No Script

المسرحية استضافها مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي

«الثمن»... هل يمكن أن يُطلب لحياة إنسان؟

تصغير
تكبير

أي ثمن يمكن أن يُطلب لحياة إنسان؟!... سؤال صعب يطرحه شقيقان وزوجة أحدهما، حين يدخل حياتهم دلّال، بعد أحداث مشوّقة رسمتها مسرحية «الثمن» التي احتضنها مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي لمدة أربعة أيام متتالية من 23 حتى 26 يناير.
«الثمن» صاغها الكاتب القدير عبدالعزيز السريع، وهي إحدى روائع الأديب الأميركي آرثر ميلر، وبرؤية إخراجية جديدة للمخرج يوسف الحشاش، بينما يؤدي أدوار الشخصيات النجم عبدالله السدحان من السعودية، ومن الكويت ناصر كرماني وشهاب جوهر وفاطمة الطباخ.
وتأتي مسرحية «الثمن» كإضافة جديدة ضمن فعاليات الموسم الثالث 20/‏19 لمركز الشيخ جابر الثقافي، والتي تتضمن أكثر من 100 فعالية، تتنوع بين أعمال استعراضية، ومسرحية، وموسيقية، وغيرها، وتتميز فنياً بالابتكار والتنوع.


المسرحية التي أبدع في صياغتها السريع وقاد دفتها بإتقان الحشاش، تعالج هموم الإنسان والمواطن وتناقش فكرة مألوفة، هي كيف يتم استغلال الإنسان الضعيف، وكيف يزداد الغني ثراء، بالإضافة إلى أنها تتطرق إلى الاحتكار وسيطرة رؤوس الأموال على مفاصل الحياة، وكيف يجر الاستهلاك الإنسان البسيط محدود الدخل أو العامل.
وتدور الأحداث، التي كتبها آرثر ميلر في العام 1968، حول ميراث عائلي (أثاث) يعرض للبيع بعد وفاة رب الاسرة، وتناقش المسرحية القيمة المادية والمعنوية لقطع الأثاث في سياق سقوط الروابط العائلية، والقرارات التي يتخذها أخوان، والصراع الناشئ بينهما بسبب اختلاف توجهات كل منهما ورحلتيهما في البحث عن السلام مع الماضي والأمل في المستقبل.
وتتميز المسرحية بأن أحداثها تدور في مكان واحد وزمن واحد، حيث تتناول العلاقة بين شخصياتها الأربع من خلال الحوار الكاشف عن أبعاد تلك الشخصيات وقيمها ومنطلقاتها.
على خشبة المسرح، نرى شرطياً يشارف على التقاعد (ناصر كرماني) وعليه أن يخلي بيت العائلة، لأن المبنى على وشك أن يُهدم لتنفيذ مشاريع عمرانية أحدث على أرضه، وفي البيت أكداس من الأثاث والمتعلقات الشخصية والأشياء الصغيرة التي نجدها في كل بيت، ظل الغبار يتراكم عليها لسنوات، فصارت نصباً متداعياً يشهد على مجد زائل حين كان الوالد من الأثرياء قبل أن يدخل بكل أمواله في البورصة «سوق المناخ» ويخسرها.
وانقطعت العلاقة بين الشرطي وشقيقه، منذ قطع الشرطي دراسته ليعتني بوالده المريض، فيما تركهما شقيقه الذي يقوم بدوره شهاب جوهر ليواصل تعليمه ويصبح ناجحاً من دون أن يسأل عن مصير الشقيق أو الأب.
ويقف بينهما الآن دلّال في التسعين من العمر، يقوم بدوره عبدالله السدحان، والذي أذهل الجمهور بأدائه المميز ومنح جواً ممتعاً وبدأ شديد الوهج على المسرح نطقاً وحركة وحيوية في تقمص دور شخصية الدلّال البخيل والمرابي، وبكوميديا خفيفة دخلت قلوب الجمهور وتعالت الضحكات معها.
أما «وسمية» (فاطمة الطباخ)، فإنها زوجة الشرطي المحبطة، التي تقول في العمل إن هناك شيئاً اسمه دين أخلاقي، وهنا تدور الحبكة حول تظلمات لا يمكن المصالحة بينها تتعلق بقيمة تضحيات ذاتية في مجتمع يعلن أن مصلحة الذات الفردية فوق كل شيء، ويقدم الشرطي صورة ناشزة في مجتمع كهذا بشخصية شرطي بسيط يثمن الخدمة العامة على الكسب الخاص. ويبدو الدلّال آمناً في قناعته بأن كل ما يحتاجه الانتهازي في الحياة هو فرصة ينتهزها.
عرضت المسرحية للمرة الأولى في العام 1988 على مسرح الدسمة، في افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الفرق المسرحية الأهلية الشابة التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي، وأخرجها حينها الراحل فؤاد الشطي، ولم تصور للتلفزيون.
وقد اختار الكاتب عبدالعزيز السريع في معالجته للنص الأصلي إلباسه الثوب الكويتي، بحيث تسقط أحداثها على واقع المجتمع المحلي، وحظيت المسرحية آنذاك بأصداء إيجابية ولكنها لم تقدم للعرض العام بسبب تزامن عرضها مع حدث اختطاف طائرة «الجابرية»، ونظرا إلى أهمية المسرحية بين أعمال آرثر ميلر من جهة، وإلى موضوعها الرئيس الذي لايزال صالحا لتسليط الضوء عليه في الوقت الحالي من جهة أخرى، رأى السريع إعادة عرضها برؤية إخراجية جديدة ومع فريق جديد من الممثلين.
وعن الديكور كان يمثل إشارة واضحة للوضع الطبقي بين الشقيقين، والإضاءة كانت ثابتة بلون واحد تقريبا، والموسيقى كانت أكثر في الجزء الثاني من المسرحية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي