No Script

إيران تخسر نفوذها في العراق... هل سليماني الشخص المناسب؟

تصغير
تكبير

بقي سليماني مجهولاً في لبنان لسنوات ولكن عرف  به كل العراق من الزيارة الأولى 

سليماني متهَم بالعمل  ضدّ وحدة العراق 

ماذا حدث خلف الكواليس  بين «الحشد» وسليماني؟ 

سوء التفاهم العراقي - الإيراني يطفو على السطح 

عودة المالكي كمرشح قوي  لرئاسة الوزراء  

بالنسبة الى المرجعية في النجف تشكّل مصلحة الشيعة والعراق الأولوية  وليس ما يُرْضي إيران أو سليماني

تمرّ العلاقة بين بغداد وطهران في لحظاتٍ صعبة، حيث يبدو ان إيران بدأتْ تخسر نفوذها في بلاد ما بين النهرين. وهذه الخسارة لا صلة لها باستبدال العراقيين العلاقة مع إيران، بعلاقةٍ أكثر انحيازاً إلى الإدارة الأميركية أو اقترابٍ أكثر نحو دول أخرى في الشرق الأوسط، بل تتعلّق بطريقة تعاطي الجنرال الإيراني قاسم سليماني (قائد الحرس الثوري - لواء القدس) مع المسؤولين العراقيين، بمَن فيهم مَن أقسم الولاء للمرشد الأعلى للثورة السيد علي خامنئي.
ومن الصعب تفسير الدينامية العراقية - الإيرانية ببضع مقالات، لأن العلاقة أكبر وأكثر تعقيداً من أن تُكتب على ورق، وتالياً لن يكون في الإمكان تناول جوانبها كافة... فليس هناك خلاف بين البلدين على المستوى الديني والإستراتيجي، إلا أن الخلاف التكتي يَظهر بوضوح ويطفو على سطح العلاقة المتدهورة.
لقد أعاد انتصار الثورة الإيرانية العام 1979 الكرامة التي خسرها الشعب الإيراني جراء الحكم البريطاني - الأميركي الذي تسلّط على إيران من خلال الدمية التي وضعها ممثّلةً بشاه إيران محمد رضا بهلوي. وعند وصول الإمام الخميني إلى السلطة قال كلمته الشهيرة: «لا تقية بعد اليوم».
وبحثتْ إيران عن سبلٍ لدعم الشيعة الذين يمثّلون أقلية في العالم الإسلامي وعملتْ على إيجاد شركاء لها - وليس وكلاء كما يحب العالم أن يصفهم - للوقوف «مع المستضعَفين وضدّ الظالمين». ولا يُجبَر هؤلاء الشركاء على إتباع «ولاية الفقيه» (العقيدة التي تبنّاها الإمام الخميني)، وهي الولاية التي تعطي السلطة الدينية والسياسية - القضائية والمالية لولي الفقيه الذي يمثّل النائب العام للإمام المهدي (سليل الرسول). ومع ذلك فان العالم الشيعي يسمح للعامة باختيار المرجع الديني وتقليده. ويتواجد هؤلاء المراجع عادةً في إيران والعراق.
ولا توجد - كما يعتقد البعض - منافسة بين قم (في إيران) والنجف (في العراق) كمركزيْن دينييْن للشيعة. فالعاصمتان الدينيتان تقدّمان تعاليم ومدارس مختلفة ولهما أتباعهما المتقاربون والمتباعدون في الوقت عينه.
ومع ذلك، هناك قلق جدّي في إيران في شأن هوية وسياسة قادة العراق وإذا كان هؤلاء سيعملون ضمن فلك سياسة الولايات المتحدة وتحت نفوذها. ولهذا فإن الجمهورية الاسلامية تشعر بأنها معنيّة مباشرة بما يجري في العراق المتاخِم لحدودها الجغرافية.
وقد تحرّكت إيران طوال عقود من الزمن إلى جانب العراقيين في المنفى خلال حكم الطاغية صدام حسين وإطاحته العام 2003 خلال الاجتياح الأميركي، فقد قدمت الإدارة الأميركية هدية لإيران توازي تقريباً الإذلال الذي عاناه شعب إيران خلال حكم بريطانيا وأميركا ايام الشاه. وقد مثّل صدام تهديداً مباشراً لطهران عبر استنزاف مواردها العسكرية والاقتصادية. وعلى الرغم من هدية جورج بوش لإيران، إلا ان قيادتها رأتْ في أميركا تهديداً أكبر بكثير عليها.
