أمرنا الله تعالى بالسير في الأرض والتفكر في الخلق لكي نكون على بيّنة مما نعتقده ونؤمن به، ونهانا عن التقليد الأعمى وذم المقلدين، وقد يسير الإنسان حيناً من الدهر على فهم معين أو معتقد، فإذا تبين له خطأ معتقده فإن من الفضيلة أن يتبع الحق ويترك ما سار عليه.الأخوة الأفاضل في مبرة الآل والأصحاب وعلى رأسهم الدكتور عبدالمحسن الخرافي قد سلكوا مسلكاً فريداً في محاولة ردم الهوة بين طوائف المسلمين وبيان نقاء تاريخنا الإسلامي مما دخل فيه من روايات تسعى لتشويه صورة الصحابة الكرام وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقلبوها إلى صورة جميلة ناصعة من المحبة والود والمصاهرة. نعم، هنالك صفحات سوداء في تاريخنا لا ننكرها، ولكن يجب ألا تطغى على الصورة الجميلة لأعظم القرون التي رباها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وصاهرها وصاحبها، ونزل كتاب الله تعالى ليزكيها، بل إن التشكيك بتلك الصورة الجميلة هو تشكيك بالرسول نفسه وبرسالته حيث نتهمه بأنه أساء الاختيار واستأمن من هم ليسوا أهلاً للأمانة.إن ما ذكرناه من صورة ناصعة لتاريخنا هو ما يقتضيه العقل والمنطق فكيف وفي الروايات المقبولة من جميع الأطراف ما يثبته، ومنها كتاب «ما قاله الثقلان في أولياء الرحمن» لعبدالله بن جوران الخضير، الذي وزعته المبرة حيث يفرد فصلاً في مدح أئمة أهل البيت وثنائهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بروايات كثيرة نقلها من كتاب نهج البلاغة وبحار الأنوار وتفسير الصافي وتفسير نور الثقلين وغيرها. ثم يتطرق الكاتب إلى المصاهرات بين الصحابة رضوان الله عليهم وبين الآل عليهم السلام، وهي لا تدل إلا على أن الخلاف بينهم هو خلاف مصطنع ومنها:  • علي بن أبي طالب عليه السلام تزوج أسماء بنت عميس أرملة أبي بكر الصديق، ومن أولاده أبوبكر وعمر وعثمان، وقد تزوج عمر بن الخطاب ابنة علي أم كلثوم، ومعاوية بن مروان بن الحكم تزوج ابنته «رملة»، والمنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام تزوج ابنته فاطمة.  • الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام تزوج حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه ومن أولاده أبوبكر وعمر وطلحة، وتزوج عبدالله بن الزبير ابنته أم الحسن، وعمر بن الزبير تزوج ابنته رقية.  • الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام تزوج ليلى، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان، ومن أولاده أبوبكر وعمر، وتزوج عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه ابنته فاطمة، وتزوج مصعب بن الزبير ابنته سكينة.  • أما جعفر الصادق عليه السلام فقد ثبت عنه القول «ولدني أبوبكر مرتين» فأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجدته أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر. وهكذا في جميع أئمة أهل البيت عليهم السلام.إذاً، فالخلاف بين الصحابة وآل البيت هو خلاف مصطنع إذا وضعناه تحت المجهر ودققنا في حقيقته، وحتى مع وجود بعض الخلاف- وهو من طبيعة البشر- فما هي المصلحة من إثارته في كل مناسبة وتنشئة الأجيال عليه في وقت ندعو فيه إلى تصفية النفوس ودرء الفتن وتوحيد كلمة الأمة؟! وهل لو نصرنا طرفا على طرف في تلك المحاكمات التاريخية التي انتهت سنستفيد منها في تطوير واقعنا ونهضة أمتنا وتغيير واقعنا؟!ألا يكفينا الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا اليوم وهواننا على الناس حتى أصبحنا أعظم الأمم ذلاً وهواناً وتمزقاً؟! فكيف ونحن ننبش قبور أسلافنا ونعقد لهم المحاكمات التاريخية ثم تتحول تلك المحاكمات إلى تأجيج العداوات بيننا والصراع على الماضي إضافة إلى الحاضر؟!د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com