No Script

من الذاكرة

انسحاب العراق من النسخة السادسة ... «سر أسرار» كأس الخليج

تصغير
تكبير

لم يخلُ تاريخ كأس الخليج لكرة القدم من «منغّصات» تلوح في سماء البطولة بين نسخة وأخرى، وكانت تتمثل في اتخاذ وفد ما قرار الانسحاب من الدورة سواء قبل انطلاقها أو خلالها.
وتراوحت أسباب الانسحاب أو الامتناع عن المشاركة بين اعتراض على التحكيم أو رفض لاختيار دولة منظمة  لـ«تعويذة» تمثّل بعداً تاريخياً.
بدأت «حكاية» الانسحابات من كأس الخليج مبكراً، وتحديداً في النسخة الثانية في الرياض العام 1972 بعدما قرر الوفد البحريني عدم اكمال اللقاء أمام السعودية المضيفة، اعتراضاً على قرارات الحكم السوداني زين العابدين الذي طرد الحارس يوسف المالكي وجاسم محمد، ليتم شطب نتائج «الأحمر» وتتوج الكويت باللقب بفارق الأهداف عن أصحاب الأرض.


وشهدت نسخة «الكويت 1990» اعتراض السعودية على تعويذة البطولة فلم يحضر منتخبها الى الكويت لخوض المنافسات لتسجل غيابها الأول في تاريخ كأس الخليج.
من جهتها، شاركت العراق بالفعل في هذه البطولة لكنها عادت لتنسحب بعد مباراتها أمام الإمارات (2-2) احتجاجاً على قرارات الحكم، الهولندي «جاكوب»، واحتسابه ركلة جزاء على قائد «أسود الرافدين» عدنان درجال قبل طرد الأخير بسبب الاعتراض.
وطالب الوفد العراقي بإعادة المباراة وهو ما رفضته اللجنة المنظمة لعدم وجود خطأ فني يستدعي ذلك، فجاءت التعليمات من بغداد بالانسحاب.
غير ان أغرب قرارات الانسحاب شهدتها الدورة السادسة التي أقيمت في الإمارات خلال مارس 1982، وكانت للمنتخب العراقي أيضاً.
وما زال هذا الانسحاب يعتبر أحد أسرار كأس الخليج والأكثر إثارة للأسئلة رغم مرور سنوات طويلة على وقوعه.
كانت الأمور - كما درجت العادة في آخر ثلاث نسخ - تسير إلى تنافس الكويت والعراق على اللقب، وكان يفترض أن يتواجها ضمن الجولة السادسة من «نسخة 1982» في لقاء حاسم.
قبل المباراة المنتظرة، كان العراق المتصدر بفارق نقطة أمام الكويت، سينهي مشواره في البطولة، فيما تتبقى مباراة أخيرة لـ»الأزرق» أمام قطر في الجولة الختامية.
هذا الواقع يعني بأن الفائز بين الكويت والعراق سيتوج بطلاً، فيما يحيل التعادل أوراق المنافسة الى اللقاء الأخير بين الكويت و«العنابي».
وفي الأول من ابريل موعد اللقاء المرتقب، فوجئت أوساط الدورة بقرار الوفد العراقي الانسحاب بعد تلقي رئيس الوفد، أمير اسماعيل حقي، رسالة من رئيس الجمهورية آنذاك، صدام حسين.
على اثر ذلك، عقد رؤساء الوفود الخليجية اجتماعاً طارئاً أفضى الى ارسال خطاب الى الرئيس العراقي لمناشدته بالعدول عن قرار الانسحاب لكنهم لم يتلقوا رداً.
استكملت البطولة من دون العراق، فتوجت الكويت باللقب علماً أنها كانت تشارك بالفريق الاحتياطي بغية اتاحة المجال أمام «الأزرق الأساسي» للاستعداد لمونديال اسبانيا في العام نفسه.
ويقول رئيس الاتحاد البحريني السابق، الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، المواكب لبطولات كأس الخليج منذ نسختها الأولى في حديث صحافي عن تلك الحادثة: «حتى اليوم، لا أحد يعرف السبب الحقيقي، وكلٌّ له تفسير، لكن أتاهم أمر من صدام حسين رئيس الدولة في ذلك الوقت، وانسحبوا. كنت أعرف أن الوفد يريد البقاء، لكن الأمر بقي دون تفسير».
وفيما كان الشائع في تلك الفترة ان قرار الرئيس العراقي جاء لاتاحة المجال لمنتخب الكويت للتتويج باللقب وخوض كأس العالم بمعنويات عالية، فإن ثمة روايات أخرى اعتبرت أن مبررات «خدمة الأمة العربية في كل مكان»، و«العلاقات الأخوية الصحيحة» و«المصلحة القومية» التي وردت في رسالة الانسحاب، لم تكن الدافع وراء اتخاذ القرار، بل تحدثت عن اسباب مغايرة، منها غضب صدام من هتافات جماهير الإمارات ضده ونظامه وقيامهم بتمزيق صوره في شوارع أبوظبي بعد انتهاء مباراة العراق والإمارات.
غير ان أبرز ما قيل في الحدث التاريخي أن السبب الحقيقي وراء قرار صدام كان الوضع على الجبهة الايرانية خلال حرب الخليج الأولى (1980-1988)، بعد قيام القوات الإيرانية، في 22 مارس 1982، بشن هجوم أطلقت عليه اسم «فتح» أسفر عن نجاحها في تحقيق اختراق بعمق 20 كلم وطول 100 كلم على الجبهة واجبار قوات الفيلق الرابع العراقي على التراجع إلى خطوط دفاعية جديدة.
لم يكن صدام يرغب في إخفاق رياضي في اللعبة الشعبية الأولى في الفترة نفسها التي كانت فيه قواته تتعرض للهجوم الإيراني الكاسح، ولطالما استعار الرئيس العراقي نهج الزعيم الألماني أودلف هتلر في استخدام الانجاز والأحداث الرياضية وتوظيفها لتعزيز مكانته كما حدث في أولمبياد برلين العام 1936 والتي شهدت الترويج للأيديولوجية النازية والتسويق لصورة «ألمانيا العظمى».
ما زال انسحاب العراق من «خليجي 6» سراً لم يبح به تاريخ البطولة، الا ان من وعى طريقة تفكير الرئيس العراقي في تلك الفترة يذهب إلى تبنّي الاحتمال الأخير.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي