قبل شهور قليلة من الآن، بدأت الشركات المحلية تواجه صعوبات جمة في أعمالها، وتدفقاتها، في وقت كان يشعر فيه البعض بالتشاؤم من المستقبل، خصوصاً أثناء الإغلاق الاقتصادي الذي تضمن موجة تسريحات ضربت جميع الشركات تقريباً، تقليصاً لمصاريفها التي باتت فجأة، وبسبب تداعيات كورونا أعلى من إيراداتها، والتي وصلت إلى أصفار في بعض الشركات.

لكن مع إصدار وزارة الصحة ترخيص استخدام الطوارئ للقاح «فايزر - بيونتك» المضاد لفيروس كورونا المستجد، وفتح الحديث عن أن لقاح كورونا سيكون في الكويت بعد 10 أيام، تجدّدت الآمال في مستقبل قطاع الأعمال، على المدى القريب، مدفوعة بزيادة التوقعات الإيجابية حول بوادر الانتعاش الواعدة لجميع قطاعات الأعمال، والمرتقبة بعد بدء التطعيم مباشرة، حيث بدأ العد العكسي للانتقال إلى المرحلة الخامسة من خطة العودة للحياة.

تخفيف القيود

ولعل ما يذكي التوقعات المتفائلة في هذا الخصوص أن قرب بدء التطعيم يترافق مع التحسن المستمر الذي رصدته الجهات المعنية في تراجع عدد الإصابات والوفيات بشكل كبير بسبب «كورونا» خلال الأسبوعين الأخيرين، ما يعكس الثقة بإمكانية إصدار الحكومة الجديدة توصيات بتخفيف القيود التي مازالت تقيد الانطلاقة الاقتصادية، علاوة على السماح بعودة بعض القطاعات للعمل، مثل صالات السينما، أو إقامة المعارض التجارية في الدولة، والسماح بحضور الجماهير للمباريات الرياضية، كما سيؤدي التحسن المرتقب لإعادة افتتاح المرافق الترفيهية في الدولة، والعمل بكامل أجهزة الجهات الحكومية، والتوسع في عمل المطاعم، والأنشطة الصغيرة والمتوسطة، ما سيؤدي في المقابل إلى زيادة التدفقات النقدية، وتقليل الخسائر والحاجة لبناء المخصصات الاحترازية التي أرهقت البنوك والشركات، خصوصاً في الربع الثاني من 2020، ما يعني محاسبياً العودة إلى زمن الأرباح، وإن كان ذلك بشكل تدريجي، قبل العودة لمستويات ما قبل كورونا.

عودة الرحلات

ومن المتوقع بحسب خبراء أن يؤدي توافر اللقاح بعد أيام في الدولة، إلى تخفيف الضغوط التي يعاني منها قطاع النقل الجوي في البلاد، إذ من المرجح السماح بالاتصال الجوي مع الدول المحظورة تدريجياً (34 دولة يمنع تتسيير رحلات مباشرة منها إلى الكويت)، ما يؤدي لتخفيض الخسائر الباهظة لشركات الطيران ومكاتب السياحة والسفر والفنادق، مع الإشارة إلى أن خسائر القطاع تجاوزت 140 مليون دينار منذ بداية أزمة كورونا.

في الوقت نفسه، من شأن الانتقال إلى المرحلة الخامسة بعد توافر اللقاح، زيادة نشاط المجمعات التجارية وفي مقرات الشركات وأرض المعارض، مع عودة أكثر من 150 فعالية كانت موقوفة بسبب الحظر الجزئي والكلي، وما صاحبه من إقفالات بصالات أرض المعارض في مشرف، إثر تحولها إلى مستشفى ميداني لعلاج المصابين من «كورونا».

في الوقت نفسه، سيؤدي توافر اللقاح أيضاً إلى زيادة الطمأنينة لدى المواطنين والمقيمين في الكويت، ما سيؤدي إلى زيادة مبيعات التجزئة، ومن ثم عودة وتيرة الزبائن إلى التسوق والإنفاق بمستويات طبيعية مثل السابق.

عودة الطمأنينة

من ناحيته، قال رئيس لجنة التجارة والنقل في غرفة التجارة والصناعة، خالد الخالد، إن توافر اللقاح سينعكس إيجاباً بعودة الطمأنينة والأمان للمقيمين في الدولة، لافتاً إلى أن المستفيد الأكبر من الموضوع سيكون قطاع النقل والطيران، مع عودة حركة السفر إلى طبيعتها خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي سيُخرج الشركات من حالة السبات التي تعاني منها.

وبيّن الخالد أن المطاعم والأعمال التي تشبهها ستستفيد من توافر اللقاح، والذي سيزيد نشاطها مقارنة بالفترة الحالية، مبيناً أن التأثير الكبير لن يظهر بسرعة على الحياة اليومية، خصوصاً وأن الجميع اليوم يخرجون للمجمعات والتسوق والشراء في جميع محلات التجزئة ومعارض السيارات، لكن بحذر.

وأفاد بأن التأثير الإيجابي سيظهر أكثر مع السماح بتنظيم حفلات الزفاف والمعارض، منوهاً إلى أن هذا الأمر سيحسّن النشاط الاقتصادي تدريجياً.

حركة المبيعات

من جهته، قال مدير التسويق في شركة شمال الخليج التجارية، خلدون عبدالحافظ، إن توافر اللقاح سينعش حركة المبيعات في جميع القطاعات، ويزيد الإقبال على الشراء، إلى جانب رفع نشاط المطاعم والمشاريع الصغيرة والمتوسطة عموماً.

وبيّن أن جميع الشركات المحلية، تنتظر زيادة مبيعاتها من خلال مزيد من الفتح الاقتصادي الذي سيدفعه التطعيم ضد «كورونا»، مشيراً إلى أن ذلك سيحفزها على طرح عروض استثنائية، ما سيزيد من الإقبال ومن ثم التدفقات الاستثمارية.

كما يرى مدير التسويق في أحد متاجر بيع التجزئة، أن توافر اللقاح سيشجع المستهلكين على الخروج من منازلهم للتسوق بشكل أكبر، وسيخفض من موجات تسريح العمالة، متوقعاً زيادة النشاط مع بدء عمليات التطعيم رسمياً.