واهم وغير واقعي من يعتقد أننا قادرون على الاستغناء كلياً عن الوافدين، فهم من ساهم بشكل كبير وكان لهم دور بارز في بناء الوطن منذ نشأته فعملوا في مجالات عدة في الصحة أطباء وممرضين، وفي التربية معلمين أفاضل وفي النفط والكهرباء مهندسين وفنيين، وفي الأعمال الحرفية البسيطة عمالاً وغير ذلك، فهم شركاء في بناء ونهضة البلد وتنميته ودورهم واضح في العديد من المجالات.
لا يختلف اثنان على أن أي مشكلة تبدأ صغيرة ومن ثم إذا أهملت تصبح مثل كرة الثلج ويزداد تعقيدها حتى يصبح حلها شبه مستحيل، وهنا أتحدث عن فئة من العمالة الوافدة والتي نسيمها السائبة، نظراً لعدم استقرارها على عمل محدد، فقد دخلت البلد على سبيل المثال تحت مسمى عامل، وتجدها بقدرة تاجر فاسد أصبحت تعمل في مطعم أو مغسلة سيارات أو جمعية تعاونية ومهنة غير متعلقة بالأوراق الرسمية، وهذه الفئة التي دخلت بطريقة غير مشروعة وبحسب بيانات غير صحيحة من قبل تجار الإقامات، أصبحت تؤرقنا جمعياً سواء أمنياً أو اجتماعياً فهي تشكل قلقاً يومياً خصوصاً عند سكنها في بعض المنازل في المناطق النموذجية وسط العوائل، أو حتى تكدسها في العمارات وبيوت العزاب في جليب الشيوخ وخيطان وغيرها.
فعند ظهور وباء كورونا ازدادت المشكلة تعقيداً، فأصبحت تلك العمالة السائبة تشكل إرهاقاً صحياً للأجهزة الطبية ووزارة الداخلية، فهم يسكنون بشكل جماعي في غرف مزدحمة نظراً لعدم وجود كفيل لديه ذمة وضمير يوفر لهم السكن المناسب أو شركة محترمة تعاملهم معاملة إنسانية وتؤجر لهم سكناً جيداً، فنحن نعلم أن الكفيل سواء فرد أم شركة جاء بهم بأوراق غير دقيقة وقبض منهم أموالاً طائلة بالنسبة لهم وتركهم في الشارع يواجهون مصيرهم لا سكن ولا عمل وهنا تكمن المشكلة التي لم يكترث بها أغلب المسؤولين حتى أصبحت أشبه بالكارثة، فحتى مجلس الأمة لم يقدم حلولاً مناسبة من أجل تعديل الاختلال في التركيبة السكانية، ولعل استجواب النائب الحميدي السبيعي قبل نحو عامين لوزيرة الشؤون هند الصبيح، خير دليل على عدم الجدية لحل هذه القضية وصوت أغلب النواب ضد الاستجواب وبحسب مداخلة النائب الدكتور عبدالكريم الكندري، فإن هذا المجلس للأسف لا يريد لهذه المشكلة أن تُحل ابداً.