عواصم- وكالات- لم يكن اهتمام الأسواق العالمية منصباً أمس على اتجاه أسعار النفط بعد أن كسرت حاجز المئة دولار في نيويورك أول من أمس، بقدر ما كان الاهتمام باستشراف أفق الطفرة المتجددة للأسعار، وما إذا كانت ستأخذ دفعاً معنوياً بعد تخطي المئة دولار، أم أنها سترتد أمام حاجز مقاومة نفسي عند هذا المستوى.ولم يحجب ذلك حركة الأسعار، التي شهدت ارتفاع مزيج برنت في بورصة «انتركونتننتال» بلندن الى مستوى قياسي جديد فوق 98 دولارا للبرميل أمس قبيل صدور بيانات المخزونات الاميركية. وبلغ سعر برنت في المعاملات الآجلة 98.26 دولار للبرميل بارتفاع 42 سنتا. فيما ارتفعت العقود الآجلة لخام النفط الاميركي 43 سنتا الى مسوي قياسي بلغ 100.05 دولار للبرميل.ومالت ترجيحات الخبراء إلى توقع أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها في السنوات الخمس المقبلة الا اذا تعثر النمو الاقتصادي بما يؤدي لابطاء الطلب على الوقود.ومن العوامل التي يرجح أن تطيل أمد الموجة الصعودية لاسعار النفط التي بدأت عام 2002 تراجع الانتاج في بعض المناطق خارج دول منظمة أوبك والنمو الكبير في الطلب خصوصاً من دول مثل الصين بالاضافة الى اختناقات بصناعة التكرير تحد من انتاج أنواع الوقود.ويقول كريس فورسبولز المحلل لدى فورتيس في بروكسل «المسألة ببساطة عوامل العرض والطلب الاساسية». ويضيف «فالطلب يرتفع وأعتقد أنه توجد مشكلة هيكلية في قطاع التكرير. والطلب أعلى على المنتجات ذات الجودة الاعلى والمصافي ببساطة لا يمكنها مجاراة الطلب على هذه الانواع».وأدى ارتفاع سعر الخام الاميركي الى 100 دولار أمس الى تقريب الاسعار من أعلى مستوى لها من قبل اذا أخذ التضخم في الاعتبار وهو 101.7 دولار وسجل عام 1980 عندما أدى نشوب الحرب بين العراق وايران عضوي أوبك الى أزمة في الامدادات. وقال المحلل لدى باركليز كابيتال كيفن نوريش في لندن «من الصعب علينا التفكير في أي سيناريو لا يواصل فيه المتوسط السنوي للاسعار ارتفاعه المطرد». وأضاف «هذا تدفعه الاتجاهات القائمة نفسها من تسارع معدلات التراجع في انتاج المنتجين غير الاعضاء في أوبك الذين بلغ انتاجهم مرحلة النضج خارج الاتحاد السوفياتي السابق. كما أن نمو الطلب مازال مستقرا رغم الاسعار المرتفعة».وساهمت القيود التي تفرضها أوبك على الامدادات في ارتفاع الاسعار العام الماضي بنسبة 58 في المئة فيما يمثل أكبر زيادة سنوية خلال العقد الحالي.وتقول أوبك مصدر ثلث الامدادات العالمية من النفط انه ليس بوسعها عمل الكثير لخفض الاسعار لان أغلب أعضائها ينتجون النفط بأقصى طاقة ممكنة.وقال شكري غانم أرفع مسؤول بقطاع النفط الليبي لرويترز هاتفيا عقب ارتفاع الاسعار الى 100 دولار للبرميل انه ليس بوسع أوبك أن تفعل شيئا يذكر وأن أغلب الاعضاء يضخون النفط قدر ما يستطيعون.ومن العوامل التي ساعدت أيضا في رفع الاسعار تراجع قيمة الدولار الاميركي والتوترات السياسية في الشرق الاوسط وتزايد جاذبية المضاربة على النفط بين المستثمرين في الاسواق المالية.وقال بيتر بيوتل المحلل لدى كاميرون هانوفر «كل العوامل التي دفعتنا للارتفاع عن سعر 80 دولارا تدفعنا الآن لمستوى أعلى. والى أن نحصل على امدادات أكبر أو يبدأ الطلب في التراجع لا يوجد سبب يمنعنا من توقع أي رقم».وحتى الآن تحمل الاقتصاد العالمي ارتفاع الاسعار. لكن آخرين في صناعة النفط يقولون ان مسألة ما اذا كان الارتفاع الاخير في الاسعار سيبطئ النمو ويحد من الطلب لم تحسم بعد.ويقول نائب رئيس «ماكاري فيوتشرز يو.اس.ايه» نعمان بركات ردا على سؤال عن توقعاته لاتجاه الاسعار في فترة السنوات الثلاث الى الخمس المقبلة ان الاحتمالات مفتوحة وان من الممكن أن تسير الاسعار في أي من الاتجاهين.ويضيف «يمكن أن تكون الاسعار أعلى كثيرا بسبب استمرار الطلب القوي من البرازيل والهند والصين لكنها قد تنخفض من ناحية أخرى كثيرا لان هذه الاسعار المرتفعة جدا قد تؤدي الى كساد عالمي». لكن أغلب التنبؤات تتوقع استمرار الطلب في الارتفاع.فقد حافظت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي عن توقعات الطاقة العالمية الذي نشر في السابع من نوفمبر على توقعاتها بان الطلب العالمي على النفط سينمو بنسبة 1.3 في المئة سنويا حتى عام 2030 وذلك رغم رفع توقعاتها للاسعار.وقالت الوكالة التي تقدم المشورة للدول الصناعية الكبرى انه لا يمكن استبعاد حدوث أزمة في الامدادات في الفترة من الآن وحتى عام 2015 تؤدي الى ارتفاع حاد ومفاجئ في الاسعار. أما شكري غانم فيقول «عصر النفط الرخيص لم يعد له وجود».الأسعار قد تتضاعف؟وترى خبيرة في معهد اقتصادي الماني ان الارتفاع الحاد في اسعار النفط لن يتراجع على الارجح وسعر البرميل الذي تجاوز عتبة المئة دولار الاربعاء قد يتضاعف خلال عشر سنوات.وقالت الخبيرة في معهد «دي اي في» كلاوديا كيمفرت، في مقابلة مع صحيفة «برلينر تسايتونغ» ان «احتياطات النفط تتضاءل اكثر فاكثر وهذا سيؤدي الى ارتفاع الاسعار». واضافت «خلال خمسة اعوام، من المرجح ان يبلغ السعر 150 دولارا (للبرميل الواحد) وخلال عشرة اعوام الى مئتي دولار». للمرة الاولى في تاريخه، تجاوز سعر الذهب الاسود امس في نيويورك عتبة المئة دولار للبرميل، نتيجة اوضاع جيوسياسية متوترة مثل تصاعد اعمال العنف في نيجيريا التي تحتل المرتبة الاولى بين الدول الافريقية المصدرة للنفط وضعف الدولار.وقالت الخبيرة نفسها ان تراجع الاسعار ليس مرجحا. واضافت «اراهن على ارتفاع جديد الى 105 دولارات على المدى القصير».
برميل النفط... اختفى
لندن- ا ف ب- لم يعد البرميل يستخدم عمليا منذ فترة طويلة لنقل النفط لكنه يبقى المرجع الدولي في تجارة النفط. وبرميل النفط وهو وحدة قياس انكلو-ساكسونية تصل سعته حاليا 159 ليترا اي 42 غالونا اميركيا.والبرميل كحاوية للنفط استخدم بشكل كبير قبل 1860 وكانت سعته تراوح بين 150 و190 ليترا. لكن اعتبارا من العام 1865 وبدء استخدام انابيب النفط والاستخدام المتزايد للخزانات والسفن والشاحنات-الصهاريج لم يعد النفط ينقل بالبرميل. وفي 1972 اعتمد البرميل الذي يحوي 42 غالونا من قبل جمعية منتجي النفط واصبح وحدة قياس عالمية للنفط.وتحتسب اسعار النفط الخام العالمية اي نفط برنت بحر الشمال في لندن و«لايت سويت كرود» في نيويورك بالبرميل وتحدد بالدولار. وقبل ان يتحول الى حاوية للنفط كان البرميل الخشبي يستخدم لنقل النبيذ والجعة والويسكي والسمك.