قبل عشرة أعوام، طرحنا أسئلة كثيرة على إدارة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في عهد الإدارة السابقة. وجاء المقال متزامناً مع احتفالية الكويت عاصمة الثقافة العربية 2001، حيث كانت الأسئلة تدور حول مضمون فكر و تطلعات الإدارة الجديدة وقتها، وما أعدته من مشاريع و خطط مستقبلية، تُستثمر فيها المسيرة الثقافيـة في الكويت لمزيد من الإبداع والانتاجية دون الاتكاء على ميراث الريادة، بل تتولى مـبادرة التسويق الإعلامي للعمل الثقافي في بلد له من الثروة الثقافية كما رأسماله الثروة النفطية!
بعد مرور هذه الفترة التي شهدت فعاليات ومناسبات عديدة كانت وما زالت محل اختلاف وجهات النظر والملاحظات والانتقادات من قبل المثقفين و المهتمين بالمشهد الثقافي بالكويت، خصوصا في ما تعلق بنوعية النشاط الثقافي وليست كميته، لا نملك إلا أن نعيد بعضاً منها لتذكير الإدارة الجديدة الحالية وقد ورثت حملاً كبيراً من التحديات، التي خلّفتها لها الإدارات السابقة للمجلس الوطني. وهذه التحديات، منها ما هو قديم قدم المجلس نفسه، وما هو جديد واقع في وقتنا الحالي.
فمن التحديات القديمة، الهياكل التنظيمية لإدارات المجلس وقد امتلأت بأسماء قليلة الخبرة بالعمل الثقافي، وهذا ما يتضح فعلياً في نوعية الأنشطة وتكرار وتواضع مستوى الأسماء المدعوة للمشاركة فيها. الأمر الثاني مشاريع مواقع الثقافة، أبرزها المكتبة الوطنية التي تم افتتاحها خلال احتفالات العيد الوطني هذا العام، من دون تفعيل نوعية هويتها الثقافية لتصبح فعالية محركة على الساحة المحلية على الأقل. والأمر ينسحب على بقية المواقع والبيوتات الثقافية التي تحتاج لحراك وديمومة لا تنقطع على مدار العام، يٌفسح فيها المجال للإبداعات الفردية أن تستفيد منها في إقامة فعالياتها بدلاً من غلق أبوابها واحتكارها لأنشطة المجلس فقط.
التحدي الآخر، معارض الكتاب والمهرجانات الفنية المنظمة سنويا تحت رعاية وإشراف المجلس التي لا يمكن اختصارها بقضية الرقابة وإلا أُعتبر هروباً من مواجهتها من دون التفكير بمعالجتها. فأهمية هذه الفعاليات تأتي لما فيها من علاقة وطيدة بمصادر ووسائل الإبداع و التثقيف للإنسان الكويتي في ظل انفتاح العالم اليوم وما حققته ثورة المعلوماتية والتكنولوجيا التي نجحت حتى الآن في سقوط عقليات نخبوية قبل سقوط أنظمة مزمنة.
ما نحتاجه فعلاً، هو ثورة ثقافية تنطلق من الفعاليات الثقافية الفردية وغير الرسمية، تبادر إلى تبني وعي التسويق الواعي لاستثمار الثقافة في الكويت، وفق أفق بعيدة المدى في الرؤية، ومساحات شاسعة من التخطيط والتصورات في تجاوز أبوية المؤسسات الرسمية، تستمد شرعيتها في ذلك لكونها تمثل جزءاً مهماً من الثقافة في الكويت تتجاوز فيه الصورة النمطية السائدة والبروتوكولية لمؤسسات الثقافة العربية!

فاصلة أخيرة
أتمنى أن تعي تماماً المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية هنا الحراك الاجتماعي العربي الذي أدى إلى تغييرات جذرية في نمطية التفكير في الإدارات الثقافية العربية الشقيقة من المؤسسات هناك، لكون الثقافة كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ من التغيير المقبل في الذهنية العربية. والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.


فهد توفيق الهندال
كاتب كويتي
Kwt1972@gmail.com