البابا يدعم الحوار بين الاديان لكن المسيحيين منقسمون


الفاتيكان - د ب ا - عمل البابا بنديكت السادس عشر الكثير عام 2007 دعما للحوار بين الاديان ولاسيما مع الدول الاسلامية، فيما يستمر الصراع بين اليمينيين والليبراليين في الكنيسة الكاثوليكية ولا يزال الاصلاحيون المسيحيون يواجهون بالصد.
وكان البابا اكد بعد انتخابه للكرسي البابوي عام 2005، انه يريد حوارا مفتوحا داخل كنيسته ومع الاديان والثقافات الاخرى. وقال انه «يرغب في عمل كل ما في استطاعته للترويج للقضية الاساسية للمسكونية».
كما وعد بعد انتخابه باطلاق حوار مع الديانتين الاسلامية والمسيحية لمواصلة عمل سلفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني.
لكن بدلا من دعم حوار مفتوح مع الاديان الاخرى، فان البابا تمكن من إغضاب المسلمين من خلال محاضرة مثيرة للجدل القاها في جامعة ريجغنسبورغ في بافاريا -جنوب المانيا - في سبتمبر 2006 حيث نقل عن امبراطور بيزنطي انتقاده ما اسماه دعوة لنشر الاسلام بحد السيف.
وعلق المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنئي على كلام البابا، معتبرا انها تصب في إطار حملة «صليبية» تشن على المسلمين. ورغم ان البابا اعتذر عما قاله، قائلا انه لم يقصد الإساءة للمسلمين، إلا أن ما تفوه به بدا انه خطوة إلى الوراء في العلاقات بين الاديان.
بيد انه منذ المحاضرة المثيرة للجدل يحاول بنديكت إصلاح ما فسد. وعين في سبتمبر الماضي، احد أكثر الديبلوماسيين حنكة في الفاتيكان، الكاردينال جان - لويس توران رئيسا للمجلس البابوي للحوار بين الاديان، وهي الادارة المسؤولة عن التعامل مع العالم الاسلامي.
ويكتسب هذا القرار أهمية، لانه يؤذن باستعادة المؤسسة لوضعها السابق كجهة تتمتع بالاستقلالية بعد القرار المفاجئ الذي صدر عام 2006، وبدا منه أن البابا يقلل من شأنها، بوضعها تحت إدارة المجلس البابوي للثقافة.
وكان اول تحرك رسمي قام به توران، توجيه رسالة الى المسلمين لمناسبة حلول عيد الفطر، عبر فيها عن «التضامن والاخاء مع اتباع الديانات الاخرى وكل البشر من اصحاب النوايا الحسنة». كما دان «الارهاب»، مؤكدا ان «العنف لا يحل الصراعات». ودعا في الوقت نفسه «الى تكثيف الحوار بين المسيحيين والمسلمين».
وتم وضع تكثيف الحوار موضع التنفيذ في أكتوبر الماضي، عندما افتتح البابا مؤتمرا موسعا للحوار بين الاديان في نابولي، حيث احتشد نحو 200 من ممثلي مختلف الاديان المسيحية والاسلام واليهودية والبوذية والهندوسية لمناقشة قضية العنف.
وفي نوفمبر الماضي، استقبل البابا، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في الفاتيكان. كما أشاد باندونيسيا - اكبر بلد مسلم في العالم من حيث تعداد السكان - لـ «دعمها التعاون بين الاديان» بمنح المسيحيين «الحق في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وفي مساواة كاملة مع ابناء وطنهم من المسلمين».
وفي نوفمبر، دعا بنديكت السادس عشر وفدا من 138 عالما مسلما لاجراء محادثات فى الفاتيكان بعد ما كانوا وقعوا قبلها بشهر على خطاب أرسلوه إلى قادة مسيحيين، اكدوا فيه حسن العلاقة بين الديانتين.
وعلى جبهة أخرى، اعطى الفاتيكان اشارة ايجابية إلى الكنيسة الكاثوليكية الصينية التي تتمتع بمباركة الدولة، والتي تعترف بالبابا كشخصية روحانية، لكنها رفضت السيطرة الباباوية، عندما قامت بتعميد اسقف بمباركة البابا في سبتمبر الماضي.
بيد ان في الداخل، يتساءل كثيرون عن التزامه المسكونية، بعد ما أكدت وثيقة صادرة عن الفاتيكان في يوليو الماضي، سيادة الكنيسة الكاثوليكية، واصفة الطوائف المسيحية الاخرى بـ «الخارجة»، منكرة عليها وضع «الكنائس» الصحيحة.