No Script

الرقابتان السابقة واللاحقة... غير كافيتين

المساءلة بجميع المستويات وقياس الأداء كلمتا السر لضبط... الإنفاق العام

u0639u0635u0627u0645 u0627u0644u0637u0648u0627u0631u064a
عصام الطواري
تصغير
تكبير
  • الطواري:
  • يتعين أولاً وضع وتفعيل مؤشرات حقيقية لقياس الأداء 
  • تيسيرات إدارية وآليات تحفيز ومكافآت لمن ينجح في الوصول إلى الأهداف 
  •  إقرار عقوبات تصل إلى الاستغناء عن من  لا يشكل قيمة مضافة

أكد اقتصاديون أن نجاح الحكومة في ضبط الإنفاق العام، مرهون بتطبيق مبدأ المساءلة المالية على المستويات الإدارية كافة، في الجهات الحكومية على اختلافها.
وأشاروا إلى أن فعالية المساءلة مرهونة أيضاً بتفعيل مؤشرات حقيقية لقياس الأداء ومنح الكوادر الحكومية المجال للإبداع في تحقيق المطلوب وفق أطر إدارية مرنة وقانونية، على أن تكون المساءلة مقرونة بآليات تحفيز ومكافآت لمن ينجح في الوصول إلى الأهداف مع تيسيرات إدارة تقدّم له، إلى جانب آليات عقاب تصل إلى الاستغناء عن الخدمات لمن لا يشكل وجوده في المنظومة الحكومية قيمة مضافة تساعد في تحقيق أهداف الدولة.
من ناحيته، لفت المدير والشريك في شركة «نيوبيري» للاستشارات، عصام الطواري، إلى أن المساءلة المالية يجب أن تعمّ جميع المستويات الإدارية بالجهاز الحكومي للدولة، لا أن تقتصر على الجهات الرقابية فقط، حتى تكون أكثر فعالية وقدرة على ضبط الإنفاق.
وأوضح أن تطبيق المساءلة المالية مقرون بمعدلات الإنجاز يحقق الهدف المرجو منها بتصويب أي حيود عن الأهداف الموضوعة من قبل الدولة، مشدداً على أن جعل كل موظف عام في أي مستوى وظيفي مُساءلا من شأنه رفع مستوى الأداء في الجهاز الحكومي بالدولة، ما يدفع بصورة تلقائية نحو التوظيف الأمثل للقدرات كافة.
وأكد الطواري أن نجاح المساءلة لابد أن يسبقه وضع وتفعيل مؤشرات حقيقية لقياس الأداء، تُحدّد من خلالها الأهداف المراد تحقيقها لجهة إنجاز جميع المشروعات الحكومية، ومعدلات الإنفاق عليها، وفتح المجال أمام الكوادر الحكومية للإبداع في تحقيقها، في أطر إدارية مرنة تتخلص من القيود البيروقراطية كافة، مع مراعاة جميع الجوانب القانونية، مشيراً إلى أن تطبيق مؤشرات قياس الأداء يجب أن يكون مقروناً بآليات تحفيز ومكافآت لمن ينجح في الوصول إلى الأهداف، مع التيسيرات الإدارية التي ستقدم له، كما يمكن في الوقت ذاته وضع آليات عقاب تصل إلى الاستغناء عن الخدمات لمن لا يشكل وجوده في المنظومة الحكومية قيمة مضافة، تساعد في تحقيق أهداف الدولة، إذ سيصبح عبئاً عليها يؤخرها، ولا يساعد في الإنجاز.
وذكر الطواري أن التقارير التي ستصدر عن وضع مؤشرات لقياس الأداء تحقق فوائد عديدة تشمل التالي:
1 - إطار من الرقابة المستمرة التي تؤدي دائماً نحو الإنجاز.
2 - دفع الكوادر الحكومية نحو أفكار خلاقة للتعامل مع المعطيات كافة وتوفير في حجم الإنفاق عليها.
3 - تنبيه مبكر بكافة المعوقات التي تواجه العمل الحكومي على جميع المستويات قبل أن تستفحل وتعطّل إنجاز المشروعات.
4 - وفر في النفقات، إذ إن التنبيه المبكر من المعوقات يقلل تكلفة التعامل معها إذا تم وضع الحلول سريعاً.
5 - ترشيق الجهاز الإداري في الدولة، فالكوادر الحكومية التي لا فائدة منها يتم الاستغناء عنها ما يقلل الإنفاق مجدداً.
وأشار الطواري إلى أن تطبيق العديد من الدول القريبة من الكويت نظام المساءلة من خلال مؤشرات قياس الأداء جاء بنتائج مبهرة، دفعت الأجهزة الحكومية إلى الإبداع في آليات الإنجاز ومستوى الخدمات المقدمة من قبل الدولة، لافتاً إلى أن الوصول إلى ذلك المستوى من شأنه أن يحقق فائدة مزدوجة للدولة من خلال تقديم خدمات بأعلى مستوى جودة وبأقل تكلفة ممكنة.

الرقابة والمساءلة
من جهتها، عزت مصادر مسؤولة معضلة الحكومة في ضبط الإنفاق العام إلى عدم اقترانه بتطبيق مبدأ المساءلة المالية، مشيرة إلى أن الرقابة المسبقة واللاحقة على الإنفاق غير كافية، إذ يجب أن تكون هناك مساءلة حول حجم الإنفاق، مقترنة بالجدوى المحققة منه، مع ربطه بمعدلات الإنجاز.
ولفتت إلى أن الجهات الرقابية الحالية مثل جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة، لا يمكنهما قانوناً ضبط الإنفاق العام بالصورة التي تحتاجها الدولة، خصوصاً وأن المساءلة المالية ليست ضمن أدوارها، إذ يقتصر الدور في «المراقبين الماليين» على رقابة توافر الاعتمادات المخصصة للإنفاق في بنود الموازنة، بينما يلعب «المحاسبة» دوراً أكبر بصلاحيات أعلى، لكنها لا تصل إلى مستوى المساءلة المالية.
وذكرت المصادر ذاتها أن دور الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، يتمثل في متابعة معدلات الإنجاز فقط في المشروعات التنموية، بينما تترك شق الإنفاق بيد وزارة المالية، الأمر الذي يعدّ عائقاً أمام ضبط الإنفاق وربطه بمعدلات الإنجاز في المشاريع.
وشددت على أن تطبيق مبدأ المساءلة المالية بات ضرورة ملحة في الوقت الراهن، الأمر الذي يجب معه تدعيم قدرات وزارة المالية في التحول إلى «المدير المالي للدولة» عبر الدفع نحو التحول السريع إلى تطبيق ميزانية البرامج والأداء كخطوة أولى، والتي ستعدّ تحولاً نوعياً في الإدارة المالية للدولة، حيث تختص تلك الميزانية بطبيعة أنشطة وأعمال الأجهزة الحكومية وليس الإنفاق فقط، لتكون بديلاً عن ميزانية القيود الحالية، والتي تعنى بالجانب المحاسبي فقط، إذ تختص بتسجيل الإنفاق مجرّداً على أنه مبلغ تم سداده. ونوهت المصادر إلى أن تطبيق ميزانية البرامج والأداء من شأنه أن يربط بين أوجه الإصلاح المالي والاقتصادي الحكومي كافة، من خلال ربط الإنفاق بمعدلات الإنجاز، لكن المساءلة المالية تظل محل بحث آخر.

هيئة بسلطة أعلى من الوزارات

أكدت مصادر مسؤولة أن المساءلة المالية يجب أن تكون من قبل سلطة أعلى من سلطة الوزارات، حتى تتمكن من محاسبة الوزراء على حجم الإنفاق، الأمر الذي لا يمكن إسناده إلى الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية المسؤولة عن متابعة معدلات الإنجاز، كونها إحدى الجهات التابعة سياسياً لمنصب وزاري، مبينة في الوقت ذاته أنها مع خيار أن تُعطى «التخطيط» صلاحيات أكبر.
واقترحت المصادر إنشاء هيئة أو كيان إداري تابع لرئاسة مجلس الوزراء مباشرة، تكون مهمته الوحيدة المساءلة المالية وتقديم تقارير في هذا الشأن إلى رئيس مجلس الوزراء بصورة دورية، من أجل اتخاذ القرارات بصورة سريعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي