No Script

مشهد

بوابة النور والحياة (2)

No Image
تصغير
تكبير

منحتني أمي الحياة بأمر من الله ومنذ تلك اللحظة وأنا أتنقل بين هذه المرأة وتلك، تقبلني الأولى وتحضنني الأخرى بشكل يزعجني ويدفعني إلى البكاء، والغريب في الأمر أن هنالك رجلا لديه شعر كثيف في وجهه يحملني كل صباح ويقبلني ويضحك في وجهي بطريقة «بلهاء»... لم أعرفه أول الأمر ولكني لاحقا عرفت أنه أبي. وأشعر بأنه يحبني كثيرا ويحرص على دغدغتي وملاعبتي كلما سنحت له الفرصة، وعلى أي حال لا أعرف ماذا تعني كلمة أبي ولست مستعجلاً على فهم شيء طالما أن أمي الحبيبة تكفيني كل حوائجي من دون الآخرين. في ما بعد علمت أن أبي قد استخرج لي شهادة ميلاد توثق لحظة ميلادي... ولكن لماذا؟ هل أمر ولادتي بهذه الأهمية حتى يتم توثيقه بشهادة رسمية صادرة من وزارة الصحة؟ أم أن هذه الشهادة ليست إلا إجراء روتينياً قد أحتاجه في حياتي المقبلة والله أعلم.
هنالك أمر غريب في هذه الحياة الدنيا هو أن أمي دائما تضع عليّ قطعاً من القماش تضايقني وتحد من حركة يديّ وقدميّ التي كانت بكامل حريتها عندما كنت في رحمها. لماذا تقيدني بهذه الأقمشة؟ وكيف لي أن أتخلص منها؟
من جانب آخر هنالك معاناة من نوع «مقزز» وهي تلك الأشياء التي تخرج مني في اليوم مرات عدة هذا الأمر أمسى مزعجاً بشكل لا يطاق وأتمنى فعلاً أن يتوقف، فالأمر تجاوز حدود التحمل والمدهش أن أمي تنظفني وهي تغني لي وأشعر بها مستمتعة به رغم الروائح المنفرة... يا لتلك الأم كم هي جبارة وعظيمة. وما أن مضى من عمري شهور عدة حتى بدأت أدرك ماهية أبي، إنه الشخص الذي يجلب الأشياء من الخارج وهو الذي يصطحبنا بمركبته لندور وندور في الشوارع والأسواق وعند الأحبة والخلان، بمعنى آخر إنه الشخص الذي يقضي مصالحنا الخارجية ويوفر لنا الطمأنينة والأمان... هذا ما كانت تردده أمي مراراً وتكراراً وهي تدعو له صباحاً ومساءً.
أما التجربة الأقسى والتي لا أستطيع أن أسردها لكم بكل تفاصيلها المؤلمة فهي تجربة الختان (الطهور) حيث اصطحبني أبي وأمي لمستشفى أو مركز طبي وهناك سلماني لطبيب... لقد تسلمني هذا الشخص وأدخلني في غرفة مضاءة بشكل لافت وهناك وبرفقة امرأة أخرى نزعا ملابسي وأجريا لي الختان... صرخت من الألم، صرخت بكل ما أوتيت من قوة... الألم لا يحتمل ولا أظن أن هنالك من يطيقه... وما أن أنجز هذا الطبيب مهمته حتى بدأ يداعبني وكأنه لم يفعل شيئاً، ثم لفتني المرأة بملابسي وسلمتني لأمي وصراخي يملأ الآفاق.
وما حيّرني أن أبي قد أولم لحفلة كبيرة جمع فيها القاصي والداني، احتفالاً بهذه المناسبة التي أسماها الخطوة الأولى نحو عالم الرجال، حفلة استمرت إلى وقت متقدم من الليل وأبي... يضحك ملء شدقيه ابتهاجاً بختاني... فإن كانت هذه هي البداية فكيف ستكون النهاية؟

z_alweher@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي