الشيخ صلاح العبيدي لـ «الراي»: العراق يدفع ضريبة أمن إسرائيل ... و«القاعدة» وبعض دول الجوار وراء سرقة النفط


أكد المتحدث الرسمي باسم مقتدى الصدر في العراق الشيخ صلاح العبيدي أن التيار الصدري طلب من السُنة التمسك بمنصب رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية في تشكيلة حكومة المالكي الحالية، ولكنهم لم يطالبوا بأي شيء.
وقال العبيدي في حوار خاص مع «الراي» أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة:«ان ما يحدث للعراق ضريبة كي تبقى اسرائيل آمنة»، كاشفاً أن بعض دول الجوار العربية والخليجية وتنظيم «القاعدة» وراء تسريب وسرقة نفط عراقي بمليارات الدولارات، وأن التيار الصدري بحوزته الأدلة على ذلك.
ورأى العبيدي أن أخطاء أميركا في العراق ليست عفوية، بل هي مدروسة لتحقيق أهداف معينة داخل الأراضي العراقية، وأكد أن هناك خمس فئات وفصائل تقاتل الآن على أرض العراق من بينها القوات الأميركية وأجهزة المخابرات الاقليمية وتنظيم «القاعدة».
وأشار العبيدي الى أن العملية السياسية في العراق ليست باطلة، وأن الخطأ الوحيد هو سيطرة الاحتلال الأميركي عليها، واتهم المسؤولين العراقيين بالفساد، لافتاً الى أنه لا يوجد رقيب عليهم.
وأوضح العبيدي أن رفض التيار الصدري للتهديدات التركية لاقليم كردستان ليس دفاعاً عن حدود كردية، بل عن حدود عراقية.
وعارض العبيدي بشدة الاتهامات الموجهة الى الصدريين بالولاء لايران وتنفيذ أجندتها في العراق، مؤكداً أنهم الوحيدون من الشيعة الذين رفضوا صراحة التدخل الايراني.
وهذا نص ما دار معه من حوار:
• ما أسباب زيارتكم الى مصر ومن هي القيادات المصرية التي التقيتم بها؟
- زيارتنا الى القاهرة بناء على دعوة مصرية والتقينا المسؤولين في الخارجية المصرية ومفتي مصر الدكتور علي جمعة والبابا شنودة الثالث، ونحن نثمن الخبرة الكبيرة والعميقة لمصر بالشأن العراقي وروابطنا مع مصر روابط قديمة وعميقة. والتقينا أثناء الزيارة الكثير من المسؤولين، وقطعنا مسافات كبيرة للتقارب، ووجدنا تقييمهم للتيار الصدري عموماًَ واضحاً لديهم.
كما وجدوا منا تقييما كاملا لدور مصر في العراق، وكانت نتائج اللقاءات جميعها ايجابية جداً ومهمة، وكانت فرصة لفتح الباب للاخوة المصريين لارجاع الأمور لمجاريها، والمصريون وجدوا الزيارة لها الدور الأكبر ليكون دور مصر كبيراً في العراق. ونحن نرى أن الدور المصري والعربي ضروري جداً، لاخراج العراق من المأزق الذي يمر به وأن زيارتنا لمصر جاءت نظراً الى التطورات السياسية التي يشهدها العراق، وذلك لتقريب وجهات النظر، وأن مبدأ التدخل في الشأن الداخلي للعراق ليس موجوداً من قبل الاخوة المصريين.
• وماذا دار في لقاءاتكم ومشاوراتكم في العاصمة المصرية؟
- الموضوعات التي تم الحديث عنها دارت في شأن التيار الصدري وما شابه من شبهات والحملات الاعلامية لتشويه صورة هذا التيار خصوصاً بعد تفجير مرقدي الامامين. ونحن أكدنا خلال زيارتنا الأخيرة الى السعودية وخلال زيارتنا لمصر أننا على تمسكنا بالحرية والاستقلال وعدم تفتيت وحدة العراق وعدم المساس بعروبة العراق. ووضحنا موقفنا تجاه حملات التشويه الاعلامي ضد الصدريين من قبل الاعلام الأميركي ومن يسيرون خلفه، ووصفهم لنا بأننا الطرف المشاغب والرافض للعملية السياسية، وأننا المثيرون للمشاكل والمعارك من دون سبب، وذلك لأننا تبنينا موقفا ضد الغزو الأميركي بأننا ضد الاحتلال. وكنا من أول المقاومين للاحتلال، وهذا أخذ صورا عديدة، ونحن مثلنا المقاومة المعلنة للاحتلال وكنا جبهة الرفض للقرارات التي تريد الولايات المتحدة تمريرها بخصوص العراق والشأن الداخلي له من خلال اتخاذنا جانب المعارضة ضد الحكومة.
• ما صور التشويه من قبل قوات الاحتلال للتيار الصدري؟
- من صور التشويه ما يرددونه عن تبعية الصدريين لايران وأن التيار الصدري ينفذ الأجندة الايرانية في العراق. وسبب ذلك هو أننا نرفض فتح أي قناة للتواصل مع الجهات الأميركية «جيشاً وحكومة»، لأننا وجدنا أن الاحتلال ينتقص من كرامة وسيادة العراق بدخوله عبر الاحتلال وممارساته السافرة.
وحاولت أميركا الضغط علينا بأساليب عدة حتى نقترب منهم في دائرة التفاوض بطرق مباشرة وغير مباشرة، وذلك باثارة الضجة حولنا بأننا نخضع لايران في قرارنا وننفذ لايران عمليات داخل العراق. رغم أننا الجهة الأكثر وضوحاً في رفضها التدخل الايراني في العراق، ونحن كنا ضد عبد العزيز الحكيم عندما دعا الولايات المتحدة وايران الى التدخل معاً لحل مشكلة الشأن العراقي. وكذلك موقفنا بضرورة عدم فتح المجال للأطراف التي تخدم مخططات وأجندات من خارج العراق بما فيها المخططات الايرانية.
ونحن رفضنا مشروع الفيديرالية الأميركي في العراق ووقفنا في وجه أي محاولة لتقسيم العراق، وعندما اتضح الموقف الصدري ضد الشأن الايراني بدأ المخطط ضدنا بأننا ننفذ المخطط الايراني لتهجير السُنة وقتلهم وترحيلهم.
• من المسؤول عن عمليات القتل في العراق خاصة التي تستهدف السُنة بعد تفجير المرقدين؟
- المتتبع للسيناريو الذي حدث يعلم أن «حادثة سامراء» ليست هدفاً، ولكنها طريق للوصول الى الهدف، وهو ادخال المجتمع العراقي الى مرحلة النزاع الطائفي، لكن الاقتتال كان سياسيا وليس طائفيا ولدينا أدلة على ذلك.
وهناك أطراف شيعية وليست من التيار الصدري، كانت لها ردة فعل غاضبة لأن الشيعة كانوا هم المتضررين من تفجيرات سامراء التي فجرت الدم، ولكن حالة التراكم التي تحملتها الأطراف المتضررة من الحملة التكفيرية ضد الشيعة كانت من أهم أسباب حالة التقتيل.
• هل «القاعدة» هي التي تقوم بالعمليات التي تتم في العراق؟
- ليس من السهل تمييز «القاعدة» عن الفصائل الأخرى التي تعمل معها، ولذلك «القاعدة» استغلت عدم علانية الفصائل الأخرى ونسبت أي عمل عسكري لمسؤوليتها، وهذا غير صحيح، ونحن من الصعب علينا تمييز هذه الأطراف.
والكثير من حالات الاقتتال تنفذها خمس فصائل مثل «القاعدة» تقتل السنة والشيعة معاً، وجهة أخرى تقتل الطرفين أيضاً وهي قوات الاحتلال الأميركي ومن يعملون لصالح الأميركيين، والطرف الثالث شركات أجنبية وشبكات استخباراتية، وجهة رابعة تقتل وهي أجهزة المخابرات الاقليمية، وجهة خامسة كان لها دور في القتل هي عصابات الاجرام التي هي من زمن النظام السابق. هذه العصابات شكلت حالة زعزعة للأمن في التسعينات، وكانت تحدث يومياً، ولم يكن يعلم أحد عنها شيئا واستغلت النزاع السياسي للعمل على تنفيذ ما تريد من اختطاف ومساومة للقتل وغيره.
• اذا كنتم ضد ايران كما قلت، لماذا ذهب السيد مقتدى الصدر الى ايران عندما طاردته القوات الأميركية؟
- نحن حرصنا على اعلان حرمة الاقتتال الطائفي، لأن ايجاد المشكلة يجر العراقيين لمقاتلة بعضهم البعض بدلاً من مقاتلة المحتل، ولا يفكرون في وطنهم، ونحن ركزنا على حق المواطن وحرمة هدر الدم العراقي. وموضوع الولاء لايران كان متداخلا مع الاتهام بقتل السُنة ومع اتهام ايران بأنها متورطة في قتل أبناء السُنة من الطيارين والعلماء وغيرهم والقادة من الجيش السابق. وأي حالة من هذه الحالات اذا رُصدرت فنحن مع هذا الرصد، ونحن ضد هذه الأعمال الاجرامية، ونحن لدينا مواقف للحفاظ على مساجد وأبناء السُنة في البصرة والناصرية وغيرهما.
