أصبوحة / تأثير موزارت

تصغير
تكبير
| وليد الرجيب |
في كتابه العلمي الرائع، Mozart effect، أو تأثير موزارت، يذكر المؤلف دون كمبل، والخبير في العلاج بالموسيقى، أثر الأصوات والموسيقى على الكائنات وبالأخص الانسان، وكذلك على الجماد.
ومن المعروف أن المسلمين العرب، هم أول من استخدم الموسيقى للعلاج، وما زالت الآلات الموسيقية التي استخدموها لهذا الغرض، موجودة في أحد متاحف ألمانيا.
ومن المعروف أيضاً، أن الموسيقى استخدمت لزيادة ادرار الحليب عند البقر، وسرعة نمو النباتات مثل الخضروات والفواكه، ونتائج هذه التجارب كانت واضحة وناجحة منذ بدايات القرن الماضي.
ودرس كمبل في هذا الكتاب الذي يستحق القراءة، أثر الموجات الصوتية على حالاتنا النفسية والذهنية، فالموجات من 3000 الى 8000 هرتز وهو مقياس الموجات الصوتية المتعارف عليه، تساعد المخ على التفكير وزيادة الذاكرة، أما الموجات المتوسطة من 750 الى 3000 هيرتز، فلها تأثير على التنفس والدورة الدموية واستثارة المشاعر، أما الموجات القصيرة من 125 الى 750، فهي تؤثر على الجهاز الحركي العضلي، وتستخدم الآن وبنطاق واسع موسيقى موزارت، لزيادة ذكاء الأطفال.
ويذكر المؤلف أنه تعرض لجلطة في شريان الرقبة، وهي تستلزم عملية جراحية خطرة، ولكنه فضل معالجتها بطريقة أخرى، فظل لمدة أسبوعين يتخيل موسيقى آلة الترومبت، ويدندنها بنغمة يشعر بذبذباتها بأذنه، وعندما فحصه الطبيب اندهش أن الجلطة تقلصت كثيراً، وخلال فترة قياسية، بينما هذا التقلص يتطلب من خمسة الى ستة أشهر بعد العملية الجراحية.
وذكر كذلك حكاية أولفر ساكس، وهو طبيب أعصاب ومؤلف، وقد تعرض ساكس الى حادث سيارة في النرويج، وتلف على اثر ذلك جزء من أعصابه، ما أصابه بالشلل، وظل على هذه الحالة لأسابيع طويلة، ولكنه في يوم من الأيام بدأ يدندن موسيقى كونشيرتو الكمان لمندلسون، وجعل ذبذباته تؤثر في دماغه، وبعد فترة بسيطة اكتشف أنه يستطيع أن يحرك رجليه، وبعد أيام استطاع المشي.
ويذكر بالكتاب قصة الطفل المصري بودي الفولي، والذي كان يبلغ من العمر سبع سنوات، وكان يعاني من صمم، فهاجرت أسرته الى الولايات المتحدة في بداية التسعينات، لكي يدرس في مدرسة خاصة، تساعد من في حالته، وفي ليلة أخذه والده الى حفلة موسيقى كلاسيكية، واكتشف أنه كان ينصت بانتباه رغم صممه، فأخذه الى المؤلف الذي علم الوالد أن يربت على ظهر ابنه، برتم محدد، ومع مرور الوقت أصبح الابن موسيقياً، ويؤلف موسيقى راقية.
وتستخدم الموسيقى في تحسين حالة مفرطي النشاط، والتوحديين، كما أنها تساعد الأطفال الخدج على النمو بأسرع من المعتاد، كما تساعد على نمو الأجنة في بطون أمهاتهم، وتحسين ذكائهم ونموهم العاطفي، وتسهل ولادتهم.
وثبت علمياً أن الاستماع لا يكون عن طريق الأذن فقط، ولكنه يتم من خلال العظام والجسم بشكل عام، كما أن كل شاكرا من الشاكرات الرئيسية السبع عند الانسان تتأثر بموجات صوتية معينة، والشاكرا هي مركز استقبال الطاقة عند الانسان، ونغمة «الوام» المعروفة في جلسات التأمل، تؤثر مباشرة على شاكرا القلب، وهناك فن هندي اسمه «غزل»، يعتمد بشكل أساسي على هذه النغمة، وعلى قصائد راقية.
ويختلف أحياناً تأثير الموسيقى باختلاف ثقافات الشعوب وبيئاتها، فمثلاً في البيئة الصحراوية، يقل التناغم الهرموني، وتصبح الايقاعات محدودة ومكررة، فالأذن الصحراوية لا تتذوق موسيقى التناغم الهرموني والميلودي، بينما البيئة الحضرية، وحسب تقدمها فتطرب أو تتذوق التنوع والتداخل في الموازير الموسيقية، خصوصا في البيئات ذات الغنى في الطبيعة والألوان، وهذا ينطبق على الفنون الأخرى، مثل الفن التشكيلي.
الأصوات والموسيقى هي لغة التواصل عند البشر، ومنذ الأزل، وهي وسيلة للعلاج النفسي والبدني، وحتى لتخفيف الألم، وحتى أصوات الناس تؤثر فينا سلباً وايجاباً، وتسهم مثلها مثل الموسيقى بتهدئة ضربات القلب، وتهدئة التنفس وتعميقه، أو العكس زيادة ضربات القلب، وتسريع التنفس وضحالته.
والجدير بالذكر أن التصفيق بعد انتهاء الحفل الموسيقي، يعتبر سلوكاً متخلفاً، لأنه يلغي كل ما تشربه المستمعون وأجسادهم من طاقة الموسيقى، ولذا يقترح المؤلف التصفيق أو التلويح بكف واحدة، كتعبير عن التقدير.
فيا ترى ماذا سيكون تأثير صراخ المرشحين للانتخابات علينا، وأي نوع من المستمعين سيتأثر سلباً، ومن سيتأثر ايجاباً؟
[email protected]
www.alrujaibcenter.com
www.osboha.blogspot.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي