يسود القلق المنظومة الأمنية الإسرائيلية، من أن واشنطن والقيادة السياسية في إسرائيل تستبعدها من الخطط المتعلقة بمستقبل قطاع غزة.
فبعد شهر على اتفاق التهدئة، يتبيّن أن «الخط الأصفر» الذي كان يفترض أن يكون حدوداً موقتة، في طريقه للتحوّل إلى «جدار برلين لغزة»، وفق ما ذكرت صحيفة «هآرتس».
وكتبت أنه في الجانب الشرقي، تعمل الولايات المتحدة على نسج تصوّرات وخطط، بينما في الجانب الغربي المدمَّر لا توجد إلا إسرائيل وحركة «حماس» وجميع السكان.
فبعد فترة على توقيع اتفاق التهدئة، فوجئت المنظومة الأمنية الأسبوع الماضي، بتلقي طلب من واشنطن - بإقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو - يسمح ببدء بناء «غزة الجديدة»، وفق «هآرتس». والمقصود إعادة تأهيل المدن الواقعة في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال شرق «الخط الأصفر» الذي انسحب إليه مع دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.
المرحلة الأولى في مشروع «غزة الجديدة» ستكون إعادة إعمار رفح، المدينة التي دمّرها الجيش خلال الحرب. وفي المرحلة الثانية ستُقام مدن أخرى شرق «الخط الأصفر»، بما في ذلك شمال القطاع.
وبعد إعادة إعمار كل منطقة، سينسحب الجيش منها، بحيث يقسم «الخط الأصفر» القطاع إلى «غزة الجديدة» في الشرق، و«غزة القديمة» في الغرب - حيث يعيش نحو مليوني فلسطيني تحت حكم «حماس»، التي تواصل تعزيز قوتها وترسيخ سيطرة مطلقة هناك.
ووصف مصدر أمني، الخط الجديد بأنه «جدار برلين لغزة».
وأكدت الصحيفة أنه لا توجد خطة زمنية واضحة لهذا المشروع، وقد يستمر لسنوات، ومع ذلك تمارس الولايات المتحدة ضغطاً للمضي قدماً.
لكن المنظومة الأمنية في إسرائيل، قلقة أكثر من مشكلتين جوهريتين: الأولى أن المستوى السياسي لا يشاركها في «الانقلابات» التي تخطّط لها واشنطن في غزة؛ والثانية أنّ الولايات المتحدة تبدو وكأنها تترك الجيش الإسرائيلي وحيداً في مواجهة «غزة القديمة» المليئة بالتهديدات، من دون قدرة على العمل العسكري هناك... فقط العمل الإنساني.
وتورد «هآرتس»، أن «القوة الدولية المُزمَع أن تدير غزة الجديدة يفترض أن تكون مسؤولة أيضاً عن غزة القديمة، لكن حماس لن تسمح بأي سيادة فعلية من دون التعاون معها. كذلك فإنّ الدول الوسيطة لا تُبدي أي استعداد للحكم في غزة القديمة... مصر تحاول نقل المسؤولية إلى السلطة الفلسطينية. المستوى السياسي الإسرائيلي يعارض ذلك، بينما يفضّل المستوى الأمني هذا السيناريو في حال طُلب من إسرائيل تحمّل المسؤولية كاملة عن المنطقة».
ويقول مسؤولون رفيعو المستوى في المنظومة الأمنية، إن غموضاً متزايداً يخيّم على خطط الولايات المتحدة تجاه مستقبل غزة... «خطط يبدو أن الحكومة الإسرائيلية وافقت عليها في محادثات سرية من دون إشراك المستوى الأمني».
ويضيفون أن «رؤساء الأجهزة يلتزمون الصمت خوفاً من أن يتحوّلوا إلى أهداف سياسية، وعلى حدّ تعبير أحدهم: لم يُطلب منا أصلاً تقديم موقفنا حول تبعات التحركات بعيدة المدى التي تخطّط لها واشنطن، بمشاركة آخرين في غزة».
ويقول مصدر أمني آخر إن موقف رئيس الأركان إيال زامير ورئيس جهاز «الشاباك» ديفيد زيني، أصبح غير ذي صلة، «يُطلب منهما تنفيذ خطوات استراتيجية ضخمة، من دون مناقشة الأضرار الأمنية المحتملة».
أما عملية نقل السكان من «غزة القديمة» إلى «غزة الجديدة»، فستكون تحت إشراف مكلّف بالتأكد من أن عناصر الحركة لا يسيطرون على المناطق الجديدة. لكن جيش الاحتلال يشكّ كثيراً في إمكانية منع ذلك تماماً.
وتقول مصادر أمنية مطّلعة على النقاشات في شأن «غزة الجديدة»، إن «ثمة خلافات حول الجهة التي ستنفّذ أعمال الإعمار...».
هذا الخلاف يؤثر على قدرة الجيش على تنسيق الرقابة الأمنية مع الجهات المدنية، لكن المنظومة الأمنية أقل انشغالاً بهذا الجانب لأنها ترغب أصلاً في الانفصال عن غزة وعن عملية إعادة إعمارها.
ما يقلقها بدرجة أكبر هو تجاهل «غزة القديمة» في كل هذه النقاشات، وفق المصادر المطلعة.
نزع سلاح «حماس»
في سياق متصل، يعتزم جيش الاحتلال إعداد خطة لنزع سلاح الحركة في حال فشل خطة الرئيس دونالد ترامب.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية، الى أن «واشنطن تسعى لدفع خطتها إلى المرحلة التالية بوتيرة أسرع، لكنها تصطدم بعقبات. كجزء من هذه الخطوة، تتضمن مسودة المقترح التي قُدمت إلى مجلس الأمن، يصوّت عليها مجلس الأمن، الاثنين، مهام القوة الدولية التي تحاول واشنطن إنشاءها، والتي يُفترض أن تعمل بالتعاون مع شرطة فلسطينية».
وفي ضوء احتمال عدم نجاح هذا المسار، من المتوقع أن يبلور الجيش خطة لنزع السلاح من خلال استئناف القتال.
وقال مصدر إسرائيلي لقناة «كان»، إن «السؤال ليس ما إذا كانت حماس ستُنزع أسلحتها، بل من الذي سيقوم بذلك».
غرق عشرات الخيام
إنسانياً، أفاد الدفاع المدني في القطاع، بغرق عشرات الخيام بمياه الأمطار، التي تؤوي نازحين بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب القطاع.
ومنذ فجر الجمعة، تتأثر الأراضي الفلسطينية بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة ورياح وأمطار غزيرة، مما ضاعف من معاناة 1.5 مليون نازح في القطاع بعد أن أغرقت الأمطار خيامهم البالية.