• وما هو موقفكم ممن تورطوا من قبل ممن كانوا ينتمون الى التيار الصدري؟
- نحن حرصنا منذ الأيام الأولى لحادث سامراء على فرز المتطرفين الموجودين معنا واعلان أسمائهم على المنابر والتبرؤ من أي عمل قاموا به. وما رددته الكثير من الفضائيات كان بناء على ما أعلناه للناس، ولم يكن ذلك من أجل استرضاء أحد، ولكن انطلاقاً من مبدأنا، وهو حرمة الدم العراقي أيا كان. وهناك أطراف استفادت من أزمة سامراء، ونحن حاولنا امتصاص هذا الغضب بعد الحادث، وأصدرنا بيانات تحث الناس على زيارة سامراء لامتصاص الغضب وحاولنا أن نشغل الناس بأشياء أخرى مثل كيفية البناء والمشاركة وايجاد آلية للبناء وتشجيع جميع الأطياف. وكان العائق للزيارة هو المحتل، و«القاعدة»، ونحن نرى أن حل المشكلة بين السُنة والشيعة في العراق هو اعادة بناء مرقد الامامين في سامراء واعادة اعمار المدينة بعد تخريبها.
• هل معنى ذلك أنكم ضد الاقتتال ضد السُنة؟.
- الشأن العراقي معقد جداً، وأي دولة تتعرض لقتال بين طرفين على أرضها ستعاني كثيراً، وتدخل في أزمة فما بالك بأن هناك بين أربع جهات أو خمس جهات، وكل طرف في الدول الاقليمية يعتبرها «القاعدة».
• هل قدمتم حلولاً لمشكلة التهجير القسري؟
- نحن خطونا خطوة مهمة لحل مشكلة التهجير خصوصاً بين مناطق القتال، وكان الشيخ مقتدى الصدر قد قدم في أكتوبر 2006 اقتراحاً بتشكيل لجان مشتركة بين الصدريين والأطراف المتزعمة للشأن السياسي أو الديني. وتسعى هذه اللجان الى حل المشاكل تفصيليا ورفع التعقيدات، ولم يقابل هذا الاقتراح باستجابة صريحة.
• أليس قرار تجميد جيش المهدي قراراً خاطئاً؟
- نحن نتمنى عدم رفع السلاح في وجه العراقيين سواء من الجيش أو الشرطة أو المدنيين أو السياسيين والعراق لا يمكن أن يستقر من دون أن تكون لدينا قوات أمنية قادرة على القيام بهذا الدور، ومن دون ذلك سيبقى العراق بحاجة للاحتلال لحفظ الأمن. ورغم أن هناك أجندات ينفذها أشخاص وصلوا الى الأجهزة الأمنية، ولكن هذا لا يعني أن نطلق العنان لقتال الجيش والشرطة العراقية. وقرار تجميد جيش المهدي جاء على أرضية استقرارنا للوضع العراقي، وهي خطوة جيدة لاستقرار العراق، ونحن نحاول أن ندفع العراق الى الاستقرار.
• لكن أعضاء التيار الصدري يتم اعتقالهم سواء من قبل الحكومة أو القوات المحتلة؟
- اعتقال أبنائنا ليس بجديد، ونحن لدينا آلاف السجناء داخل المعتقلات وتعرضهم للقتل ليس بجديد. والجديد هو أن يحدث ذلك على أيدي القوات العراقية ضد أبناء العراق، وهي محاولة من قبل المحتل، ومن يخدم أجندته لجرنا الى اتخاذ موقف يضر بوحدة العراق مثل مقاتلة الجيش العراقي وهذا أمر خطير جداً.
• ما هو موقفكم من قانون النفط؟
- نحن ضد هذا القانون الذي رفضته معظم القوى السياسية، والرفض وحده لا يكفي، بل يتطلب خطوات عملية أكبر منها الانسحاب من الائتلاف الموحد والانسحاب من الحكومة، ونحن رفضنا قانون دمج الميليشيات في القوى الأمنية ورفضنا بناء القوات على أساس عرقي أو طائفي سواء في الشرطة أو الجيش، ونحن لم يكن لدينا نفوذ أو تدخل في أي وزارة، ولا أي منصب سيادي حتى في فترة المشاركة في الحكومة.
• العراق الآن فيه ثلاث قوات هي قوات الشيعة وقوات الأكراد وقوات صحوة الأنبار التي تدعمها القوات الأميركية، ما تعليقكم على هذه التقسيمة؟
- صحوة العشائر في الأنبار بدأت لرفض «القاعدة» وطرد الارهابيين، وكان هذا موقفاً سليماً، ولكن القوات الأميركية حاولت تحويلها الى ظاهرة سياسية لها شكل سياسي، ولكن ذلك سيشكل خطورة ضد العراق. ونحن حاولنا أن تكون لنا علاقات مع هذه العشائر حتى لا ندخل في صدام معها. وحالة التقسيم التي قلتها ليست دقيقة، وهي تكرس مشروع تقسيم العراق، وهذا ما نرفضه.
• لماذا يدفع العراق هذا الثمن كله؟
- العراق يدفع ضريبة أن تبقى اسرائيل آمنة، والنموذج العراقي أريد به أن يكون نموذجاً تحتذى به الدول العربية لتبقى اسرائيل آمنة.
• ما تعليقكم على أن ما يحدث في العراق هو محاولة لمنع أميركا من شن حرب ضد ايران؟
- الاحتلال داخل العراق مرفوض، والشرائع السماوية تبيح قتاله، واذا كان قتالنا للمحتل فيه مصلحة لجهة أخرى فهذا ليس ذنبنا، ونحن لا ننفذ المخطط الايراني، وغالبية هذه الاشاعات ضدنا مشكلتها تقارير استخباراتية تشبه التقارير الكاذبة التي دخل بها الأميركيون العراق. وهذا ليس خطأ عفوياً، ولكنه خطأ مدروس، وأميركا ترتكب أخطاء مدروسة لتحقيق أهداف خاصة، ونحن حريصون على عدم تبعيتنا لأي جهة، وأن الجهة الشيعية الأكثر وضوحاً ضد ايران هي جبهة مقتدى الصدر.
• ماذا سيكون موقفكم في حالة حدوث حرب أميركية ضد ايران؟
- لا أستطيع أن أقول شيئاً الآن ولكل حادث حديث.
• هل العملية السياسية التي تمت في العراق باطلة؟
- نحن نعتقد أنها ليست باطلة، ونحن نقول ذلك لأن هناك قاعدة كبيرة من العراقيين شاركوا فيها الخطأ فيها أن الاحتلال يسيطر عليها، ونحن حاولنا مع الحكومة لاتخاذ موقف عملي ضد الاحتلال، والصدريون هم فقط الذين قاوموا الاحتلال.
• لماذا انسحب التيار الصدري من الحكومة؟
- نحن انسحبنا من الحكومة بعد التظاهرة المليونية ضد الاحتلال، وكان رد فعل رئيس الحكومة الابقاء على قوات الاحتلال، وتلا ذلك الانسحاب من الائتلاف العراقي الموحد بعد فشلنا في اتخاذ قرار واضح ضد المحتل، ولم يكن هدفنا الوصول الى أي منصب.
• ما هو موقفكم من التهديدات التركية لاقليم كردستان؟
- التيار الصدري ضد أي اعتداء على الحدود العراقية كلها، وطالبنا بالحل الديبلوماسي، وموقفنا هذا لن يتغير رغم أن البرلمان الكردستاني هو الوحيد الذي أيد الكونفيديرالية. فنحن نتشدد في دفاعنا عن الحدود العراقية وليس الحدود الكردية رغم أن الأكراد يفكرون في التقسيم.
• هل فعلاً هناك فساد كبير بين المسؤولين العراقيين؟
- نعم لأنه لا يوجد رقيب على هذا الفساد، ونحن نجمع الأدلة والمستندات وسنجعل الأطراف الفاسدة في موقف الاتهام.
الكل بدأ يغرق في الفساد، ونحن نحاول محاكمة المقصرين، ونحن لدينا أدلة على عملية تسويق وسرعة وتسريب النفط بمليار دولار في منطقة بيجة لصالح «القاعدة» ولصالح دول الجوار العربية والخليجية المتورطة في التسريب والسرقة وهناك تسريب بـ 15 مليار دولار في الجنوب. ونحن همنا الأول هو رصد التسريب والسرقة، والتيار الصدري و«جيش المهدي» ألقى القبض على عملية تسريب صهاريج بترول في العام 2006.
• ما هو موقفكم من رئيس هيئة علماء العراق السُنة الشيخ حارث الضاري وهل أنتم مستعدون لعودة العلاقات معه؟
- نحن بابنا مفتوح لجميع العراقيين بمن فيهم الشيخ حارث الضاري على أن يرفض الآخرون قتلنا وتشريدنا، مثلما نرفض قتلهم وتشريدهم. وكنا نأمل من الاخوة السُنة في تشكيلة حكومة المالكي أن يتمسكوا برئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية حسب ما طلبناهم، وقدمنا لهم أيدينا للمساعدة، ولكن لم نجد منهم الموافقة على المطلب على أرض الواقع.