في الواقع، عندما غزتْ أميركا العراق، دعا الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله العراقيين إلى دعم صدام ضدّ أميركا. وقد لاقت هذه الدعوة يومها استياء وشجباً من الشيعة العراقيين الذين لم يكترثوا لمَن سيحكم العراق ما دام صدام أزيح عن سدة الحكم.
وعند قيام معارضة مسلّحة ضد الولايات المتحدة في العراق، دعمتْ إيران التمرّد السني ضد قوات الاحتلال الأميركية، إلى أن قرّر زعيم المتمرّدين، أمير «القاعدة» في العراق أبو مصعب الزرقاوي استهداف قادة العراق ومسؤولي الأجهزة الأمنية، والدفع في اتجاه إشعال حرب طائفية عبر قتْل ومهاجمة الشيعة في شكل خاص ليجمع أكبر عدد من المناصرين حوله.
وعندها دعمتْ إيران مجموعاتٍ شيعية لمحاربة القوات الأميركية وتمكّنت من تدريب مجموعات متعددة وتمويلها لتصبح على غرار قوة «حزب الله» اللبناني وتنظيمه، كان هدفها إيجاد مثيل لهذا الحزب في العراق. إلا أن الجماعات العراقية بالغتْ في أدائها وافتقرت للانضباط والإخلاص الذي يتمتّع به «حزب الله» اللبناني حيث لم تلتقِ دائماً أهدافها مع أهداف السياسة الإيرانية الاستراتيجية، ومردّ ذلك إلى اختلاف في الثقافة. فالعراق ليس كلبنان ولن يقبل العراقيون بأن يتلقوا أوامر، كما لن يقبلوا بتنفيذ سياسة إيران في العراق ان لم تكن تُناسِبهم.
أفضل مثال صغير على ذلك، هو أداء السيد مقتدى الصدر الذي تمتّع بدعمٍ مالي وعسكري غير محدود من إيران منذ العام 2010 إلى 2014 ثم رفَض الإملاءات الإيرانية عليه حتى عندما كان في طهران لفتراتٍ من الزمن وفي ضيافة الحرس الثوري.
أما المثال الأكبر، فهي مرجعية النجف التي رفضتْ سياسة إيران وتكتيكاتها في العراق من دون أن تعمل بالضرورة ضد مصلحة الشيعة في شكل عام. فبالنسبة الى المرجعية في النجف الأشرف، تشكّل مصلحة الشيعة ومصلحة العراق الأولوية، وليس ما يُرْضي إيران أو قاسم سليماني.
ولم ينسَ العراقيون دعم إيران لهم العام 2014 عندما كانت «الدولة الاسلامية» وغيرها من الجماعات المتشدّدة تحتلّ مدينة الموصل الشمالية وتبسط سيطرتها على نحو ثلث العراق. حينها أرسل سليماني إلى بغداد وأربيل القوات والمعدات الحربية لتزويد القادة بالأسلحة والمستشارين لمنع تَمدُّد «داعش» وبلوغ ميليشياته بغداد بعدما تباطأت أميركا بردة فعلها ودعمها للعراق واكتفت بمراقبة التطورات في الأشهر الأولى من دون فعل أي شيء. وعندما دعا المرجع الأعلى في النجف السيد علي السيستاني لتشكيل «وحدات الحشد الشعبي»، لم يتأخر سليماني بتقديم نفسه كمحرّك وقائد لأكثر قادة الحشد.
وكانت سياسة إيران واضحة في تعزيزها شخصية الجنرال الإيراني وقائد الحرس الثوري - لواء القدس للقول للقوات الأميركية إن «إيران لكم في المرصاد في كل مكان». واقعاً فإن إيران تريد احتضان كلمات الخليفة العباسي هارون الرشيد عندما كان على شرفة قصره في بغداد مخاطباً سحابة: «امطري حيث شئتِ فسوف يأتيني خراجك».
وبمتابعةٍ قريبة لحركة «حزب الله» اللبناني منذ نشْأته وإلى يومنا هذا، فان زيارات سليماني للبنان كانت دائماً سرية للغاية طوال أعوام عديدة. وفقط عدد قليل من داخل دائرة ضيقة كانوا يعلمون بوجوده في لبنان عندما كان يحضر على مدى أكثر من 20 عاماً. ولم يكن يوماً اسم سليماني معروفاً لدى صفوف الحزب العادية او المتوسطة. ولكن من اليوم الأول لوصوله الى العراق (العام 2005)، عَلِم كل الساسة العراقيين بزيارته وفحوى أحاديثه مع المسؤولين العراقيين وتفاصيل اجتماعاته لدرجة ان اسمه أصبح معروفاً لدى عامة الشعب العراقي: وهذه طبيعة هذا الشعب الذي يكره السرّية في شكل عام.
لقد اختارت القيادة الإيرانية اتخاذ موقف علني ومجابهة الوجود الأميركي في العراق وسورية، ووقَع الاختيار على سليماني. ويَعتقد بعض القادة العراقيين ان سليماني تجاوز مهمّته ولم يكن يعمل لوحدة العراق، وهذا لأسباب عدة قديمة وجديدة:
- إعادة انتخاب نوري المالكي لولاية ثانية: وقد تم تنظيم هذا الانتخاب من قبل سليماني رغم معارضة أكثر الكتل الشيعية لعودة المالكي. اذ لم يثق أبداً هؤلاء بوعوده بتقاسم السلطة مع شركائه الآخرين وحاولوا عزْله لمنع انتخابه مرة أخرى. وقد شارك هؤلاء في الحملة الدولية لإظهار المالكي مسؤولاً عن كل الكوارث التي أصابت العراق. أما السبب الذي دعا سلماني الى دعم المالكي فيعود إلى قدرة رئيس الوزراء على الوقوف من دون تردد أمام الإدارة الأميركية والطلب منها سحب جميع قواتها من العراق.
- انتخاب حيدر العبادي رئيساً للوزراء: يومها بذل سليماني حتى اللحظة الأخيرة كل جهده لمنع انتخاب العبادي. ولهذا السبب أصبح غير مرغوب به من قبل رئيس الوزراء الذي لم يستقبله مرات عدة الى ان أُصلح بينهما عن طريق وسطاء لم يتمكنوا من إزالة كل العوائق بين الاثنين.
- صور سليماني في جميع أنحاء العراق وسورية: هذه رسالة واضحة أرادتْ ايران توجيهها الى الولايات المتحدة، إلا انها أزعجتْ المسؤولين العراقيين، وخصوصاً العبادي.
والواقع ان انتصار العراق ضد «داعش» يعود الى العراقيين في الدرجة الاولى (وليس لإيران) بمَن فيهم «الحشد الشعبي» الذي ينتمي الى الشعب العراقي.
اما النقطة «السليمانية» الأخيرة التي طَفح بها كأس العبادي فكانت معركة كركوك. اذ حاول الإعلام الإيحاء بأن سليماني هو الذي ربح المعركة وبفضْلِهِ وليس بفضل الجيش العراقي. وقد ردّ العبادي على هذه الادعاءات عندما قال (واصفاً سليماني بالتحديد): «ان أحداً أتى من كوكب المريخ أو لا أعرف من أين لينسب الى نفسه انتصارات الجيش العراقي. هذا أمر غير مقبول».
كل هذه الأحداث في كفّة، والأحداث الأخيرة التي حصلت في بغداد في كفة أخرى. إذ أحدثت زيارة قاسم سليماني الأخيرة انقساماً بين الكتل الشيعية وأحزابها، بمَن فيها تلك المنتمية والمموَّلة من سليماني.
بدأتْ القصة عندما قرّر سليماني ان رئيس وزراء العراق المقبل يجب ان يكون العبادي و«يستحقّ ولاية جديدة». وهذا ما أَسْعد العبادي الذي يريد ولاية ثانية. إلا ان سليماني لعب «بطاقته العراقية» في وقت مبكراً جداً وعلى نحوٍ لا ينمّ عن حكمة ما ولدِّ غضباً واستياء لدى حلفائه المقرّبين من بين العراقيين. جلّ ما أراده سليماني هو إعادة الأمور إلى مستوى أفضل بينه وبين رئيس الوزراء الذي زادتْ حظوظ إعادة التجديد له بعد انتصاره على «داعش» ووقوفه بشدة ضد تقسيم الكرد للعراق.
وكان الجنرال سليماني قد فرض على أحد أبرز القادة في «الحشد الشعبي» وزعيم منظمة «بدر» هادي العامري التوقيع على اتفاق مع العبادي على لائحة مشتركة قبل الانتخابات. وكان جميع قادة «الحشد» والكتل الشيعية قرروا خوض الانتخابات منفردين ومن ثم تشكيل كتلة واحدة بعد الانتخابات وبعد ان يفرض كل طرف شروطه. إلا ان سليماني كاد ان يُفْقِدَ «الحشد» والأحزاب والكتل الأخرى ورقة التفاوض مع العبادي الذي فرح بتذويب الجميع - او على الاقل الكتل القوية - تحت إمرته ليضمن لنفسه النصر المؤكد بشروط قليلة. وهكذا كاد سليماني ان:
• يعطي العبادي انتصاراً سياسياً مبكّراً على الجميع.
• ليّ ذراع العامري وإجباره على الانضمام الى العبادي من دون شروط ليذوب الجميع تحت راية رئيس الوزراء وشروطه هو.
• تهميش السيد عمار الحكيم وغيره من الكتل ما أثار غضب هؤلاء من سليماني.
• إرسال سهم مسموم لنحْر المالكي، الحليف الرئيسي لإيران ولـ «الحشد» وطعْنه من الخلف سياسياً.
• دفْع الصدر الى خارج التحالف الشيعي المستقبلي بعد الانتخابات ما جعله يتحالف - في خطوة ذكية جداً - مع الحزب الشيوعي.
وقد ردّ المالكي (داخل الدائرة المصغرة القريبة جداً منه) بأن إيران ممثّلة بسليماني خانتْه، فهو يعمل ضدّ مصلحة المرجع الأعلى السيد علي خامنئي وضدّ الاستراتيجية الإيرانية في بلاد الرافدين. ويعتقد المالكي ان مرشد الثورة طلب «حفظ الحشد الشعبي وحماية مشروعه ووحدة الصف ضد جميع الأخطار. اما تصرف قاسم سليماني - حسب المالكي - فلا يحمي الحشد الشعبي اطلاقاً».
أما ما حدث بعدما أجبر سليماني، العامري على التوقيع، فكان أن عاد الأخير الى قومه شارحاً لهم ما حدَث وتارِكاً حرية الاختيار. فما كان من هؤلاء - وخصوصاً اولئك المموَّلين من إيران - إلا أن رفضوا وللمرة الأولى، قرار سليماني وتجاهلوا رغبته. لقد رفض هؤلاء الذين يُطلق عليهم لقب «وكلاء إيران» رفضاً قاطعاً الانضمام الى العبادي قبل الانتخابات.
وتقول مصادر قريبة من قيادة «الحشد» ان الجنرال الإيراني فَقَد بعض هيبته وان هؤلاء الذين أعلنوا الولاء لخامنئي سيتجرأون على سليماني من اليوم وصاعداً.
من الواضح ان قائد الحرس الثوري - فيلق القدس لم يَفْهم العقلية العراقية، وقد طَلب منهم ما لا يستطيعونه فحصل على الردّ بالرفض. وفي الواقع هناك تفاصيل دقيقة لم يتعلّمها سليماني عن العراقيين وطريقة تفكيرهم.
حتى ولو تطرّقنا الى طريقة تفكير المرجعية في النجف، فسليماني الذي كان ولا يزال - الى اليوم - مسؤولاً عن الملف العراقي، لم يفهم لغة هذه المرجعية التي يقودها الإيراني السيد السيستاني حتى ولو تكلّم الاثنان اللغة الفارسية. لقد تجاهل سليماني في مواقف عدة رغبة السيستاني رغم تعليمات واضحة وصريحة من خامنئي بالالتزام بما يقوله السيستاني.
وكأن ذلك لا يكفي، فإن السخط العراقي من الحجاج والزوار الإيرانيين ليس بقليل ولا يُتغاضى عنه. مثلاً، فقد تَذمّر عدد من الزوار الايرانيين من «الخدمة والطعام» الذي يقدمه العراقيون لزوار الإمام الحسين أيام الزيارات وبالأخص الأربعين. اذ يعتقد الايرانيون ان الحكومة الإيرانية هي التي تقدم المال للمواكب العراقية وكذلك الطعام والشراب.
اما الحقيقة ان كل موكب من هذه المواكب العراقية مؤلف من أشخاص او عشائر او تجار وضعوا المال طوال السنة لادخاره من أعمالهم المتواضعة او الناجحة. وقد عمل هؤلاء أيام وأشهر السنة ليكونوا في خدمة «زوار الحسين»، بغض النظر من اي بلد يأتي الزوار. وقد أقام العراقيون مئات المطابخ المتنقلة والخيم في خدمة الزوار ليخففوا عن هؤلاء عناء المشي الطويل.
لقد صادفتُ مرة - اثناء السير الى كربلاء للتعرف على هذه العادة في بلاد ما بين النهرين - ولداً صغيراً لم يتجاوز التسع سنوات من العمر يبكي على مسافة ليست ببعيدة من «خان النصف». وعند سؤاله عن السبب، قال لي: «لقد أَمَرني والدي ان أعود الى المنزل الليلة اذا لم أُحضر معي أحد المشايَة (بيادي) من زوار الإمام الحسين لضيافته».
ويقوم العراقيون بغسْل أرجل المشاة وتدليك أقدامهم وغسْل ملابسهم وتقديم الطعام والمياه «وشاي ابو علي» من دون يطلبوا شيئاً بالمقابل من الناس سوى الأجر، وبالتالي فان تعليق الحجاج الإيرانيين قد أصاب العراقيين ببعض الأذى ورفع مستوى الانزعاج والعداء.
انه ليس بحدَث واحد منفرد بل أحداث متعددة تضاف الى الأخطاء السياسية التي تَسبب بها سليماني في العراق ما يجعله - في نظر البعض - الشخص غير المناسب للتعاطي مع العراق.
ولم يكن تصرف سليماني منفرداً اذ يؤخذ على ممثّله في العراق، نائب قائد «الحشد» ابو مهدي المهندس الذي خاطَب متحدّياً العبادي مرات عدة من خلال مواقفه السياسية النارية. وآخر تصريحاته ان «الحشد مستعدّ للدخول الى سورية»، ليتدارك أقواله مضيفاً «اذا أمر رئيس الوزراء بذلك»، وهو يعلم ان العبادي لا يستطيع إعطاء هكذا أمر اليوم. ويغفل المهندس ان مَن أوجد «الحشد» هو السيد السيتساني وان جميع الأصوات في العراق يجب ان تتعالى لمصلحة العراق فقط في هذا الظرف الخاص ما دامت بلاد ما بين النهرين لا تعمل ضد مصالح دول الجوار.
واليوم، وبعد الحديث مع عدد كبير من القادة العراقيين بمَن فيهم السنّة والاكراد، يقول هؤلاء انهم يفضلون المالكي كرئيس للوزراء وليس العبادي، والسبب يعود فقط الى عدم وضوح العبادي في أي لقاء يعقده مع أيّ مسؤول او زعيم عراقي، حتى ان أحداً ممَن يلتقون برئيس الوزراء يستطيع الخروج بموقف واضح منه. وقد قال لي أحد كبار المسؤولين: «عندما ألتقي نوري المالكي، يقول لي انت كلب ابن كلب. على الأقل أعلم بوضوح ما هو موقف المالكي مني. أما عندما أجتمع لساعات وأيام مع العبادي، فأخرج ولا أفهم شيئاً من اللقاء ولا أستطيع نقل فحوى اللقاء لجماعتي لأنني لم أفهم شيئاً».
جميع مّن في العراق يتفقون على ان العلاقة مع إيران استراتيجية وأنها دولة مجاورة صديقة وقفتْ مع العراقيين في محنتهم وأن أمن إيران القومي من أمن العراق. إلا أن بلاد الرافدين لن تُحكم من قبل الجنرال الإيراني بل فقط من قبل اولئك الذين سيحمون البلاد - كما فعلوا - بدمائهم.
لقد آن الآوان لإيران ان تعيد النظر والتفكير ملياً في كيفية التعامل - ليس فقط مع الشيعة في العالم - بل مع سيادة العراق قبل ان تفقد أصدقاءها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي