تقرير / توقعت أن يتأثر الاقتصاد بعنف بالأزمة في 2009

«جلوبل»: موازنة انكماشية مخالفة للتوقعات ومناقضة لسياسة «المركزي» التوسعية

تصغير
تكبير
أشارت شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) أن «السياسة المالية لا تظهر دعماً لتنشيط السياسة النقدية. وهو ما يتضح من ضغط النفقات في الموازنة الجديدة». ورأت أن الموازنة الانكماشية تأتي خلافاً للتوقعات بزيادة الانفاق الرأسمالي، معتبرة أن عجز الموازنة مع زيادة النفقات الرأسمالية أفضل من تحقيق فائض مع خفضها.
وقالت «جلوبل» في تقرير لها انه «على الرغم من النمو القوي الذي حققه الاقتصاد الكويتي في العام 2008، الا أنه بدأ يشهد مؤشرات للتباطؤ في أواخر العام. وهو ما كان يعزى في الأساس الى تأثير الأزمة المالية والتي أفضت الى الأزمة الاقتصادية العالمية».
وأشار التقرير الى أنه «لادراك مدى صعوبة المشكلة، نجد أن أغلب الحكومات حول العالم أسرعت باتخاذ التدابير اللازمة. ومن الممكن أن يكون هذا هو الدرس الذي تعلمته الحكومات في التعامل مع حالات الكساد السابقة والتي حفزتها على التصرف السريع في ذلك الوقت. وقد رأينا الأسواق المتطورة تعلن عن اتخاذ الكثير من التدابير لتقليل أثر التباطؤ في الاقتصاد حيث احتلت الولايات المتحدة المقدمة. وبالاضافة الى التدخلات النقدية مثل تخفيض أسعار الفائدة، اتخذت الحكومات على مستوى العالم خطوات مالية لتحفيز الاقتصاد. وقد تضمنت هذه الخطوات في المقام الأول اتخاذ بعض التدابير مثل خفض الضرائب وزيادة الانفاق من جانب الحكومات لوضع مزيد من الأموال في أيدي الأفراد».
وافاد التقرير ان هناك حاجة ماسة فيما يتعلق بالحكومة الكويتية لتبني سياسة مالية توسعية خلال هذه الأزمة الخطيرة لتقليل تأثير الأزمة الاقتصادية. وبالرغم من ذلك فإنه وفقا للتقارير المبدئية، عبرت الحكومة عن نيتها لاعداد موازنة انكماشية للعام 2009/2010. وقد كان الجميع تقريبا يتوقع أن تتضمن الموازنة الجديدة المزيد من الانفاق الرأسمالي، ومن ثم هناك احتمال بتحقيق عجز فعلي نتيجة لزيادة الانفاق على المشروعات العملاقة. وفي الواقع يقوم أغلب دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك الاقتصاديات الأخرى على مستوى العالم بالاعلان عن تنفيذ موازنات توسعية. حيث أعلنت أغلب الدول عن موازنات لدعم الانفاق الرأسمالي على البنية التحتية والمشروعات العملاقة لتحفيز الاقتصاديات بعيدا عن الكساد.
وفي السعودية، أظهرت الموازنة الجديدة للعام 2009 عجزا تاريخيا بنحو 65 مليار ريال سعودي (17.3 مليار دولار). كما أظهرت الموازنة الجديدة زيادة بمعدل 15.9 في المئة في الانفاق بما يعكس التزام المملكة المستمر بالتركيز على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة واعطاء الأولوية للمشروعات التي تضمن تطورا ملموسا ومتوازنا وكذلك المزيد من فرص العمل وتوفير الوظائف. وبالمثل، فقد صادق مجلس الوزراء الاماراتي على موازنة توسعية للعام 2009 بنحو 42.2 مليار درهم، بمعدل نمو 21 في المئة عن موازنة العام 2008.
واستطاعت عمان تحقيق عجز بنحو 810 ملايين ريال عماني للعام 2009 وهو ما يمثل 5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وارتفاعا بمقدار 410 ملايين ريال عماني عن العجز المقدر في الموازنة السابقة.
وأكد التقرير ان الكويت دخلت في فترة من التباطؤ وانخفاض النشاط في كافة القطاعات الاقتصادية تقريبا. ونتيجة لذلك تم التفكير في تشكيل مجموعة عمل بقيادة محافظ البنك المركزي لصياغة مجموعة من الحلول لايقاف التدهور في كل من النظام المالي والنشاط الاقتصادي. وقد أتمت مجموعة العمل المشكلة مهمتها وتنتظر اعتماد مجلس الأمة لمشروع قانون يضم مجموعة من الحوافز لدعم وتنشيط النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات وكذلك لدعم النظام المالي.
وعلى صعيد السياسة النقدية، تبنى البنك المركزي الكويتي سياسة توسعية لتنشيط الاقتصاد ودعم سوق الائتمان باتخاذ العديد من الخطوات مثل تخفيض أسعار الخصم والفائدة بين البنوك، وحقن السيولة داخل النظام، وتوفير أساليب اقراض جديدة بين البنوك لاثنين من تواريخ الاستحقاق الجديدة واستهداف النمو الاقتصادي بدلا من التضخم لمساعدة الاقتصاد على تجاوز ضغوط الكساد. وهكذا استخدمت السياسة النقدية كافة الأدوات المتاحة تقريبا لتحفيز الاقتصاد. وعلى النقيض من ذلك، لا تظهر السياسة المالية مثل هذا الدعم لتنشيط السياسة النقدية. وهو ما يتضح من ضغط النفقات في الموازنة الجديدة وسط حاجة ماسة لزيادة النفقات الرأسمالية كمحفز اقتصادي.
وقال التقرير: «نعتقد وسط الأحوال الراهنة أنه من الأفضل تسجيل عجز بالموازنة في الوقت الذي تتم فيه زيادة النفقات الرأسمالية بدلا من تحقيق زيادة مستمرة في الفائض مع الحفاظ على النفقات الرأسمالية عند مستويات منخفضة. ومن الناحية الاقتصادية، ينبغي تكديس فوائض من أموال الاحتياطي خلال الأوقات الجيدة ومن ثم يمكن استثمار هذه الفوائض واستخدامها في الأوقات السيئة للاستفادة منها. وحاليا، هناك حاجة ماسة لدى الكويت لوجود حافز اقتصادي لدعم النشاط الاقتصادي. وهكذا ستساعد الفوائض المتراكمة الموجهة لزيادة النفقات الرأسمالية والتنفيذ السريع لمشروعات التنمية على تحقيق كثير من الأهداف مثل توفير وظائف جديدة، ودعم النمو الاقتصادي، وتأمين استقراره، وتنويع الاقتصاد الكويتي بعيدا عن النفط وتحسين الخطط العامة الاجتماعية والاقتصادية للتنمية. وأخيرا، وكما ذكرنا سلفا، فإن الكويت في حاجة ماسة لدعم النمو الاقتصادي. وهو ما ينبغي تحقيقه في المقام الأول من خلال الاعلان عن تنفيذ مشروعات التنمية العملاقة. وهي المشروعات التي سيكون من شأنها دعم نهضة الاقتصاد وتقليل التهديدات الناتجة عن الكساد العالمي والتي قد تؤثر على اقتصادنا كذلك.
ويستمر هيكل الايرادات الحكومية من خلال الاعتماد المتزايد على النفط في اثارة بعض المخاوف. حيث اعتمد نموذج ومعدل النمو في موازنة الدولة خلال الأعوام الماضية على صادرات النفط. كما تعد مساهمة الايرادات غير النفطية في اجمالي الايرادات ضئيلة على مدار الأعوام الماضية. وهو ما استدعى توجه الحكومة نحو الايرادات البديلة عملا على التحوط ضد تذبذبات أسعار النفط. ولهذا نصح صندوق النقد الدولي الكويت بزيادة قدرتها على رفع الايرادات غير النفطية عملا على تقليل الاعتماد على أسواق النفط المتذبذبة. علاوة على ذلك، حثت تقارير صندوق النقد الدولي للدول، الكويت على الاسراع في تنفيذ برنامج الاصلاح الرسمي. كما أشارت التقارير الى أن المزايا ستتراكم من تسعير السوق للسلع والخدمات العامة، وتقليل الدعم، ومرونة الأجور في ظل تطبيق سياسة احلال الكويتيين. وقد شجع صندوق النقد الدولي الحكومة على اضافة المزيد من التأكيد على دمج أسواق العمل الأجنبية والوطنية، وربط الأجور بالقدرة التنافسية والانتاجية وذلك بهدف تشجيع الاستثمارات الخاصة.
ومن العوامل المهمة أيضا، أن النفقات الحقيقية تاريخيا كانت أقل من الأرقام المدرجة بالموازنة بنسب تتراوح بين 8 و10 في المئة. وبالرغم من ذلك، فإنه من الأهمية ملاحظة أن النفقات الرأسمالية شكلت الجزء الأكبر من هذا الانخفاض أكثر من النفقات الجارية. وقد استمرت النفقات الرأسمالية في الانخفاض عن أرقام الموازنة بمتوسط 39.5 في المئة خلال الفترة من العام 2003/2004 وحتى العام 2007/2008. وذلك بالمقارنة بانخفاض النفقات الجارية عن أرقام الموازنة بنحو 3.7 في المئة فقط خلال الفترة نفسها. وهو ما يشير الى المستوى المنخفض من الاستثمار والحاجة الماسة لزيادة النفقات الرأسمالية من جانب الحكومة وخاصة من خلال منهج تراكم الفائض على مدار العام. وبصفة عامة فإن زيادة النفقات الرأسمالية له أثر ايجابي على الاقتصاد العام كما أن له أكبر الأثر على بعض القطاعات مثل المقاولات، والأسمنت، والعقارات. وهو ما سيكون له أثر سلبي أيضا على قطاعات أخرى من الاقتصاد من خلال المشاركة في تحقيق معدلات النمو المستهدفة وتوفير فرص عمل جديدة.
وبنظرة مستقبلية، فإننا نعتقد أن الاقتصاد الكويتي سيتأثر بعنف بالأزمة الاقتصادية في العام 2009 وسيحقق معدل نمو منخفضاً للغاية خلال العام. وبالنسبة للعام 2009، فإننا نتوقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للكويت لنحو 2 في المئة. ومن المتوقع لأسعار النفط، التي تمثل المحرك الرئيسي للاقتصاد الكويتي، أن تظل تتراوح في حدود 40 الى 50 دولارا للبرميل للعام 2009. حيث ستنخفض الأسعار المتوقعة للنفط خلال العام 2009 كثيرا عن متوسط مستوياتها للعام 2008. وعلى أي حال، فإن هناك فرصا لارتفاع أسعار النفط خلال النصف الثانى من العام الحالي اذا ما استقرت الأحوال الاقتصادية العالمية. وهو ما سيمثل عونا للاقتصاد الكويتى. وبنظرة مستقبلية للعام 2010، فإننا نعتقد أن النمو الاقتصادي سيكون أعلى من العام 2009 حيث نتوقع أن نشهد استقرارا في النظام الاقتصادي العالمي حينها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي