No Script

خواطر قلم

مواطنون ووافدون... وعدوى «ثقافة التبرُّم»!

تصغير
تكبير

نشرت وسائل إعلام محلية وعربية نتائج دراسة أجرتها إحدى المؤسسات عن مدى ارتياح الوافدين في الدول التي يقيمون فيها، وقد خلصت الدراسة إلى أن الكويت تبوأت المرتبة الأخيرة في ذيل الدول التي يفضلها الوافدون للعمل والإقامة.
وبعيداً عن مدى صدقية نتائج هذه الدراسة، وما إذا كانت التزمت المهنية في شروط الاستبيانات العامة على شرائح متعددة ممن تشملهم دراسات مسحية عامة، فضلاً عن ماهية الأسئلة وطريقة طرحها وهل هي توجيهية أم لا، بعيداً عن هذا كله، ومع افتراض صحة منهجية هذه الدراسة ونتائجها، يحق لنا أن نتساءل عن أسباب هذه النتيجة إن صدقت، مع أن الواقع يكذبها جملة وتفصيلاً، ولعلي كتبت قبل أسبوعين عن جريمة الاتجار بالإقامات التي يقع ضحيتها أبرياء لا يقرأون الواقع الاقتصادي الحالي لدول الخليج قراءة صحيحة، ليدفع كثير منهم مبالغ طائلة بالنسبة له كي يفوز بإقامة في الكويت.
لن أكتب في هذه الزاوية التي شخّصها بإبداع رئيس تحرير «الراي» الزميل وليد الجاسم.
لكني سأكتب عن انتشار ثقافة التبرُّم أو «التحلطم» كما هو سائد في اللهجة المحلية الدارجة.
والتبرم نوع من أنواع التبطر على نِعم الله تعالى وجميل عطاياه، وهي للأسف سلوك انتشر بين قطاع كبير من الكويتيين حتى كاد أن يتحول إلى ثقافة مجتمع.
فقطاع كبير من الشعب ساخط على الخدمات الصحية والتعليمية والأمنية والخدماتية والرواتب والوظائف والسكن وغيرها، مما اختصنا الله به من نعم عظيمة، لا تملك شعوب كثيرة عُشْر معشارها.
ولئن كان «بالشكر تدوم النعم» و«لئن شكرتم لأزيدنكم»، فإن جحود النعمة وكفرانها يؤذِن بزوالها.
ومما يؤسف له أن النفوس الشحيحة لا تحمد الله على ما هي فيه من نعم، بل تسعى لنشر ثقافة السوء هذه بين الناس، حتى تتحول إلى ثقافة مجتمع جاحد لا يستشعر الايجابيات الكثيرة التي يرتع بها.
لنا أن نستذكر كيف كان يعيش أهلنا في شظف العيش وقسوة الحياة قبل نحو نصف قرن، ثم كيف أفاض الله علينا من عظيم عطاياه وآلائه وفضائله، حتى غدت الكويت الفقيرة، مقصد الناس وذوي الحاجات والباحثين عن الرزق الحلال وباتت أعداد الوافدين ثلاثة أضعاف أهل البلاد، يشاركوننا بناء وطننا ويتقاسمون معنا اللقمة الحلال.
التبرّم والتحلطم ثقافة تشربها بعض أهل الكويت من الجيل الذي لم يدرك ما عاناه الآباء والأجداد من شظف العيش، وإنما تفتحت أعينهم على العز والرخاء والسعة، ومع هذا يشتكون مما هم فيه من نِعَم.
هؤلاء المواطنون الذين يشتكون هم من نقلوا عدوى مرض التبرم والتحلطم إلى الوافدين، ولو جلس كثير من الوافدين بينه وبين نفسه وتفكر بوضعه في الكويت وحاله في وطنه لاستشعر أنه في نعمة يغبطه عليها كثير من أبناء وطنه، فالكويت كانت وما زالت وستبقى بإذن الله تعالى أرضا تقصدها قلوب الباحثين عن الرزق الحلال وهم ينعمون بصَوْن كرامتهم وحفظ حقوقهم بعزة.
وهذا الوضع الايجابي - للأسف - يشوبه ويفسده شذاذ من المواطنين ممن ذكرناهم في مقالنا السابق المعنون
(الوافدون جرائم بلا حدود)، من أبالسة البشر من تجار الإقامات وبعض الظلمة الذين لا يخلو منهم مجتمع.
كما أن ذكر هذه المحاسن في الكويت لا يعني غض الطرف عن الخلل والنهب وغير ذلك من التجاوزات المهولة في مؤسسات الدولة، مما تقوم به مافيات محلية من بني جلدتنا ووطننا، فالنقد هنا ليس مشروعاً فحسب، ولكنه واجب على الصعيدين الاجتماعي والبرلماني، لكن المقال يخص زاوية تضخم التبرم!
فالحمد لله على نعمة الأمن والعافية والفضل الرباني العظيم الذي نعيشه في بلادنا... ستظل الكويت - البقعة الصغيرة في مساحتها - عظيمة في عطائها وأمانها وحريتها وحفظ كرامة أبنائها والمقيمين على أرضها.
واللهم إنّا نعوذ بك من زوال نعمتك وتبدل عافيتك وفجاءة نقمتك.

‏@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي