خالد سلمان الشمري

لقد انتشر وباء الرشوة بين أبناء المجتمعات الإسلامية كانتشار النار في يابس الحطب حتى استطار شررها في أكثر الوزارات والهيئات والدوائر الحكومية في جميع البلدان الإسلامية، وأكثر ما تكون في البلدان الفقيرة والمجتمعات ذات الكثافة السكانية العالية، ومن أهم أسباب ذلك ضعف الوازع الديني، وقلة دخل الفرد وغلاء المعيشة، حتى أصبح البعض منهم يفتي لنفسه بحل الرشوة وتأويلها إلى ما يسمى بالهدية والاتعاب، فيحيد عن المعنى الصحيح ، فالرشوة اصطلاحاً هي كل ما يدفعه المرأ  للحصول على مالا يحل له، بإبطال حق او بإحقاق باطل او بظلم اشخاص آخرين أو ما أشبه ذلك.ولعظم فسادها وخطورتها على الفرد والمجتمع جاء تحريمها في مواضع كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث قال تبارك وتعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) وقد توعد النبي عليه الصلاة والسلام المتعاملين بها والوسيط بينهما باللعنة والطرد من رحمة الله يوم القيامة كما قال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله الراشي، والمرتشي، والرائش» رواه الترمذي.وها نحن نلمس ونسمع ونرى في مجتمعاتنا الخليجية على وجه الخصوص - مع الأسف الشديد - عن الذين لا يتقون الله ولا يخافون (يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار)، يتسابقون ويتنافسون على شراء الذمم والأصوات في الانتخابات وغيرها، مثل تخليص المعاملات غير القانونية وانجاز ما لا يحل لهذا الراشي من الصفقات والمناقصات، والاتجار بالإقامات، إلى ان اصبح تعاطي الرشوة لا يقتصر على الرجال فحسب بل على النساء أيضاً، وهذا ما شاهدته بأم عيني من بعض موظفات التفتيش لإحدى الوزارات، وهي تهدد وتلوح بمخالفة (محل عطورات) ان لم يخفض لها من قيمة مشترياتها.فعدم الخوف من الله وتقواه، ونسيان الأحكام الشرعية والمبادئ والقيم التي جاء بها ديننا الحنيف، والتي تحمي وتحفظ حقوق المسلمين فيما بينهم وأصحاب الديانات الأخرى، كان السبب الرئيس وراء تفشي الرشوة، التي دمرت وأوردت شعوب المجتمعات المهالك وأفسدت اخلاقياتها وانظمتها، وساد بها الظلم والغش والخيانة وفقدان الأمن والأمان والعدل والمساواة، وكذلك الشعور بالاحباط وعدم الولاء والانتماء لهذا الوطن الذي نشأ وترعرع به، فالذي يبيع دينه بعرض من الدنيا ليس مستغرباً منه ان يبيع وطنه وعرضه.