجذعية» في العالم العربي».
وأفاد «من المقرر ان يكون بنك «الخلايا الجذعية» المأخوذة من دم الحبل السري، الذي يمثل جزءا من برنامج وطني للصحة العامة، اول مصدر في العالم للخلايا الجذعية لسكان الشرق الاوسط المحليين ويجعل من السهل الحصول على خلايا جذعية ذات نسيج مناسب عندما تكون هناك حاجة الى عملية زراعة عضو».
وبين ان «مقر بنك الخلايا الجذعية سيكون في واحة العلوم والتكنولوجيا القطرية، التي تهدف من اقامة واحة العلوم والتكنولوجيا القطرية الى تمكين قطر من تحقيق اقتصاد ما بعد النفط والغاز».
واكد مهندس هذه الاستراتيجية الامين العام للامانة العامة للتخطيط التنموي الدكتور ابراهيم الإبراهيم «هناك ضرورة كبيرة أن تحول قطر اقتصادها من اقتصاد يعتمد على مورد واحد ناضب وهو النفط والغاز أو «الهيدروكربون» إلى موارد مستجدة، وهذه الموارد يجب أن تكون التقنيات المتطورة وأن تشمل على التطور البشري».
اضاف «إذا ما قمنا بهذا الشيء معناه ان كل المصاريف أو كل مستوى المعيشة الذي نتمتع به الآن سيكون على حساب الأجيال القادمة».
وفيما يبلغ سكان قطر 1.6 مليون نسمة وتمتلك ثالث اكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، وتستمد نحو 70 في المئة من ثروتها منه، فان نفاد موارد الهيدروكربونات وهو امر لابد منه شجع الحكومة القطرية على التخطيط لمستقبل ما بعد النفط والغاز بدءا من عام 2030 فصاعدا، بحسب الإبراهيم، الذي قال «الى جانب واحة العلوم والتكنولوجيا القطرية تقع المدينة التعليمية وهي مجمع تبلغ مساحته 14 كيلو مترا مربعا جذب ستة افرع لست جامعات أميركية كبرى من بينها كلية ويل كورنيل الطبية».
واعلن صاحب المشروع البريطاني ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة «فيرجين» بدء الشراكة الجديدة بين بنك فيرجين الصحي وواحة العلوم والتكنولوجيا القطرية.
وستقوم الشركة الجديدة بنك فيرجين الصحي، واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا بجمع وتخزين الدماء من الحبل السري للاطفال الذين يولدون حديثا ليتم استخدامها في العلاج الحالي والمستقبلي لمواطني قطر والمنطقة المحيطة. وستتاح للاباء فرصة تخزين خلايا جذعية من دماء الحبل السري لمواليدهم.
ويؤكد مؤيدو المشروع ان «مثل تلك الخلايا الجذعية يمكن استخدامها في علاج امراض مثل السكر وسرطان الدم و«انيميا البحر المتوسط» في المستقبل».
وذكر برانسون الذي دشن مشروعا مماثلا في المملكة المتحدة عام 2007 «الشيء المثير المتعلق باقامة هذا هنا في قطر هو اننا اذا تمكنا من جمع الدم من الحبل السري لكل امرأة، يمكننا ان نبني بنكا كبيرا لدم الحبل السري هنا في قطر ومن المأمول في المنطقة العربية كلها».
ومن المعروف ان «جماعات مسلمة ومسيحية تعارض ابحاث الخلايا الجذعية من الاجنة».
غير ان الدكتورة حنان الكواري مديرة مؤسسة حمد الطبية العضو في مجلس الشركة الجديدة ترى أن «الاسلام لا يعارض تطوير علاجات الخلايا الجذعية من الحبل السري العادي».
وقالت الكواري «الاسلام تاريخيا دين تقدمي، ولذا ففي ما يتعلق بالعلم فالاسلام والعلم يمضيان دوما معا، والاسلام والقرآن يدعوان دوما ويشجعان على الاكتشافات العلمية، لذا بالنسبة لنا فان الكثير من الجدل العلمي المثار في الغرب ليس موجودا في الاسلام، ففيما يتعلق بالخلايا الجذعية فقد تمت دراستها للتحقق من انه ليس هناك تضارب مع مبادئ الشريعة وتوصلنا الى انه لا يوجد تضارب في المبادئ».
تابعت: «واثقون للغاية من ان قطر والمنطقة الاسلامية ستكون قادرة على تحقيق تقدم كبير في ابحاث الخلايا الجذعية، لا سيما ان قطر تأمل من وراء اقامة واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا ان تخلق بيئة للابحاث وايضا للتنمية التجارية للعلوم والتكنولوجيا».
ولخص جونتل بلوبل الحاصل على جائزة نوبل اهمية استثمار الشركات في الابحاث وتعزيز مشاريع التكنولوجيا الحيوية بالقول: «الاعمال التجارية تحركها الابحاث الاساسية في النهاية وهذا هو المحرك حقيقة، وما لم يكن لديك أبحاث سياسية فان ابحاثك التجارية ستنضب في وقت قريب».
وافاد «رأيت ذلك يحدث في الولايات المتحدة مع الجينات والتكنولوجيا وكل صناعات التكنولوجيا الحيوية، ولذا فان الابحاث الاساسية والاكاديمية هي حقيقة المحرك، واعتقد انه امر حكيم للغاية بالنسبة لقطر ان تتفوق في كل من العلوم الاساسية ثم تترجم هذا الى علوم تجارية وتطبيقية».
واستثمرت مؤسسة قطر والمنظمات الدولية التي تشاركها وعددها 21 منظمة، اكثر من 850 مليون دولار حتى الآن في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا.
وتضم هذه المنظمات اسماء بارزة مثل شركة النفط الأميركية العملاقة «كونوكو فيليبس» ومجموعة الفضاء والطيران الأوروبية «إي. ايه. دي. اس» و«اركسون موبيل» و«مايكروسوفت» و«تاتا» و«شل» و«توتال» وغيرها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي