جورج بوش سيصل هذا الأسبوع إلى إسرائيل، وهو سيشعر بالارتياح الكبير في زيارته هذه. من المتاح لنا التخمين بأنه ليس هناك في العالم عدد كبير من رؤساء الحكومات الذين يعلقون على جدار منازلهم صورة ضخمة يظهرون فيها بصحبة رئيس الولايات المتحدة، كما فعل ايهود اولمرت الذي تفاخر بذلك، الأسبوع الماضي، أمام ضيفه المحترم ايلي يتسبان. وليست هناك أيضا دولا كثيرة لا تستقبل البطة العرجاء المقبلة من واشنطن بمظاهرة ضخمة. وبدلاً من ذلك تخرج عن أطوارها، كما في إسرائيل، من أجل استقباله استقبالاً حافلاً. الشخص الذي ألحق في العالم أضرارا فادحة ولم يوفر ذلك على بلاده أو علينا. هو ضيف مرغوب جداً فقط في إسرائيل.في هذا الأسبوع سيأتي إلى إسرائيل شخص ترك من ورائه الموت والدمار والكراهية العالمية. الولايات المتحدة الأميركية لم تكن مكروهة أبدا بالدرجة التي وصلت إليها خلال أعوام رئاسة بوش السبعة، تلك التي أعاد فيها بلاده دفعة واحدة إلى حقبة فيتنام سيئة الصيت. هو أخرج الولايات المتحدة والعالم الغربي من ورائه بشن حربين احتلاليتين وحشيتين من دون أي فائدة، أولا في أفغانستان ومن ثم في العراق. بوش زرع الموت الجماعي في هاتين الدولتين البائستين بذريعة فارغة هي مكافحة الإرهاب العالمي. ولكن العالم بعد هاتين الحربين لم يصبح أفضل من ذي قبل ولا أكثر أماناً، ولا يدينون في هاتين الدولتين الجريحتين بالمعروف للدولة العظمى التي أتت كما تزعم لتخليصهم من الأنظمة الرهيبة التي كانت هناك.لم تكن هناك أي علاقة بين ضرب البرجين التوأمين وبين العراق؛ كان من المفترض أن تصبح السعودية التي جاء منها أغلبية المنفذين للعملية هدفاً أكثر ملاءمة ولكنها بقيت حليفة للولايات المتحدة رغم النظام الاستبدادي القائم فيها. الحرب في العراق التي كانت ذريعتها تدمير أسلحة الدمار الشامل ظهرت كحرب كاذبة عدمية وإجرامية وأبعد من أن تنتهي حتى بعد أن هبط معدل القتلى اليومي فيها من 100الى 50. في غرب أوروبا، وفي جنوب أميركا، وفي آسيا، وفي كل أرجاء العالم العربي والإسلامي، وفي أجزاء من أفريقيا، تحولت الدولة الأعظم الوحيدة إلى طرف معاد ومتعجرف ومنبوذ. هذا ليس جيداً لاميركا، ولا جيداً للعالم.الأجدر بنا أن ننظر إلى أنفسنا وما حولنا وأن نتذكر الأضرار التي تسبب بها بوش للشرق الأوسط، أعوامه السبع في الحكم كانت أعواما ضائعة قد أهدرت بصورة عقيمة وخطيرة. لم نشهد أبدا رئيسا أميركياً يعطي لإسرائيل بطاقة مجانية أوتوماتيكية كما فعل بل ويشجعها على شن عمليات عنيفة والقيام بخطوات ترمي إلى ترسيخ نظام الاحتلال. هذه ليست محبة لإسرائيل ولا حرصا على مستقبلها. الرئيس الذي لم يحاول حتى الضغط على إسرائيل بوضع حد للاحتلال هو رئيس معادٍ لها ولا يبالي بمستقبلها ومصيرها، رئيس أضفى الشرعية على كل عمل آثم ...من توسيع المستوطنات وحتى عدم احترام الالتزامات والاتفاقيات الموقعة بما فيها تلك التي عقدت مع الولايات المتحدة مثل «اتفاق المعابر» وتجميد المستوطنات، هو ليس رئيساً ينشد مصلحة إسرائيل أو يتطلع للسلام.أين الأيام التي ترددت فيها إسرائيل قبل أن تقوم بأي دخول للأراضي الفلسطينية، أو وضع كرفان فيها، أو الإقدام على كل عملية اغتيال خشية رد فعل الولايات المتحدة؟ أين الأيام التي كان فيها في واشنطن رئيسٌ فرض سطوته على إسرائيل، فترددت قبل كل تجاوزٍ وخرقٍ لحقوق الإنسان أو الإقدام على جريمة حرب؟ لم نحصل من بوش إلا على: احتلال راسخ وأكثر قسوة بتشجيع الولايات المتحدة أو بإغماض عينيها، وضوء أخضر بشن حرب إضافية لا داعي لها في لبنان، وحكومة حمساوية في غزة تقاطعها الولايات المتحدة ومن ورائها باقي العالم، هذه الخطوة التي أدت فقط إلى تجويع غزة ولكنها لم تضعف حماس، وأخيراً « الكتل الاستيطانية» المشرعة من قبل أميركا.الشرق الأوسط ابتعد فقط عن السلام في عهد بوش . محاولاته المتأخرة الانبطاحية لتغيير هذه الحقيقة لن تتمخض عن شيء. السلام لن يسود هنا إلى أن يظهر في الولايات المتحدة رئيسٌ حازمٌ يعمل بجدية لوضع حد للاحتلال. كان بإمكان بوش أن يفعل ذلك ولكنه خان الأمانة ولم يقم بدوره. هذا هو الشخص الذي سيأتي إلينا في هذا الأسبوع. التاريخ سيحاكمه فيما بعد لأعماله وإخفاقاته والعالم يلعنه كما أن نفس الولايات المتحدة قد سئمته، وهنا فقط هو شخص عزيز ومحترم.
جدعون ليفي
«هآرتس»