استنفار المطارق أو كما أسماه البعض «نفير الشواكيش» الذي حطم الجدار الفاصل حول السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وحطم معه أوهام بقاء مصر رهينة لمخلفات شخص ونظام كانت تعتبره إسرائيل كنزاً إستراتيجياً.
اقتحمت الجموع الغاضبة السفارة الإسرائيلية، واقتحمت بذلك نسيج أوهام لأنفس حالمة بالذئب يداعب الأرنب والضبع يلاطف الغزال، وبالصهاينة يبنون جسور الحب والسلام بين تل أبيب والعالم العربي عبر القاهرة. هناك حديث عن تفعيل قانون الطوارئ مرة أخرى من قبل المجلس العسكري الحاكم كرد فعل وإجراء ضد أحداث الجمعة، وما أعقبه من هجوم على هيئة ديبلوماسية متمثلة بالسفارة الإسرائيلية.
من المؤكد أن شعب مصر في حاجة إلى الأمن بعد إسقاط نظام مبارك، لكن على المجلس العسكري ألا يتعامل مع حادث السفارة كموضوع أمني، فما حدث يوم الجمعة الماضي هو حلقة عنيفة من حلقات الثورة المصرية، وإن كانت الصورة العنيفة للحدث أمام الجدار الحامي للعمارة الإسرائيلية تبعث لقلق البعض من حالة من الفلتان والفوضى، إلا أنها في الوقت نفسه صورة تتحدث عن واقع شعور الشعب المصري وتطلعاته وطبيعته التي حدته إلى اقتلاع النظام البائد لأسباب عديدة من أهمها تخاذله أمام المظالم العربية، وخاصة في ما يتعلق بالجارة المحتلة فلسطين.
فعلى المجلس العسكري أن يستوعب نبض الجماهير المصرية التي هي بأغلبها تشعر بشعور من المهانة والتقزيم والتخاذل وبجانبها جارة مغتصبة للأرض تسفك دماء اخواننا في الدم والدين والتاريخ، وتعمل في مخططات الفتنة وشق الصفوف والمطاردة والتضييق على أي فكرة لنمو كيان عربي أو مسلم يتطلع إلى استقلالية القرار والنظر لمصالحه الوطنية.
ثلاثة عقود لم يستطع فيها النظام المصري البائد تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني، ولسان حال فئات الشعب من أدباء ومفكرين وشيوخ دين ترفض بناء أي علاقة مع عدو مغتصب، وها هو مستشار شيخ الأزهر الدكتور محمود عزب يعلن في لقاء صحافي أن شيخ الأزهر لم ولن يستقبل أي مسؤول للكيان الصهيوني، واتهم في الوقت نفسه اسرائيل في مساعيها «الخبيثة» للوقيعة بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
اقتحام السفارة الإسرائيلية لم يكن كما ينسب من أقوال للبعض في السلطة العسكرية من فعل جهة خارجية أو غيرها من التهم الجاهزة، فالجمهور المصري ليس بالجمهور البسيط أو المغفل الذي يمكن أن تدس فيه أفكار تحركه بالطريقة الغاضبة التي تصرف بها. لكن للحادث سوابق دالة على حدوثه وأبرزها تسلق أحد الشباب السفارة الإسرائيلية ونزع العلم الإسرائيلي واستبداله بالعلم المصري في رد على قتل جنود مصريين برصاص جنود إسرائيليين في سيناء، وقد اعتبر الشعب المصري تصرف هذا الشاب تصرفاً بطولياً.
لقد ثار الشعب لأنه لم يكن مقتنعاً برد فعل المجلس العسكري على الدماء المصرية، فلم تكف الإدانة ولا طلب الاعتذار الذي لم يقابل سوى بصلف إسرائيلي معهود متمثل بأسف على الحادث، دون اعتذار صريح وواضح.
لقد كان للدول الاستعمارية دورها في تأسيس وإنشاء ودعم الكيان الصهيوني في قصة تاريخية حزينة لا يمكن تزويرها ونكرانها. وكان اصطناع هذا الكيان رأس حربة مشروع تمزيق أمة واستمرار استغلالها، وها هي دولة بحجم مصر بشعبها وثقافتها الثرية تنتفض ضد مشروع ومؤامرة إسرائيل وتدق «بالشواكيش» بعض مسامير نعش الحقبة الصهيونية.
كمال علي الخرس
كاتب كويتي
اقتحمت الجموع الغاضبة السفارة الإسرائيلية، واقتحمت بذلك نسيج أوهام لأنفس حالمة بالذئب يداعب الأرنب والضبع يلاطف الغزال، وبالصهاينة يبنون جسور الحب والسلام بين تل أبيب والعالم العربي عبر القاهرة. هناك حديث عن تفعيل قانون الطوارئ مرة أخرى من قبل المجلس العسكري الحاكم كرد فعل وإجراء ضد أحداث الجمعة، وما أعقبه من هجوم على هيئة ديبلوماسية متمثلة بالسفارة الإسرائيلية.
من المؤكد أن شعب مصر في حاجة إلى الأمن بعد إسقاط نظام مبارك، لكن على المجلس العسكري ألا يتعامل مع حادث السفارة كموضوع أمني، فما حدث يوم الجمعة الماضي هو حلقة عنيفة من حلقات الثورة المصرية، وإن كانت الصورة العنيفة للحدث أمام الجدار الحامي للعمارة الإسرائيلية تبعث لقلق البعض من حالة من الفلتان والفوضى، إلا أنها في الوقت نفسه صورة تتحدث عن واقع شعور الشعب المصري وتطلعاته وطبيعته التي حدته إلى اقتلاع النظام البائد لأسباب عديدة من أهمها تخاذله أمام المظالم العربية، وخاصة في ما يتعلق بالجارة المحتلة فلسطين.
فعلى المجلس العسكري أن يستوعب نبض الجماهير المصرية التي هي بأغلبها تشعر بشعور من المهانة والتقزيم والتخاذل وبجانبها جارة مغتصبة للأرض تسفك دماء اخواننا في الدم والدين والتاريخ، وتعمل في مخططات الفتنة وشق الصفوف والمطاردة والتضييق على أي فكرة لنمو كيان عربي أو مسلم يتطلع إلى استقلالية القرار والنظر لمصالحه الوطنية.
ثلاثة عقود لم يستطع فيها النظام المصري البائد تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني، ولسان حال فئات الشعب من أدباء ومفكرين وشيوخ دين ترفض بناء أي علاقة مع عدو مغتصب، وها هو مستشار شيخ الأزهر الدكتور محمود عزب يعلن في لقاء صحافي أن شيخ الأزهر لم ولن يستقبل أي مسؤول للكيان الصهيوني، واتهم في الوقت نفسه اسرائيل في مساعيها «الخبيثة» للوقيعة بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
اقتحام السفارة الإسرائيلية لم يكن كما ينسب من أقوال للبعض في السلطة العسكرية من فعل جهة خارجية أو غيرها من التهم الجاهزة، فالجمهور المصري ليس بالجمهور البسيط أو المغفل الذي يمكن أن تدس فيه أفكار تحركه بالطريقة الغاضبة التي تصرف بها. لكن للحادث سوابق دالة على حدوثه وأبرزها تسلق أحد الشباب السفارة الإسرائيلية ونزع العلم الإسرائيلي واستبداله بالعلم المصري في رد على قتل جنود مصريين برصاص جنود إسرائيليين في سيناء، وقد اعتبر الشعب المصري تصرف هذا الشاب تصرفاً بطولياً.
لقد ثار الشعب لأنه لم يكن مقتنعاً برد فعل المجلس العسكري على الدماء المصرية، فلم تكف الإدانة ولا طلب الاعتذار الذي لم يقابل سوى بصلف إسرائيلي معهود متمثل بأسف على الحادث، دون اعتذار صريح وواضح.
لقد كان للدول الاستعمارية دورها في تأسيس وإنشاء ودعم الكيان الصهيوني في قصة تاريخية حزينة لا يمكن تزويرها ونكرانها. وكان اصطناع هذا الكيان رأس حربة مشروع تمزيق أمة واستمرار استغلالها، وها هي دولة بحجم مصر بشعبها وثقافتها الثرية تنتفض ضد مشروع ومؤامرة إسرائيل وتدق «بالشواكيش» بعض مسامير نعش الحقبة الصهيونية.
كمال علي الخرس
كاتب كويتي