No Script

«القوة في الشراكة مع الصين تكمن بموقعنا الجغرافي»

«الشال»: الاستدامة الاقتصادية والاستقرار السياسي مرتبطان بنجاح علاقة الكويت مع العراق وإيران

تصغير
تكبير

الكويت لن تتمكن من تسويق مصالح الصين من دون الاعتماد على إمكانات التمدد إلى الشمال والشرق

من واجب الدولة اتخاذ أقصى درجات الحذر من أوضاع بغداد وطهران

الثقل السكاني اللازم لدعم المركز التجاري في الشمال يعتمد على استقرار إيران

من الواجب النأي الكامل عن التدخل في الشأن الداخلي ودعم التهدئة في البلدين



أشار مركز الشال للاستشارات الاقتصادية، إلى أن الاستدامة الاقتصادية للكويت، ومعها الاستقرار السياسي، مرتبطان على المدى المتوسط والطويل، على نجاح علاقة مصالح تربطها بالعراق وإيران، وفي الأمل والعمل على دعم استقرارهما وازدهارهما.
واعتبر «الشال» أنه ما لم تبن الكويت شراكتها مع الصين، على إمكانات التمدد الجغرافي في خدماتها إلى الشمال والشرق أي العراق وإيران، فستفقد أهم المزايا النسبية المتوافرة لها من هذه الشراكة، ولن تتمكن من تسويق ما يشبع مصالح الصين.
ولفت تقرير «الشال» إلى أن الكويت سعت للشراكة مع الصين، في توجه صحيح ولكن ضمن إستراتيجية صينية بعيدة المدى، هدفها عودة السيادة الاقتصادية إلى الشرق بتفوق وقيادة الصين ليعود الوضع كما كان منذ قرنين من الزمن.


وأفاد أنه لكي تنجح أي شراكة، لا بدّ وأن تبنى على أفضلية الكويت، بما تملك من مناحي القوة والميزة النسبية، مبيناً أنه حتى هذه اللحظة، تتفوق الإمارات العربية المتحدة التي زارها الرئيس الصيني لنفس الغرض في شراكتها التجارية مع الصين على كل المنطقة العربية.
وأوضح التقرير أن شراكة الصين الإستراتيجية مع الامارات بدأت عام 2012، ومن ضمن نتائجها الحالية، منحها امتيازات في حقول نفط أبوظبي البرية بنحو 12 في المئة، والبحرية بنحو 10 في المئة، وميناء خليفة المشترك الإدارة بطاقة 2.4 مليون حاوية سنوياً وسيفتح في عام 2019.
وذكر أن الإمارات تعتبر مقصداً لمليون سائح صيني، و3.5 مليون عابر ترانزيت خلال العام 2017، إلى جانب اتفاقات ضخمة في حقل الطاقة النظيفة واتفاقات مالية ونقدية.
ورأى التقرير أن عنصر القوة في شراكة الصين مع الكويت يكمن في موقع الأخيرة الجغرافي، إذ كانت تلك القوة في القديم لمبررات اختلفت عن الحاضر بسبب تطور وسائل النقل والاتصال، وباتت كامنة في شمال الدولة.
وتابع أن أهمية شمال الكويت تأتي من جوار الكويت لنحو 121 مليون نسمة حالياً، نحو 39 مليون نسمة في الشمال أي في العراق، ونحو 82 مليون نسمة في الشرق أي في أيران.
ونوه إلى أنه «بسبب عنف العقود القليلة الماضية، أصبحت تلك الدولتين للأسف، متخلفتين في وضع بناهما التحتية، وحاجتهما كبيرة إلى منافذ مساندة لتزويدهما باحتياجاتهما السلعية والخدمية المتطورة».
وقال «جرت العادة في الكويت تغليب العاطفة على الوعي الإستراتيجي لمصالح المدى الطويل، وما قد يعزز ذلك هو ما يمكن أن يجعل من أحداث العنف الحالية في العراق، وتحديداً في جنوبه المجاور، وفي إيران مبرراً لأخذ موقف مناهض لبناء الشراكة على ذلك الامتداد الجغرافي».
وشدد التقرير على أنه من الواجب ألا يتغير الخيار الإستراتيجي، لتحقيق أهداف المدى المتوسط إلى الطويل، مبيناً أنه النأي الكامل عن التدخل في الشأن الداخلي لأي من إيران والعراق، والعمل على دعم التهدئة فيهما، وربما المساعدة عند الحاجة لأسباب إنسانية ومصلحية.

العراق
ذكر «الشال» أنه من خلال نظرة على الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والمالية، لا يبدو أن الوضع العراقي سيء، وذلك صحيح لعام 2017، وحتى أفضل لعام 2018 وما بعد، مبيناً أنه رغم ذلك، بدأت أعمال عنف صاخبة وحاشدة بدءاً من جنوبه، أي المناطق الجغرافية المتاخمة للكويت.
وأوضح التقرير أن الأرقام وفقاً لتقرير يونيو لوحدة المعلومات لمجلة «الإيكونومست»، تظهر بأن الاقتصاد العراقي سيحقق نمواً حقيقياً موجباً بنحو 1.1 في المئة هذا العام، ليقفز إلى 5.6 في المئة عام 2019.
وتابع أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018، يبلغ بالدولار مقوماً بقوته الشرائية نحو 16.8 ألف دولار وهو معدل مريح.
وبين أن إنتاج النفط سيصل إلى نحو 4.4 مليون برميل يومياً في عام 2018، وأنه خلافاً لعجز كبير متوقع في تقديرات مشروع الموازنة الحالي على سعر لبرميل النفط بحدود 43.4 دولار، بلغ متوسط سعره الحقيقي حتى شهر يونيو نحو 61.2 دولار، بما ينتج عنه احتمال تحقيق الموازنة العامة لفائض بحدود 2.1 مليار دولار، بدلاً من عجز افتراضي بحدود 19.3 مليار دولار.
وأفاد أن التضخم بحدود الصفر إذ يبلغ 0.3 في المئة، بينما سعر الفائدة الأساس منخفض عند نحو 4 في المئة، وسعر صرف الدينار العراقي مستقر تقريباً وبحدود 1.884 دينار عراقي لكل دولار. وتابع أن الموازين الخارجية في فائض، مثل صافي التعاملات مع العالم الخارجي أو الحساب الجاري، الذي من المتوقع له أن يحقق في عام 2018 فائضاً بحدود 29.8 مليار دولار.
وكشف التقرير أنه هناك حالة سلبية واحدة تحتاج إلى علاج، وهي ارتفاع قيمة الدين الخارجي البالغة في عام 2018 نحو 79.6 مليار دولار، ومستحقات سداد أقساطه وفوائده البالغة نحو 5.8 مليار دولار، أو نحو 13.4 في المئة من جملة الإيرادات العامة المتوقعة لهذه السنة، منوهاً بأن حجم الدين الخارجي أكبر من احتياطيات النقد الأجنبي البالغة نحو 53.6 مليار دولار.
وأفاد أنه في العراق نحو 39 مليون نسمة، أغلبيتهم الساحقة باختلاف دياناتهم ومذاهبهم وأعراقهم، تشكو من شح الضرورات، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة وسوء توزيع للدخل، ولعل الأهم استشراء كبير للفساد، وهي تشكّل مكونات حالات الانفجار في أي بلد في العالم، وهو ما يظهر مؤشرات له في العراق حالياً.
وأضاف التقرير أن الوفرة النسبية في الموارد تحتاج حصافة شديدة في توظيفها، مشيراً إلى أن «نزع العراق في إدارته إلى اللبننة (الديموقراطية اللبنانية)، بعد الاحتلال الأميركي، والمحاصصة وصفة سحرية لسوء وفساد توظيف الموارد».
وشدد التقرير على أنه وكون وضع العراق هش بسبب صراع مكوناته البشرية الثلاثة الرئيسية، ولأنه خارج من أتون حرب أهلية مدمرة، ولأن حروب الوكالة بتوظيف نظام المحاصصة تهديد مستمر، فمن واجب الكويت اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر على المدى القصير.
وكشف أن الأرقام توحي بأن في ذلك البلد ذي الحضارة بالغة العمق، ما يكفي لإصلاح أوضاعه وإعادة بنائه، مشيراً إلى أنه وكون الأمن الوطني والواجب الإنساني للكويت يتطلبان الوقوف معه ودعمه، فإن الموقف الرسمي صحيح من زاوية تحويل التزامات العراق المالية المستحقة للكويت إلى شراكات استثمارية، وصحيح بعرض تقديم الدعم الممكن له على المدى القصير لمواجهة معاناته.
واعتبر أنه وكون أزمة العراق كامنة في إدارته وليس في موارده المادية والبشرية، فمن المرجح أن احتمالات تجاوزه لأزمته الحالية على المدى المتوسط هي الغالبة، وعلى الكويت القيام بما تستطيع على تعزيزها.

إيران
أفاد «الشال» أن عدد سكان إيران يبلغ 82 مليون نسمة، أو أكثر قليلاً من ضعف عدد سكان العراق، أي أن الثقل السكاني اللازم لدعم مشروع «المركز التجاري» في شمال الكويت، يعتمد بشكل أكبر على استقرار وازدهار إيران.
وبين أن تلك ليست تزكية للسياسات الإيرانية، ولكنها ركيزة لاجتناب ما هو أسوأ بكثير، موضحاً أن الأوضاع الاقتصادية والمالية في إيران أكثر حرجاً من تلك السائدة في العراق، لافتاً إلى أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي معها، وما ينشر حول قائمة العقوبات المنتظرة، ربما يؤدي إلى أن تصبح أوضاعها أكثر حرجاً، التي يؤمل لها تجاوزها بأقل التكاليف.
وأفاد التقرير أن وضع الاقتصاد الإيراني حسب «الإيكونومست» في يونيو الفائت يبدو صعباً، وسيزداد صعوبة على المدى القصير، إذ إن النمو لعام 2018 بحدود 1.9 في المئة، ويتحول إلى نمو سالب وبحدود (-2.6 في المئة عام 2019)، وذلك خلافاً للمسار المتوقع لنمو الاقتصاد العراقي.
وأضاف أن البطالة بحدود 10.7 في المئة، وبطالة الشباب أعلى بكثير، إذ يقدر التقرير ارتفاع المعدل العام للبطالة عام 2019 إلى 13.6 في المئة، ويزيد من أثر ارتفاعها بلوغ معدلات التضخم نحو 12.7 و12.5 في المئة لعامي 2018 و2019.
واعتبر التقرير أن فقدان الريال الإيراني نحو 26.5 في المئة من قيمته مقابل الدولار، ما بين 2017 ويونيو 2018، شكّل سبباً رئيسياً في التظاهرات الشعبية الحاشدة الأخيرة، وهي الثانية في أقل من سنة، ولا يبدو أنه سيكون هناك أي حل لهذه المشكلة قريب التحقق.
ويتوقع بلوغ سعر صرف الدولار نحو 60 ألف ريال بحلول عام 2021، من نحو 42 ألف ريال لكل دولار حالياً.
وشدّد التقرير على أنه لا أحد يعرف على وجه الدقة حدود، ومن ثَم أثر العقوبات الأميركية على إيران بحلول موعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة بنوفمبر المقبل، ولكنها من المؤكد أن تزيد من حجم الضغوط الداخلية.
واعتبر أنه ليس من مصلحة الإقليم وتحديداً الكويت، استمرار سوء الأوضاع هناك، لا من زاوية إنسانية ولا من ناحية أمنية، ولا على حظوظ مشروع الشراكة مع الصين في النجاح، ولكنه احتمال تزداد فرصه للأسف، حتى العام المقبل على أقل تقدير.
وأشار إلى وجود أمل في أن توصل أحداث الداخل في إيران رسالة حقيقية وواضحة للسلطات هناك، بأن الموارد لم تعد تكفي لتمويل صراعات إقليمية على حساب الداخل، منوهاً بأن إهمال فهم تلك الرسالة قد يعني تكرار حالة اضطراب الاتحاد السوفييتي، أو حتى حالة سقوط شـاه إيران، وأن ضرورة التركيز على الداخل وتعزيزها بالتعاون الإقليمي هو الخيار الصحيح.
وذكر أن ضغوط الولايات المتحدة على إيران قد لا تستمر، فالحرب التجارية الأميركية مع حلفائها خلقت ما يكفي من أعداء أقوياء لتلك السياسات مثل أوروبا والصين، وحتى في الداخل الأميركي، ولذلك يؤمل أن يخفف ذلك من الضغوط الأميركية على طهران.
وأكد التقرير بقاء الجوار والجغرافيا غير قابلين للتغيير، وأن دروس الحاضر ربما ينتج عنها وعي واستقرار على المدى المتوسط إلى الطويل كما حدث لأوروبا بعد مآسي النصف الأول من القرن الفائت.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي