No Script

خواطر صعلوك

كن مختلفاً... وقل الحقيقة!

تصغير
تكبير

كنت أتمنى لو ملكت الشجاعة لأعيش الحياة التي أردتها لنفسي، لا التي أرادها الآخرون لي، وتمنيت لو أني لم أعمل بهذه الكثرة، فالعمل الكثير حرمني من مراقبة أطفالي وهم يكبرون، وحرمني كذلك من مرافقة أمي في نهاية رحلتها.
كم تمنيت لو ملكت الشجاعة للتعبير عن مشاعري، وكم تمنيت لو حافظت على علاقتي بأصدقائي، وكنت أتمنى لو كنت تركت نفسي لتكون أكثر سعادة.
كانت هذه أبرز القناعات الكبرى التي تكثفت في قلوب وعقول من شارفوا على الموت ومروا بتجارب متنوعة وسياقات مختلفة.
بروني وير (Bronnie Ware) ممرضةٌ استرالية، عملتْ في رعاية المرضى الذين أوشكوا على الانتقال من الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية، خصوصاً المرضى الذين يبقى على وفاتهم أقل من 3 إلى 4 أسابيع، وبعد 12 عاماً من الاستماع والإنصات لهم قررت أن تصدر كتاباً بعنوان «أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت».
ولكني أعتقد عزيزي القارئ أنها أهم خمس قناعات يجب أن تمارس في الحياة وليس قبل الموت.
القناعة الأولى تناقش الدور الاجتماعي المفروض علينا، وكيف أن توقعات الآخرين منا قد تجعلنا شمعة تحترق من الجانبين، من دون أن ننعم بالسلام والنور تحت مسمى «العطاء بلا حدود».
القناعة الثانية تناقش الأهداف التي وضعناها لأنفسنا، معتقدين أنها تمثل معيار النجاح المجتمعي، وكيف أنها تعمل أحيانا على تحطيم أهداف جانبية، وعلاقات لا تقل أهمية عن الهدف المنشود ذاته.
القناعة الثالثة تناقش خطورة كوننا متحفظين على مشاعرنا، بحجة أن التعبير عن المشاعر يمثل نقطة ضعف، أو أن العادات الاجتماعية لا تسمح لنا بذلك، حارمين أنفسنا من متعة التعبير عن النفس واستغلال إمكانياتنا وقدراتنا التي كانت من المحتمل أن تغيّر حياتنا جذرياً، وحارمين أنفسنا من متعة الإنصات إلى من نحبهم وهم يعبرون عن ذواتهم ومشاعرهم معنا.
القناعة الرابعة تناقش شيئا ما عن الصداقة، ودعني أضرب لك مثلاً.
إن عبوس صديقك أمامك، أو انقطاعه عنك لا يستلزم منك بناء تصورات وأحكام وظنون بقدر ما يستلزم منك أن تقفز على ظنونك وتتوقف عن بلع لسانك وتقلل المسافات وتكسر السكوت وتسأله عن حاله، وما الذي أصابه؟
بمجرد أن نبتلع ألسنتنا حتى تتحول أعيننا وأفكارنا إلى فيلم تم إعداد نصه وطاقم تمثيله بعناية مع كاميرا دائما تصور أخطاء الأداء بينما يخرج الممثلون ألسنتهم للجمهور... وهكذا هو الوضع دائماً يخرج الشيطان لسانه عندما نقرر أن نبتلعه نحن حفاظاً على المسافات التي تمنع الزوج من أن يحاور زوجته، والأب من محاورة أبنائه، وهي المسافة ذاتها التي بلعت فيها لساني ذات يوم لينزغ الشيطان بيني وبين أعز أصدقائي... فخسرته.
القناعة الخامسة تناقش السعادة وشجرة المفاهيم حولها، وكيف أنها اللحظة الحالية وليست محطة وصول، وأن السعادة هي وعيك بها وليست أهدافاً تحققها، فالسعادة في بدايتها ونهايتها ليست بمعزل عنا كالنجوم والأشجار بحيث يمكنك أن تشير إليها بيد واحدة، بينما يدك الأخرى تهرش بها أسفل ظهرك سائلاً نفسك مبهوراً ومندهشاً قائلاً:
- هل هذه هي السعادة التي يقولون عنها!
هذه هي عزيزي القارئ أهم خمس قناعات نقلتها لنا الكاتبة بروني وير، للذين شارفوا على الموت، ونقلتها لك كي تشارف بها على الحياة.
وإذا كان لديك قناعة سادسة... شاركنا بها.

@moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي