No Script

صدى الكلمة

ترشيد البطون

تصغير
تكبير
تشير إحصائيات عام 2015 عن حجم النفايات المنزلية، بأنه في ازدياد مقارنة بالسنوات السابقة. فلقد قدرت كمية النفايات الفائضة بحوالي 1.5 مليون طن سنوياً، بلغ نصيب الفرد نحو 360 كغم سنوياً، أي بمعدل 1 كغم نفايات يومياً للفرد الواحد. ومن هذه المخلفات المنزلية، هناك العضوية منها كالطعام الفائض الذي يُلقى في القمامة والذي قُدرت نسبته بحوالي 45 في المئة من كل النفايات المنزلية، أي نحو نصف كيلوغرام من الطعام الفائض يكون نصيب الفرد يومياً يلقى في صناديق القمامة.

نقول ذلك ونحن ندرك مظاهر الإسراف في الطعام وبالذات خلال شهر رمضان والآثار السلبية الكثيرة الناجمة عن ذلك، سواء مادية أو صحية أو اجتماعية أو دينية. فرغم أن الصيام هدفه العبادة والصبر وقوة التحمل والصحة والشعور بحاجة الضعفاء والمساكين، إلا أن واقع الحال، للأسف، غير ذلك، حيث الإسراف في الطعام والشراب، وقضاء الأسرة جل وقتها في إعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات.


لقد قيل الكثير عن أهمية الترشيد في هدر الطعام، فما يذهب إلى القمامة يومياً، للأسف، يعكس الإسراف، واللامبالاة بالنعمة، وأحياناً التباهي أو التفاخر بكثرة الطعام وتعدد صنوفه على المائدة. والناس اعتادت أن تأكل بعينها، أي بمتعتها في مشاهدة الفائض من الطعام، ربما شعوراً بعادات الكرم والرفاهية والتباهي. هذا في الوقت الذي يعاني الكثيرون من شح الطعام، ولا يجدون ما يسد حاجاتهم ويمنع عنهم الجوع في دول تتفشى فيها ظاهرة الفقر والجوع والحرمان حيث يموت الآلاف من الأطفال بسبب المجاعة كل عام. فمن في فمه ملعقة من ذهب كيف له أن يشعر بمعاناة الجوعى والمحرومين من أبسط حقوقهم وهو الطعام.

لا شك أن السلوك السلبي للاستهلاك عامة له أسباب عديدة، منها ثقافة الاستهلاك المفرط، والعادات البالية المتوارثة، ووفرة المال، والتباهي، والشعور بالزهو والاستمتاع وغيرها من سمات اجتماعية ونفسية مازالت متأصلة لدى الكثيرين، وتحتاج إلى ترسيخ الوعي، وسن التشريعات التي تمنع هذه الظواهر السيئة في المجتمع.

الكثير من المجتمعات عالجت ظاهرة الهدر في الطعام، وإلقاء الفائض في القمامة المنزلية بسن القيود وفرض الغرامات. بل إن الكثير من المطاعم لم تعد تلقي بالفائض من الطعام في صناديق القمامة، وإنما تصنعه في أوانٍ مخصصة تقدمه مجاناً إلى المحتاجين أو تبيعه بأسعار زهيدة. ناهيك عن الكثير من الدول التي لجأت إلى فرض الفرز في المخلفات المنزلية على أساس التمييز بين المخلفات البلاستيكية والزجاجية والصلبة والعضوية بهدف التدوير وإنتاج ما يفيد الناس، وكذلك حماية البيئة من الملوثات.

إن الحاجة إلى بث الوعي باتباع العادات الغذائية وأنماط استهلاكها من الأفراد من خلال توجيه رسائل وإرشادات إعلامية ودينية وبيئية وتعليمية وثقافية لها أهمية بالغة في الحد من الفائض في الطعام الذي يلقى في صناديق القمامة سواء في المنازل أوالمطاعم. كذلك الاستفادة من اصناف الطعام الفائض وتوصيلها للمحتاجين لا يمنع من إلزام المطاعم وشركات التجهيزات الغذائية المتخصصة في الولائم وتوفير الطعام بكميات في المناسبات كالمؤتمرات وحفلات الزواج وغيرهما من أن تقوم بإعادة استخدام الفائض وفق قانون أو نظام صحي يسهل الاستفادة منه من المحتاجين من دون مقابل.

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي