No Script

خواطر صعلوك

أن تحلم... وأنت مفتوح العينين!

تصغير
تكبير

بدأت القصة بطولها عندما طلبت من ابنتي ألّا توقظني من النوم، إلا عندما يتوقف المطر، وحينما استيقظت وجدت كل من في البيت نائما، وأنا مفتوح العينين أحدق في السقف على خلفية مواء القط أسفل نافذتي.
منذ أن بدأت الكويت تغتسل، وحتى الآن وأنا مسجون في اللاوعي وعالم الأحلام، وكل محاولاتي باءت بالفشل من أجل عبور أزمة «النومة المعتفسة».
أزحت الغطاء بخفة شبح، وخرجت للصالة محاولاً وضع جدول أعمال لليلة، أعلم جيداً أنها ستكون طويلة كحال من سبقها.
نحن الشعوب أو الكتاب الصحافيين نطالب الحكومات بتعديل الوضع القائم، بينما نجد صعوبة كبيرة في تعديل «نومتنا»!
أربع صلوات فائتة تجب صلاتها الآن، وموعد أخلفته مع صديق، ومطبخ يخر سقفه يحتاج ترميماً، وجدول يومي غير منتظم، كل هذه أشياء تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الذين يجعلون من الليل معاشاً والنهار سباتاً قد ظلموا أنفسهم ومن حولهم.
أتجول في صالة البيت وحدي كمجنون وأقف كأبله أمام غلاية الشاي وأتذكر نصيحة الصيدلي: الشاي والقهوة والنسكافيه، وكل ما تحبه في هذه الحياة سيزيد من مرضك... تجنبها!
أعبر المطبخ ومشهد ابنتي في رأسي وهي تصرخ كل يوم قبل النوم قائلة: عدل من نومتك، واضبط يومك، ورتب حياتك، «مو هذا الشيء اللي أنت تعلمه للطلاب في المدرسة وتكتبه للناس في الجريدة»!
أنظر إليها بطرف عيني وأشعر بأنني ربيت قاضيا في المنزل، ثم أنزلق تحت الغطاء وأغط في النوم، بينما الجميع مشغول بمتابعة كأس الخليج ثم أستيقظ عندما ينام الجميع.
أجلس في مكتبتي، وأثناء التحديق في الكتب التي أمامي فكرت أن أوقظ زوجتي لتوبيخها على وجود ألعاب أطفالي المتناثرة في المكتبة بهذا الشكل، فتوبيخ الأمهات أسهل هذه الأيام من توبيخ الأطفال أنفسهم!
من السهل أن تضع خطة بمجرد أن تستيقظ من فراشك بعد شروق الشمس، ولكن من الصعب وضع خطة في منتصف الليل لكي لا تعود إلى فراشك أثناء وجود الشمس.
أتنفس الصعداء عندما أتذكر أنه بعد ثلاث ساعات من الآن سأخرج لمراقبة لسان القمامة، الذي وصل لمنتصف الشارع ثم يأتي عمال النظافة ليقلبوا الحاوية في الشارع وليس في الشاحنة، ثم بعدها بـ45 دقيقة ترسل الشمس أشعتها عبر مسافة 150 مليون كم، وستصل في 8 دقائق لأكون في انتظارها مع ابتسامة مليئة بالأمل أن جميع مشاكلي مع هذا الشارع ستختفي في سكني الجديد بالمطلاع!
وعندما أسمع توقف مواء القط أسفل نافذتي، ستكون ساعة تنفيذ الخطة قد حانت.
سأشاهد فيلماً وثائقياً عن المطر، وأقلب عشرين كتاباً بملل وبسرعة البحث عن شيء لا أعرفه، ثم أذهب إلى المقهى، وأفكر في طلب صندوق النقد والبنك الدولي أن تسير الكويت على خطى بعض الدول التي نجحت في جعل المواطنين مخلصين في عملهم، ويدفعون ضرائبهم مبتسمين ملء أفواههم، ويرقصون على الأغاني الوطنية في الأعياد ومخلصين لزوجاتهم في المنازل، نعم سأكتب مقالاً عن ذلك!
ثم بعدها أعود إلى المنزل وألعب مع أطفالي وأعدل يومي ونومي، أعتقد أنها خطة ممتازة.
عندما عدت إلى البيت مبكراً لم يكن الجميع في انتظاري مع ورقة أسفل الباب مكتوب فيها: «تأكد من قفل الغاز والإضاءة، ولا تعبث بالصندوق الذي في الثلاجة، ونم واستيقظ في الثانية عشرة بعد منتصف الليل، فالليلة ممطرة».
شعرت أنني أمام رسالة تهدد مخططاتي، وتثير فضولي... ذهبت للثلاجة وفتحت الصندوق فإذ به رسالة أخرى: «بما أنك وصلت هنا، فالطعام في الدرج السفلي، سخنه، ونم واستيقظ بعد منتصف الليل».
فتحت «المايكرويف» للتسخين فإذ بورقة مكتوب فيها: «بالعافية... لا تنس أن تنام حتى منتصف الليل».
عرفت فوراً أن هذه الطريقة هي المفضلة لدى ابنتي، للتعبير عن سخطها، فقررت أن أعبر لها عن امتناني تجاه هذه المساعدة التربوية.
أكلت ثم استحضرت من فوري ذكرى سعيدة، ونمت وما زالت الشمس في منتصف النهار... والمطر قادم.
تعريف: الكتابة هي الحلم الوحيد الذي يمارسه السهران وهو مفتوح العينين.

@moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي