No Script

قيم ومبادئ

الغفلة عن الحياة الباقية

تصغير
تكبير

الحياة الدائمة الباقية بعد طي هذا العالم، وذهاب الدنيا وأهلها في دار الحيوان، هي الحياة التي شمر لها المشمرون، ونافس فيها المتنافسون.
وإذا كانت حياة أهل الإيمان والعمل الصالح في هذه الدار حياة طيبة، فما الظن بحياتهم في البرزخ، وقد تخلصوا من سجن الدنيا وضيقها؟! وما الظن بحياتهم في دار جنات النعيم الذي لا يزول، وهم يرون وجه ربهم تبارك وتعالى بكرة وعشياً فيزدادون حسناً وبهاءً ويسمعون خطابه الذي هو غاية المنى قال الله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى? رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).
والسؤال الذي يغفل عنه الكثير هو: ما سبب تخلف النفس عن طلب هذه الحياة، وما الذي زهَّدها فيها؟ وما سبب رغبتها في الحياة الفانية المضمحلة هل تكذيب ٌبها ؟! أفسادٌ في تصورها وشعورها؟! أم لآفة في العقل وعمى في البصيرة، والحقُّ والحقَّ أقول إنه ضعف الإيمان، فإن الإيمان هو روح الأعمال، وهو الباعث عليها والآمر بأحسنها، والناهي عن أقبحها، وعلى قدر قوة الإيمان يكون أمره ونهيه لصاحبه وائتمار صاحبه وانتهاؤه، قال الله تعالى (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين).


وكذلك جُثوم الغفلة على القلب، فإن الغفلة نوم القلب، ولهذا تجد كثيراً من الأيقاظ في الحس نياماً في الواقع فتحسبهم أيقاظاً وهم رقود، ضد حال من يكون يقظان القلب وهو نائم، فإن القلب إذا قويت فيه الحياة لا ينام إذا نام البدن، وكمال هذه الحياة كان لنبينا صلى الله عليه وسلم، ولمن أحيا الله قلبه بنور الإيمان، قال الله تعالى (وَكَذَ?لِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ? مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَ?كِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا).
لابد من الخلوة مع الله وهي أن يقبل على نفسه وقلبه وذاته، فيعتني بتحصيل كماله فيلحظ عوالي الأمور وسفاسفها، فيؤثر الأعلى على الأدنى وأغلب الناس اليوم في غفلة معرضون، والغفلة هي نوم القلب عن طلب هذه الحياة وهي حجاب عليه، فإن كشف هذا الحجاب بالذكر وإلا تكاثف حتى يصير حجاب بطالة ولعب واشتغال بما لا يفيد فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى يصير حجاب معاصٍ وذنوب صغار تبعده عن الله فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى يصير حجاب كبائر توجب مقت الرب تعالى له وغضبه ولعنته، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صار حجاب بدع عملية يُعذب العامل فيها نفسه ولا تجدي عليه شيئاً، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صارحجاب بدع قولية اعتقادية تتضمن الكذب على الله ورسوله والتكذيب بالحق الذي جاء به الرسول، فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صار حجاب شك وتكذيب يقدح في أصول الإيمان الخمسة، وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه فَلِغِلَظِ حجابه وكثافته وظلمته وسواده لا يرى حقائق الإيمان، ويتمكن منه الشيطان يعده ويمنيه، والنفس الأمارة بالسوء تهوى وتشتهي، وسلطان الطبع قد ظفر بسلطان الإيمان فأسره وسجنه - إن لم يهلكه - وتولى تدبير المملكة واستخدام جنود الشهوات، وأقطعها العوائد التي جرى عليها العمل، وأغلق باب اليقظة وأقام عليه بَوّاب الغفلة.

الخلاصة:
قال الله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي