No Script

إذا كنت أنانياً توقف عن العنصرية!

تصغير
تكبير

العديد من الدراسات «النفس اجتماعية» تبيّن أن خطابات العنصرية - خصوصاً تجاه المقيمين - تزداد في جميع الدول حين تمر الدولة بأزمة اقتصادية أو حتى الخوف من حدوث أزمة. حيث يشعر المواطنون بأنهم أمام تهديد اقتصادي، وبالتالي يتوقعون أنه في حال خروج غير المنتمين لوطنهم من الوطن سيقل عدد من يقتسمونهم خيرات وطنهم، وبالتالي - بشكل طبيعي - سيقل الضغط الاقتصادي، فإذا كان الشخص أنانياً، ويريد أن يكون المنتفع الوحيد من وطنه، من الطبيعي أن يميل إلى الخطابات العنصرية.
لكن هذه المعادلة هي المعادلة الظاهرية لهذه القضية، وواقع الأمر شيء آخر. ففي البلد الذي يكون فيه مقيمون من جميع طبقات المجتمع سواء من المتعلمين أصحاب الشهادات العالية المرغوبة إلى الأميين، بينما النظام المعيشي فيه يحتاج إلى جميع هذه الطبقات المتنوعة، ماذا سيحصل حينما ينتشر الخطاب العنصري؟
بطبيعة الحال الأشخاص الميسورين أصحاب الخبرات العالية والمرحب بهم بقوة في دول متقدمة، سيفكرون في الهجرة لأنهم ببساطة لا يريدون العيش في مكان ينظر إليهم على أنهم بشر من الدرجة الثانية، بل يفضلون الذهاب إلى مكان يحترمهم ويقدر خبراتهم وقدراتهم وأموالهم وثرواتهم. وسيسحبون استثمارهم من بلاد تهددهم بنظرات الكراهية والاشمئزاز.


فمن يبقى بعد خطابات العنصرية وتشديد الخناق على المقيمين؟ الإجابة واضحة!
ومن يتضرر من مغادرة المؤثرين الإيجابيين في تطويرالبلاد، وبقاء ذوي الخبرات المتدنية؟ من الطبيعي أن يكون المتضرر هو المواطن سواء العنصري أو غيره.
فأنت الذي تملأ وسائل التواصل بنبرة الكراهية تجاه المقيمين، ومن ثم في حال الانتقاد تقول إنك لا تقصد الجميع بل تقصد الفئة كذا وكذا... اعلم أنك تجرح الجميع وليس فقط الفئة التي تقصدها، وأنت ستدفع ثمن ذهاب أصحاب الخبرة وستتسبب في عدم رغبتهم في القدوم.
من جهة أخرى، حين يكون المعلم والطبيب والموظف من المقيمين، وأنت تنشر الكراهية والسموم، هل تتوقع أن يؤدي هؤلاء واجباتهم تجاهك بكل سرور ورغبة؟
فهم أيضاً بشر مثلك لديهم مشاعر الكراهية والغضب، لكن الظروف أجبرتهم على هجرة بلادهم وخدمة شعب غير شعبهم، وهذا الإجبار لا يقتل لديهم تلك المشاعر التي يشترك فيها معك، فكيف سيخرج هذه المشاعر ومن الذي سيتضرر منها؟
لا يعني ذلك بأن جميع المقيمين سيقصرون في عملهم ويلجأون إلى الانتقام، لكن بشكل طبيعي سيتأثر أداؤهم بخطابك وهناك فرق بين من يعمل بحب وشعور بالامتنان لبلاد تستضيفه برحابة صدر، ومن يشعر بأنه مجبور على الاستمرار وتحمّل الإهانات بسبب ظروف الحياة.
لكن من المتضرر في النهاية؟ بلا شك الجميع بمن فيهم أنت العنصري صاحب خطاب الكراهية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي