عمر الطبطبائي / من بين الآراء / المشهد المقبل

تصغير
تكبير
بالتأكيد لا يستطيع أحد التنبؤ بالمستقبل، لكن هناك مؤشرات عدة تساعدنا في توقع بعض مشاهده، فالانتخابات مقبلة على الأبواب، وبعض المرشحين في حال استنفار شديد، يهيئون عدة المنافسة من مقرات، مفاتيح انتخابية، دواوين، قوائم، اتصالات، تحالفات، وأخيراً برامج انتخابية للبعض منهم والذي ستكون محاوره كما في السابق: محور تعليمي، صحي، رياضي، اسكاني، القروض، سوء تصرفات الحكومة، الوضع الاقتصادي. ولو نسترجع أرشيف الماضي سنرى أن هذه المحاور ليست وليدة اللحظة بل موجودة منذ السبعينات، ولم نر أي تعديل أو انجاز منذ ذلك الوقت بل على العكس تماماً جميع مواضيع هذه المحاور في انحدار شديد، ثم يأتي المرشحون مرة أخرى ويتهمون الحكومة بتدهور الحال وكأنه ليس لهم أي صلة في تدهور الوضع العام. والبعض الآخر يعد الشعب أملاً بالاصلاح بروح التفاؤل الزائف.
المحاور المذكورة أعلاه ستكون محاور الأربعين عاماً المقبلة نفسها في أي برنامج انتخابي، لم ولن يتغير شيء، فلنتقبل الحقيقة ولنعترف فيها برجوعنا إلى المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الوطن والشعب.
عزيزي الناخب هل تثق في الحكومة؟ رجاءً أجب عن سؤالي بينك وبين نفسك! وبكل صراحة هل تثق فيها، وهل تثق في مجلس الأمة؟ ولأصحح سؤالي الثاني هل تثق في أعضاء مجلس الأمة؟ من فضلك أجب!
بالضبط، لم تجد أي شيء يجعلك تثق بهما، إذاً المشكلة الأولى هي «أزمة الثقة» الناتجة عن العلاقة السيئة بين الحكومة والمجلس، فنتمنى أن تكون من أولويات المرشح، ومن أولويات رئيس مجلس الوزراء القادم إعادة بناء عوامل الثقة بينهم و بيننا كشعب، ولا نريد في هذا المقال تسليط الضوء على الأسباب التي أدت إلى انعدام الثقة لانها واضحة وضوح الشمس يستطيع فاقد البصر رؤيتها.
أما المشكلة الثانية التي أعاقت، بل شلت كل خطط التنمية كما أعاقت جميع السلطات، سواءً تشريعية أو رقابية هي «سوء الإدارة»، نعم عزيزي... الجميع يعترف بالتخبط الإداري الذي جعل الوطن ينتظر رصاصة الرحمة، فسوء الإدارة، وضيق الأفق أثرا في جميع وزارات الدولة لذلك نرى تراجعاً في معظم القطاعات.
أما المصيبة الثالثة وهي أزمة «الثقافة» فكيف ننتظر لوطن فيه من يهاجم معارض الكتاب أن يتطور ويرتقي، وكيف لوطن بعض أعضاء مجلس أمته لا يفقهون بالدستور، ولا يعرفون حتى عدد مواده! وبعض وزرائه يتم اختيارهم لمعادلات سياسية لا علاقة لها بالكفاءة، وبعض شيوخه لا يكترثون إلا بكيفية إعادة الهيبة! وبعض تجاره يبيعون الوطن لأجل مصالحهم، وبعض الشعب لا يستخدم عقله إلا في التفكير المادي!
عزيزي الناخب إن العامل الأساسي في هذه المرحلة هو أنت، أنا، هي، وكل من سيدلي بصوته في صناديق الاقتراع، خصوصا أن هذا الصوت هو من سيحدد مصير مستقبلنا تحت قبة البرلمان، أجل الناخب هو الوحيد الذي بإمكانه حسم جميع مصائبنا في الوقت الحالي، أنت وحدك من تستطيع حماية الدستور، وأنت القادر على حماية المال العام للأجيال القادمة، والأهم أنك أنت من سيرسم مستقبله بيده، إن الحاضر ما هو إلا من صنع الغير، فلنصنع نحن مستقبلنا، أنت من سيدخل التاريخ إن قمت بالتصويت لأجل الوطن الذي يسكنك، والذي هو في أمس الحاجة لك الآن، أنت وحدك! أرجوك لا تكن من أولئك الذين يظنون بأن الكويت كيكة، والكل أخذ قطعته منها، لا تتمنى مشاركتهم، فهم لن يسمحوا لك بالمشاركة، أنت بنظرهم الجسر الذي سيوصلهم الى بر المجلس فقط! ولا تكن ناخباً سلبياً لا يهتم للانتخابات ولا يدلي بصوته لأحد، فهذا حقك، وحقك أمانة على نفسك، وإن بالفعل لم تجد من يمثلك فابحث عن أقرب مرشح تتشارك معه بعض هموم الوطن، وأرجوك لا تكن من المسيرين، من لا يملك قراره لانتخاب من يريد، ولا تسمح لأحد أن يفرض عليك إدلاء الأمانة لاعتبارات أخرى كالقبيلة والمصلحة، وغير ذلك، كن ناخباً مخيراً، قوياً يتميز بالعقل والمنطق والثقة، وضع مصلحة وطنك فوق كل اعتبار، وتذكر أن مصلحة الوطن ستكون بينك وبين الله تعالى من خلال ورقة التصويت.
عزيزي الناخب، احذر كل الحذر من أولئك الذين زينوا ألسنتهم بأجمل الألوان، يفسدون باسم الاصلاح بأكثر من عنوان، ضيعوا سمعة الوطن بين الأوطان، زرعواً الفتن وحاولوا تدمير حتى الكيان، وكن مرفوع الرأس وأنت تختار الأفضل، وتذكر من ضحى بروحه وأنت تحارب أهل النفاق الذين رسموا لأبنائك رسمة كبيرة من اللون الأسود، وجعلوا كل الألوان الفاتحة التفاؤلية الجميلة لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم فقط.
عمر الطبطبائي
مهندس كويتي
Altabtabaee@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي