No Script

مثقفون بلا حدود

التجاور اللغوي بين الشعوب (2 من 4)

No Image
تصغير
تكبير

ت- توا: في المعجم: نقول «ذهبَ الحاجُّ إلى مكة توا». وهي حال منصوبة.
* ( توا) في تونس تستخدم بكثرة حتى أصبحت ملازمة في ثنايا لغتهم المحكية، وكذلك في ليبيا تستخدم لفظة (توا) ولكن أقل بقليل من استخدام تونس لها. وقد لا تستخدم في بعض الأقطار العربية في اللغة المحكية. نحن نقول في الكويت «تو الناس» و «توني شايفه» أو «توا ألحين شايفه»؛ أي: الآن في هذه اللحظة رأيته، و«توك جاي» أو «توك ياي» بقلب الجيم ياء وهي لغة في بني تميم وليس لغة بني تميم.
ج - جبذ: جبذ جبذاً: في المعجم: هي لغة في جذب، وفي الحديث: «فجبذني رجل من خلفي». ظنه أبو عبيد مقلوباً عنه، قال ابن سيده: وليس ذلك بشيء، وقال ابن جني ليس أحدهما مقلوبا عن صاحبه وذلك أنهما جميعاً يتصرفان تصرفاً واحداً، تقول: جذب ويجذب جذباً، فهو جاذب. وجبذ يجبذ جبذاً فهو جابذ، فإن جعلت مع هذا أحدهما أصلاً لصاحبه فسد ذلك، لأنك لو فعلت لم يكن أحدهما أسعد بهذه الحال من الآخر.
* (اجبد) و (نجبد): يستخدم هذا الفعل في الجزائر وتونس بالمعنى نفسه وبقلب الذال دال فيقولون (جبد). وفي السودان يستخدمون الفعل جبذ دون قلب الذال دالاً، وبالمعنى ذاته. وهو غير مستخدم في اللهجة المحكية في كثير من البلدان العربية، وهنا تأتي أهمية اللهجات في المحافظة لنا على ألفاظ كثيرة من الاندثار.
خ - خلع: في المعجم: خلع الشيء يخلعه خلعاً واختلعه: كنزعه. وخلع النعل والثوب والرداء يخلعه خلعاً جرّده، تخالع القوم: نقضوا الحلف والعهد بينهم، خلع الثياب: تعرى. خلع امرأته وخالعها، إذا افتدت منه بمالها فطلقها وأبانها من نفسه، وسمى ذلك الفراق خلعاً لأن الله تعالى جعل النساء لباسا للرجال والرجال لباسا لهن، فقال تعالى:«هن لباس لكم وأنتم لباس لهن» (البقرة: 187)، خلع من الدين والحياء: يتبرأون منه، خلع اليمين، الخليع الذئب والغول. الخلاع والخليع والخولع: كالخبل والجنون يصيب الإنسان، وقيل هو فزع يبقى في الفؤاد يكاد يعتري منه الوسواس. وقيل الضعف والفزع. رجل مخلوع الفؤاد: إذا كان فزعا. مع ملاحظة بأن الخوف ذكر صراحة في لسان العرب.
* (خلعتني) في الجزائر يقولون عن الفعل (أخفتني) (خلعتني) وهي سيميائية جميلة في حفظ معنى الخوف، حيث إن الفعل (خلع) يدل على الخوف؛ فخلع الباب أو خلع النافذة يفقدك الأمن والأمان، وإذا فقدت الأمن والأمان شعرت بالخوف، وأيضاً خلع الضرس من العلاجات التي تؤدي إلى الخوف، وإذا تفاجأ المرء بأوامر أو بأخبار غير مفرح يقول لك خلعتني؛ أي أخفتني، وتجمع في اللهجة المحكية الجزائرية على (خلايع)، وأظن في هذه الحال يكون المرء ذات نفس مطمئنة ومستقرة، وحين يسمع خبراً مؤلماً أو مخيفاً أو غير مفرح تنخلع نفسه المطمئنة المستقرة لتحل محلها نفس مضطربة خائفة ضعيفة. وأيضاً في بعض الأسر في الجزائر يقولون عن الخبر المفاجئ (رجيتني) من الفعل (رجّ). وأيضاً في السودان يقولون عن الخوف: خلعتني، وبعض قبائل البقارة تقول عن الخوف (خرقتني)، وفيه معنى الخوف. وفي تونس يقولون (فجعتني). من الفاجعة. في الكويت نقول (خرعتني) جاء في حديث أبي سعيد الخدري: «لو سمع أحدكم ضغطة القبر لخرع أو لجزع»، الخرع: الدهش أي دهش.
* هذه عينة من دراسة ميدانية تطبيقية بعنوان «اللغة العربية حافظة اللهجات المحلية وحاضنة اللغات الأجنبية» قمنا بها سنة 2011، إلى يومنا هذا، تقع في ثلاثة أجزاء، نتوقع - إن شاء الله - أن ترى النور بالنشر عام 2021، حاضرنا بها في (ماليزيا، وأندونيسيا، والأردن: مركز اللغات: جامعة الأردن، وجامعة تيزي - وزو: الجزائر، وجامعة قسنطينة: الجزائر، والسودان: مجمع اللغة العربية، ودبي: المجلس الدولي للغة العربية:

* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي