No Script

مثقفون بلا حدود

الجزائري فوزي مصمودي باحث في المخطوطات

No Image
تصغير
تكبير

فوزي مصمودي... باحث في التاريخ ومتعاون منتج في إذاعة الزبيان الجهوية، ورئيس تحرير «المجلة الخلدونية» الفصلية التي تصدر عن الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية لولاية بسكرة الجزائرية.
لديه غيرة تجاه موروثه الشعبي ومأثوره العلمي والأدبي، لذا نجده يحمل مآسي كثيرة تجاه ضياع المخطوطات العربية؛ فيقول: «المخطوطات ذاكرة الأمة ووعاء موروثها الثقافي، وعلامة نبوغها الفكري ودليل إضافتها للحضارة الإنسانية، ولهذا تجتهد الأمم التي تحترم نفسها وتقيم وزنا لما تركه أسلافها، وللحفاظ على هذه الكنوز وإبعاد شبح الاندثار عنها والعمل على ديمومتها، باعتبارها جزءا من هويتها وكيانها الثقافي». أ.هـ.
وحينما يتحدث مصمودي، عن نهب الغرب لمخطوطاتنا، تشعر بأن الأسى يقطع أوصاله، وأن ثمة حزنا عميقا قابعا في ثنايا أحشائه من الداخل، فتراه يقول بحسرة ومرارة: «وتعد الجزائر من الدول التي كانت تحتفظ بهذه النفائس، لما تمثله من قداسة في نفوس الجزائريين، حتى جثا عليها الاستعمار الفرنسي الذي تفنن في العبث بها وإتلافها، وفي الكثير من الحالات شرائها بفرنكات معدودات، أو الاستيلاء عليها وسرقتها مستغلاً ظروف أصحابها. وتزدان اليوم متاحف أوروبا بنماذج نادرة من هذه المخطوطات، وقد جدّ بعض العسكريين والمستشرقين عقب نكبة الاحتلال في البحث عن هذه المخطوطات، محتمين بالحملات العسكرية لتحقيق رغباتهم وتجسيد مبتغاهم بالترهيب والترغيب، وهذا ضمن إطار منظم ومدروس في سبيل محو الجذور التاريخية الجزائرية، وتشويه كيانها الثقافي وبتر امتدادها العربي الإسلامي والإنساني، فلم يسلم من هذه المخطوطات إلا القليل» أ.هـ.
وقد بانت أناة الباحث الجاد عند مصمودي، فها هو يبحث بصبر، وينقب بحرص، ليرصد لنا الأماكن التي ضمت مخطوطات ثمينة ونادرة وقيّمة، يقول: «ومنطقة الزبيان في بسكرة وما جاورها من بلدات وقرى تعدّ من أهم معاقل المخطوطات بالجزائر؛ فلا يوجد مسجد عتيق أو زاوية شهيرة أو بيت علم إلا وبه مجموعة من المخطوطات النادرة، وتأتي في مقدمتها مكتبة العائلة العثمانية بزاوية الشيخ علي بن عمر، في طولقة، بأكثر من ألف مخطوط، ومسجد سيدي لمبارك في خنقة سيدي ناجي، ومسجد سيدي موسى الخدري، ومسجد سيدي بركات، وزاوية سيدي الصادق بن رمضان، والمركز الثقافي في قلب مدينة بسكرة» أ.هـ
وبدا على الباحث مصمودي، الخوف والقلق من عوامل الطبيعة، التي تهدد تلك المخطوطات النفيسة، فلعل وعسى أن يلتفت أصحاب الميدان ممن يبحث في شتى العلوم، وأن يدركوا الوقت ويسارعوا في إيجاد تقنيات حديثة للحفاظ على الموروث العظيم، ويضرب لنا الباحث مثالاً، حينما عرض تجربة المجلة الخلدونية التي حرصت «على إبراز ما تختزنه المنطقة من مخطوطات في شتى فروع العلم بغية المحافظة عليها، من خلال إخراجها وتحقيقها وطبعها وتوزيعها، حتى تستنير بها الأجيال في معركتها الحضارية المستقبلية في ظل العولمة» أ.هـ.
ولعل مصمودي، بنظرة ثاقبة إلى المستقبل قد اقترح بإنشاء «مركز مخطوطات» - ولاسيما - النادرة منها والثمينة، ودعا إلى استخدام تقنيات علمية جديدة في المحافظة عليها وكيفية الاستفادة منها، وطالب بإشراك نخبة من أفضل الخبراء المختصين في مجال ترميم المخطوط، وقد حمّل الجميع - الهيئات الرسمية والمنتخبة، والثقافية والإعلامية، مالكي المخطوطات - مسؤولية هذا الموروث أمام الله، ثم أمام الأجيال من خلال إنشاء «مركز للمخطوطات» في عاصمة الولاية، يجمع شتات مخطوطاتنا والعمل على تجهيز بأحدث تجهيزات الحفظ والصيانة والترميم، وبمجموعة من المختصين في هذا المجال، وجعل نظام داخلي له يتعلق بالهبات والإعارة والتصوير والإهداء، وربط بشبكة الانترنت وبالمراكز التي تشترك معه في الأهداف في مختلف دول العالم، مع جعل ميزانية قارة. أ.هـ.

* كاتب وباحث كويتي
fahd61rashed@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي