No Script

مشهد

وحسب المنايا أن يكُنّ أمانيا

No Image
تصغير
تكبير

هل خالجك شعور دفعك للتفكير بالموت؟ هل وصلت لحالة من اليأس في حياتك أجبرتك على التفكير جدياً بالانتحار؟ هل أصابك لا سمح الله مرض عضال أقعدك عن ممارسة حياتك الطبيعية، ما جعل الموت مفتاحك للخلاص؟ هل تعرضت للمهانة والقهر في المعتقل أو في الشارع أو جهة العمل، ولم تستطع ردها ما جعل الموت هو الحل الوحيد أمامك؟
لم يكن الموت حلاً يفكر فيه أي عاقل على هذه البسيطة، ولكن ما الذي يدفع المرء للبحث عن الموت بأي وسيلة للتخلص من معاناته أياً كان نوعها؟ هل هو ضعف الإيمان أم شدة المعاناة أم القهر والمعاناة أم هو يا ترى الحرمان والفاقة الشديدة؟، أم هي مزيج بين هذا وذاك؟ منظمة الصحة العالمية كانت قد سردت العديد من الإحصائيات عن الانتحار والأسباب المحتملة لذلك؛ رغم عدم دقتها، حيث إن الكثير من الدول الأعضاء ليس لديها آليات واضحة وإحصائيات سليمة عن حالات الانتحار.
الأرقام تبدو مخيفة نوعاً ما، فحوالي مليون شخص يضعون حدا لحياتهم سنوياً، حيث شكل الانتحار السبب الثاني للوفاة بعد حوادث الطرق في العالم في العام 2016 لمن هم ما بين 15-29 عاماً وهذا مؤشر ينذر بالخطر الوشيك الذي يضرب البنية التحتية لأي مجتمع وهم الشباب. 79 في المئة، من حالات الانتحار هذه حدثت في الدول ذات الدخل المتدني أو المتوسط، كما أن معدل الانتحار بالنسبة لبلدان إقليم شرق المتوسط هو 4,9 لكل مئة ألف شخص مقارنة مع 6,55 بالنسبة لجميع دول العالم.
والحقيقة الأكثر إيلاماً كما أوردتها المنظمة العالمية أن شخصاً واحداً ينتحر كل 40 ثانية، أي أكثر من الذين قتلوا في الحروب وعمليات القتل أو سرطان الثدي. وتصدرت مصر قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين لعام 2016، حيث شهدت 3799 حالة انتحار، يتبعها السودان الثاني عربيا بـ3205 حالات انتحار، ثم اليمن ثالثا بـ2335 منتحراً.
أما الجزائر فقد جاءت في المرتبة الرابعة بعدد حالات انتحار بلغت 1299 حالة، ثم العراق بعدد 1128 حالة. ويعتبر المغرب البلد العربي الوحيد الذي شهد ارتفاعا ملحوظاً في معدلات الانتحار لدى الإناث فقد بلغ عدد الحالات 613 حالة مقابل 400 حالة من الذكور.
وكما ورد في تقارير منظمة الصحة العالمية أن السلوك الانتحاري يحدث نتيجة التفاعل بين العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية والثقافية. وتبقى الأسباب النفسية والإدمان على رأس الأسباب المؤدية إلى الانتحار، وهناك حالات بها تاريخ عائلي من الانتحار، وأصحاب الأمراض المزمنة لديهم قابلية للانتحار أكثر من غيرهم، إضافة إلى من يتعرضون لأزمات نفسية واقتصادية. كما أن هنالك أسبابا أخرى منها سياسية مثل الاعتقال والقهر والاحتجاز والطرد خارج الوطن، وهنالك أسباب فردية منها الإدمان على المخدرات أو بسبب موت أحد الأقرباء. الحقيقة المؤلمة أن وضع الحريات في العالم العربي أمسى حرجاً جداً، وينبئ بقرب حلول أوضاع إنسانية صعبة على جميع المستويات، كما أن الحروب التي ما زالت مندلعة على جبهات عدة قد فاقمت من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في تلك البلدان، فأضافت عبئاً على عبء حتى وصل الأمر إلى أننا نسمع عن حالات الانتحار ولا نلقي لها بالاً بسبب شيوع القتل وإزهاق الأرواح والتدمير الممنهج لكل ما تعبر عنه القيم العربية والإسلامية والإنسانية.
هذا التناحر والتكالب على الدنيا أوقع العديد من الضحايا ودفع الكثير منهم للانتحار، للتخلص من الهموم والضغوط النفسية القاهرة والمزمنة، والتي لا يعلم قسوتها إلا الله، وحينها ينطبق على أولئك قول المتنبي:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيا

z_alweher@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي